مستقبل الأمن الإلكتروني يرتبط بنظم الذكاء الصناعي

كلمات المرور والهويات الرقمية يمكن تزويرها بسهولة

مختبرات هندسية لتطوير نظم ذكاء صناعي تعمل بشبكات عصبية
مختبرات هندسية لتطوير نظم ذكاء صناعي تعمل بشبكات عصبية
TT

مستقبل الأمن الإلكتروني يرتبط بنظم الذكاء الصناعي

مختبرات هندسية لتطوير نظم ذكاء صناعي تعمل بشبكات عصبية
مختبرات هندسية لتطوير نظم ذكاء صناعي تعمل بشبكات عصبية

إن تزايد الاعتماد على الأجهزة المحمولة في أماكن العمل، والتحول المتسارع للشركات نحو تقنية السحابة الإلكترونية فتح لنا طرقاً لا تُعد ولا تحصى للوصول إلى فضاءات عملنا الافتراضية. ولكن مع تكاثر المداخل إلى عالم الأعمال، ازدادت فرص الاختراق الرقمي. لهذا السبب، يجب أن تُعاد صياغة مفهوم الأمن في عالم ما بعد 2020 بعيداً عن بناء الثقة وأشكال المصادقة التقليدية، مثل كلمات المرور.
- ذكاء صناعي
من الآن فصاعداً، يجب ألا يُقدِم المستخدمون على أي تسجيل دخول بثقة تامة، بل يجب أن يلجأوا إلى الذكاء الصناعي للتدقيق في الهويات والسلوكيات الرقمية للتحقق من صحتها.
تواجه الشركات اليوم دعوات لتأمين بيئات عمل تعاونية لا تزال غير واضحة المعالم، تبدو فيها التقنيات السحابية المتعددة الهجينة مقاومة وفاعلية أكثر من صلادة المخازن المصنوعة من الطوب. يتطلب هذا الأمر تقنيات كالذكاء الصناعي تتسم بالانسيابية والسيولة المناسبة للزمن والظروف التي نعيش فيها.
يزيد مفهوم «الهوية» في عالم الأعمال اليوم من تعقيد تحدي الحفاظ على أمن وسلامة مصادر وبيانات الشركات والمنظمات لأن الخط الذي يفصل بين «من ينتمي أو لا ينتمي إلى الفريق» يتلاشى وسط انتشار القوى العاملة عن بعد، والاقتصاد الحر، والدمج المستمر للشركاء في بيئة العمل. ولكن في عالم خالٍ من الثقة، كل ما فيه يثير الشك ويصعب فيه التحقق من هوية المستخدمين بسهولة، لا يكفي أن تكونوا فعلاً الشخص الذي تدعون أنكم هو، بل عليكم أن تتصرفوا على أنكم هو.
اعتمد الناس لزمن طويل على كلمات المرور كطريقة للتحقق من هوية أحدهم ولكن الحقيقة هي أن الهويات الرقمية يمكن تزويرها بسهولة، على عكس السلوكيات.
- تحليل سلوكي
لقد رأينا مراراً وتكراراً ما يحصل عندما يثق نظام الأمن بالهويات وكلمات المرور. يدخل موظفٌ إلى سجلات قسمٍ آخر عبر الأدوات المشتركة في الشركة، ويحمّل مئات الملفات الحساسة عن الموارد البشرية أو المعلومات الرقمية، ليتبين أخيراً أن «الموظف» كان عنصراً خبيثاً نجح في اختراق نظام الشركة عبر بريد الموظف الإلكتروني وكلمة مروره.
الآن، دعونا نطبق السيناريو نفسه على شركة يعتمد أمنها على الذكاء الصناعي لإجراء تحليل سلوكي. هنا، تختلف النتائج تماماً لأن الذكاء الصناعي يرصد أي خلل في نمط تصرف الموظف الذي تم انتحال شخصيته ويشير إليه، ويمنعه من التمادي أكثر في الاختراق.
يقوم الذكاء الصناعي بهذه المهمة تلقائياً بالاعتماد على التناقضات التي تظهر في مزيج من السمات من نقرات لوحة المفاتيح وحركات الفأرة إلى أنماط عادات العمل، كساعات العمل المعتادة لهذا الموظف، وأنواع الملفات التي يعمل عليها عادة أو سرعة وكمية ونوع الملفات التي يحملها.
لا يمكن خداع الذكاء الصناعي عندما يتعلق الأمر بالسلوك السيئ؛ ففي حال أراد المجرمون الإلكترونيون المحاولة والاختراق عبر فقاعة الذكاء الصناعي التي تحيط بالمستخدم، لن تكفي مراقبة العادات الرقمية الخاصة به، بل يجب مراقبته جسدياً أيضاً لالتقاط سماته الخاصة والفروقات الطفيفة التي قد تظهر.
لا تثق. دعِ الذكاء الصناعي يتحقق. مع تركيز أصحاب الأعمال على التأقلم مع التغيير، يطغى هذا الأخير على نشاط وحركة العمل أيضاً، لذا لا بد للأمن من مواكبة سرعة هذا التغيير.
لتأمين كل شيء في بيئة العمل، علينا أن نكون قادرين على فهم كل شيء. فقد دفع العمل عن بُعد الموظفين إلى الدخول إلى شبكة العمل من مواقع غير محمية، وتحولت أوقاتٌ كانت تُعتبر في السابق غير مألوفة للعمل إلى ذروات للنشاط. اليوم، تتدفق كميات أكبر من البيانات إلى الشبكة، وتتصل مئات الأجهزة الجديدة بها. لهذا السبب، لن نتمكن من وضع سياقٍ واضح لهذه السلوكيات والتحركات التي تشهدها بيئات السحابة الهجين في الوقت المناسب دون السرعة والبديهية التي يتميز بها الذكاء الصناعي.
- نظام يتعلم
يتعلم الذكاء الصناعي بالوقت الحقيقي، ويتطور باستمرار بناءً على البيانات التي يستهلكها لأنه ببساطة ليس تقنية ثابتة، أي أنه يستطيع التحول بالتوازي مع العمل في وسط التغيير. نحن لسنا بحاجة لدراسة ملايين التهديدات المحتملة التي قد تحصل كل يوم، لأن الذكاء الصناعي يحللها باستمرار، ويتحقق من صحتها، ويعمل على أتمتة الاستجابة الأمنية الضرورية لمواجهتها.
باختصار، يحول الذكاء الصناعي الأمن إلى أداة استباقية من خلال تأسيس سياج يحمي المستخدمين ويقوي وضع الشركة الأمني دون الحاجة إلى معرفة «مخططها» الرقمي.
وأخيراً، لا بد من القول إن الزمن الذي كانت فيه الأجهزة الموثوقة وكلمات المرور المؤلفة من 14 حرفاً كافية، مضى. واليوم، لا بد من استخدام التقنيات التي تتخلص من الاحتكاك وتتأقلم بسرعة، لأن نماذج العمل ستستمر في التغير، وكذلك ستفعل وسائل وتكتيكات الاحتيال الإلكتروني التي تسعى لاختراقها.
يجب أن نسمح للذكاء الصناعي بتولي القيادة وإحباط مساعي القراصنة الإلكترونيين في الابتكار في هذه البيئة، وإحاطة الموظفين بالفقاعة والسياج الأمنيين الضروريين للعمل بأمان وتفادي المخاطر مهما كان نوع بيئة العمل التي يجدون أنفسهم فيها.

