أمراض البصر مع تقدم العمر.. سبل الوقاية والعلاج

تشمل حالات إعتام عدسة العين والغلوكوما والضمور البقعي

أمراض البصر مع تقدم العمر.. سبل الوقاية والعلاج
TT

أمراض البصر مع تقدم العمر.. سبل الوقاية والعلاج

أمراض البصر مع تقدم العمر.. سبل الوقاية والعلاج

تمنحنا أعيننا نافذة على العالم، ولكن الضباب قد يعتلي تلك النافذة وتصبح ضعيفة مع تقدمنا في العمر، إذ تضعف الرؤية عن قرب، وينتظر «إعتام عدسة العين» الكثيرين من كبار السن. وتصبح وظيفة القنوات الدمعية أقل نشاطا، ويمكن أن تصاب العيون بالجفاف والالتهاب.

* العين والتقدم في السن

* والأسوأ من ذلك، يمكن للمياه الزرقاء والضمور البقعي أن تشكل تهديدات خطيرة على الرؤية، مما يجعل من القراءة تجربة صعبة ويهدد الحياة باستقلال. يعتبر فقدان البصر من أكثر المخاوف الصحية بين العامة، طبقا للرابطة الوطنية للعيون وأبحاث الإبصار، وهي من منظمات الاهتمام، مع المخاوف من السرطان والشلل وذلك في استطلاعات حول المخاوف الصحية، وفقا للمؤسسة الأميركية للمكفوفين، وهي من جماعات الاهتمام الأخرى.
ومن بين المواطنين الأميركيين الذي تعدوا سن الـ40 عاما، هناك ما يقدر بنحو 41 مليون حالة عمى، أو ضعف في الإبصار أو مرض في العيون يتعلق بالتقدم في السن، طبقا لجمعية الوقاية من العمى المدافعة عن حقوق المرضى، التي تتوقع ارتفاع ذلك الرقم إلى 64 مليونا بحلول عام 2032.
لذا، ما الذي يمكنك فعله للحفاظ على عينيك في حالة جيدة؟ في حين أنه ليست هناك طريقة تمنع الإصابة بـ«طول النظر الشيخوخي» presbyopia - الرؤية القريبة الغائمة التي تتطلب ارتداء نظارات للقراءة - يقول الأطباء إنه يمكنك القيام بأمور قليلة للتقليل من ذلك الخطر حيال - أو على أقل تقدير إبطاء تطور – المشاكل الصحية المرتبطة بالتقدم في السن.

* إعتام عدسة العين

* بحلول الوقت الذي يبلغون فيه سن الـ80. يصاب أكثر من نصف الأميركيين بحالة إعتام عدسة العين cataracts، طبقا للأكاديمية الأميركية لطب العيون. تقول ميلاني بطرس، طبيبة العيون لدى رابطة العيون في واشنطن «إن الحالة جزء طبيعي من عملية التقدم في السن، مثل تحول شعر الرأس للون الرمادي». مع مرور الزمن تصبح عدسة العين غائمة وكثيفة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ضبابية الرؤية والإبصار. وتلك الحالة يطلق عليها تسمية إعتام عدسة العين.
وفي الوقت الذي يشيب فيه شعر البعض في وقت مبكر، كذلك يصاب البعض بإعتام عدسة العين في وقت مبكر كذلك. ويقول الطبيب دانييل بلوزنيك، طبيب العيون لدى أطباء العيون في واشنطن: «يصاب عدد لا بأس به من المرضى بإعتام عدسة العين في سن الـ40. وكلما أصبت بقصر النظر وأنت صغير، تطور لديك ذلك المرض سريعا». ولا يبدو أن ذلك الخطر ينتشر بين العائلات.
يمكن في بداية الأمر التغلب على غشاوة الإبصار عن طريق تغيير الأدوية، ولكن إذا تداخل المرض مع أنشطة الحياة اليومية، قد يوصي الأطباء بالتدخل الجراحي - وهو إجراء آمن وشائع للغاية ويستغرق من عمر الزمن أقل من نصف ساعة. حيث يزيل الجراح المياه البيضاء، ثم يقوم بإدخال عدسات صناعية صافية. ويمكن تعديل تلك العدسات لتصحيح الإبصار. وبعد ذلك يتمكن الكثير من المرضى من الرؤية بشكل صحيح بصورة أفضل مما كانوا يعانون منه لسنوات.
تقول كريستين لين (74 عاما)، وهي طبيبة نفسية تعيش في واشنطن وكانت تعاني من قصر شديد في النظر من طفولتها: «أتمتع برؤية جيدة الآن». وبعدما مرت بصعوبات قيادة السيارة أثناء الليل، خضعت لعملية إزالة المياه البيضاء في كل عين من عينيها، وكان يفصل أسبوعين ما بين الجراحتين. كان ذلك منذ شهرين تقريبا. وتقول لين إن إبصارها بعد إجراء الجراحة تحسن بشكل كبير ولكنها تشعر باهتزازات بسيطة في الرؤية. «لم أتمكن من رؤية وجهي من دون النظارات من قبل. أما الآن فإنني أرى كل المسام بوضوح».

