روبوتات تقدم خدمات «إنسانية» للمسنين في زمن الجائحة

الروبوتات أظهرت قيمتها خلال الجائحة (أرشيفية - أ.ف.ب)
الروبوتات أظهرت قيمتها خلال الجائحة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

روبوتات تقدم خدمات «إنسانية» للمسنين في زمن الجائحة

الروبوتات أظهرت قيمتها خلال الجائحة (أرشيفية - أ.ف.ب)
الروبوتات أظهرت قيمتها خلال الجائحة (أرشيفية - أ.ف.ب)

فاقمت الجائحة عزلة الأشخاص المسنين، ما زاد الاهتمام بروبوتات المرافقة المنزلية، كما أن بعض من هذه الروبوتات تقدم خدمة «إنسانية» مثل الحنان والود للمسنين.
ويحاول المصنعون كبح جماح التوقعات الطموحة في مجال استخدام الروبوتات لدى المستخدمين المتعطشين للاستعانة بأشخاص آليين بقدرات فائقة.
ويقول أنطوان باتاي مؤسس روبوت المساعدة المنزلية «كيوتي» المزود بشاشة للمس، إن «الجائحة شكلت عاملاً مسرعاً لأنشطتنا، وهي تكاد تكون علة وجودنا اليوم».
وجرى تقديم هذا الابتكار للمرة الثانية في معرض لاس فيغاس للإلكترونيات، الملتقى السنوي البارز للتكنولوجيا الذي أقيم هذا الأسبوع بنسخة افتراضية بالكامل.
ويتيح «كيوتي» للمستخدمين المشاركة في أنشطة عن بعد، كالألعاب وحصص التدريب الرياضي، والتحدث إلى أقربائهم بواسطة الفيديو عن طريق التحكم الصوتي.
ويمكن تحديث الروبوت عن بعد، وتزويده خصائص للمساعدة أو السلامة عن طريق إطلاق إنذارات في حال حصول أي مشكلة.
ونشرت الشرطة روبوتاتها في فرنسا العام الماضي في حوالي ثلاثين مؤسسة مختصة في رعاية الأشخاص المسنين.
كانت روبوتات «كيوتي» مخصصة للبيع للأفراد، غير أن تدابير الحجر المنزلي غيرت المعادلة.
ويقول صاحب الشركة الناشئة الفرنسية الباحثة عن شركاء لدخول السوق الأميركية، «ندير العزلة على نطاق جماعي. لم نكن نتصور ذلك يوماً».
وباتت الشركة تفهم حاجات مؤسسات رعاية المسنين بصورة أفضل. ويمكن للروبوت «كيوتي» إلهاء المرضى خلال الاهتمام بنظافتهم، على سبيل المثال، ما يكسب الطواقم الطبية وقتاً إضافياً.
وبات المتخصصون في الروبوتات اليوم قادرين على إنجاز بطولات: إذ تحقق روبوتات «بوسطن دايناميكس» شعبية كبيرة عبر «يوتيوب» من خلال رقصاتها الإيقاعية، فيما يجري باحثون في جامعة كورنيل على روبوتات مجهرية قادرة على استكشاف جسم الإنسان من الداخل، من طريق التنقل بين الأنسجة والأوعية الدموية.
غير أن روبوتات الصحبة المنزلية تواجه عوائق لها بعد نفسي أكثر منه تقني.
ويوضح أنطوان باتاي: «كلما كان الناس يفتقدون للاستقلالية أو يواجهون مصاعب، زاد اهتمامهم» بهذه الروبوتات، مضيفاً: «الناس المصابون بألزهايمر يتقبلون الروبوت بصورة جيدة جداً. أما لدى من يتمتعون بقدرات أكبر فثمة تقبل أقل».

وقد دفع ذلك بمطوري «كيوتي» إلى تحسين هذا الروبوت ليلبي الحاجات بصورة أفضل. ويوضح مؤسس «كيوتي» أن «كل شيء ممكن. لكن الأهم، هو التواصل مع العائلة والقيام بأنشطة تقربهم من أشخاص آخرين».
وفي مفارقة لافتة في زمن الكمامات والتباعد الجسدي، باتت الروبوتات قادرة على إظهار بعض الدفء المفقود في التفاعلات الراهنة، كقياس درجات الحرارة الذي بات أمراً روتينياً في بعض المؤسسات.
ويؤكد تيم إنوال مدير روبوت «ميستي روبوتيكس» القابل للبرمجة يمكن أن يؤدي دور عامل استقبال أو رفيق منزلي أو عامل تنظيف، أن الروبوت «ألطف من الجهاز اللوحي».
ومع الوباء، زاد طلب الشركات على أدوات موثوقة ومن دون تلامس ومتوافرة على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع»، وفق إنوال.
غير أن إنوال يلفت إلى أن «الروبوتات ليست قادرة بعد على إدارة مئات المقاربات المختلفة مثل البشر. هذا الأمر قد يولد حالات انزعاج، على سبيل المثال عندما يرد الجهاز على شخص فاقد للسمع بعبارة (أنا آسف، لم أفهم طلبكم)».
وفي معرض لاس فيغاس للإلكترونيات سنة 2020، أثار روبوت المرافقة المنزلية الياباني «لوفوت» إعجاب جمهور الحدث مع عينيه الكبيرتين وشكله الهجين الذي يجمع بين البطريق والدب القماشي، وتفاعلاته الطريفة لدى التوجه إليه أو مداعبته.
وهو لا يصلح لشيء سوى لتقديم الحنان، وهذه أيضاً حال الروبوت «بارو» المصنوع أيضاً في اليابان على شكل صغير فقمة والمستخدم منذ أكثر من خمسة عشر عاماً للاعتناء بالمصابين بأمراض عصبية انتكاسية مثل ألزهايمر.
وتقول الأستاذة في جامعة العلوم التطبيقية في فرانكفورت باربارا كلاين، «عندما يعاني شخص مسن من أعراض الشيخوخة، قد يواجه صعوبات في التواصل، ولن يتمكن من الاعتناء بحيوان». عندها يأخذ روبوت المرافقة مكان الكلب أو الهر «من دون القيود».
وتشير إلى أن هذا يتيح «الاهتمام بأحدهم، بدل أن يكون الشخص طوال الوقت محط الاهتمام».
غير أن درجة التقبل تختلف من شخص إلى آخر.
وتقول الباحثة في علم النفس في جامعة زيغن الألمانية والمتخصصة في روبوتات المرافقة ستيفاني بايش، «بعض المرضى المصابين بالشيخوخة قد يصابون بخيبة أمل كبيرة بسبب إفراطهم في تقدير قدرات الروبوت».
وتشير الباحثة إلى أن المسؤولية تقع على عاتق المعالج في التأكد من أن الجهاز المستخدم يؤدي قبل أي شيء دور «وسيط يسهل التفاعلات الوطنية».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.