قلق أوروبي من تأخر إمدادات لقاح «فايزر»

الشركة المنتجة تؤكد أن التأخير لن يتجاوز أسبوعاً

مطار «هيثرو» أمس حيث تشترط بريطانيا على الوافدين إبراز شهادة فحص {كورونا} سلبية (إ.ب.أ)
مطار «هيثرو» أمس حيث تشترط بريطانيا على الوافدين إبراز شهادة فحص {كورونا} سلبية (إ.ب.أ)
TT

قلق أوروبي من تأخر إمدادات لقاح «فايزر»

مطار «هيثرو» أمس حيث تشترط بريطانيا على الوافدين إبراز شهادة فحص {كورونا} سلبية (إ.ب.أ)
مطار «هيثرو» أمس حيث تشترط بريطانيا على الوافدين إبراز شهادة فحص {كورونا} سلبية (إ.ب.أ)

أفادت مصادر صحية رسمية في عدد من بلدان الاتحاد الأوروبي بأن الجهاز المكلّف في المفوضية توزيع اللقاحات التي تنتجها شركة «فايزر» على الدول الأعضاء قد أبلغها أنه لن يتمكّن من تسليمها سوى نصف الكميات الموعودة خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة. وأعربت بعض الدول عن شكوكها من أن تكون «فايزر» قد وقّعت عقوداً لتسليم كميّات لا تملك القدرة الكافية على إنتاجها وتسليمها في المواقيت المتفق عليها، والتي على أساسها وضعت البلدان الجداول الزمنية لحملات التلقيح.
التطمينات التي كررتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مساء الجمعة الماضي، من لشبونة بأن التأخير في تسلم الكميات الموعودة من لقاح «فايزر» خلال الأسابيع المقبلة لن يؤثر على حملات التلقيح الجارية في بلدان الاتحاد الأوروبي، لم تقنع الحكومات التي أعرب معظمها عن توجّسه من عرقلة هذه الحملات في هذه المرحلة الحرجة عشيّة مواعيد الجرعات الثانية التي تؤمن فاعلية اللقاح في ذروة الموجة الوبائية المتسارعة بسبب السلالات الجديدة المتحورة من الفيروس. واللافت أن نبأ انخفاض كميّات اللقاح التي ستوزّع على البلدان الأوروبية بدءاً من الأسبوع المقبل حتى مطالع الشهر المقبل، لم يصدر عن شركة فايزر المنتجة ولا عن المفوضية الأوروبية التي أبرمت معها عقود الشراء وتتولّى حصريّاً توزيع اللقاح على الدول الأعضاء في الاتحاد، بل عن معهد الصحة العامة في النرويج التي ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي. وكان المعهد قرّر كشف الخبر بعد أن أبلغته الشركة بالتأخير، مشيراً في بيان إلى أنه سيشمل جميع البلدان الأوروبية.
من جانبها، أعلنت مجموعة فايزر الأميركية بالشراكة مع مختبر بيونتيك الألماني، أمس، «خطة» من شأنها أن تسمح بالحدّ من مدة تأخير تسليم اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجدّ إلى أسبوع فقط، في وقت تخشى فيه أوروبا تباطؤ تسليم الجرعات لمدة «ثلاثة أو أربعة أسابيع». وقالت الشركتان في بيان مشترك إن «فايرز وبيونتيك طوّرتا خطة ستسمح برفع قدرات التصنيع في أوروبا وتزويد عدد أكبر من الجرعات في الفصل الثاني» من العام. وأضافتا: «سنعود إلى الجدول الزمني الأساسي لعمليات التسليم في الاتحاد الأوروبي بدءاً من 25 الشهر الجاري مع زيادة عمليات التسليم بدءاً من 15 فبراير (شباط)». وأشارت المجموعتان إلى أنه «من أجل القيام بذلك، باتت بعض التعديلات على عملية الإنتاج ضرورية».
وكانت «فايزر» و«بيونتيك» حذرتا الجمعة، بشكل غير متوقع من أنهما لن تتمكنا من تسليم دول الاتحاد الأوروبي، حتى مطلع الشهر المقبل، الكميات المتفق عليها أسبوعياً. وتحدثت برلين عن خفض الوتيرة لمدة تراوح بين «ثلاثة وأربعة أسابيع». وفي بيانهما الأخير، أوردت الشركتان أن مصنعهما في بورز (بلجيكا) «سيشهد خفضاً مؤقتاً لعدد الجرعات المنتجة الأسبوع المقبل».
