فنانة تجدد التواصل الإنساني والتباعد الاجتماعي بطريقة مبتكرة

كمامات ومظلات ملونة تعكس رسومات إليزابيث تورك

تفرق المشاركون على أنغام أغنية «يا له من عالم رائع» لعازف الترومبيت الأميركي لويس آرمسترونغ
تفرق المشاركون على أنغام أغنية «يا له من عالم رائع» لعازف الترومبيت الأميركي لويس آرمسترونغ
TT

فنانة تجدد التواصل الإنساني والتباعد الاجتماعي بطريقة مبتكرة

تفرق المشاركون على أنغام أغنية «يا له من عالم رائع» لعازف الترومبيت الأميركي لويس آرمسترونغ
تفرق المشاركون على أنغام أغنية «يا له من عالم رائع» لعازف الترومبيت الأميركي لويس آرمسترونغ

في أعماق المساحات الخضراء الخاصة بـ«مجتمع المتقاعدين» في «سان أنطونيو غاردنز»، كانت الفنانة إليزابيث تورك منشغلة للغاية في عملها الفني الأخير، وهو مشروع فني طموح يَسهل عليها تصوره في مخيلتها، ولكنها لم تتمكن من جلبه إلى الحياة والنور بعد.
كانت تورك تسأل السكان: «ماذا تقولون لأنفسكم عند مواجهة الصعاب والشدائد؟»، في محاولة لاستشفاف الإلهام من أجل مشروعها الفني الذي من شأنه أن يخلق بصيصاً من الأمل في خضم جائحة فيروس «كورونا» المستجد الراهنة. ومع مجتمع المتقاعدين الذي تبلغ مساحته 31 فداناً، وعلى اعتباره اللوحة الفنية الخاصة بتورك، في وجود 500 من السكان والموظفين الذين تستعين بهم في عملها الفني الجديد، تصورت الفنانة إليزابيث تورك، وجود حديقة برية من العقاقير التنشيطية ضمن العمل الفني المتحرك الذي أطلقت عليه اسم «التطلع». تقول تورك، التي تبلغ 59 سنة، وهي زميلة بارزة لـ«منحة العبقرية» لدى «مؤسسة ماك آرثر» منذ عام 2010: «كان الانغماس التام في هذا المشروع الفني من الأعمال الشجاعة للغاية؛ نظراً لأنّه حافظ على مشاعر التفاؤل حية بداخلي».
وجاء تصميم «التطلع» على غرار مشروع «شورلاين» السابق عليه، وهو عمل فني بالانتداب من متحف «لاغونا» للفنون في عام 2018؛ ذلك الذي استجلب 1000 متطوع إلى شاطئ «لاغونا» في ولاية كاليفورنيا عند الفجر، وهم يحملون مظلات ذات تصاميم خاصة ومضاءة على نحو جميل. وتفاعل المتطوعون المشاركون في التّجربة الفريدة من نوعها أثناء تجوالهم على شاطئ «لاغونا» أثناء مشاهدة المئات من الناس الفعالية الرائعة من أعلى المتحدرات المطلة على المنطقة.
وأرادت تورك، من واقع الإلهام الذي استوحته من حالة الصمود والتفاؤل التي لمستها لدى سكان مجتمع المتقاعدين، أن تخلق تجربة جديدة ومثيرة للبهجة والأمل على غرار مشروع «شورلاين» على شاطئ «لاغونا» قبل عامين، تلك التي تعصف بخرافات عجز وضعف كبار السن. وفي هذه المرة، ورغم كل شيء، ستُغلق المنشأة الممولة من جانب القطاع الخاص أمام الجمهور بسبب المخاوف ذات الصلة بالسلامة العامة. وتخطط تورك إلى إيجاد عمل فني متعدد الوسائط؛ ذلك الذي يعرض صوراً دائمة التغير من لقطات لطائرة مسيرة تصور المشاركين أثناء انتقالهم عبر كثير من المواقع في الأراضي الخضراء مترامية الأطراف.
عندما حلت كارثة الوباء على الولايات المتحدة الأميركية، كانت تورك، التي تعيش في مدينة نيويورك ونيوبورت بيتش في ولاية كاليفورنيا، تواصل العمل على خطط لإعادة إنشاء مشروع «شورلاين» في دولة لاوس بجنوب شرقي آسيا. ولكن سرعان ما جرى إرجاء هذا المشروع إلى وقت لاحق.
ثم وصلت إليها دعوة من «سان أنطونيو غاردنز»، على مسافة 30 ميلاً إلى الشرق من مدينة لوس أنجليس في كاليفورنيا، حيث يضم مجتمع المتقاعدين هناك عدداً من أساتذة الجامعات من كليات «كليرمونت» المجاورة. وفي فبراير (شباط) الماضي، كانت تورك – وهي خريجة كلية «سكريبس» – قد ألقت محاضرة هناك تتعلق بأعمالها الفنية، بما في ذلك المنحوتات الرخامية المميزة وهي بعنوان: «نقطة تحول: أصداء الانقراض» (وهي معروضة في معارض «هيرشل آند أدلر» بمدينة نيويورك حتى 11 ديسمبر/ كانون الأول من العام الحالي)، بالإضافة إلى مشروع «شورلاين» سالف الذكر.
ولقد تواصل معها المسؤولون هناك في يوليو (تموز) الماضي بشأن تصميم المظلات لمتجر الهدايا الخاص بهم. غير أن المناقشات سرعان ما تناولت سكان مجتمع المتقاعدين، الذين تتراوح أعمارهم بين 64 سنة و104 سنوات.تقول تورك عن ذلك: «لقد لمست الفكرة صميم قلبي على الفور. وقلت لنفسي: أي مجتمع أفضل للتواصل والتفاعل معه من أجل تذكيرنا بالفرح، والبهجة، والصمود، من كبار السن الضعفاء الذين يقودون مسيرتنا مرة أخرى صوب البهجة والتآزر».
كانت السيدة مورين بيث، المديرة التنفيذية بمجتمع المتقاعدين في «سان أنطونيو غاردنز»، متردّدة بعض الشيء بشأن السّماح لسكان المجتمع بالمشاركة في الفعالية بسبب جائحة فيروس «كورونا» المستجد، كما قالت: «لكن لأنني أعلم أن هناك حاجة ماسة وملحة من أجل فعل شيء إيجابي في الظروف الراهنة، شعرت بأنّه من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نتجاوز بعض القيود قليلاً».
وهكذا، وفي أحد أيام شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تجمّع المشاركون وهم يرتدون الكمامات الواقية، وكل منهم يحمل مظلة ملونة بألوان زاهية وتعكس رسومات الفنانة تورك للنباتات التي ترمز إلى الصمود في مواجهة الشدائد. ولقد ساعد عرض المظلات المتنوعة في تشجيع احترام معايير التباعد الاجتماعي بين المشاركين.

