إستشارات

مثالان لشكل الكيس السنخي في جهاز التنفس السليم (إلى اليسار) والمصاب بتليف الأكياس
مثالان لشكل الكيس السنخي في جهاز التنفس السليم (إلى اليسار) والمصاب بتليف الأكياس
TT

إستشارات

مثالان لشكل الكيس السنخي في جهاز التنفس السليم (إلى اليسار) والمصاب بتليف الأكياس
مثالان لشكل الكيس السنخي في جهاز التنفس السليم (إلى اليسار) والمصاب بتليف الأكياس

- علاج جيني لمرض تليّف الأكياس
> آمل أن تتوسعوا في توضيح العلاج الجديد لمرض تليف الأكياس؟
عبد الله أ. م (بريد إلكتروني)
- هذا ملخص أسئلتك عن العلاج الجديد لمرض «تليف الأكياس»، والذي ورد ذكره ضمن موضوع بعنوان «أهم الأحداث الطبية في 2020» في عدد 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لملحق «صحتك» في «الشرق الأوسط».
«التليّف الكيسي» هو مرض وراثي ناتج عن أنواع مختلفة من الطفرات في الجين الذي يتحكم في صناعة وفي طريقة عمل نوع من البروتينات ذات الصلة بإفراز الخلايا التي تُنتج المخاط والعرق والعصارة الهضمية.
وتم التعرّف على ما بين ألف إلى ألفي طفرة جينية وراثية تُسبب مرض التليف الكيسي. والطفرة الأعلى شيوعاً من بينها (90 %) هي طفرة «دالتا 508». وبالتالي فإن البروتينات المسؤولة عن إنتاج الإفرازات المخاطية في خلايا الأنابيب (في الرئة أو البنكرياس مثلاً) إما أنها: لا تعمل، وإما تعمل بكفاءة أقل، أو تتحلل بسرعة أكبر، أو تكون موجودة بأعداد غير كافية.
ولأن الطفرات لها أنواع مختلفة، فإنه تحصل «درجات» و«أنواع» مختلفة من الاضطرابات المرضية نتيجة للاضطرابات في إنتاج المخاط والعرق والعصارة الهضمية.
والطبيعي أن تكون بالقنوات والأنابيب - في هذه الأعضاء - إفرازات مخاطية شفافة وزلقة، وذلك بفعل العمل الصحيح لذلك «البروتين» الذي ينظم عملية التدفق السليم للماء والكلوريد داخل وخارج الخلايا المُبطنة للرئتين والأعضاء الأخرى، وبالتالي يمنع تكوين إفرازات سميكة ولزجة جداً.
ولكن نتيجة للخلل الجيني الوراثي، تتكون إفرازات عالية اللزوجة وسميكة وبها تغيرات في تركيبها الكيميائي، الأمر الذي يُؤدي إلى سدد في الأنابيب والقنوات بالرئتين والبنكرياس والكبد والأعضاء التناسلية والجلد، ما قد ينتج عنه تكرار التهابات الرئة والتهابات البنكرياس، والعقم. كما قد يحتوي عَرَق الأشخاص المصابين على مستوى أعلى من الأملاح، عن الطبيعي.
وللتوضيح، قد يتسبب المخاط السميك عالي اللزوجة، في انسداد أنابيب ومجاري الهواء في الرئتين، وبالتالي قد يتسبب ذلك في سعال مستمر مع بلغم مخاطي سميك، وصفير الصدر، وعدم تحمل ممارسة التمارين الرياضية، والْتهابات الرِئة المتكررة، والْتهاب أو انسداد الأنف، والْتهاب الجيوب الأنفية المتكرر. كما قد يتسبب المخاط السميك في سدد الأنابيب التي تحمل الإنزيمات الهضمية من البنكرياس والكبد إلى الأمعاء الدقيقة، وهذا بالتالي يؤدي إلى أمرين رئيسيين، هما:
- الأول: الأمعاء لا تتمكن من امتصاص العناصر الغذائية بسبب عدم توفر الكمية الكافية من الأنزيمات الهاضمة، ما يُؤدي إلى إخراج براز دهني كريه الرائحة، وضعف نمو الجسم، والإمساك المزمن.
- الثاني: تضرر البنكرياس والكبد، ما قد يؤدي إلى التهابات في البنكرياس والكبد، وتداعياتهما كمرض السكري وغيره.
ورغم أن معالجة التليف الكيسي من الأمور المعقدة، وتتم بواسطة فريق من الأطباء متعددي التخصصات وخبراء متمرسين في التعامل مع هذا المرض، إلا أنه ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، لا يوجد علاج يشفي تماماً من التليف الكيسي، أي لا يُوجد علاج يُعدّل الطفرة الوراثية ويُعيدها طبيعية بشكل نهائي. ولكن تتوفر أنواع من المعالجات التي قد تُخفف من الأعراض، وتُقلل المضاعفات، وتُحسن جودة الحياة.
