انقلابيو اليمن يهربون قيادياً أمنياً متهماً بقتل امرأة في إب

الجماعة اعتقلت 15 شخصاً من المتضامنين مع القضية

TT

انقلابيو اليمن يهربون قيادياً أمنياً متهماً بقتل امرأة في إب

أفادت مصادر محلية في محافظة إب اليمنية (170 كم جنوب صنعاء)، بأن الميليشيات الحوثية أقدمت قبل أيام على تهريب المتهم الأول بارتكاب جريمة الاعتداء بالضرب على المواطنة ختام العشاري في منزلها في مديرية العدين والتسبب في وفاتها.
جاء ذلك في وقت واصلت فيه الجماعة شن حملات اعتقال طالت مواطنين وناشطين بمركز المحافظة (مدينة إب) ومديرية العدين، في محاولة منها لتمييع وطمس معالم الجريمة التي هزت الرأي العام، وفجرت سخطاً واسعاً في أوساط اليمنيين.
وقالت المصادر إن الجماعة سارعت عقب ارتكاب ميليشياتها جريمة القتل بامتصاص غضب الشارع بتشكيل لجنة تحقيق وصفتها بـ«الشكلية»، أعقبه توقيف آخر شكلي للجناة، لينتهي الأمر بتهريبهم بطريقة سرية إلى مناطق خارج المحافظة بغية تمييع القضية.
ورغم محاولات الجماعة المستميتة لإخفاء تفاصيل هذه الجريمة، كسابقاتها من الجرائم التي ارتكبها عناصرها ومشرفوها بحق المدنيين في صنعاء ومدن أخرى، إلا أن التسريبات التي تظهر بين الحين والآخر تدل على الفوضى الأمنية، وتؤكد ارتفاع منسوب جرائم القتل والتنكيل وقمع الحريات وغيرها من الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها مسلحوها.
وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة أجبرت عدداً من الشهود في واقعة مقتل المواطنة ختام العشاري على تغيير أقوالهم المدونة سابقاً في محاضر الاستدلالات ضمن سعيها إلى طمس القضية، شككت أسرة المجني عليها في إجراءات التحقيق الذي تجريه الميليشيات في قضية مقتلها.
وأبدى أحمد العشاري شقيق الضحية، مخاوفه من تمييع القضية عبر الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها الزوج والأب والأسرة من قبل قيادات في الميليشيا منذ الحادثة.
وقال العشاري، في بيان على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنه «غير متفائل بتقرير الطبيب الشرعي، ويخشى من محاولات التلاعب وطمس الحقائق»، وعزا ذلك لمآلات حوادث كثيرة مماثلة.
وأكد أن التقرير الطبي أفاد بأن شقيقته أصيبت بـ«تورم متنامٍ في منطقة الرقبة مع تنمل في الأطراف» أدى إلى وفاتها نتيجة الاعتداء والضرب، محذراً من أي تلاعب في إجراءات التحقيق.
على صعيد متصل، تحدث سكان محليون بمدينة العدين أن الجماعة نفذت على مدى الأيام القليلة الماضية حملات اعتقال واسعة طالت شباناً وناشطين في المدينة بحجة إدانتهم واستنكارهم لجريمة مقتل المواطنة العشاري على يد مسلحي الجماعة. وأشاروا إلى أن الميليشيات اعتبرت أي تضامن أو إدانة للجريمة تقويضاً للأمن والاستقرار، حد زعمها.
وقال عدد منهم لـ«الشرق الأوسط»، إن العشرات من الشبان والناشطين في المدينة الذين تضامنوا مع أسرة العشاري لاحقتهم الجماعة، واعتقلت منهم 15 شخصاً، بينهم مختار قاسم المجيدي وسليمان عبد الله الأهنومي ومحمود الزهيري وغيرهم.
وأضافوا أن الجماعة أرسلت حينها عربتين، على متنهما مسلحون لاختطاف المجيدي والأهنومي والزهيري من منازلهم، ومن ثم نقلهم إلى سجون خاصة بها في مركز المحافظة.
وفي إب المدينة، اختطفت الجماعة الناشط الإعلامي مراد البنا، بعد مرور أيام على وقوع الجريمة، وأودعته سجن الأمن السياسي التابع لها بتهمة نشر خبر الجريمة في مواقع التواصل الاجتماعي.
ويعد الناشط «البنا» أول من نشر عن جريمة مقتل المواطنة العشاري، في حينها، واتهمه ناشطون وقياديون في الجماعة بالوقوف خلف عملية النشر التي وصفوها بـ«الكاذبة».
وفيما أوضحت مصادر مطلعة في إب أن الجماعة تواصل اختطاف البنا بسجونها في المدينة، طالب نشطاء وحقوقيون الجماعة بالإفراج عنه كونه لم يرتكب جرماً، ومحاسبة الجناة الذين يقفون خلف جريمة قتل العشاري. ومع نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قضت المواطنة ختام العشاري (25 عاماً) متأثرة بالاعتداء عليها بالضرب المبرح بأيدي عناصر ميليشيات الحوثي في مديرية العدين غرب محافظة إب، وقال ولدها إن عناصر من جماعة الحوثي، بقيادة مشرفها المدعو أبو بشار الشبيبي، اقتحموا منزلها فجراً للبحث عن زوجها، وعندما لم يعثروا عليه اعتدوا عليها وأطفالها الأربعة بالضرب الشديد، قبل أن يتم نقلها إلى المستشفى لتفارق الحياة هناك.
ودانت منظمات حقوقية عدة جريمة قتل المواطنة العشاري بعد تعرضها للاعتداء والضرب واقتحام منزلها من قبل الجماعة الحوثية. وطالبت الأمم المتحدة بالتدخل ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان في المحافظة الخاضعة لسيطرة الميليشيات.
ومنذ سيطرة الجماعة، ذراع إيران في اليمن، على إب، زادت معدلات الجريمة بشكل يومي بالتزامن مع انتهاكات واسعة للحقوق والحريات وعمليات سطو ونهب لممتلكات المواطنين بعموم مديريات المحافظة.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».