لبنان: رفع الحد الأدنى للأجور يحتاج إصلاحات اقتصادية

TT

لبنان: رفع الحد الأدنى للأجور يحتاج إصلاحات اقتصادية

في ظلّ تراجع قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار، فقدت رواتب اللبنانيين ما لا يقلّ عن الـ80 في المائة من قيمتها، الأمر الذي زاد نسبة الفقر التي تجاوزت الـ55 في المائة وجعل طرح موضوع تصحيح الرواتب ورفع الحد الأدنى للأجور مسألة ملحّة حسب ما يرى رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر.
يؤكد الأسمر في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ المطالبة برفع الحد الأدنى للأجور ستكون على رأس المطالب بعد تشكيل الحكومة، فهذا الحد والذي يبلغ 675 ألفا كان يساوي مع بداية العام 450 دولارا أمّا اليوم وبعدما تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء الـ8 آلاف فباتت قيمته أقل بكثير.
ويشير الأسمر إلى أنّه وقبل بدء أزمة الدولار طرح الموضوع مع وزارة العمل والعمال وأصحاب العمل، وتمّ اقتراح رفع الحد الأدنى للأجور إلى مليون ليرة أي ما كان يساوي 650 دولارا تقريبا حينها وما لا يزيد على 130 دولارا حاليا، معتبرا أنّ تحديد قيمة «الحد الأدنى للأجور» الذي يضمن حياة كريمة حاليا أمر صعب، فهو يحتاج إلى حد أدنى من الاستقرار النقدي ولا سيما في ظل وجود 3 أسعار للدولار السعر الرسمي 1515 ومنصة مصرف لبنان 3900 والسوق السوداء.
وفي الإطار يعتبر الأسمر أنّ رفع الحد الأدنى للأجور يحتاج إلى مقاربة صحيحة وواقعية أمام المأساة التي تعيشها المؤسسات التجارية والسياحية والقطاع الاقتصادي بشكل عام، كما أنّه يحتاج إلى وجود حكومة تحظى بالثقة داخليا وخارجيا، تستعيد العلاقات العربية والدولية، وتقوم بالإصلاحات التي تنعش الاقتصاد.
تتلخّص أهم الإصلاحات التي يجب أن تواكب رفع الحد الأدنى للأجور حسب ما يرى الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان بـ«تصحيح عجز المالية العامة للدولة» إذ إنّ «كل ارتفاع بالعجز يعني ضخا وطاعة لليرة اللبنانية ما يعني أيضا زيادة التضخم وبالتالي تآكل القدرة الشرائية»، مضيفا في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ زيادة الحد الأدنى للأجور مع استمرار ارتفاع التضخم يصبح بلا قيمة ولا يعود بالنفع على المواطنين.
ويُشار إلى أنّ نسبة التضخم ارتفعت خلال العام الحالي إلى 140 في المائة بشكل عام وتجاوزت الـ400 في المائة في بعض المواد الغذائية ولا سيما المستوردة وغير المدعومة.
ويشير أبو سليمان إلى أنّ الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية ارتفعت خلال العام 2020 إلى 150 في المائة تقريبا، فالدولة وبظل العجز الذي تعاني منه أنفقت قسما من هذه الكتلة لتغطية رواتب موظفي الدولة ولا سيما مع تراجع جباية الضرائب والرسوم الجمركية.
وسجّل العجز المالي الحكومي ارتفاعاً في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2020 بنسبة 26.9 في المائة بسبب انخفاض الإيرادات العامة بنسبة 9.1 في المائة على أساس سنوي. وارتفعت النفقات العامة هامشياً بنسبة 1.1 في المائة، وأظهرت إحصاءات المالية العامة انخفاض الإيرادات العامة من 3.5 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2019 إلى 3.1 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2020. في حين سجلت النفقات العامة نمواً طفيفاً من 4.8 مليار دولار إلى 4.9 مليار دولار، الأمر الذي رفع عجز المالية العامة من 1.4 مليار دولار في المنتصف الأول من العام 2019 إلى 1.8 مليار دولار، خلال الفترة نفسها من عام 2020.
وفي حين يوضح أبو سليمان أنّ من يتقاضون الحد الأدنى للأجور يعتاشون حاليا بأقل من 3 دولارات في اليوم أي أنّهم باتوا يعانون من الفقر المدقع، يشير إلى أنّ الموضوع لا يقتصر على هؤلاء إذ إنّ أكثر من 85 في المائة من اللبنانيين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية وما لا يقل عن 60 في المائة من اللبنانيين المسجلين في الضمان الاجتماعي يتقاضون أقل من مليون ونصف المليون شهريا، وكلّ هؤلاء فقدوا مع انهيار الليرة أمام الدولار 80 في المائة من قيمة رواتبهم، ما يجعل الإصلاحات الاقتصادية الحل الأنسب والأنجع بالنسبة لهم.



بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.