تركيا تتجاهل تلويحاً أوروبياً بالعقوبات وتمدد التنقيب شرق المتوسط

كررت استعدادها للتفاوض مع اليونان

تركيا مددت مهام السفينة «أوروتش رئيس» في شرق المتوسط متجاهلة تحذيرات أوروبية (أ.ب)
تركيا مددت مهام السفينة «أوروتش رئيس» في شرق المتوسط متجاهلة تحذيرات أوروبية (أ.ب)
TT

تركيا تتجاهل تلويحاً أوروبياً بالعقوبات وتمدد التنقيب شرق المتوسط

تركيا مددت مهام السفينة «أوروتش رئيس» في شرق المتوسط متجاهلة تحذيرات أوروبية (أ.ب)
تركيا مددت مهام السفينة «أوروتش رئيس» في شرق المتوسط متجاهلة تحذيرات أوروبية (أ.ب)

مددت تركيا مجددا مهام المسح السيزمي والبحث عن النفط والغاز الطبيعي التي تقوم بها سفينة «أوروتش رئيس» في شرق البحر المتوسط في منطقة تقع بالقرب من سواحل اليونان متجاهلة تحذيرات الاتحاد الأوروبي من فرض عقوبات عليها خلال قمة قادته في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وأصدرت السلطات التركية، أمس (السبت) إخطارا بحريا جديدا (نافتكس) تضمن تمديد عمل سفينتها من 23 إلى 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وذلك للمرة السادسة منذ عودتها إلى المنطقة المتنازع عليها مع اليونان في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وستواصل السفينة مهامها في شرق المتوسط، بما في ذلك جنوب جزيرة كاستيلوريزو اليونانية، رفقة سفينتي «أطامان» و«جنكيزخان». وأعادت تركيا سفينة «أوروتش رئيس» إلى المنطقة في 12 أكتوبر، بعد أن سحبتها في 13 سبتمبر (أيلول) لإفساح المجال للجهود الدبلوماسية لاستئناف المحادثات الاستكشافية حول القضايا العالقة مع اليونان إلا أن الجهود التي بذلت سواء من جانب حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو ألمانيا، الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي، في هذا الصدد باءت بالفشل.
وطالبت ألمانيا بوقف الاستفزازات التركية شرق المتوسط حتى تتجنب العقوبات الأوروبية المتوقعة في قمة ديسمبر المقبل. وقال وزير خارجيتها، هايكو ماس، إنه يتعين على تركيا وقف الاستفزازات في منطقة شرق البحر المتوسط إذا كانت ترغب في تجنب التطرق مجددا إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي خلال قمة ديسمبر. وأضاف ماس، قبل اجتماع مع نظرائه الأوروبيين، أنه «إذا لم نر أي إشارات إيجابية من تركيا بحلول ديسمبر، ولم يكن هناك سوى المزيد من الخطوات الاستفزازية كزيارة إردوغان إلى شمال قبرص، الأسبوع الماضي، فسيكون أمامنا نقاش صعب وستطرح قضية فرض عقوبات على تركيا مجددا». وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت، عقب اجتماع افتراضي مع قادة دول الاتحاد الخميس، إن القادة الأوروبيين سيبحثون مستقبل العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في قمتهم المقررة في 10 ديسمبر. وأضافت ميركل: «القادة الأوروبيون يرغبون في رؤية التطورات في الأسبوعين المقبلين قبل مناقشة أي عقوبات محتملة... اتفقنا مسبقا على مناقشة مسألة تركيا في قمتنا المقبلة... لا يمكن للمرء أن يقول أي شيء في هذه المرحلة... معظم التطورات الأخيرة في المنطقة لم تكن بالشكل الذي كانوا يرغبون في رؤيته». وسبق للاتحاد الأوروبي أن فرض العام الماضي، عقوبات رمزية على تركيا بسبب أنشطتها «غير القانونية» في شرق المتوسط. وتضغط اليونان وقبرص (العضوان في التكتل) لفرض عقوبات أشد، لكن غالبية أعضاء الاتحاد الأوروبي مترددون حتى الآن في اتخاذ مثل هذا الإجراء. والأربعاء، عبر رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، عن التزام أثينا بإجراء حوار مخلص بحسن نية مع تركيا في سياق المعاملة بالمثل، وقال، في كلمة أمام الدورة السنوية 66 للجمعية البرلمانية لحلف الناتو التي تعقد عبر الإنترنت في الفترة من 18 إلى 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، إنه كان ينتظر بعض الوقت لكي تظهر تركيا روح المعاملة بالمثل، محذرا من أنه إذا ظلت دعواتنا للحوار دون إجابة، فسيكون من المحتم على الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات لحماية مصالحه الاستراتيجية ومصالح دوله. وأضاف: «كما قلت، مرات عديدة هذا العام، يتعين على اليونان وتركيا إجراء محادثات، وإذا لم نتفق، فعلينا تسوية نزاعاتنا من خلال الاستئناف أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، والسماح بسيادة القانون».
في السياق ذاته، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن السفن التركية تواصل أعمالها العلمية والتقنية في التنقيب عن الطاقة في شرق المتوسط، معتبرا أن الحديث عن هذه الأعمال على أنها «استفزاز» أو سبب لتصعيد التوتر، لا يتوافق مع القيم الأخلاقية تماما.
وأضاف أكار، في تصريحات خلال زيارة لأحد مرافق التصنيع العسكري رفقة قادة الجيش التركي، أن «الجانب اليوناني يقوم بتسليح الجزر في بحر إيجة مخالفا القانون الدولي، لأن سيادة تلك الجزر لم تمنح له... يتم تجاهل أفعالهم في تلك الجزر تماما، في حين يظهرون الأعمال العلمية والتقنية التي نقوم بها في شرق المتوسط على أنها استفزازية... هذا موقف خاطئ بالفعل ولا يليق بحسن الجوار، إنهم يتصرفون بأسلوب خاطئ جدا حيال يد الصداقة التي نمدها إليهم». وتابع: «نؤيد الحل السياسي والحوار وعلاقات حسن الجوار، وأظهرنا حسن نيتنا بالفعل في هذا الموضوع، وننتظر أن يتم فهم ذلك».
وحول التطورات في قبرص، قال أكار إن هناك وجودا تركيا في الجزيرة قائما منذ مئات السنين، ويجب الاعتراف بحقوق القبارصة الأتراك، وتركيا ستواصل القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها بصفتها دولة ضامنة في النزاع بين الشطرين التركي والرومي (اليوناني).
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إنه تم اتخاذ خطوات ملموسة في ملفات عديدة مثل تحديث اتفاق الاتحاد الجمركي الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي عام 1995، واتفاقية الهجرة اللجوء الموقعة عام 2018، وإعفاء الأتراك من شرط تأشيرة دخول دول الاتحاد (شنغن)، والحوار السياسي.
وأكد كالين، خلال لقاءات مع كل من كبير مستشاري السياسة الخارجية لرئيس المجلس الأوروبي ماريام فان دين هيوفل ورئيس مكتب رئيسة المفوضية الأوروبية بيجورن سيبرت وأمين عام دائرة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي هيلجا شميد في بروكسل، ضرورة ابتكار أفكار جديدة من أجل حل عادل ودائم في قبرص، معربا عن استعداد تركيا لبدء لقاءات للمفاوضات الاستكشافية مع اليونان حول القضايا العالقة في بحر إيجة وشرق المتوسط. وشدد كالين على استمرار تركيا في «موقفها البناء» في سبيل المحافظة على السلام والاستقرار في قبرص. وأكد أن بلاده تعتبر عضويتها في الاتحاد الأوروبي، أولوية استراتيجية، داعيا قادة أوروبا إلى النظر إلى العلاقات مع بلاده من منظور استراتيجي. وبحث كالين أمس وأول من أمس مع المسؤولين الأوروبيين العلاقات التركية الأوروبية وتطورات شرق المتوسط وليبيا وسوريا وقره باغ.
وقال إنه يجب على الاتحاد الأوروبي القيام بمسؤولياته إزاء القضايا الإقليمية، مؤكدا على أن الحوار والتعاون في هذا الشأن يصب في مصلحة الجميع.