* «المياه الزرقاء»
* هل يمكن أن تكون هناك نهاية سعيدة لمرض المياه الزرقاء (الغلوكوما) glaucoma، وهي حالة مرضية تتضمن تضرر العصب البصري، والتي يمكن اكتشاف مراحلها الأولى فقط من خلال فحص العين. ويتم التشخيص من خلال تقييم العصب البصري وقياس ضغط السائل في العين، حيث يؤدي ارتفاع الضغط إلى تضرر العصب البصري.
تقدر جمعية الوقاية من العمى أن أكثر من 2.7 مليون مواطن أميركي فوق سن الـ40 وأكبر يعانون من مرض المياه الزرقاء. والأكثر عرضة لذلك المرض هم المواطنون الأميركيون من أصول أفريقية، ومكسيكية، وكذلك المدخنون، والمصابون بمرض السكري، والأشخاص المصابون بقصر شديد في النظر أو لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بمرض المياه الزرقاء.
ليس من وسيلة لمنع مرض المياه الزرقاء - أو لاستعادة الإبصار المفقود نتيجة له - ولكن يمكن إيقاف تطور المرض من خلال التدخل الطبي المبكر. ويتطلب ذلك الفحص الدوري على العين. وتوصي الجمعية الأميركية لطب العيون للبالغين الذين لا يعانون من عوامل الخطر سالفة الذكر بأن يخضعوا للفحص الأساسي عند سن الـ40، ثم إجراء تقييمات للعين كل عامين إلى 4 أعوام وحتى بلوغ سن الـ55. ومن هذه السن، ينبغي عليهم فحص عيونهم مرة كل عام إلى 3 أعوام، ومرة كل عام إلى عامين حين يبلغون سن الخامسة والستين. وأولئك الذين يعانون من مرض المياه الزرقاء وغيره من أمراض العيون ينبغي عليهم الخضوع للفحوصات بصورة متكررة.
يمكنك تجاهل تلك الإرشادات ولكن على مسؤوليتك الشخصية. يقول بلوزنيك «بكل أسف يأتيني في كل عام أحد المرضى يدخل من الباب وقد فقد إبصاره بنسبة كبيرة، وليس لديه أو لديها فكرة أنه مصاب بمرض المياه الزرقاء. وباعتبار أنه مرض لا رجعة فيه، فإن فكرة التوعية بأسرها تدور حول الاكتشاف المبكر حتى يمكننا التدخل والعلاج».
ويمكن للعلاج أن يكون فعالا للغاية. حيث تساعد قطرة العين اليومية في تخفيف الضغط في العين، وإن كان بعض أطباء العيون يستخدمون العلاج بالليزر أو الجراحة. وبمجرد توازن ضغط العين، ينبغي فحص العين مرة كل 4 إلى 6 شهور، كما يقول بطرس: «وإلا، إذا ارتفع الضغط في العين، فلن تستطيع اكتشافه».