وهذه المعالجات تتخذ مقاربتين رئيسيتين:
> الأولى: تخفيف المضاعفات والتداعيات.
> الثانية: محاولة علاج أساس المشكلة في تأثير الخلل الجيني على البروتينات المسؤولة عن إنتاج الإفرازات ومكوناتها الكيميائية.
وفي المقاربة الأولى، أي تخفيف المضاعفات والتداعيات، يتم التعامل مع هذه المشكلة في الرئتين - على سبيل المثال - عبر إعطاء المريض:
- المضادات الحيوية لعلاج حالات عَدوى الرئة والوقاية منها.
- الأدوية المضادة للالتهاب لتقليل التورم في الممرات الهوائية في الرئتين.
- الأدوية المرققة للمخاط، وأدوية توسيع الشُعب الهوائية، لإبقاء الممرات الهوائية مفتوحة.
- تلقي اللقاحات المعتمدة.
- وقد يتطلب الأمر زراعة الرئتين في بعض الحالات المتقدمة.
وهناك تعامل آخر مع مشاكل الجهاز الهضمي والكبد والبنكرياس والأعضاء الأخرى المتضررة بهذا المرض الوراثي. وفي المقاربة العلاجية الثانية، أي محاولة علاج أساس المشكلة، هناك نوعان من المعالجة، هما:
- الأول هو «العلاج الجيني» الذي يهدف إلى إدخال وحقن نسخ سليمة من الجين الذي ظهرت فيه المشكلة (أي الذي حدثت فيه الطفرة الوراثية) إلى الخلايا المبطنة لأنابيب ومجاري التنفس في الرئتين كي يتوفر البروتين الطبيعي الذي ينظم عملية التدفق السليم للماء والكلوريد داخل وخارج الخلايا المُبطنة للرئتين. ولكن هذا العلاج الجيني لم يتطور حتى اليوم ليعطينا دواء يمكن استخدامه لعلاج هذا المرض الوراثي.
- النوع الثاني هو الأدوية التي «تعدّل عمل البروتين»، أي التي تساعد في تحسين وظيفة البروتين الذي أصابه الاضطراب بسبب الخلل الجيني الوراثي، (أي تُخفف من تأثير الخلل في عمل البروتين ذي الصلة بإفراز الخلايا التي تُنتج المخاط والعرق والعصارة الهضمية).
ومن النوع الثاني، هذا الدواء الجديد (المكون من ثلاثة أدوية) الذي ذكره الموضوع، والذي يُعد إنجازاً كبيراً في علاج هذه الحالة المرضية الوراثية. واسم الدواء هو ترايكافتا Trikafta، ويتكون من توليفة من ثلاثة عقاقير(إيليكساكافتور Elexacaftor، وإيفاكافتور Ivacaftor، وتيزاكافتور Tezacaftor). وهذا العلاج الجديد يُعتبر من بين مجموعة الأدوية الأغلى في العالم. وحصل على إجازة إدارة الدواء والغذاء الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وذلك للاستخدام وفق شرطين:
- علاج النوعية الأعلى شيوعاً من بين الطفرات الوراثية للجين المتسبب في مرض تليف الأكياس(طفرة F508del) أو طفرة جينية تستجيب للدواء بناءً على البيانات المختبرية. أي أن هذا العقار مُوجّه فقط لعلاج المرضى الذين لديهم هذه النوعية من الطفرة الوراثية أو أي نوعية ثبت استجابتها للدواء في الفحص بالمختبر.
- المرضى الذين أعمارهم 12 سنة وما فوق. وهناك أدوية أخرى (مكونة من توليفة مختلفة من عقاقير أخرى) متوفرة للأطفال الأصغر سناً وللأنواع الأخرى من الطفرات الجينية في مرض تليف الأكياس.
ولذا فإن أهم خطوات احتمالات الاستفادة العلاجية من هذا الدواء هي:
- التقييم الصحي من جوانب متعددة للمريض، ومن قبل الطبيب المتخصص المتابع للحالة، وخاصة سلامة وظائف الكبد.
- التأكد من معرفة نوعية الطفرة الجينية لدى المريض (أي إذا كانت طفرة «دالتا 508» هي التي لدى المريض).
- العمر 12 سنة وما فوق.
ويتم تناول الدواء مرتين في اليوم عبر الفم، لأن مفعول الجرعة الواحدة يستمر 12 ساعة. ويتابع الطبيب مدى الاستجابة ومدى حصول الآثار الجانبية ويراقب نتائج تحليل الدم لوظائف الكبد.

