أصبح التسويق يحتاج إلى آليات ووجوه جديدة للتأثير على المستهلك وإغرائه. هذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان. فما بين تبعات فيروس «كورونا» المستجد والأزمة الاقتصادية العالمية، يتعقد الوضع يوماً بعد يوم، لا سيما بالنسبة للموضة التي كانت ولا تزال من بين أكثر المتضررين. من هذا المنظور أصبحت الحاجة ماسة إلى استراتيجيات ترويجية أكثر ابتكاراً وإغراءً.
في الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، كان عارضات الأزياء هن هذه الوسائل. أصبحن يُعرفن بالعارضات «السوبر» لقوة تأثيرهن، وكان من البديهي أن تتصدر صورهن أغلفة المجلات البراقة، ويحصلن على عقود مُجزية في شتى المجالات.
بعد عقد أو أكثر من احتكارهن سوق الإعلانات، سحبت نجمات السينما والتلفزيون السجاد من تحتهن، وهن أيضاً استمرت قوتهن إلى العقد الأخير، حتى ظهور باقة شابة من العارضات، مثل: جيجي، وبيلا حديد، وكايا غيربر، وكايلي جينر، احتاجتهن الماكينة الإعلانية لجذب بنات جيلهن. لكن يبدو أن هذه الماكينة أصبحت تحتاج إلى جُرعة أقوى للتأثير، تتعدى قدرات العارضات ومؤثرات «السوشيال ميديا». لم يعد ظهور مؤثرة بحقيبة تقدر بآلاف الدولارات أو زي بتوقيع مصمم كبير، يغير شيئاً من الواقع أو تُترجمه أرقام المبيعات. تبين أن هناك شيئاً مفقوداً في العملية يتعدى إثارة الرغبة إلى المصداقية والحلم. فالمستهلك يحلم دائماً بشيء بعيد المنال يريد الوصول إليه أو يقتدي به، سواء كان حقيبة يد عليه انتظارها لأشهر أو شخصية يريد أن يتشبه بها. أمر انتبهت إليه دار «شانيل» مؤخراً باستعانتها بشارلوت كاسيراغي، ابنة الأميرة كارولين أوف موناكو، وحفيدة النجمة الراحلة غرايس كيلي، لتكون سفيرة لها. فشارلوت من جيل أكد أنه الأكثر قدرة على الشراء، ونظراً لجمالها ورشاقتها تمثل «شانيل» أحسن تمثيل، فضلاً عن مكانتها الاجتماعية التي تمنحها مصداقية أكثر من غيرها. «شانيل» أكدت أن تعاونها هذا كان خطوة طبيعية، تأتي امتداداً لعلاقة الدار بوالدتها الأميرة كارولين التي ربطتها علاقة صداقة مع مصمم الدار السابق، الراحل كارل لاغرفيلد. ولم تنس «شانيل» أن تُنوه أيضاً أن هذا الأخير انتبه إلى جمال شارلوت وسحرها منذ أن كانت صبية ترافق والدتها في بعض المناسبات والعروض؛ بل وسبق له أن التقط لها صوراً بكاميرته الخاصة ضمَّنها كتابه عن «الجاكيت الأسود» The Little Black Jacket: Chanel›s Classic Revisited في عام 2012.
من جهتها، لا تخفي شارلوت اهتماماً بالموضة يقتصر على ارتداء آخر الخطوط، سواء كانت لـ«سان لوران» أو «غوتشي» أو غيرها من بيوت الأزياء العالمية التي تتهافت على نيل رضاها. فهي تبدو دائماً سعيدة وأكثر ثقة وهي ترتدي تصاميم من «شانيل»، إلى حد أنها طلبت من الدار في عام 2019 تصميم فستان زفافها. حبها للموضة جعلها أيضاً تتعاون مع بيوت أزياء أخرى مثل دار «غوتشي»، إلا أن علاقتها بـ«شانيل» تبدو أكثر من مجرد عقد عمل، كونها علاقة عائلية تمتد لعقود، وبالتالي قد لا تنتهي بالحملة الترويجية لربيع وصيف 2021، التي صورها كل من إيناس فان لامبسويرد وفينود ماتادان.
تجدر الإشارة إلى أن مصداقية شارلوت لا تعتمد على انتمائها الاجتماعي وجمالها فقط؛ بل أيضاً على ثقافتها. فهي تحمل شهادة في الفلسفة، ولديها شغف بالأدب والشعر، وهو فن تعرفت عليه أكثر في سن مبكرة بفضل كارل لاغرفيلد. كما أنها الرئيسة والمتحدثة الرسمية لـRencontres Philosophiques de Monaco، وهي جمعية أسستها في عام 2015، وتهتم بالفلسفة والترويج لها من خلال فعاليات شهرية مخصصة للمناقشة وتبادل الأفكار. دورها كسفيرة للدار الفرنسية سيسلط الضوء على ثقافتها وحبها للأدب، من خلال مشروع بعنوان Les Rendez- vous littéraires rue Cambo، وهي عبارة عن لقاءات أدبية ستقام في شارع كامبون هذا العام، وتُبث على موقع «شانيل» وشبكاتها الاجتماعية، بمشاركة كاتبات وممثلات وباقة من الشخصيات، على أن يُعقد أول لقاء يوم الثلاثاء، 26 يناير (كانون الثاني) 2021.
عندما تتحول الأميرات إلى سفيرات موضة
الحملات الإعلانية أصبحت تحتاج إلى مصداقية ووجوه أكثر تأثيراً
عندما تتحول الأميرات إلى سفيرات موضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة