العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب متوقعة بدءاً من فبراير

ترقب سعي ترمب إلى ترتيب اتصال ثلاثي يجمعه بمحمد السادس ونتنياهو... والمغرب يتحدث عن «إعادة الاتصال» بإسرائيل وليس التطبيع

اتفاق مغربي - إسرائيلي على إقامة علاقات دبلوماسية (أ.ف.ب)
اتفاق مغربي - إسرائيلي على إقامة علاقات دبلوماسية (أ.ف.ب)
TT

العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب متوقعة بدءاً من فبراير

اتفاق مغربي - إسرائيلي على إقامة علاقات دبلوماسية (أ.ف.ب)
اتفاق مغربي - إسرائيلي على إقامة علاقات دبلوماسية (أ.ف.ب)

هيمن الإعلان عن إقامة علاقات بين المغرب وإسرائيل، برعاية أميركية، على المواقف السياسية في كل من المملكة المغربية والدولة العبرية، وسط توقعات بأن يسعى الرئيس دونالد ترمب إلى ترتيب اتصال ثلاثي يجمعه بالعاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لرسم معالم الخطوات المقبلة في خصوص إقامة العلاقات الدبلوماسية المتوقعة بدءاً من فبراير (شباط) أو مارس (آذار) المقبلين. وفيما لفتت الرباط إلى أن «إعادة الاتصال» مع تل أبيب ليست تطبيعاً كون العلاقات كانت موجودة أصلاً حتى العام 2002، برز ترحيب واسع في المغرب بالإعلان الأميركي عن الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، وهو موقف ترافق مع الإعلان عن إقامة علاقات بين إسرائيل والمغرب.
وقال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، أمس، إن التطور الأخير في العلاقات بين الرباط وتل أبيب «ليس تطبيعاً»، مشيراً إلى أن «المغرب كان لديه مكتب اتصال حتى عام 2002، وأن بعض القرارات التي تطلبت إعادة الاتصال مع إسرائيل لا تعد تطبيعاً». ونفى بوريطة، في تصريحات لوكالة «سبوتنيك» الروسية، أن يكون الاعتراف الأميركي بالسيادة المغربية على الصحراء جاء مقابل إعادة العلاقات مع إسرائيل، خاصةً أن هناك علاقة بين المغرب وإسرائيل منذ عقد التسعينات، بحسب ما نقل عنه.
وقال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية)، للقناة التلفزيونية الأولى المغربية، إن الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على كامل صحرائه يعد «إنجازاً كبيراً»، معتبراً أن هذه الخطوة «ستؤثر على مسار قضية الصحراء المغربية في السنوات المقبلة إذا لم نقل في الشهور المقبلة». واعتبر أن عزم الولايات المتحدة فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة، ثاني كبريات مدن الصحراء، هو اعتراف «عملي وواقعي».
ولم يشر العثماني إلى قرار المغرب إقامة علاقة دبلوماسية مع إسرائيل. ولاحظ مراقبون أن حزب «العدالة والتنمية» التزم حتى مساء أمس الصمت، واكتفى موقعه الرسمي على الإنترنت بنشر بياني الديوان الملكي الصادرين مساء الخميس. في سياق ذلك، كتب مستشار الحزب نزار خيرون على «تويتر» قائلاً «الصحراء_مغربية ومغربيتها ثابتة تاريخياً وواقعاً، وإسرائيل كيان محتل ومغتصب للحق الفلسطيني تاريخياً وواقعاً». لكنه لم يعبر عن أي انتقاد مباشر لبيان الديوان الملكي بشأن العلاقة مع إسرائيل.
لكن بعض «صقور الحزب» انتقدوا في تدوينات على «فيسبوك» خطوة «التطبيع»، ومنهم النائب المقرئ الإدريسي أبو زيد، الذي وصف ما وقع بأنه «الخراب القادم»، متسائلاً «كيف إذا أصبح لمليون مغربي إسرائيلي حق التصويت بمسمى أنهم من مغاربة العالم؟».
بدورها، كتبت النائبة أمينة ماء العينين، المنتمية إلى «العدالة والتنمية»، تدوينة على «فيسبوك»، انتقدت فيها محاولة «خلق تقابل بين قضية الصحراء المغربية والقضية الفلسطينية»، معتبرة أن ذلك «يضر بالقضية الوطنية التي لا يمكن كسبها من دون تكريس مبدئيتها باعتبارها قضية عادلة». وأوضحت أن المغاربة «لن يتخلوا عن الشعب الفلسطيني ومطالبه العادلة والمشروعة»، وأن التطبيع لن ينجح «في بنية ظلت تقاومه لعقود بإصرار».
من جهته، أشاد بيان للمكتب السياسي لحزب «الأصالة والمعاصرة» المعارض بموقف الرئيس ترمب باعتراف واشنطن «للمرة الأولى في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة مناطق الصحراء المغربية»، وهو موقف «تاريخي حاسم وغير مسبوق في تطورات قضية وحدتنا الترابية». وثمن الحزب إعلان العاهل المغربي «الواضح والصريح»، بكون المغرب «يضع دائماً القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبداً، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة». وأعلن الحزب تأييده للرعاية التي يخص بها العاهل المغربي «بصفته أميراً للمؤمنين، اليهود المغاربة في إسرائيل أو في مختلف بقاع العالم بصفتهم رعايا مغاربة»، كما أعلن تأييده قرار «تسهيل الرحلات الجوية» المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي من المغرب وإليه، وكل القرارات التي تهم علاقات المغرب مع الخارج «بما فيها إسرائيل».
