تفاقم أزمتي المحروقات والرغيف في العاصمة السورية

بالتزامن مع ختام مؤتمر اللاجئين في دمشق

سوريون يتسلمون مساعدات روسية في ريف دمشق أمس (إ.ب.أ)
سوريون يتسلمون مساعدات روسية في ريف دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

تفاقم أزمتي المحروقات والرغيف في العاصمة السورية

سوريون يتسلمون مساعدات روسية في ريف دمشق أمس (إ.ب.أ)
سوريون يتسلمون مساعدات روسية في ريف دمشق أمس (إ.ب.أ)

تفاقمت الأزمة الاقتصادية السورية في دمشق بالتزامن مع ختام مؤتمر اللاجئين السوري برعاية روسية بهدف إعادتهم إلى البلاد بعد سنوات من اللجوء إلى دول مجاورة وأجنبية، في وقت سجلت الليرة السورية انخفاضاً جديداً لقيمتها أمام العملات الأجنبية بسعر 2582 شراءً و2612 مبيعاً أمام الدولار الأميركي.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس بـ«استمرار الأزمة الخانقة والمتواصلة ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، والمتمثلة بصعوبة كبيرة يواجهها الأهالي في تأمين مادة الخبز، بسبب عجز سلطات النظام عن تأمين احتياجات الأفران للطحين المدعوم، بالإضافة إلى انهيار جديد سجلته الليرة السورية، وسط ارتفاع في أسعار الذهب». وقال: «مشاجرة جماعية وقعت عند أحد الأفران في مدينة صوران الخاضعة لسيطرة النظام شمال حماة، بسبب الازدحام الخانق على الأفران، وتسببت المشاجرة بسقوط جرحى، في وقت تشهد الأفران في محافظة اللاذقية، ازدحاماً خانقاً بسبب قلة مادة القمح المقدمة إليها».
وسجلت الليرة السورية انخفاضاً جديداً لقيمتها أمام العملات الأجنبية بسعر 2582 شراءً و2612 مبيعاً أمام الدولار الأميركي.
وأفادت مصادر «المرصد» بأن أفران «ابن العميد» المشهورة في منطقة ركن الدين بدمشق، أُغلقت بسبب انعدام مادة الطحين المقدمة إليها، تزامن ذلك مع ازدحام خانق تشهده الأفران ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري بسبب نقص كميات الطحين المقدمة للأفران.
وتعد «أفران ابن العميد» التي يبلغ عددها خمسة أفران ملاصقة لبعضها البعض، والواقعة في حي ركن الدين الملاصق لجبل قاسيون في دمشق، من أهم الأفران التي يقصدها سكان وأهالي العاصمة وريفها.
في غضون ذلك، أكد المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين في بيانه الختامي «الدعم الثابت لوحدة وسيادة واستقلال سوريا ووحدة أراضيها ومواجهة جميع المحاولات الرامية لتقويض سيادتها وسلامة أراضيها» و«مواصلة الحرب على الإرهاب حتى القضاء على جميع التنظيمات الإرهابية المدرجة على قائمة مجلس الأمن للكيانات الإرهابية» وأنه «لا حل عسكري للأزمة في سوريا، والحل سياسي يقوده وينفذه السوريون بأنفسهم»، إضافة إلى «رفض جميع العقوبات أحادية الجانب غير الشرعية وخاصة في ظل انتشار وباء كورونا وتقديم المساعدة على تيسير العودة الآمنة للاجئين السوريين وعلى المجتمع الدولي المساهمة في هذه العملية».
وعقد المؤتمر الأمس جلساته في ثاني أيامه، حيث عقد ممثلون عن الوزارات السورية مع ممثلين عن الجانب الروسي جلسات عدة ناقشوا خلالها العديد من المواضيع في مجالات التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والصناعة والصحة والعدل والنظام الضريبي.
وعقد اجتماع عمل بين ممثلي وزارة الصحة وممثلي هيئة الرقابة الروسية وهيئة التعاون الروسية لبحث موضوع التعاون المتبادل ومناقشة توقيع مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الأمراض المعدية، إضافة لمباحثات بين ممثلي وزارة الصحة وممثلي وزارة التجارة والصناعة في روسيا الاتحادية حول مذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون في مجال تداول المستحضرات الدوائية والمعدات الطبية.
وجرى لقاء بين ممثلي وزارة التجارة والصناعة الروسية وشركة «سوفوكريم» ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وتم خلاله مناقشة سبل تعزيز التعاون بين الجانبين وتطويره. وعقد اجتماع بين وزارة النفط والثروة المعدنية وممثلي وزارة الصناعة والتجارة الروسية وشركة «فيا إنفيست» الروسية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.