- جراحة ورم الدماغ... ونفسية الطفل
> تم إجراء عملية ناجحة لإزالة ورم في الدماغ لطفلي. وحصلت لديه تغيرات في المزاج واضطرابات عاطفية وتدني قدرات الكلام، هل هي قابلة للزوال؟
منى سعيد (بريد إلكتروني)
- هذا ملخص أسئلتك. ولاحظي أن بعد جراحة الدماغ، كما يقول أطباء جامعة جونز هوبكنز، سيستغرق الأمر وقتاً حتى يعود المريض إلى مستوى طاقته المعتاد. ويتطلب الشفاء راحة إضافية. ويختلف مقدار الوقت اللازم للتعافي بعد جراحة الدماغ من شخص لآخر وذلك بالاعتماد على:
- نوعية الإجراء الجراحي الذي تم استخدامه لإزالة ورم الدماغ
- موقع الورم داخل الدماغ
- مناطق الدماغ التي تأثرت بالجراحة
- عمر المريض ومستوى صحته العامة.
ومن الآثار الجانبية الشائعة لجراحة الدماغ: الارتباك الذهني، والتغيرات العاطفية النفسية، والتغيرات السلوكية. وهي جميعها عادة ما تكون مؤقتة وخاصة في البداية. ولذا فإن برنامج إعادة التأهيل، يشمل هذه الجوانب إضافة إلى العلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي، وعلاج النطق وغيرها.
من جهتهم يُضيف أطباء جراحة الأعصاب في مستشفى ويل كورنيل بنيويورك موضحين أن العديد من المرضى الذين يتعافون من جراحة أورام الدماغ قد يُعانون بدرجات متفاوتة من الصعوبات العاطفية والحالة المزاجية والعواطف، ومن التغيرات في القدرات المعرفية كمشاكل الانتباه والذاكرة والوظيفة التنفيذية ومعالجة المعلومات. كما يمكن أن تؤدي جراحة الدماغ أيضاً إلى تغييرات سلوكية. ولكن يمكن أن يساعد في هذا برنامج إعادة التأهيل المعرفي، وهو علاج قيّم بعد جراحة ورم الدماغ في مساعدة المريض للتغلب على كل هذه الصعوبات. وأن تقديم برنامج العلاج المعرفي للمريض يُعلّمه كيفية استخدام قدراته الموجودة لتعويض أوجه القصور في مجالات أخرى. ويشمل العلاج المعرفي جميع مجالات الأداء: العاطفي، والسلوكي، والمعرفي.
ولذا يحتاج الطفل بعد الخضوع لعملية الدماغ، إلى متابعة طبية تشمل كافة جوانب التأثيرات الصحية (البدنية والنفسية) للعملية الجراحية لورم الدماغ.