- نائب رئيس قسم الأمن في شركة «آي بي إم»، «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

تقرير استخباراتي: تزايد التهديدات السيبرانية خلال الانتخابات الأميركية

تكنولوجيا حذّرت شركة «فورتينت» من تهديدات سيبرانية متزايدة استهدفت انتخابات الرئاسة الأميركية 2024 (أدوبي)

تقرير استخباراتي: تزايد التهديدات السيبرانية خلال الانتخابات الأميركية

بيّن التقرير تسجيل أكثر من 1000 نطاق وهمي جديد يحمل محتوى انتخابياً منذ بداية عام 2024، يستهدف خداع الناخبين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا أصبحت ثقة نحو 3 أرباع المستهلكين (72%) بالشركات أقل مقارنة بعام 2023 (أدوبي)

65 % من العملاء يشعرون بأن الشركات تتعامل مع بياناتهم باستهتار وتهوّر

تظهر دراسة جديدة لشركة «سايلزفورس» تراجع الثقة بالشركات لدى 72 في المائة من العملاء حول العالم.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)

تحذير من مخاطر الذكاء الاصطناعي والتهديدات السيبرانية على صناديق الثروة السيادية

حذر خبير دولي في إدارة صناديق الثروة السيادية، من التحديات المخاطر التي تمثلها عمليات الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم الجهاز القضائي للاتحاد الأوروبي يعلن نجاح إغلاق خوادم إحدى أكبر منصات البرامج الضارة في العالم التي استهدفت ملايين الضحايا (رويترز)

تعاون عالمي مكن الشرطة من إحباط برمجيات خبيثة استهدفت الملايين

أعلن الجهاز القضائي للاتحاد الأوروبي (يوروجست) اليوم الثلاثاء أن عملية للشرطة العالمية نجحت في إغلاق خوادم إحدى أكبر منصات البرامج الضارة في العالم.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
خاص شارك في القمة مئات الخبراء والباحثين في مجال الأمن السيبراني من حول العالم (الشرق الأوسط)

خاص قمة «محللي الأمن» في إندونيسيا تناقش أخطر التهديدات السيبرانية في الشرق الأوسط

هجمات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء مواقع وهمية لزيادة المصداقية وأخرى تستغل ثغرات في رقائق الأجهزة الإلكترونية.

