عام 2020 غيّر طريقة عمل الكثيرين... ما التحولات التي ستستمر معنا؟

موظف يعمل من منزله وسط جائحة «كورونا» في الولايات المتحدة (أ.ب)
موظف يعمل من منزله وسط جائحة «كورونا» في الولايات المتحدة (أ.ب)
TT

عام 2020 غيّر طريقة عمل الكثيرين... ما التحولات التي ستستمر معنا؟

موظف يعمل من منزله وسط جائحة «كورونا» في الولايات المتحدة (أ.ب)
موظف يعمل من منزله وسط جائحة «كورونا» في الولايات المتحدة (أ.ب)

شكلت جائحة فيروس كورونا، التي ظهرت في عام 2020، أحد أكبر العوامل التي عطلت طريقة عمل الأميركيين وغيرهم حول العالم بطريقة لم نشهدها من قبل، وفقاً لشبكة «إيه بي سي نيوز».
وعندما وصل الفيروس إلى الولايات المتحدة لأول مرة في الربيع الماضي، ارتفع معدل البطالة إلى 14.7 في المائة، وهو مستوى لم نشهده منذ الكساد الكبير. علاوة على ذلك، دخل الكثير من الموظفين في أميركا في تجربة عمل عن بُعد ضخمة اعتقد الكثيرون في البداية أنها ستستمر بضعة أسابيع فقط.
وكشف الوباء أيضاً عن تصدعات في الاقتصاد، ما أدى إلى تعميق الفجوة بين الناس، حيث عمل الكثيرون في أميركا من المنازل، بينما تم تسريح العديد من عمال الخدمة ذوي الأجور المنخفضة في الوظائف التي تتطلب الاتصال البشري. وواصل العمال الأساسيون مثل موظفي محلات البقالة العمل، لكنهم خاطروا بالتعرض للفيروس.
كما توقفت رحلات العمل خارج البلاد، ونُقلت الاجتماعات إلى منصات مثل «زووم».
ومع اقتراب الاقتصاد من التعافي، إليك ما يعتقد بعض الخبراء أنها تغييرات ستستمر معنا، وكيف يمكن للعمال الاستعداد بشكل أفضل للوظائف هذا العام ولما يعرف بـ«الوضع الطبيعي الجديد».

* من العمل عن بُعد إلى النموذج «الهجين»
دفع الوباء معظم أولئك المحظوظين بما يكفي ليكونوا قادرين على العمل من المنزل إلى تجربة جماعية هائلة استمرت لأشهر - وفي بعض الحالات تبدو دائمة.
ومع تفشي الفيروس واستمرار العديد من الأشخاص في البقاء بالمنازل طوال الصيف، أشارت بعض الشركات إلى نهاية التنقل إلى الأبد. في مايو (أيار)، قالت شركة «تويتر» العملاقة للتواصل الاجتماعي، إنها ستسمح للموظفين بالعمل من المنزل «إلى الأبد».
كما أشاد المدافعون عن البيئة بالتأثير على انبعاثات الكربون الذي حدث نتيجة لبقاء أعداد كبيرة من الركاب في منازلهم. في عام 2020، انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بنسبة 7 في المائة، وهو أكبر انخفاض تم تسجيله، وفقاً لدراسة نُشرت في وقت سابق من هذا الشهر.
لكن العمل من المنزل له عيوبه. تشير البيانات إلى أن النساء تحملن العبء الأكبر من الكثير من الأعمال المنزلية وواجبات رعاية الأطفال أثناء الوباء. كما أفاد عدد مثير للقلق من النساء على مستوى المديرين بأنهن يفكرن في ترك العمل بسبب الوباء، مع اعتبار «الإرهاق» السبب الرئيسي.
وقال ماورو غويلن، أستاذ إدارة الأعمال في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا الأميركية، لشبكة «إيه بي سي نيوز»، «لقد رأى كل من العمال والشركات مزايا هذا النوع من الترتيبات، ولكن أيضاً قيودها... لا أعتقد أننا سنعود إلى حيث كنا قبل الوباء، أعتقد أننا سنخرج بنماذج هجينة، حيث ربما سنذهب إلى المكتب ثلاثة أيام في الأسبوع».
وأوضح غويلن أن العمل عن بُعد يجب أن يكون وسيلة لتحقيق غاية وليس هدفاً في حد ذاته.
وأضاف: «أعتقد أن ما يجب أن نهدف إليه هو العمل الذكي. إذن، كيف يمكننا أن نجعل العمل أكثر إنتاجية وأكثر إبداعاً؟».
ورددت إيريكا فوليني، رئيسة «غلوبال هيومن كابيتال» في شركة «ديلويت»، ما قاله غويلن، حيث أخبرت شبكة «إيه بي سي نيوز» أن بعض أشكال العمل من المنزل يبدو أنها موجودة معنا وستبقى.
وقالت فوليني: «إن طريقة العمل المختلطة، التي تتيح بعض المرونة، وتقبل حقيقة أن العمل عن بُعد والافتراضي يمكن أن يظل فعالاً للغاية، سيكون شيئاً نراه يظل موجوداً عبر الصناعات» مع دخولنا عام 2021.
وأضافت: «لم أسمع منظمة واحدة تقول إنها ستفرض عودة دائمة إلى مكان العمل. لكننا نرى المزيد من التحول نحو نماذج العمل الهجينة باعتبارها القاعدة».
مع استمرار العمل عن بُعد، قالت فوليني إن الاتجاه الآخر الذي ترى أنه يستمر في عام 2021 هو «التركيز على العمل ضمن فريق».
وأشارت فوليني إلى أنه خلال أزمة الوباء بشكل خاص، سقطت العمليات التقليدية، حيث ركز الناس على مجرد محاولة إنجاز العمل «بأكثر الطرق الطبيعية الممكنة». تُرجم هذا إلى أشخاص يعملون في فرق ذات درجات عالية من التعاون وعبر الصوامع التنظيمية والتسلسلات الهرمية التقليدية بشكل أكثر فاعلية، وتتوقع أن يستمر ذلك.

