تسرب نفطي آخر يهدد البيئة والمجتمعات السكانية في اليمن

صورة لتسرب نفطي في أحد الأنابيب محل الدراسة بمحافظة شبوة النفطية
صورة لتسرب نفطي في أحد الأنابيب محل الدراسة بمحافظة شبوة النفطية
TT

تسرب نفطي آخر يهدد البيئة والمجتمعات السكانية في اليمن

صورة لتسرب نفطي في أحد الأنابيب محل الدراسة بمحافظة شبوة النفطية
صورة لتسرب نفطي في أحد الأنابيب محل الدراسة بمحافظة شبوة النفطية

حذرت دراسة يمنية حديثة من خطر تلوث بيئي في محافظة شبوة النفطية (جنوب) نتيجة تسرب النفط، جراء تهالك أنبوب لتصدير النفط، إلى جانب الاعتداءات المستمرة على خطوط الإنتاج، وما يمكن أن يتسبب فيه ذلك من آثار مدمرة على البيئة والمجتمعات السكانية الواقعة على امتداد أنابيب النفط.
وطالبت الدراسة التي أعدها باحثون يمنيون في مجال النفط والمعادن عبر شركة «أولتارا» الاستشارية، ومقرها بوخارست برومانيا، بأن تأخذ الجهات الحكومية والسلطات المحلية الدراسة على محمل الجد، وتلزم الشركات العاملة بمعالجة هذه التسربات بنظام علمي دقيق.
كما دعت الدراسة التي قام بها الدكتور عبد الغني جغمان الخبير الجيولوجي، والدكتور عبد المنعم حبتور الأكاديمي في كلية النفط والمعادن بشبوة، إلى سرعة تلافي الآثار السلبية على المجتمع، وعلى الزراعة، ومنع التسبب في اختلال بيئي من الصعب السيطرة عليه ولا يمكن تلافيه مستقبلاً.
ويواجه اليمن خطر تسرب نفطي آخر، حيث يحتجز الحوثيون منذ عام 2015 قبالة ميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة، الناقلة «صافر» التي تحتوي على 1.1 مليون برميل من النفط الخام دون صيانة، وهو ما يهدد بحدوث أكبر كارثة بيئية في البحر الأحمر حال تسربت هذه الكميات إلى البحر.
وطالبت الدراسة التي كانت بعنوان «التلوث البيئي النفطي وآثاره المدمرة على البيئة في اليمن» بإيقاف ضخ النفط في أنبوب النفط المتهالك في قطاع رقم 4 الممتد من منطقة عياد إلى ميناء النشيمة على البحر العربي، نظراً للتلوث البيئي الكبير والمتكرر.
وحسب الدكتور عبد المنعم حبتور، المشارك في الدراسة، فإن هنالك صمتاً وعدم توضيح لما يحدث في مديريات محافظة شبوة الواقعة على امتداد خط أنبوب (قطاع 4 غرب عياد – ميناء النشيمة) وما تعانيه البيئة المحلية في مناطق استكشاف وإنتاج النفط في اليمن من تسربات نفطية جراء تهالك الأنبوب، أو الاعتداءات المستمرة ومحاولات السرقة من الأنبوب بشكل متكرر.
وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «قمنا بدراسة تفصيلية عن آثار التلوث النفطي الناتج عن التسربات النفطية بسبب عمليات إنتاج النفط في اليمن، على وجه الخصوص في الأنبوب الذي تم إنشاؤه في عام 1987. وتم النزول إلى مناطق متعددة، وأخذ عينات من البقع النفطية المتسربة على امتداد خط أنبوب النفط».
وأكد الدكتور عبد المنعم وجود تلوث شديد وبكميات كبيرة وبصفة متكررة، وقال «كل القياسات الخاصة تدل على آثار تلوث كبيرة تتمثل في زيادة المحتوى النفطي والملوحة والأملاح في التربة والمياه المخصصة للشرب سطحية أو تحت سطحية، مما تسبب في أضرار بالغة بالبيئة المحيطة به من نباتية وحيوانية وتأثير مجتمعي سلبي للغاية».
وخلصت الدراسة إلى عدة توصيات، من أهمها وقف ضخ النفط عبر الأنبوب، والقيام بصيانة كاملة، وضمان عدم حدوث أي تسرب مستقبلاً، والتعاقد مع شركات متخصصة لإزالة المخلفات من المناطق المتضررة، وبطريقة علمية، ومعالجتها بالطرق الحيوية والبيولوجية.
كما أوصت الدراسة بإدراج تشريعات خاصة للرقابة البيئية القانونية في عقود واتفاقيات الإنتاج مع الشركات، وفرض شروط ورقابة صارمة لتفعيل الرقابة البيئة والسلامة الصحية والبيئية، والحد من التلوث بكافة أنواعه في مناطق الامتياز.
ودعت الدراسة إلى «إلزام الشركات المستخدمة والمالكة للأنبوب بتطبيق كافة المعايير الفنية الدولية، وضرورة تنفيذ برنامج عاجل لمعالجة المشاكل البيئية للمجتمعات المتضررة، وتكييف التشريعات الوطنية، وإلزام الشركات بدراسة الأثر البيئي والاجتماعي لكافة أنشطتها في مناطق الامتياز، ومراجعتها بشكل دوري واعتمادها من الجهات المختصة».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.