أما المكتب السياسي لحزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» (مشارك في الحكومة)، فقد ثمن «عالياً» قرار الولايات المتحدة «بالاعتراف الواضح والصريح بالسيادة الوطنية على أقاليمنا الصحراوية الغالية وفتح قنصلية في ربوعها»، معتبرا أن ذلك يعد «تحولاً تاريخياً غير مسبوق». وقال «هذا الاعتراف سيكون له ما بعده». وبالمقابل، سجل «الاتحاد الاشتراكي» بـ«اعتزاز وإكبار» تشديد الملك محمد السادس على «السلام واستكمال الحرية، في القضايا العادلة في العالم العربي والإسلامي، وعلى رأسها قضية فلسطين وعاصمتها القدس».
في السياق ذاته، اعتبر نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، أن القرار الأميركي لصالح مغربية الصحراء يعد «تحولاً تاريخياً لقضية الوحدة الترابية»، متوجهاً بتحية تقدير للعاهل المغربي على هذا «الإنجاز العظيم بالنسبة لوطننا وشعبنا»، وتأكيده على التشبث بـ«ثوابت بلادنا لمناصرة قضية فلسطين العادلة».
من جهتها، ثمنت منظمة الشبيبة الاستقلالية (منظمة شبابية تابعة لحزب الاستقلال المعارض) في بيان لها صدر مساء أول من أمس، الخطوة التي اتخذتها الإدارة الأميركية، وأشادت بمضمون المكالمة الهاتفية التي أجراها العاهل المغربي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأكدت «موقف المملكة المغربية الثابت ملكا وشعبا الداعم للقضية الفلسطينية، عبر حل الدولتين».
من جهته، أعلن عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، حمدي ولد الرشيد، نائب مدينة العيون في البرلمان، عن تنظيم تجمع خطابي في ساحة بالعيون، «دعماً للقرار الملكي وتثميناً لقرار الإدارة الأميركية». وينتظر أن تصدر قيادة حزب الاستقلال لاحقاً بياناً حول الموضوع.
بدورها، أصدرت «مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين» وهي هيئة تدعم فلسطين تضم شخصيات حزبية وجمعوية يسارية وإسلامية بياناً أمس بعنوان «فلسطين أمانة... ولا للتطبيع باسم الصحراء المغربية»، معبرة عن رفضها «مطلقاً لكل أشكال التطبيع الصهيوني كيفما كان مستواها وكيفما كانت طبيعتها وأيا كانت مبرراتها».
في سياق ذلك، قال وزير الخارجية المغربي إن «من ينتقدون هذا الاتفاق يعارضون سيادة المغرب على الصحراء».
ورغم معارضة أحزاب إسلامية وأخرى مناصرة للقومية العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل فإن آخرين يدعمون ذلك ومنهم ناشطون يؤيدون حقوق الأمازيغ. وقال الناشط الأمازيغي منير كجي إن «إعادة العلاقات مع إسرائيل نبأ طيب يخدم مصالح المغرب العليا».
في غضون ذلك، رحبت باريس الجمعة «باستئناف العلاقات الدبلوماسية» بين إسرائيل والمغرب، معتبرة أن نزاع الصحراء «طال أمده» ولا بد من إيجاد حل «عادل ودائم» له. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية إن «النزاع في الصحراء الغربية طال أمده ويمثل مخاطر دائمة باندلاع توتر»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
أما جبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر فقد وعدت بمواصلة القتال في الصحراء. وقال وزير خارجيتها، محمد سالم ولد السالك لوكالة الصحافة الفرنسية، الجمعة إن القتال سيستمر حتى الانسحاب الكامل للقوات المغربية. وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها جبهة البوليساريو عن مواصلتها القتال. وتعلن الجبهة يومياً عن تبادل لإطلاق النار على طول الجدار الرملي الأمني المغربي في الصحراء، وذلك منذ تدخل المغرب في معبر الكركرات الواقع عند الحدود المغربية - الموريتانية، وهو ما اعتبرته الجبهة خرقا لإطلاق النار بعد أن ظل سارياً منذ عام 1991.
ولم يعلن المغرب ولا بعثة الأمم المتحدة في الصحراء «مينورسو» عن أي عمليات لتبادل إطلاق النار، بينما أكد مسؤولون محليون في الصحراء المغربية «أن الوضع آمن، والطمأنينة تسود المنطقة، وأن المعارك تدور رحاها في مواقع التواصل الاجتماعي أكثر مما تدور على أرض الواقع».
وعد ولد السالك القرار الأميركي بأنه «باطل»، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي «لا يعترف ولن يعترف بأي سيادة مغربية على الصحراء الغربية».
ودانت روسيا أمس قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، معتبرة أنه يتعارض مع القانون الدولي. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف قوله «هذا انتهاك للقانون الدولي».