* الأتمتة ومهارات العمل في المستقبل
جلب الوباء تغييراً آخر هو «حوافز جديدة للأتمتة»، وفقاً لغويلن، لا سيما في قطاع الخدمات.
حتى مع طرح اللقاحات في جميع أنحاء العالم في وقت قياسي، حذر مسؤولو الصحة من أنه قد يكون حتى آخر عام 2021 قبل أن يتلقى عدد كاف من السكان اللقاحات، ولا يزال التباعد الاجتماعي قيد التشجيع.
واستشهد غويلن بالفنادق كمثال، قائلاً إن العديد منها يعمل على أتمتة خدمة الغرف من أجل جعل الضيوف يشعرون بمزيد من الأمان. وقال إنه يعتقد أن الشركات ستستمر في الاستثمار في أي شيء يمكن أن يساعد في الأتمتة، أي استخدام الكومبيوتر والأجهزة التكنولوجية، «خصوصاً في التفاعلات بين العميل والموظف».
وحذر تقرير صدر في أكتوبر (تشرين الأول) عن المنتدى الاقتصادي العالمي حول مستقبل الوظائف من أن الأتمتة يمكن أن تحل محل 85 مليون وظيفة في السنوات الخمس المقبلة على مستوى العالم، لكنه قال إن «ثورة الروبوتات» يمكن أن تخلق أيضاً 97 مليون وظيفة جديدة.
وتوقع تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي أنه في عام 2025، سيكون التفكير التحليلي والإبداع والمرونة من أفضل المهارات التي يحتاجها العمال.
وقال غويلن إنه نظراً لأن معظم الوظائف قد تصبح مؤتمتة في المستقبل القريب، فإن الطلب على المتخصصين سينخفض وسيزداد الطلب على مهارات أخرى.
وأشار إلى أن القوى العاملة ستحتاج دائماً إلى جراحين وسباكين ومحامين وأنواع معينة من المتخصصين، ولكن «هذا يمثل 15 في المائة على الأكثر من قوة العمل في المستقبل».
وأضاف: «البقية سيكونون أشخاصاً يمكنهم العمل في فرق تعرف كيفية التفاوض مع الأشخاص، الذين يمتلكون بشكل أساسي مزيجاً من المهارات الاجتماعية والمهارات التقنية. هذه هي أنواع الوظائف التي ستكون وفيرة في المستقبل».


مقالات ذات صلة

الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)
صحتك طفل يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا (أرشيفية - أ.ب)

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى فيروس كورونا تزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بمرض السكري من النوع الثاني مقارنة بعدوى أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«مسرح مصر» لإعادة الوهج إلى شارع عماد الدين بالقاهرة

«مسرح مصر» أحدث دور العرض في شارع عماد الدين وسط القاهرة (البيت الفني للمسرح)
«مسرح مصر» أحدث دور العرض في شارع عماد الدين وسط القاهرة (البيت الفني للمسرح)
TT

«مسرح مصر» لإعادة الوهج إلى شارع عماد الدين بالقاهرة

«مسرح مصر» أحدث دور العرض في شارع عماد الدين وسط القاهرة (البيت الفني للمسرح)
«مسرح مصر» أحدث دور العرض في شارع عماد الدين وسط القاهرة (البيت الفني للمسرح)

يستعد البيت الفني للمسرح في مصر لضم دار عرض جديدة هي «مسرح مصر»، في خطوة من شأنها المساهمة في إعادة الوهج الفني إلى شارع عماد الدين (وسط القاهرة)، وفق مراقبين، وهو الشارع الذي كان مشهوراً في الماضي بكثير من الأنشطة الفنية ودور العرض السينمائية والمسارح أو «التياترو».