* الضمور البقعي
* يتعلق مرض الضمور البقعي المرتبط بتقدم بالعمر Age - related macular degeneration (AMD) بتدهور الخلايا الموجودة في الجزء الأوسط من شبكية العين - وهو الجزء الأكثر أهمية للإبصار المركزي، والمسمى البقعة. ورغم إمكانية الحفاظ على الإبصار حين اكتشاف المرض في مراحله المبكرة، فإن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، تدعوه «السبب الرئيسي لضعف القراءة وصحة الإبصار لدى الناس الذين تتراوح أعمارهم بين 65 عاما وأكثر»، وتقول كذلك إن 1.8 مليون مواطن أميركي أكبر من سن الـ40 لديهم تلك الحالة وهناك 7.3 مليون مواطن أميركي آخرون معرضون لخطر الإصابة بتلك الحالة المرضية. وعلى العكس من مرض المياه الزرقاء، الذي ينتشر بين العائلات، فإن مرض الضمور البقعي يحمل خطر الإصابة للأميركيين البيض أكثر من الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية. هناك نوعان من مرض الضمور البقعي، الضمور البقعي الجاف، والرطب. ويتسبب المرض الجاف في فقدان الرؤية المركزية - الضرورية للقراءة والقيادة - ولكن بصورة تدريجية حتى إن الكثير من الناس يصابون به لعقود من الزمن من دون وجود تأثير واضح. أما الضمور البقعي الرطب، أو ما يعرف باسم (neovascular)، فيعد الأكثر خطورة. حيث تنمو الأوعية الدموية غير الطبيعية داخل شبكية العين، وفي بعض الحالات يؤدي إلى النزيف أو تسرب سائل العين. إن مرض الضمور البقعي الرطب مخيف للغاية، على حد تعبير الدكتور بلوزنيك، نظرا لأنه قد يغير الرؤية فجأة: «يمكن أن يستيقظ المريض ذات يوم ليرى بقعة سوداء مركزية».
وتم تشخيص المريض دون البرشت (85 عاما) من غريت فولز بولاية فيرجينيا بمرض الضمور البقعي الجاف في عينه اليسرى والضمور البقعي الرطب في عينه اليمنى. وجاءت الإشارة التحذيرية خلال فصل الخريف الماضي، عندما كان يشاهد مباراة البيسبول على التلفاز ولم يتمكن من رؤية بعض التفاصيل على ملابس اللاعبين. أصابه القلق وتمت إحالته إلى طبيب اختصاصي في شبكية العين، والذي عمل على علاج مرض الضمور البقعي الرطب لديه باستخدام الحقن التي قضت على الأوعية الدموية الدخيلة، وهو إجراء طبي جديد نسبيا. ويقول البرشت «لو جاءت الإصابة منذ 10 سنوات مضت، ربما كنت قد فقدت بصري حينها». وقد خلصت دراسة أمراض العيون المرتبطة بالتقدم في العمر لدى المعهد الوطني للعيون إلى أن المرضى المصابين بالضمور البقعي الذين يتناولون فيتامينات ومعادن معينة يمكنهم إبطاء تطور المرض لديهم. وهناك مضادات للأكسدة تتضمن فيتامين (أيه) و(إي)، والبيتا كاروتين، واللوتين، والزنك، والنحاس، وهي تباع في الصيدليات في شكل أقراص وفقا لصيغة دراسة أمراض العيون المرتبطة بالتقدم في العمر (AREDS). وقد قام الباحثون أخيرا بتعديل المزيج بإضافة اللوتين والزاكزانتين وإزالة البيتا كاروتين. ويطلق عليها (AREDS2)، تلك الصيغة هي في غالب الأمر ما يوصي به أطباء العيون حاليا. ونظرا للأعراض الجانبية التي تسببها تلك الأدوية، يوصي بطرس بمراجعة الطبيب قبل تناولها.
ويوصي أطباء العيون أيضا، وإلى جانب (AREDS2) بنظام غذائي منخفض الدهون يتضمن تناول الفاكهة والخضراوات، وعلى وجه الخصوص الخضراوات الورقية مثل السبانخ، واللفت، والكرنب، وتناول أحماض أوميغا 3 الدهنية، والتي توجد في سمك السلمون والتونة. ويقول البرشت إنه يأكل الكثير من السلطة ويتناول قرصين من (AREDS2). «أشعر أنني محظوظ للغاية، لدي مشكلة في العين، ولكنها تحت السيطرة».

* خدمة «واشنطن بوست»
- خاص بـ»الشرق الأوسط»



هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».