بقايا بشرية من العصر الحجري في مصر تروي قصصاً تاريخية

متحف «الحضارة» يستعد لعرض بعضها بعد ترميمها

TT

بقايا بشرية من العصر الحجري في مصر تروي قصصاً تاريخية

ما زالت البقايا البشرية النادرة تمثل مصدر إلهام لعلماء الآثار والباحثين المتخصصين في حقبة ما قبل التاريخ، إذ تحقق ذلك عقب نجاح مصر في إنقاذ بعض هذه البقايا التي تعود للعصر الحجري، تمهيداً لعرضها أمام زوار متحف الحضارة القومي بالفسطاط في القاهرة، بعد افتتاحه المرتقب.
الدراسات التي يُجريها العلماء على بعض البقايا البشرية كشفت عن مظاهر وتفاصيل حياة أصحاب هذه العظام، بجانب طبيعة البيئة والمناخ وقتها.
ويستعد المتحف القومي للحضارة بالفسطاط (جنوب القاهرة) عقب افتتاحه الرسمي المُرتقب، لعرض بعض نماذج بقايا بشرية تعود إلى فترات مختلفة من العصر الحجري؛ حيث نجحت جهود العلماء في ترميمها وتجميعها لتصبح هياكل كاملة يُمكن عرضها على الجمهور، ضمن سيناريوهات العرض المتحفي. أبرز البقايا المنتظر عرضها هو هيكل متكامل لشخص عاش قبل نحو 40 ألف سنة، أطلق عليه العلماء اسم «إنسان نزلة خاطر» نسبة إلى مكان اكتشاف عظامه، في قرية تحمل الاسم نفسه، تقع على بعد 12 كيلومتراً من مدينة طهطا بمحافظة سوهاج (جنوب مصر)؛ حيث اكتشفت بقاياه البعثة البلجيكية العاملة في مصر خلال أعمال التنقيب بالقرية عام 1980. ووفق الدكتور أبو الحسن بكري، أستاذ ما قبل التاريخ بكلية الآثار، جامعة القاهرة، قامت البعثة بنقل عظامه إلى بلجيكا لدراستها وترميمها وتجميعها لتصبح هيكلاً كاملاً. ويقول أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدراسات التي أُجريت على البقايا كشفت كثيراً من الحقائق حول صاحبها والبيئة التي عاش فيها، فهو ينتمي إلى العصر الحجري القديم الأعلى، وكان يعمل في محجر لاستخراج الحصى والزلط الذي استخدم وقتها لصناعة الأدوات القاطعة الحجرية، مثل السكاكين والفؤوس والمكاشط. وعُثر على بقاياه مدفونة في تل ملاصق للمحجر ومعه فأسه، وهي أداة قاطعة من قرون الحيوانات؛ خصوصاً الظباء والغزلان».
وتمكنت وزارة السياحة والآثار المصرية من إعادة هيكل «إنسان نزلة خاطر» من بلجيكا مع فأسه عام 2015؛ وفقاً للأثري الدكتور أشرف أبو اليزيد، المشرف العام على الإدارة العامة للمتاحف النوعية الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «إعادة هيكل (إنسان نزلة خاطر) استغرق سنوات عدة؛ حيث كانت البعثة البلجيكية قد نقلته خارج مصر ضمن اتفاقية لدراسته وترميمه، وسوف يُعرض بمتحف الحضارة عقب افتتاحه القريب مع نماذج أخرى، منها ما يطلق عليه (إنسان وادي الكوبانية) الذي اكتشف قرب منطقة توشكى، ويعود إلى ما قبل 17 ألف سنة؛ حيث يركز متحف الحضارة على عرض مُقتنيات تؤرخ لنشأة الحضارة وتطورها منذ حقبة ما قبل التاريخ حتى العصر الحديث». ويمتلك المتحف القومي للحضارة أقدم بقايا بشرية تم اكتشافها في منطقة وادي النيل حتى الآن، محفوظة في مخازنه بسبب تعذر عرضها؛ حيث تحتاج إلى جهود كبيرة لترميمها وتجميعها، وهي لطفل عمره 8 سنوات عاش قبل نحو 60 ألف سنة، أطلق عليه العلماء اسم «طفل الترامسة»؛ حيث تم اكتشاف بقاياه في تل الترامسة بمحافظة قنا «صعيد مصر» خلال عمل البعثة البلجيكية بالمنطقة عام 1994.
وتُشكل البقايا البشرية مصدر إلهام لعلماء الآثار والباحثين المتخصصين في حقبة ما قبل التاريخ، بما تكشفه من معلومات علمية تزيل الغموض التاريخي حول نشأة الإنسان الأول وتطوره. ويقول الدكتور أبو الحسن بكري إن «الدراسات الأولية أثبتت أن (طفل الترامسة) الذي يعد من بين أقدم البقايا البشرية التي تم اكتشافها بمنطقة وادي النيل، ينتمي إلى العصر الحجري القديم الأوسط، ويرجح أنه كان يعمل في محجر تل الترامسة لاستخراج حجر الصوان (الزلط) الذي كان يستخدم لتشكيل الأدوات القاطعة، وتحتاج بقاياه إلى مزيد من الدراسات والترميم، فهي تؤرخ لهجرة الإنسان العاقل من أفريقيا عبر وادي النيل ومصر إلى بلاد الشام، ثم آسيا وأوروبا».


