عرض أزياء شانيل... قصر فخم وضيفة واحدة

بلاغته تلخص حالة عام 2020

TT

عرض أزياء شانيل... قصر فخم وضيفة واحدة

في غضون أسابيع قليلة ستُكتب نهاية 2020، إلا أن تأثيرات هذا العام لن تنتهي وستبقى معنا طويلاً. فهو حسب كل صناع الموضة وقراراتها، عام التغيير بلا منازع. وهو ما أكده كل من مؤتمر «بي أو إف فويسز» الذي ينظمه سنوياً عمران أحمد، وحفل توزيع جوائز مجلس الموضة البريطاني، اللذين جرت فعالياتهما بكثافة هذا الأسبوع. فالعام فرض سلوكيات جديدة ورسم نظرة مختلفة تماماً إلى الكثير من الأمور اليومية، بدءاً من كيفية التعامل مع الرفاهية إلى طرق تنظيم عروض الأزياء وعددها وما شابه من أمور. فقط مَن تقبّل فكرة التغيير وتبنّاها سيجتاز بأمان الأمواج العاتية التي سببتها جائحة «كورونا»، حسب آراء صناع القرارات. وهؤلاء بالنسبة إلى مجلس الموضة البريطاني استحقوا 20 جائزة مساء يوم الخميس الماضي. مصممون شباب وبيوت أزياء كبيرة كلهم كان لهم حظ في هذه الجوائز، مثل مايكل هالبرن، وجوناثان أندرسون، وستيلا ماكرتني، ودار «شانيل» الفرنسية، لما تقدمه من دعم وتقوم به من عمليات إنقاذ لورش حرفية صغيرة لولاها لما كانت هناك «هوت كوتور» ولا أزياء فنية بالأساس.
اللافت أنه بعد نصف ساعة فقط من انتهاء حفل توزيع الجوائز البريطاني الذي احتفل بالتغيير وعام من العطاءات الإنسانية، كان لمتابعي الموضة موعد مع عرض خط «ميتييه داغ» لعامي 2020 و2021، عرض تقدمه دار «شانيل» كل سنة في هذا الوقت من كل عام، وتحتفل فيه بالحرفية والأيادي الناعمة التي تسهر على إبداع قطع وإكسسوارات تحاكي التحف الفنية. عادةً ما كانت تجري هذه المناسبة في عاصمة من عواصم العالم، وأمام مئات الضيوف الذين تدعوهم الدار على حسابها ولا تبخل عليهم بشيء. لكن وبسبب الحجر وقيود السفر، بقيت الدار هذه السنة في فرنسا وتحديداً في إقليم إندر لوار. وأيضاً بسبب ضرورة التباعد الاجتماعي اقتصر عرضها الافتراضي على ضيفة واحدة، هي الممثلة كريستين ستيوارت، التي كان منظرها وهي تجلس وحيدة بين صفوف متراصة من المقاعد البيضاء، وهي تتابع العرض، ثم وهي تقف في نهايته لتصفق بحرارة للمصممة فيرجيني فيارد، بليغاً وكافياً لتلخيص حال الموضة في عام 2020.
باستثناء عدم توفر الجمهور الحي وما يخلقه من حماس، لم يفتقر العرض إلى أي عنصر من عناصر الإبهار الأخرى، من الإضاءة والموسيقى إلى التصوير الفوتوغرافي. بيد أن إقامته في قصر عريق هو قصر شينونسو، المعروف أيضاً بقصر السيدات «Château des Dames», يبقى هو الأهم في القصة. فهو يعد من الناحية الهندسية مزيجاً بين المعمار القوطي ومعمار أوائل عصر النهضة، وهو ما انعكس على التصاميم التي غلب عليه التويد المغزول بخيوط من الذهب وألوانها الخريفية المائلة للقتامة، أضفت عليها فيرجيني فيارد لمسات رومانسية وجرعات «سبور» تعكس متطلبات العصر.
بيد أنه لا بد من الإشارة إلى أن اختيار «شانيل» لهذا المكان، ليس فقط لمعماره أو لأنه من أكثر الأماكن السياحية والتاريخية استقطاباً للزوار في فرنسا، بل لأن تاريخه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنساء مؤثرات جعلنه مكان إقامتهن وأضفن إليه لمسات جمالية وفنية لا تزال آثارها واضحة حتى الآن في ممراته وقاعاته وحدائقه.
من هؤلاء نذكر ديان دي بواتييه التي تلقته كهدية من هنري الثاني في عام 1547، وأشرفت على تصميم حدائقه وزراعة أزهاره وأشجاره، إلى كاترين دي ميديشي التي أخذته من ديان بعد وفاة هنري الثاني وجعلته مسكنها المفضل. نساء أخريات أثّرن على شكل القصر وتصميمه في العصر الحديث، وكنّ سبباً وراء الشكل المستطيل الذي طبع بعض قاعاته عوض الشكل الدائري الذي كان معمولاً به في السابق.
في إحدى هذه القاعات عرضت فيرجيني فيارد تشكيلتها التي صرّحت بأنها صممتها ونُصب عينيها هؤلاء النساء. بالنسبة إليها، كانت كل واحدة منهن تتمتع بالقوة والذوق وعاشت الرفاهية كما عشقت الفخامة، وبالتالي أثّرن على موضة عصرهن كما على أسلوب حياة لا يزال حاضراً وملهماً إلى اليوم.


مقالات ذات صلة

2024... عام التحديات

لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

على الرغم من تعقيد الآلات المستعملة لصنعه، فإن نسيجه يستحق العناء، ويتحول إلى قماش ناعم جداً بمجرّد تحويله إلى سروال جينز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

التول والمخمل... رفيقا الأفراح والجمال

بين المرأة والتول والمخمل قصة حب تزيد دفئاً وقوة في الاحتفالات الخاصة والمناسبات المهمة

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بين ماركل وجينر، إلى جانب الجدل الذي تثيرانه بسبب الثقافة التي تُمثلانها ويرفضها البعض ويدعمها البعض الآخر.

جميلة حلفيشي (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.