- استشاري باطنية وقلب مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض
- الرجاء إرسال الأسئلة إلى العنوان الإلكتروني الجديد:
[email protected]


مقالات ذات صلة

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
TT

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

وذكرت أن قبل خمس سنوات، سمع العالم التقارير الأولى عن مرض غامض يشبه الإنفلونزا ظهر في مدينة ووهان الصينية، والمعروف الآن باسم «كوفيد - 19».

وتسبب الوباء الذي أعقب ذلك في وفاة أكثر من 14 مليون شخص، وأصيب نحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة، وكذلك في صدمة للاقتصاد العالمي، وأدرك زعماء العالم أن السؤال عن جائحة أخرى ليس «ماذا إذا ظهرت الجائحة؟»، بل «متى ستظهر؟»، ووعدوا بالعمل معاً لتعزيز أنظمة الصحة العالمية، لكن المفاوضات تعثرت في عام 2024، حتى مع رصد المزيد من التهديدات والطوارئ الصحية العامة العالمية.

وإذا ظهر تهديد وبائي جديد في عام 2025، فإن الخبراء ليسوا مقتنعين بأننا سنتعامل معه بشكل أفضل من الأخير، وفقاً للصحيفة.

ما التهديدات؟

في حين يتفق الخبراء على أن جائحة أخرى أمر لا مفر منه، فمن المستحيل التنبؤ بما سيحدث، وأين سيحدث، ومتى سيحدث.

وتظهر تهديدات صحية جديدة بشكل متكرر، وأعلن مسؤولو منظمة الصحة العالمية تفشي مرض الملاريا في أفريقيا، كحالة طوارئ صحية عامة دولية في عام 2024. ومع نهاية العام، كانت فرق من المتخصصين تستكشف تفشي مرض غير معروف محتمل في منطقة نائية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعتقد الآن أنه حالات من الملاريا الشديدة وأمراض أخرى تفاقمت بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشعر القائمة بأعمال مدير إدارة التأهب للأوبئة والوقاية منها في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، بالقلق إزاء وضع إنفلونزا الطيور، فالفيروس لا ينتشر من إنسان إلى إنسان، ولكن كان هناك عدد متزايد من الإصابات البشرية في العام الماضي.

وقالت إنه في حين أن هناك نظام مراقبة دولياً يركز بشكل خاص على الإنفلونزا، فإن المراقبة في قطاعات مثل التجارة والزراعة، حيث يختلط البشر والحيوانات، ليست شاملة بما فيه الكفاية.

وتؤكد أن القدرة على تقييم المخاطر بشكل صحيح «تعتمد على الكشف والتسلسل وشفافية البلدان في مشاركة هذه العينات».

تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهمية الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

وتقول إن جائحة «كوفيد - 19» تركت أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم «مهتزة حقاً»، وتبعتها قائمة طويلة من الأزمات الصحية الأخرى.

وأضافت: «بدأت الإنفلونزا الموسمية في الانتشار، وواجهنا الكوليرا، والزلازل، والفيضانات، والحصبة، وحمى الضنك. إن أنظمة الرعاية الصحية تنهار تحت وطأة العبء، وتعرضت القوى العاملة الصحية لدينا على مستوى العالم لضربة شديدة، ويعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومات الكثيرون».

وقالت إن العالم لم يكن في وضع أفضل من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالخبرة والتكنولوجيا وأنظمة البيانات للكشف السريع عن التهديد.

