العراق يشدد قبضته الأمنية على الحدود المتوترة مع سوريا

لسد الطريق على متشددي تنظيم «داعش» ومنع تهريب المخدرات

عربات عسكرية تابعة للجيش العراقي تحرس مدخل العاصمة بغداد (غيتي)
عربات عسكرية تابعة للجيش العراقي تحرس مدخل العاصمة بغداد (غيتي)
TT

العراق يشدد قبضته الأمنية على الحدود المتوترة مع سوريا

عربات عسكرية تابعة للجيش العراقي تحرس مدخل العاصمة بغداد (غيتي)
عربات عسكرية تابعة للجيش العراقي تحرس مدخل العاصمة بغداد (غيتي)

يشدد العراق إجراءات الأمن على الحدود البالغ طولها 600 كيلومتر مع سوريا، لسد الطريق في وجه متشددي تنظيم «داعش» ومنع تهريب المخدرات وغير ذلك من الأنشطة غير المشروعة. وتفقّد قادة عراقيون أمس (الاثنين)، الحدود الصحراوية النائية التي تسيطر عليها قوى ذات انتماءات مختلفة، من الجيش العراقي إلى فصائل متحالفة مع إيران إلى قوات النظام السوري ومتمردين مناهضين لدمشق وقوات كردية تدعمها واشنطن.
وتشكّل الحدود بؤرة للتوتر بين الجماعات المدعومة من إيران والولايات المتحدة، علاوة على الاضطراب الناجم عن توغلات تنظيم «داعش» والضغوط التركية على الجماعات الكردية المتمردة، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.
وفي موقع عسكري على الحدود مع سوريا، قال الفريق الركن عبد الأمير الشمري، إن الجانب العراقي من الحدود تحت سيطرة القوات الحكومية فيما يجري تأمين الأوضاع بمزيد من الإجراءات المشددة، لكن التحديات الرئيسية آتية من داخل الأراضي السورية. وأضاف أن أكبر التحديات يتمثل في عدم وجود شريك أمني واحد أو موحد على الجانب السوري. وأوضح أنه في إحدى المناطق على سبيل المثال تنتشر على الجانب الآخر من الحدود قوات سوريا الديمقراطية التي يجري التنسيق معها من خلال التحالف الأميركي.
وقوات سوريا الديمقراطية قوات غير نظامية يهيمن عليها الأكراد ومدعومة من الولايات المتحدة وتقاتل فلول «داعش». وهي أيضا مناهضة لتركيا.
وقال الشمري إن الجيش السوري يسيطر على مناطق إلى الجنوب، بينما تسيطر جماعات معارضة سورية على مناطق وراء ذلك.
وذكر أن العراق يكثّف استخدام الكاميرات الحرارية ذات التكنولوجيا المتقدمة وبالونات المراقبة. ورأى مراسلو وكالة «رويترز» للأنباء الذين تفقدوا المنطقة من الجو برفقة الجيش معدات حفر تصنع خنادق بأعماق أكبر على طول أجزاء كبيرة من الجانب العراقي من الحدود، حيث تتناثر أبراج مراقبة وسواتر ترابية وأسوار معدنية.
وقال الشمري إن بعض عائلات مقاتلي تنظيم «داعش» اعتُقلوا مؤخراً بعد عبورهم من مخيم «الهول»، وهو مخيم للنازحين على الجانب السوري يؤوي عشرات الآلاف ممن فرّوا من آخر جيوب التنظيم. ويشعر المسؤولون بالقلق من أن يكون «الهول» أرضاً خصبة لحياة التطرف ويخافون من عودة آلاف العراقيين المرتبطين بالتنظيم. وتعرضت الحدود مؤخراً لضربات جوية إسرائيلية على أهداف مرتبطة بإيران بما في ذلك قادة في «الحرس الثوري»، في الوقت الذي تكثّف فيه إسرائيل الضغط على حلفاء إيران وعلى الرئيس السوري بشار الأسد.
ويمضي العراق قدماً في علاقة متنامية مع تركيا التي تريد منه المساعدة في تضييق الخناق على أنشطة حزب العمال الكردستاني الذي له قواعد في شمال العراق وحلفاء في صفوف قوات سوريا الديمقراطية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».