وحتى يكون عرض «التطلع» أكثر شمولاً، رتّبت تورك تصوير السكان الذين لم يتمكنوا من المشاركة بأنفسهم في تلك الفعالية. وتلقى أولئك الذين يعانون من صعوبات في الحركة آلية تتيح لهم ربط المظلات الملونة بالكراسي المتحركة أو أجهزة المشي التي يستعينون بها.
وخلال الأسابيع السابقة على موعد الفعالية، أعد السكان خطابات مكتوبة وموجهة إلى تورك رداً على سؤالها سالف الذكر بشأن مواجهة الصّعاب والشدائد. ومن شأن بعض ردودهم - على شاكلة: «كن شجاعاً»، و«إنني مقاتل»، و«تنفس» - أن يجري دمجها في العمل الفني النهائي ضمن الوسائط المتعددة التي تستعين بها تورك في الفعالية.
انطلق عرض «التطلع» للمظلات الملونة من ناحية حوض السباحة في مجتمع المتقاعدين - داخل المياه وحولها - حيث كان عازف الساكسفون يعزف موسيقى الجاز المهدئة للأعصاب، في حين كانت الطائرات المسيرة تحوم في الأجواء من فوقهم كي تصور الفعالية بأسرها من أعلى. وفي وقت لاحق، انطلق عشرات المشاركين من المتقاعدين عبر «حديقة المجتمع» على نغمات موسيقى «مسيرة جنود الصفيح» لتشايكوفسكي. وعند ملعب الغولف، رقص كثير من المشاركين على إيقاع موسيقى «نغمات بلا قيود»، وتجمّع حولهم المئات من السكان الآخرين الذين كانوا يتمايلون وهم يحملون المظلات الملونة من أجل خلق حالة من الظلال الواسعة على الأعشاب الخضراء.
وفي نهاية الفعالية، تجمع المشاركون كلهم في ساحة الانتظار المركزية، ثم انتقلوا إلى التفاعل الأخير قبل التفرق على أنغام أغنية «يا له من عالم رائع» لعازف الترومبيت الأميركي لويس آرمسترونغ. وبقي كثير منهم في الخلفية، مع المظلات التي ما زالت مفتوحة، ولا يريدون لذلك اليوم الرائع أن ينتهي أبدا.
وصف مايكل لامكين، بروفسور الموسيقى المتقاعد، ونائب رئيس كلية «سكريبس» الأسبق، تلك الفعالية بأنّها لحظة من لحظات الفرح والابتهاج والاحتفال الحقيقي. وأضاف، «هناك كثير من الانقسامات في عالمنا المعاصر، وفعالية مثل هذه التي تجمع الناس معاً وتوحد بينهم في مشروع واحد، يمكن أن تبث روح الطمأنينة والشعور بالرضا عن كونهم بشراً لبضع لحظات جميلة، وهذا مما يبعث على الارتياح بينهم».

*خدمة {نيويورك تايمز}



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.