مصر تسعى لاستعادة رونق القناطر الخيرية بعد سنوات من الإهمال

ترميم كوبري محمد علي الأثري ضمن خطة لتطوير المنطقة

مصر تسعى لاستعادة رونق القناطر الخيرية بعد سنوات من الإهمال
TT

مصر تسعى لاستعادة رونق القناطر الخيرية بعد سنوات من الإهمال

مصر تسعى لاستعادة رونق القناطر الخيرية بعد سنوات من الإهمال

في إطار مشروع متكامل لاستعادة رونق منطقة حدائق القناطر الأثرية، بمحافظة القليوبية بدلتا مصر، بدأت وزارة السياحة والآثار المصرية ممثلة في المجلس الأعلى للآثار في مشروع لترميم وصيانة كوبري محمد علي الأثري بالقناطر الخيرية، بالتنسيق مع وزارة الري ومجلس مدينة القناطر الخيرية.
وتقدر تكلفة المشروع بمليون وستمائة ألف جنيه مصري، بحسب الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذي أوضح في بيان صحافي، أن «اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية وافقت على تنفيذ أعمال ترميم الكوبري كافة بواسطة الوحدة الإنتاجية بقطاع المشروعات بالمجلس تحت إشراف منطقة آثار القناطر».
ويتضمن المشروع أعمال درء الخطورة وترميم وصيانة الكوبري، عن طريق استبدال الحجر التالف بالشرفات، وجميع الأجزاء المنهارة في الكوبري، ثم استكمال جميع أجزاء البلاط المفقود.
الدكتور عبد الله كامل، أستاذ الآثار الإسلامية وعميد المعهد العالي لحضارات الشرق الأدنى القديم بجامعة الزقازيق، أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الكوبري يعود تاريخه إلى عام 1847، عندما وضع محمد علي حجر الأساس للكوبري، الذي استغرق بناؤه 20 عاماً، ويعد أهم المباني الأثرية التي أنشأها محمد علي»، مشيراً إلى أن «الكوبري تعرض لحادث إرهابي عام 2015 أدى إلى انهيار بعض أجزائه».
بدوره قال سامح شنيشن، المدير التنفيذي للوحدة الإنتاجية لترميم وصيانة الآثار بالمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي، أنه «سيتم تنظيف وتقوية الأحجار بجميع البوابات والأبراج على الكوبري والممرات، إضافة إلى ترميم الأبواب الخشبية للأبراج وجميع الأماكن بالقناطر الأثرية، والأبواب الحديدية، وتنظيف جميع المشغولات الحديدية، وتطوير نظام الإضاءة، وتركيب أعمدة للإنارة بطول الكوبري، وتغيير السلك التالف ودهان الأعمدة باللون المناسب».
ويأتي ترميم الكوبري جزءاً من مشروع متكامل لتطوير حدائق القناطر، تم وضع مخططه بالتعاون بين وزارات السياحة والآثار والاستثمار والري عام 2017؛ بهدف إعادة استغلال منطقة حدائق القناطر سياحياً واستثمارياً، بعد سنوات تعرضت لها المنطقة للإهمال، بحسب خبراء، وفي هذا السياق انتهت وزارة الري من تطوير حديقة «عفلة»، التي تربط بين قناطر دمياط القديمة وقناطر دمياط الجديدة وتبلغ مساحتها 13 فداناً، وتضم مشروع الترميم تنفيذ ممشى أهل مصر على كورنيش النيل، بتكلفة مليون وأربعمائة ألف جنيه، في إطار مشروع لتطوير الحدائق وواجهاتها على نهر النيل، وتضم حديقة عفلة مجموعة من الأشجار النادرة، يصل عمرها إلى 200 عام، استوردها محمد علي باشا، من بينها «شجرة فيكس فيكتوريا» و«التين البنغالي».
وتبعد مدينة القناطر الخيرية نحو 20 كيلومتراً عن القاهرة من ناحية الشمال، وعندها يتفرع نهر النيل لفرعين، رشيد ودمياط، واستمدت اسمها من القناطر التي بناها محمد علي باشا بالمدينة، لتتحكم في تدفق المياه في دلتا النيل، وتتميز بمساحات كبيرة جداً من الحدائق والمتنزهات، وتعتبر واحدة من أهم المعابر لوسط الدلتا.
وأضاف كامل، أنه «في عام 1867 ظهر خلل في بعض عيون القناطر الخيرية بسبب ضغط المياه، فأمر الخديو إسماعيل بإصلاحه»، مشيراً إلى أنها «تنقسم إلى قناطر محمد علي والتي وضع حجر أساسها عام 1847، وقناطر الدلتا التي تم بناؤها عام 1936. وتتميز بالحدائق الغنية بالأشجار النادرة، وتعد أحد المزارات التقليدية للمصريين على مدار سنوات».
ويتضمن مشروع التطوير تحديث منطقة شاليهات القناطر السياحية، وإقامة شبكة مواصلات نهرية، ومجموعة من المطاعم والمناطق التجارية لخدمة زوار المنطقة، إضافة إلى إنشاء مرسى يخوت، وفندق.


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية بالقاهرة، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)

علماء يعثرون على آثار أقدام ديناصورات في إنجلترا

اكتشف باحثون مئات من آثار أقدام الديناصورات التي يعود تاريخها إلى منتصف العصر الجوراسي في محجر بأوكسفوردشير بجنوب إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأثر ثلاثي الأصبع (جامعة برمنغهام)

من هنا مرَّت الديناصورات...

اكتشف عامل محاجر بريطاني أكبر موقع لآثار الديناصورات في البلاد، وذلك في محجر بمقاطعة أكسفوردشاير، جنوب شرقي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون ثلاث قطع أثرية من موقع الدُّور في أم القيوين

قطع أثرية يونانية من موقع الدُّور

يحتل موقع الدُّور مكانة بارزة في سلسلة المواقع الأثرية التي كشفت عنها أعمال التنقيب المتواصلة في دولة الإمارات العربية

محمود الزيباوي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».