الأفلام العربية تحقق فوزاً مستحقاً في ختام «القاهرة السينمائي»

«حد الطار» السعودي يقتنص جائزتين

TT

الأفلام العربية تحقق فوزاً مستحقاً في ختام «القاهرة السينمائي»

أكد سينمائيون مصريون وعرب أن الجوائز التي حصدتها الأفلام العربية بحفل ختام الدورة الـ42 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، كانت مستحقة، لجودة أفكارها وطريقة معالجتها، وكانت من أبرز هذه الأفلام الفيلم السعودي «حد الطار» للمخرج عبد العزيز الشلاحي، الذي اقتنص جائزتين مهمتين بالمهرجان.
وشهدت دورة هذا العام نجاحاً لافتاً وسط حضور جماهيري كبير، وإجراءات احترازية مشددة مع تصاعد نسبي لإصابات وباء «كورونا» في مصر، حيث ألغى رئيس المهرجان إقامة الحفلات المعتادة للضيوف تجنباً للزحام الذي تشهده.
ووفق نقاد، فإن إدارة المهرجان نجحت في تقديم أفلام مميزة للجمهور في مختلف المسابقات، حيث تم عرض 83 فيلماً من 48 دولة، من بينها 20 فيلماً في عرضها العالمي الأول، و7 أفلام في عروضها الدولية الأولى، و52 فيلماً في عرضها الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونجح ملتقى القاهرة في تقديم دعم للأفلام العربية بلغ قيمته 250 ألف دولار لأفلام قيد التطوير وما بعد الإنتاج.
وشهدت «السجادة الحمراء» حضوراً مكثفاً للنجوم طوال أيام المهرجان، في استعراض لافت للأزياء، وظهرت النجمات بإطلالات تباينت بين الجرأة والنعومة، واحتلت الممثلة رانيا يوسف كعادتها «ترند» أكثر الإطلالات جرأة، بينما ظهرت إلهام شاهين بإطلالة ناعمة ليلة عرض فيلمها «حظر تجول»، وظهرت كل من ليلى علوي ويسرا بإطلالات مميزة.
وأقيم حفل الختام بمسرح مفتوح بدار الأوبرا المصرية بحضور وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم، التي قامت بتسليم جائزة «الهرم الذهبي» لأفضل فيلم (أكبر جوائز المهرجان)، وتوج بها الفيلم البريطاني «ليمبو» أو «التيه» للمخرج بن شاروك، وبطولة الممثل أمير المصري، كما فاز الفيلم بجائزة الاتحاد الدولي للنقاد «فيبرسي»، وحصل أيضاً على جائزة هنري بركات لأفضل إسهام فني.
فيما تسببت جائحة «كورونا» في غياب عدد كبير من صناع الأفلام الفائزة بجوائز بالمهرجان، فقاموا بتسجيل مقاطع مصورة، تم عرضها أثناء توزيع الجوائز، من بينهم مخرج فيلم «ليمبو» الذي تمنى أن يكون فيلمه قد رصد رحلة مهمة يدفع البشر ثمنها من أجل الهجرة، وأبدى الممثل جوليان فرجوف المتوج بجائزة أفضل ممثل في المسابقة الدولية عن فيلم «دروس اللغة الألمانية» سعادته الكبيرة بالجائزة، بينما فاز بجائزة «الهرم الفضي» لأفضل فيلم (لجنة التحكيم الخاصة) فيلم «مؤتمر»، وهو إنتاج كل من روسيا وإستونيا والمملكة المتحدة وإيطاليا.
ومنحت لجنة تحكيم المسابقة الدولية تنويهاً خاصاً للفيلم الفلسطيني «غزة مونامور» للأخوين عرب وناصر طرزان، واعتبر رئيس لجنة التحكيم أن هذا الفيلم يعد بداية لانطلاقة كبيرة للسينما الفلسطينية.