وتفقَّد رئيس البيت الفني للمسرح، المخرج هشام عطوة، الثلاثاء، مسرح مصر الذي يعدّ أحدث دور العرض، ومن المقرر افتتاحها فور الانتهاء من كامل أعمال المشروع، بغرض متابعة المشروع للعمل علي سرعة تشغيله.

ووجه رئيس البيت الفني للمسرح بسرعة الانتهاء من المشروع كاملاً، للتمكن من افتتاحه واستقبال العروض المسرحية الجديدة، وفقاً لخطة عمل ذات طبيعة خاصة تتناسب والمسرح المجهَّز بأحدث التقنيات الفنية، لافتاً إلي تميز موقعه الجغرافي»، وفق بيان للبيت الفني للمسرح.

وأكد عطوة الذي تولى رئاسة البيت الفني للمسرح قبل أيام، أهمية العمل في المستقبل علي دخول مزيد من دور العرض المسرحي الجديدة للخدمة، تنفيذاً لسياسات وزارة الثقافة الهادفة إلي انتشار الخدمة الثقافية.

شارع عماد الدين قديماً (صفحة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري)

ويرى أستاذ النقد والدراما بأكاديمية الفنون المصرية، الرئيس الأسبق للمركز القومي للمسرح، الدكتور أسامة أبو طالب، أن «العمل على افتتاح مسرح مصر بشارع عماد الدين أمر في غاية الأهمية للحركة المسرحية المصرية والعربية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أتمنى كل التوفيق للفنان هشام عطوة بعد توليه رئاسة البيت الفني للمسرح، وأثق بأنه سيبذل قصارى جهده لتحريك المياه الراكدة، لأن الحالة الحالية للمسرح المصري ليست حالة نهضة وإنما أشبه بالشعلات والومضات المسرحية التي تتوهج وما تلبث أن تنطفئ».

وتضم مصر 41 مسرحاً، وفق تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تضمن وصول متوسط عدد المشاهدين إلى 512 ألف مشاهد، كما بلغ متوسط الإيرادات الإجمالية للمسارح العامة 44 مليون جنيه خلال عام 2022.

وأشار التقرير إلى وصول عدد الفرق المسرحية في مصر إلى 75 فرقة، وبلغ عدد العروض التي قدمتها الفرق 2442 عرضاً، وبلغ عدد مشاهدي الفرق المسرحية 375 ألف مشاهد في العام المشار إليه.

ولفت أستاذ النقد والدراما إلى أن «الثقافة المسرحية التي يغلب عليها طابع المهرجانات تظل موسمية وليست مستدامة»، ودعا إلى إعادة فتح قنوات بين الجمهور والمسرح، موضحاً أن «مسرح مصر هو إضافة، وبالتأكيد هو معدٌّ إعداداً جيداً، ولكن تجب دراسة برنامجه، ومعرفة ما الذي سوف يُقدم في إطار حركة مسرحية شاملة، قوامها جودة ما يقدَّم واختلافه عن المسارح الأخرى، مسارح التسلية».

وشدد على أنه «يجب تقديم مسرح جاد ناهض ممتع وجاذب لكل فئات المجتمع، وانتقاء ما يقدَّم، والاهتمام بالشباب الذين برزوا في أعمال كثيرة».

شارع عماد الدين في وسط القاهرة المعروف قديماً بشارع الفن (إكس)

ويعدّ شارع عماد الدين من الشوارع الرئيسية في وسط القاهرة، وشهد فترة ازدهار فني كبيرة، وكان يُعرف بشارع الفن في بدايات القرن العشرين، وبه كثير من البنايات العتيقة ذات الطراز المعماري المميز، وكان يضم أكثر من 15 مسرحاً و11 دار عرض سينمائية، ومن أشهر مسارحه القديمة «الماجستك» و«نجيب الريحاني»، ومن أشهر دور العرض السينمائي به «كوزموس» و«بيجال»، وأطلق البعض عليه «برودواي مصر»، وعدَّه بعض المؤرخين خصوصاً في المجال الفني يقابل حي «ويست إند» في لندن أو «بوليفار» في باريس، في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، حتى إن الشوارع المتفرعة منه تحمل أسماء فنانين مثل: علي الكسار، ونجيب الريحاني، وزكريا أحمد.

وأكد أبو طالب أن «شارع عماد الدين بداخله كنز اسمه تاريخ السينما والمسرح المصري، فكان بحق شارع الفن، وأتمنى أن يعود إلى سابق دوره، فقد كان هذا الشارع علامة في وسط البلد بدءاً من المقهى الكبير حتى (مقهى بعرة) الذي كان يجتمع عليه السينمائيون، وأتمنى أن يستعيد هذا الشارع رونقه، وتتوهج أضواء المسرح في القاهرة، كما كانت متوهجة خلال سنين طويلة مضت».