مقالات ذات صلة

تركيا تندد باتفاق دفاعي بين واشنطن ونيقوسيا يتجاهل القبارصة الأتراك

شؤون إقليمية قبرص كشفت في يوليو الماضي عن إنشاء قاعدة جوية أميركية قرب لارنكا (وسائل إعلام تركية)

تركيا تندد باتفاق دفاعي بين واشنطن ونيقوسيا يتجاهل القبارصة الأتراك

نددت تركيا بتوقيع الولايات المتحدة اتفاقية خريطة طريق لتعزيز التعاون الدفاعي مع جمهورية قبرص، ورأت أنه يُخلّ بالاستقرار الإقليمي ويُصعِّب حل القضية القبرصية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي بحفاوة خلال زيارته أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)

أصداء واسعة لزيارة السيسي الأولى لتركيا

تتواصل أصداء الزيارة الأولى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لأنقرة، في وسائل الإعلام وعبر منصات التواصل الاجتماعي في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد حقل «أفروديت» البحري للغاز (أ.ف.ب)

خطة لتطوير حقل الغاز القبرصي «أفروديت» بـ4 مليارات دولار

قالت شركة «نيوميد إنرجي» الإسرائيلية، إن الشركاء بحقل «أفروديت» البحري للغاز الطبيعي، قدموا خطة للحكومة القبرصية لتطوير المشروع بتكلفة تبلغ 4 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية ترقب واسع في تركيا لزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)

لماذا استبقت «الإخوان» زيارة السيسي لتركيا بمبادرة جديدة لطلب العفو؟

استبقت جماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة، زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المرتقبة لتركيا بمبادرة جديدة للتصالح وطلب العفو من الدولة المصرية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي مسؤولون لبنانيون على متن منصة الحفر «ترانس أوشن بارنتس» خلال عملها في البلوك رقم 9... أغسطس 2023 (رويترز)

حرب الجنوب تُعلّق النشاط الاستكشافي للنفط بمياه لبنان الاقتصادية

تضافر عاملان أسهما في تعليق نشاط التنقيب عن النفط والغاز في لبنان؛ تَمثّل الأول في حرب غزة وتداعياتها على جبهة الجنوب، والآخر بنتائج الحفر في «بلوك 9».

نذير رضا (بيروت)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».