رئيس «النواب» الليبي يتحرك لإحباط مساعي إطاحته

خلية تابعة لـ«القاعدة» تعترف للمحققين بالتخطيط لاستهداف منشآت نفطية

عقيلة صالح (أ.ب)
عقيلة صالح (أ.ب)
TT

رئيس «النواب» الليبي يتحرك لإحباط مساعي إطاحته

عقيلة صالح (أ.ب)
عقيلة صالح (أ.ب)

بدأ عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، أمس، تحركاً سياسياً يستهدف إحباط مساعي أعضاء المجلس للإطاحة به من منصبه، بينما اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج؛ «الجيش الوطني»، بـ«هدم عدد من منازل المدنيين على رؤوس ساكنيها وخطف عدد من الشباب»، إثر ما وصفته باقتحام قواته مدينة أوباري، على بعد 964 كيلومتراً جنوب العاصمة طرابلس.
ورداً على إعلان أعضاء مجلس النواب الليبي في بيان ختامي صدر عن اجتماعهم التشاوري في مدينة طنجة المغربية، عقد جلسته الرسمية المقبلة في مدينة غدامس نهاية الأسبوع الحالي، دعا عقيلة صالح اللجنة العسكرية الخاصة بالمسار الأمني والعسكري «5+5» لتحديد «المدينة الأنسب لعقد هذه الجلسة، وضمان سلامة وأمن النواب».
وحدد صالح، الذي يستعد لزيارة القاهرة لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين المصريين، في بيان أصدره أمس، جدول أعمال الجلسة المقبلة للبرلمان في «مناقشة مخرجات الحوار السياسي، بما لا يتعارض مع الإعلان الدستوري وتعديلاته الـ11، وتشكيل لجنة لإعداد مقترح توافقي لتعديل النظام الداخلي».
وتعليقاً على تلميح بعض أعضاء المجلس إلى عقد هذه الجلسة بهدف تغيير رئاسته وإقالة صالح، دعا الأخير إلى أنه «عند طلب تغيير الرئاسة، (يجب) أن ينظر فيها للدستور والقانون واللائحة الداخلية».
وكان صالح حذر بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، من محاولات لإفشال الحوار بمسارات موازية، داعياً أعضاء منتدى الحوار السياسي إلى تغليب المصلحة الوطنية على الشخصية.
وفى إشارة لاستمرار الدعم التركي لحكومة «الوفاق» وقواتها، طالب صالح مجدداً في تصريحات تلفزيونية بوقف التدخل الخارجي الهادف لإشعال فتيل الحرب من جديد، مؤكداً ضرورة التمسك بوقف النار، كما طالب المجتمع الدولي بتحمل المسؤولية في مراقبته.
واختتم مساء أول من أمس بمدينة طنجة المغربية الاجتماع التشاوري لأعضاء مجلس النواب، بمشاركة 123 نائباً يُمثلون مختلف التيارات السياسية. وأُعلن في ختام الاجتماع عن عقد جلسة للمجلس بمدينة غدامس، مُباشرة بعد العودة إلى ليبيا، لإقرار كل ما من شأنه إنهاء حالة الانقسام بالمجلس، بما يُمكنه من أداء استحقاقاته على أكمل وجه، مشدداً على أن المقر الدستوري لانعقاد مجلس النواب هو مدينة بنغازي.
ولم يطرح «النواب» مسألة إقالة صالح علانية، لكن بيانهم أكد في المقابل أنهم عازمون على «المضي قدماً نحو الوصول إلى إنهاء حالة الصراع والانقسام بجميع المؤسسات والحفاظ على وحدة وكيان الدولة وسيادتها على كامل أراضيها».
وبينما يستعد أعضاء المجلس للاجتماع يوم الأربعاء المقبل، سيعقد وفدا مجلسي «النواب» و«الدولة» اجتماعاً اليوم في طنجة المغربية، لبحث مخرجات الملتقى السياسي وملف المناصب السيادية.
ورحّب المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة الوفاق في طرابلس، بالاتفاق على عقد جلسة للبرلمان في غدامس، واعتبر أن أولى خطوات إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات هي التئام البرلمان.
ودعا المجلس في بيان له مساء أول من أمس أعضاء البرلمان إلى العمل المشترك معه لاتخاذ الخطوات اللازمة نحو معالجة الأزمات والتمهيد للانتخابات المقبلة، بالإضافة إلى تكثيف الجهود والتعجيل بتفعيل البرلمان ليكون قادراً على الإيفاء بالتزاماته الدستورية.
ميدانياً، نقلت وكالة «الأناضول» التركية عن مصدر محلي بمدينة أوباري أن الكتيبة 116 التابعة للجيش الوطني، اقتحمت حي الشارب بالمدينة، وقامت بترويع المدنيين من خلال إطلاق أعيرة نارية بجميع أنواعها، كما قامت باعتقال مجموعة من الشباب بعضهم من قبيلة الطوارق، دون إبداء أسباب، مشيراً إلى مغادرة الميليشيات المسلحة المدينة باتجاه مدينة سبها.
لكن في المقابل، أبلغت مصادر أمنية وسائل إعلام محلية موالية للجيش الوطني، أن خلية تنظيم «القاعدة» المقبوض عليها أكدت أن عبد المالك دروكدال زعيم التنظيم السابق الذي قتله الجيش الفرنسي كان يتحرك بين جنوب ليبيا وجنوب الجزائر وشمال مالي بهدف محاولة إعادة إحياء خلايا التنظيم الخاملة في دول المغرب العربي وجنوب الصحراء. وطبقاً للمصادر نفسها اعترفت الخلية بالتخطيط لتنفيذ عمليات ضد المنشآت النفطية في ليبيا ودول أخرى، مشيرة إلى أنها حصلت على دعم مالي من داخل ليبيا وهناك أطراف كانت تسهل حصولها على الأسلحة والذخائر.
وقالت المصادر إن وحدات الجيش الوطني كانت تراقب الهدف منذ دخوله الأراضي الليبية عبر الصحراء، وكشفت النقاب عن أن ما وصفته بالعملية الدقيقة ضد خلية التنظيم في أوباري كان بالتعاون مع أجهزة استخباراتية متعددة، لم تحدد هويتها.
واعتبر اللواء خالد المحجوب مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، أن قواته وجّهت ما وصفه بضربة قاصمة عبر عملية دقيقة ومفاجئة للمجموعات الإرهابية الموجودة بصحراء المنطقة الجنوبية، رغم صعوبة السيطرة عليها.
وتعد مدينة أوباري التي يوجد فيها عدد من الكتائب التابعة لحكومة الوفاق، ثانية كبرى المدن في الجنوب الليبي بعد سبها، وأغلب سكانها من الطوارق، ويقع فيها حقل الشرارة النفطي أكبر حقول البلاد، وتخضع لسيطرة الجيش الوطني.
إلى ذلك، قالت قوات الوفاق إنه تم انتشال وتأمين قذيفتي مدفعية وصاروخين «بي جي 15» ورأس صاروخ غراد وقذيفة هاون وبقايا صاروخ غراد من منطقتي العزيزية وأسبيعة كانت تُهدّد حياة المواطنين في الأحياء السكنية.
من جانبها، بثت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني مشاهد من مداهمة الغرفة الأمنية بنغازي الكبرى لأوكار الجريمة، ومواصلتها ضبط الخارجين عن القانون عبر وحدات الجيش ووزارة الداخلية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.