وأكدت الفنانة إلهام شاهين، عقب إعلان فوزها بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم «حظر تجول» للمخرج أمير رمسيس، التي تقاسمتها مع الروسية ناتاليا بافلينكوفا بطلة فيلم «مؤتمر»، أن هذه الجائزة التي توجت بها تمثل دفعة معنوية كبيرة لها للأمام، وأن الفيلم أعاد لها الثقة في إمكانية تقديم أفلام مهمة.
وحقق الفيلم الوثائقي «عاش يا كابتن» لمخرجته مي زايد في أولى تجاربها نجاحاً مبهراً، حيث توج بجائزة «الهرم البرونزي» لأفضل فيلم بالمسابقة الدولية، كما فاز بجائزة «إيزيس» لأفضل فيلم مصري يطرح قضايا المرأة، وقدرها عشرة آلاف دولار، وحصل أيضاً على جائزة يوسف شريف رزق الله (الجمهور) وقدرها 15 ألف دولار، وصعدت المخرجة لتسلم الجوائز بصحبة عشر فتيات من أبطال فيلمها الذي شاركت في إنتاجه مصر وألمانيا والدنمارك، وأعلنت زايد التبرع بجائزتها المالية لصالح تطوير مركز تدريب الفتيات بالإسكندرية التي تنتمي إليها.
وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «الفيلم كان بمثابة حلم كبير لديّ، وأبطال الفيلم كانوا ملهمين لي بدرجة كبيرة، وأنا سعيدة ليس للجوائز فقط، بل لأنني نجحت في تسليط الضوء عليهن، وعلى إصرارهن لأنهن يستحققن كل تشجيع».
وفي مسابقة «آفاق السينما العربية»، فاز الفيلم السعودي «حد الطار» للمخرج عبد العزيز الشلاحي بجائزتين، هما «جائزة صلاح أبو سيف» (لجنة التحكيم الخاصة)، وجائزة أفضل أداء تمثيلي للفنان فيصل الدوخلي، ويطرح الفيلم قصة حب بين ابن سياف وابنة مغنية أفراح شعبية في مفارقة مبنية على بيع الفرح، وشراء الموت، كما حصل الفيلم السعودي القصير «من يحرقن الليل» للمخرجة سارة مسفر على تنويه خاص من لجنة تحكيم مسابقة «أفلام الغد».
وحصدت السينما اللبنانية ثلاث جوائز مهمة، فقد فاز فيلم «تحت السماوات والأرض» للمخرج روي عريضة بجائزة «سعد الدين وهبة لأفضل فيلم عربي»، كما فاز الفيلم الوثائقي «نحن من هناك» للمخرج وسام طانيوس بجائزة أفضل فيلم غير روائي، كما فاز أيضاً بجائزة أفضل فيلم عربي مناصفة مع الفيلم الفلسطيني «غزة مونامور».
وعما حققته السينما اللبنانية من جوائز، برغم كل الظروف، قال إلياس خلاط رئيس مهرجان «أيام بيروت» لـ«الشرق الأوسط»، «الأفلام التي مثلت لبنان هي أعمال رفعت رأسنا، سواء كانت خارج المسابقة، أو بمسابقة آفاق السينما العربية، فقد أعطونا شيئاً جديداً، فقدم وسام عالم الهجرة غير الشرعية، وأضاف كثيراً للفيلم، ووحد الوجع بين السوري واللبناني، وجاء روي مميزاً في تجربته، ما يجعلنا نفتح صفحة جديدة للسينما اللبنانية تشبه في رأيي مرحلة المخرج الكبير مارون بغدادي».
ويؤكد خلاط أن فوز الأفلام العربية بكل هذه الجوائز كان مستحقاً، مشيراً إلى أن الدورة الـ42 لمهرجان القاهرة السينمائي تفوقت على كافة الدورات السابقة بسبب الاختيارات المميزة والواعية للأفلام.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».