وأوضحت الشركة أنها ستجري تعديلات في مصنعها الرئيسي قرب العاصمة البلجيكية لتطوير عملية الإنتاج، وأن هذه التعديلات تحتاج لبعض الوقت ولموافقة الجهات الناظمة المعنيّة. وأضافت الشركة أن ذلك سيؤثر على إمدادات الأسابيع المقبلة، لكنه سيؤدي إلى زيادة ملحوظة في الإنتاج اعتباراً من نهاية الشهر المقبل. وأفاد مصدر مسؤول في الشركة بأن الإنتاج المقدّر حالياً بنحو 1300 مليون جرعة سنوياً سيرتفع إلى 2000 مليون جرعة بفضل التعديلات.
ومن لشبونة، حيث تشارك في إطلاق الرئاسة الدورية البرتغالية للاتحاد، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية: «اتصلت فور معرفتي بالخبر برئيس الشركة الذي شرح لي أسباب التأخير المرتقب في الأسابيع المقبلة، لكنه أكّد أن الكميّات الموعودة لهذا الفصل سيتمّ تسليمها كاملة قبل نهاية مارس (آذار)». وأضافت فون دير لاين أنها شدّدت على الحاجة الملحّة للحصول بأسرع وقت على جرعات اللقاح، واستغربت حكومات أوروبية عدة كيف أن الخبر لم يصدر عن الشركة المعنيّة أو المفوضية الأوروبية، بل من دولة ليست عضواً في الاتحاد وغير مشاركة في العقود المبرمة بين المفوضية والشركة.
وتجدر الإشارة إلى أن اللقاح الذي طورّته شركة بيونتيك الألمانية وتنتجه شركة فايزر الأميركية، والذي يشكّل حالياً الرهان الرئيسي في حملات التلقيح الأوروبية، يحتاج إلى جرعتين تفصل بينهما ثلاثة أسابيع لاستكمال مناعته، وأن الدفعة الأولى من الجرعات الثانية تبدأ اليوم (الأحد) في البلدان التي باشرت بتوزيعه أواخر الشهر الماضي.
في غضون ذلك، أفادت آخر بيانات منظمة الصحة العالمية بأن القارة الأوروبية انتقلت إلى مركز الصدارة في عدد الوفيّات الناجمة عن كوفيد، متقدمة للمرة الأولى على أميركا الشمالية. وفيما تجهد الدول الأوروبية لتسريع حملات التلقيح على وقع مزيد من الأرقام القياسية في عدد الإصابات والوفيات، نبه المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها أن بلوغ المليون الأول من ضحايا الفيروس استغرق أكثر من سبعة أشهر منذ ظهوره، لكن العدد تضاعف في أقل من 3 أشهر. وجاء في التقرير الدوري الأخير للمركز أن المعدّل اليومي للوفيات خلال الصيف الماضي كان يراوح عن الخمسة آلاف، وارتفع الآن إلى 13 ألفاً. وكان خبراء منظمة الصحة العالمية قد أشاروا إلى أن سرعة سريان الفيروس في برد الشتاء قد تتجاوز ضعف سرعته في الصيف، ودعوا إلى تكثيف حملات التلقيح بعد أن صارت مواجهة الجائحة سباقاً مع الوقت.
وتجمع الأوساط العلمية على أن العالم ما زال بعيداً عن الوصول إلى المناعة الجماعية (مناعة القطيع) ضد الفيروس، وأن نحو 90 في المائة من السكان ما زالوا عرضة للإصابة بالوباء الذي أصبحت معركة القضاء عليه مرهونة بالقدرة على الإسراع في إنتاج اللقاحات وتوزيعها. وكانت البيانات الأخيرة لمنظمة الصحة قد أفادت بأن عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس في أوروبا بلغت 614 ألفاً، تليها أميركا الشمالية 565 ألفاً وأميركا الجنوبية 383 ألفاً، أي بمعدّل 900 وفاة لكل مليون نسمة في القارات الثلاث. أما في آسيا التي تسجّل كثافة سكانية عالية، فقد بلغ عدد الوفيات 353 ألفاً، أي بمعدّل 90 وفاة لكل مليون نسمة. كما تجدر الإشارة إلى أن ثمّة إجماعاً بين المتخصصين في الصحة العامة والإحصائيات على أن العدد الفعلي للوفيات والإصابات يزيد بكثير على الأرقام الرسمية، وأنه قد يضاعفها عشر مرات في بعض الأحيان.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».