نسيم رمضان (بالي (إندونيسيا))

ساكرامنتو تستضيف بطولة الرياضات الإلكترونية الكبرى

ساكرامنتو تستضيف بطولة الرياضات الإلكترونية الكبرى
TT

ساكرامنتو تستضيف بطولة الرياضات الإلكترونية الكبرى

ساكرامنتو تستضيف بطولة الرياضات الإلكترونية الكبرى

احتضن الفائزون بعضهم، وهز الخاسرون رؤوسهم، وانفجر المشجعون في الهتافات.

معارك رياضية إلكترونية

احتدمت المشاعر في معرض «كال أكسبو» Cal Expo هذا الأسبوع، حيث اشتبك الطلاب من جميع أنحاء البلاد في معارك رياضية إلكترونية متوترة وعالية المخاطر، كما كتب ماثيو ميراندا (*).

في المسابقات التي تضم لوحات المفاتيح ونقرات الماوس المحمومة، تنافس لاعبو ألعاب الفيديو في ألعاب مثل Super Smash Bros Ultimate and Street Fighter 6.

وقالت أنجيلا برنهارد توماس، كبيرة مسؤولي الرياضات الإلكترونية في بطولة Collegiate Esports Commissioners Cup West الإقليمية: «إنها مثل بطولة (مارتش مادنيس) March Madness، لكنها ألعاب فيديو».

لاعبو مدرسة سنتر الثانوية أثناء المنافسة في أول بطولة ألعاب إلكترونية كبرى في ساكرامنتو

فرق مدرسية إلكترونية تنافسية

استضافت ساكرامنتو البطولة في وقت تنمو فيه شعبية الرياضات الإلكترونية، مع تشكيل المزيد من المدارس لفرق تنافسية، واستقطب الحدث الذي استمر ثلاثة أيام، 22 فريقاً جامعياً من 18 ولاية وأكثر، من 150 طالباً في المدرسة الثانوية المحلية.

وقالت أنجيلا برنهارد توماس: «معظم لاعبي الكلية الذين يلعبون هنا هذا الأسبوع مواظبون على الدراسة، ويحصلون على منح دراسية للعب ألعاب الفيديو»، وأضافت: «هذا شيء لم نفكر أبداً أنه سيحدث حقاً».

على المسرح الرئيسي، واجهت ولاية سان خوسيه فريق «يو سي ريفرسايد» في نهائي مكثف من Super Smash Bros. Ultimate - لعبة قتال ومنصة تضم شخصيات العديد من إبداعات نينتندو.

بطولة الرياضات الإلكترونية الوطنية

خرج فريق «يو سي ريفرسايد» المكون من أربعة أفراد منتصراً للعام الثاني على التوالي، وسيتقدم الفريق، جنباً إلى جنب مع أبطال عطلة نهاية الأسبوع الآخرين، إلى بطولة الرياضات الإلكترونية الوطنية في تكساس، في مايو (أيار) المقبل.

وقال كين هوانغ، طالب يدرس الرياضيات التطبيقية في «يو سي ريفرسايد»، إنه يأمل في أن يعزز الفوز الاعتراف بالرياضات الإلكترونية داخل الجامعة.

في السنوات الأخيرة، صنفت بعض الكليات في جميع أنحاء الولايات المتحدة فرق الرياضات الإلكترونية الخاصة بها على أنها رياضات مدرسية رسمية.

وأضاف هوانغ الذي مارس اللعبة لمدة 8 سنوات: «هذه الحالات توفر المزيد من الفرص للتمويل والسفر. ويعد فريق Super Smash Bros التابع لجامعة كاليفورنيا ريفرسايد نادياً ترفيهياً».

وتابع: «نأمل في أن يدفعنا أداؤنا الجيد والحصول على نتائج إلى القول إننا لسنا مجرد نادي ترفيهي».

رياضة للصغار والكبار

في مكان قريب، هتفت إيلينا فيريل، البالغة من العمر 15 عاماً، بينما كانت صديقتها تتنافس في لعبة Valorant، وهي لعبة إطلاق نار شهيرة من منظور الشخص الأول. وصاح الجميع معاً بحماس، ورفعوا أيديهم أحياناً احتفالاً.

حافظت فيريل، قائدة فريق اللعب المكون من 12 لاعباً في مدرسة «سنتر» الثانوية في أنتيلوب، على نشاط زملائها في الفريق من خلال إطعامهم وتقديم المشروبات لهم.

وبالقرب منها جلس والدا فيريل على بُعد أقدام قليلة، يراقبان ابنتهما الصغرى بابتسامات فخورة. وحضر آباء ثلاثة لاعبين آخرين، اعتادوا على شغف أطفالهم بالمنافسة عبر الإنترنت. وقالت والدتها لأنيل فيريل باربي: «أستمتع بمشاهدتهم وهم منخرطون في شيء ما. نريد أن نراهم يفعلون شيئاً إيجابياً، حتى لو كان ذلك ألعاباً». وتابعت: «أشعر بالضياع لأن لديهم لغتهم الخاصة... نطرح الكثير من الأسئلة، وأحياناً يجيبون عنها. لكننا ما زلنا ضائعين».

* «ذا ساكرمنتو بي»، خدمات «تريبيون ميديا».