وتضيف أن توسيع قدرات التسلسل الجينومي في معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوصول إلى الأكسجين الطبي والوقاية من العدوى ومكافحتها، تظل «مكاسب كبيرة حقاً» بعد جائحة «كوفيد - 19». وهذا يعني أن إجابتها عمّا إذا كان العالم مستعداً للوباء التالي هي: «نعم ولا».

وتقول: «من ناحية أخرى، أعتقد أن الصعوبات والصدمة التي مررنا بها جميعاً مع (كوفيد) ومع أمراض أخرى، في سياق الحرب وتغير المناخ والأزمات الاقتصادية والسياسية، لسنا مستعدين على الإطلاق للتعامل مع جائحة أخرى، ولا يريد العالم أن يسمعني على شاشة التلفزيون أقول إن الأزمة التالية تلوح في الأفق».

وتقول إن عالم الصحة العامة «يكافح من أجل الاهتمام السياسي، والمالي، والاستثمار، بدلاً من أن تعمل الدول على البقاء في حالة ثابتة من الاستعداد».

وذكرت أن الحل الطويل الأجل «يتعلق بالحصول على هذا المستوى من الاستثمار الصحيح، والتأكد من أن النظام ليس هشاً».

هل الأموال متاحة للاستعداد للوباء؟

وجد وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا نفسه يتعامل مع تفشي مرضين رئيسيين في عام 2024: حالة الطوارئ الصحية العامة في أفريقيا، و66 حالة إصابة بفيروس «ماربورغ» في بلاده.

ويشارك في رئاسة مجلس إدارة صندوق الأوبئة، الذي أُنشئ في 2022 كآلية تمويل لمساعدة البلدان الأكثر فقراً على الاستعداد للتهديدات الوبائية الناشئة.

ويحذر نسانزيمانا مما إذا وصل الوباء التالي في عام 2025 بقوله: «للأسف، لا، العالم ليس مستعداً، ومنذ انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب (كوفيد) العام الماضي، حوّل العديد من القادة السياسيين انتباههم ومواردهم نحو تحديات أخرى، ونحن ندخل مرة أخرى ما نسميه دورة الإهمال، حيث ينسى الناس مدى تكلفة الوباء على الأرواح البشرية والاقتصادات ويفشلون في الانتباه إلى دروسه».

وقال إن صندوق الأوبئة «يحتاج بشكل عاجل إلى المزيد من الموارد للوفاء بمهمته»،

وفي عام 2022، بدأت منظمة الصحة العالمية مفاوضات بشأن اتفاق جديد بشأن الجائحة من شأنه أن يوفر أساساً قوياً للتعاون الدولي في المستقبل، لكن المحادثات فشلت في التوصل إلى نتيجة بحلول الموعد النهائي الأولي للجمعية العالمية للصحة السنوية في 2024، ويهدف المفاوضون الآن إلى تحديد موعد نهائي لاجتماع هذا العام.

جائحة «كورونا» غيّرت الكثير من المفاهيم والعادات (إ.ب.أ)

وتقول الدكتورة كلير وينهام، من قسم السياسة الصحية في كلية لندن للاقتصاد: «حتى الآن، أدت المحادثات في الواقع إلى تفاقم مستويات الثقة بين البلدان»، ولا يوجد اتفاق حول «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم الفوائد»، وكذلك الضمانات التي تُمنح للدول الأكثر فقراً بأنها ستتمكن من الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد مرض وبائي مستقبلي، في مقابل تقديم عينات وبيانات تسمح بإنشاء هذه العلاجات».

وتشير الأبحاث إلى أن المزيد من المساواة في الوصول إلى اللقاحات في أثناء جائحة «كوفيد - 19» كان من الممكن أن ينقذ أكثر من مليون حياة.

وذكرت وينهام: «الحكومات متباعدة للغاية، ولا أحد على استعداد حقاً للتراجع».

وقالت آن كلير أمبرو، الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض الحكومية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية: «نحن بحاجة إلى اتفاق بشأن الجائحة يكون ذا معنى».