مقالات ذات صلة

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

يوميات الشرق زاهي حواس (حسابه على فيسبوك)

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

أكد الدكتور زاهي حواس، أن رفض مصر مسلسل «كليوباترا» الذي أذاعته «نتفليكس» هو تصنيفه عملاً «وثائقي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

وجد علماء الأنثروبولوجيا التطورية بمعهد «ماكس بلانك» بألمانيا طريقة للتحقق بأمان من القطع الأثرية القديمة بحثًا عن الحمض النووي البيئي دون تدميرها، وطبقوها على قطعة عُثر عليها في كهف دينيسوفا الشهير بروسيا عام 2019. وبخلاف شظايا كروموسوماتها، لم يتم الكشف عن أي أثر للمرأة نفسها، على الرغم من أن الجينات التي امتصتها القلادة مع عرقها وخلايا جلدها أدت بالخبراء إلى الاعتقاد بأنها تنتمي إلى مجموعة قديمة من أفراد شمال أوراسيا من العصر الحجري القديم. ويفتح هذا الاكتشاف المذهل فكرة أن القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الأسنان والعظام هي مصادر غير مستغلة للمواد الوراثية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

يُذكر الفايكنغ كمقاتلين شرسين. لكن حتى هؤلاء المحاربين الأقوياء لم يكونوا ليصمدوا أمام تغير المناخ. فقد اكتشف العلماء أخيرًا أن نمو الصفيحة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى فيضانات ساحلية هائلة أغرقت مزارع الشمال ودفعت بالفايكنغ في النهاية إلى الخروج من غرينلاند في القرن الخامس عشر الميلادي. أسس الفايكنغ لأول مرة موطئ قدم جنوب غرينلاند حوالى عام 985 بعد الميلاد مع وصول إريك ثورفالدسون، المعروف أيضًا باسم «إريك الأحمر»؛ وهو مستكشف نرويجي المولد أبحر إلى غرينلاند بعد نفيه من آيسلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

لا تزال مدينة مروي الأثرية، شمال السودان، تحتل واجهة الأحداث وشاشات التلفزة وأجهزة البث المرئي والمسموع والمكتوب، منذ قرابة الأسبوع، بسبب استيلاء قوات «الدعم السريع» على مطارها والقاعد الجوية الموجودة هناك، وبسبب ما شهدته المنطقة الوادعة من عمليات قتالية مستمرة، يتصدر مشهدها اليوم طرف، ليستعيده الطرف الثاني في اليوم الذي يليه. وتُعد مروي التي يجري فيها الصراع، إحدى أهم المناطق الأثرية في البلاد، ويرجع تاريخها إلى «مملكة كوش» وعاصمتها الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الخرطوم، وتقع فيها أهم المواقع الأثرية للحضارة المروية، مثل البجراوية، والنقعة والمصورات،

أحمد يونس (الخرطوم)
يوميات الشرق علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

اتهم علماء آثار مصريون صناع الفيلم الوثائقي «الملكة كليوباترا» الذي من المقرر عرضه على شبكة «نتفليكس» في شهر مايو (أيار) المقبل، بـ«تزييف التاريخ»، «وإهانة الحضارة المصرية القديمة»، واستنكروا الإصرار على إظهار بطلة المسلسل التي تجسد قصة حياة كليوباترا، بملامح أفريقية، بينما تنحدر الملكة من جذور بطلمية ذات ملامح شقراء وبشرة بيضاء. وقال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولة تصوير ملامح كليوباترا على أنها ملكة من أفريقيا، تزييف لتاريخ مصر القديمة، لأنها بطلمية»، واتهم حركة «أفروسنتريك» أو «المركزية الأفريقية» بالوقوف وراء العمل. وطالب باتخاذ إجراءات مصرية للرد على هذا

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.