وفي المنامة، رحب ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة مساء الخميس باعتراف الولايات المتحدة بسيادة المملكة المغربية على «منطقة الصحراء المغربية» وافتتاح قنصلية أميركية في مدينة الداخلة باعتباره خطوة تاريخية مهمة تعزز من السيادة الترابية والحقوق المغربية في «الصحراء المغربية». وأشاد ملك البحرين، بحسب ما أوردته وكالة أنباء البحرين (بنا)، بما أعلنه الملك محمد السادس من إقامة الاتصالات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل الأمر الذي من شأنه تعزيز فرص تحقيق السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة. ونوه ملك البحرين بالجهود الطيبة التي بذلها الرئيس ترمب لتسهيل التوصل إلى هذا الاتفاق.
وفي مسقط، قالت وزارة الخارجية العمانية الجمعة إن السلطنة ترحب بإعلان المغرب إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، وتأمل في أن تعزز هذه الخطوة المساعي نحو إقرار سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط. وذكرت وزارة الخارجية العمانية في بيان «ترحب سلطنة عمان بما أعلنه الملك محمد السادس في اتصالاته الهاتفية بكل من الرئيس ترمب والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتأمل أن يعزز ذلك من مساعي وجهود تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط».
وفي طهران، وصف مسؤول إيراني كبير قيام المغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بأنه «خيانة». وقال حسين أمير عبد اللهيان، وهو مستشار لرئيس البرلمان الإيراني، الجمعة إن تطبيع المغرب للعلاقات مع إسرائيل «خيانة وطعنة في ظهر فلسطين».
في غضون ذلك، قالت ثلاثة مصادر أميركية مطلعة إن الولايات المتحدة تتفاوض على بيع طائرات مسيرة كبيرة ومتطورة من طراز إم. كيو - 9 بي، وعددها أربعة على الأقل، إلى المغرب، وإن التشاور مع الكونغرس بشأن الصفقة المحتملة يتوقع أن يجري خلال الأيام المقبلة، بحسب وكالة «رويترز».
وفي تل أبيب، أكدت مصادر سياسية أن محادثات ستبدأ في القريب العاجل بين إسرائيل والمملكة المغربية في سبيل توقيع اتفاق رسمي لتطبيع العلاقات. وأعربت عن التقدير بأن إتمام المحادثات الأولية سيتم خلال شهر واحد، وأن العلاقات ستبدأ في فبراير (شباط) أو مارس (آذار) وكذلك خط رحلات مباشرة بين الرباط وتل أبيب. وأعلنت شركة الطيران الإسرائيلية «العال» أنها تستعد من الآن لتسيير رحلات مباشرة إلى المغرب في أسرع وقت. وأعرب مسؤول فيها عن تقديره بأنه مع فتح خط الطيران المباشر سيتم تسيير 30 رحلة في الأسبوع على الأقل بين البلدين، وأن بعض هذه الرحلات ستكون على خط مراكش – تل أبيب وأخرى على خط الرباط - تل أبيب، وأن وقت الرحلة سيستغرق 5 ساعات.
وكانت إسرائيل، حكومة ومعارضة وحتى على الصعيد الشعبي، قد رحبت بإعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن إطلاق العلاقات المغربية - الإسرائيلية. وتوقعت مصادر في تل أبيب أن تنظم الإدارة الأميركية مكالمة هاتفية ثلاثية بين الرئيس ترمب والملك محمد السادس ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يتم خلالها وضع جدول زمني للقاء المسؤولين من الطرفين تمهيداً لصياغة الاتفاقيات الرسمية حول العلاقات وكذلك حول التعاون المشترك، في مختلف المجالات، من الأمن والتكنولوجيا وحتى الزراعة والعلوم والثقافة.
وحاول وزير الأمن الإسرائيلي من حزب «كحول لفان»، بيني غانتس، ورفيقه في الحزب وزير الخارجية، غابي أشكنازي، أن يكظما غيظهما من قيام رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، باستبعادهما تماماً عن أسرار التطورات في العلاقة مع المغرب. وأكدا أنهما تلقيا المعلومات عن هذا التطور فقط قبل يومين، عندما اتصل بهما مندوب عن البيت الأبيض في واشنطن. ومع ذلك فقد أشادا بالاتفاق. وقال مسؤول في وزارة الأمن إن «هذا الاتفاق يعكس نسيج المصالح السياسية في الشرق الأوسط، ويؤكد على الوزن الجيوسياسي وتأثير الحلف الإقليمي على العلاقات» بين إسرائيل والعديد من الدول العربية. وأضاف المسؤول: «هذا الاتفاق يعد إنجازاً لملك المغرب بما لا يقل عن كونه إنجازاً لإسرائيل. وهذه هي ميزة اتفاقيات السلام. أن يشعر الطرفان بالرضا والربح».
وأعربت مصادر سياسية في تل أبيب عن تقديرها بأن تستمر وتتسع عملية السلام بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية. وتوقع أن تكون الدول القادمة، إندونيسيا وبروناي وسلطنة عمان.



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً