المحكمة العليا توافق على فتح «ملف الغواصات»

بعد تبرئة نتنياهو وإلغاء الاتهامات ضده من قبل مستشاره

مجسم لغواصة حمله متظاهرون إسرائيليون ضد نتنياهو تلميحاً لصفقة الغواصات (إ.ب)
مجسم لغواصة حمله متظاهرون إسرائيليون ضد نتنياهو تلميحاً لصفقة الغواصات (إ.ب)
TT

المحكمة العليا توافق على فتح «ملف الغواصات»

مجسم لغواصة حمله متظاهرون إسرائيليون ضد نتنياهو تلميحاً لصفقة الغواصات (إ.ب)
مجسم لغواصة حمله متظاهرون إسرائيليون ضد نتنياهو تلميحاً لصفقة الغواصات (إ.ب)

بعد سلسلة مداولات تمهيدية استمرت شهوراً عدة، أعلنت محكمة العدل العليا في القدس الغربية، قبول طلب «الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل» الاستماع إلى الالتماسات التي تدعو إلى تحقيق جنائي في تورط رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فيما تعرف بـ«قضية الغواصات» أو «الملف 3000».
وجاء هذا القرار ليفتح الباب مجدداً أمام الشبهات بوجود دور لنتنياهو في قضية الغواصات، وذلك على عكس موقف المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، الذي برأ ساحة نتنياهو وألغى الاتهامات بحقه.
وكانت جهات عدة توجهت إلى المحكمة طالبة تدخلها لفتح الملف من جديد ورفض موقف المستشار. وطلبت «الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل»، من المحكمة، إلزام المستشار مندلبليت بإصدار أمر بإجراء تحقيق جنائي في تورط نتنياهو المحتمل في القضية، وزعمت أن «هناك مخطط رشى ضخماً في عملية شراء الجيش الإسرائيلي سفناً حربية وغواصات من شركة بناء السفن الألمانية (تيسنكروب) بقيمة مليارات اليوروات، مقابل عمولة دسمة»، فيما طلبت مجموعة المراقبة «درع الديمقراطية في إسرائيل» التحقيق مع نتنياهو بشأن بيع الأسهم التي يملكها في شركة خاصة؛ حيث إن هذه الشركة كانت مفلسة ولا تمتلك أي عقارات ومع ذلك باعها نتنياهو إلى ابن خالته ومحاميه، ديفيد شومرون، بمبلغ 16 مليون شيقل (نحو 4.3 مليون دولار). وحسبما ورد في الدعوى، في سنة 2007، اشترى نتنياهو أسهمه في الشركة الأميركية «SeaDrift Coke» ومقرها تكساس، مقابل 400 ألف دولار، وبعد 3 سنوات فقط، ورغم أنها كانت شركة مفلسة، باع نتنياهو أسهمها بقيمة 4.3 مليون دولار لابن خالته. وهذه الشركة ظهرت في حينها على أنها صاحبة علاقة عمل مع شركة «تيسنكروب»، مما يعني أن هناك علاقة له بصفقات الغواصات. وعدّت «الحركة» هذه الصفقة مشبوهة وتؤكد وجود تضارب مصالح بين نتنياهو ومنصبه رئيساً للحكومة.
وقررت المحكمة، أمس، أن هناك مجالاً لفحص الادعاءات، ولذلك وافقت على إجراء مداولات. ورفضت بذلك موقف النيابة العامة التي أبلغت المحكمة بأنها لا ترى مبرراً لفتح تحقيق جنائي مع نتنياهو بشأن هذه المسألة.
يذكر أن الشبهات حول نتنياهو بدأت عندما اكتشف وزير الدفاع الأسبق، موشيه يعلون، أن إسرائيل طلبت شراء 4 غواصات وسفن حربية عدة من تلك الشركة الألمانية من دون علم الجيش وموافقته، وبتجاهل تام له بصفته وزير أمن. وأكد يعلون أنه يرى ذلك «ليس خطأً؛ بل خطيئة»، وقال إن هناك شيئاً غير نظيف في هذه الصفقة، ثم عدّها «أكبر وأخطر قضية فساد في تاريخ إسرائيل».
وبفضل الضغوط الصحافية والجماهيرية، قرر وزير الأمن الحالي، بيني غانتس، تشكيل لجنة تحقق في هذه الفضيحة، برئاسة القاضي المتقاعد أمنون ستراشنوف، لكن القاضي استقال هو وأعضاء اللجنة عندما تبين أن إسرائيل متجهة نحو انتخابات جديدة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».