نائبان في صنعاء يواجهان تهديداً حوثياً برفع الحصانة والمحاكمة

أنباء عن توجه الجماعة إلى تنصيب هشول في موقع الراعي

جانب من مدينة صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
جانب من مدينة صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
TT

نائبان في صنعاء يواجهان تهديداً حوثياً برفع الحصانة والمحاكمة

جانب من مدينة صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
جانب من مدينة صنعاء القديمة (إ.ب.أ)

أفادت مصادر برلمانية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية شرعت في تلفيق اتهامات لنائبين خاضعين لها في صنعاء تمهيدا لرفع الحصانة عنهما ومحاكمتهما بعد أن بدأت الجماعة تضيق ذرعا من اعتراضهما المستمر على سياسة قادة الجماعة وحكومة الانقلاب.
وجاء هذا التطور في وقت فشلت فيه الجماعة الموالية لإيران أمس (السبت) في إزاحة رئيس البرلمان السابق الموالي لها يحيى الراعي من موقعه على رأس برلمانها الانقلابي، عقب انتخابات داخلية كانت الجماعة تحاول عبرها تنصيب النائب عبد السلام هشول زابية المنتمي إلى محافظة صعدة لشغل الموقع. وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن سلطات الجماعة الحوثية أرسلت خطابا إلى رئيس برلمانها يحيى الراعي الأسبوع الماضي تتهم فيه النائب أحمد سيف حاشد والنائب خالد الصعدي بأنهما قاما العام الماضي بالضغط على قسم للشرطة من أجل إطلاق متهمين اثنين زعمت أنهما من ذوي السوابق.
وتمهد الجماعة - وفق مصادر برلمانية - بهذه الخطاب للضغط على النواب الخاضعين لها في صنعاء لرفع الحصانة عن النائبين تمهيدا لمحاكمتهما والزج بهما في السجن. ويعد النائب أحمد سيف حاشد من النواب الذين فضلوا البقاء تحت قبة البرلمان اليمني غير الشرعي إلا أنه شكل للجماعة خلال السنوات الماضية مع نواب آخرين صداعا مزمنا لجهة المواقف المعارضة لسياسة الميليشيات بخاصةً فيما يتعلق بنهب المال العام وملف الحقوق والحريات.
وفي أول تعليق للنائب حاشد على خطوة الجماعة الحوثية بشأن الخطاب الموجهة إلى يحيى الراعي قال في منشور على «فيسبوك» «يريدون محاكمتنا ورفع الحصانة البرلمانية عنا بالتلفيق». في غضون ذلك أفادت المصادر بأن البرلمان غير الشرعي التابع للحوثيين عقد أمس (السبت) جلسة لانتخاب هيئة رئاسة جديدة، حيث كانت تطمح الجماعة إلى تنصيب النائب عبد السلام هشول في موقع يحيى الراعي المحسوب على جناح حزب «المؤتمر الشعبي» الموالي للرئيس السابق علي عبد الله صالح، وذلك ضمن مساعيها للهيمنة على كافة المناصب حتى ولو كانت ذات تأثير شكلي. وبحسب المصادر البرلمانية بات النائب عبد السلام هشول الذي حظي أمس بمنصب نائب رئيس البرلمان الانقلابي أخيرا هو المشرف الحوثي المسؤول عن نواب صنعاء ورجل الميليشيات الذي يضغط لتمرير أجندة الجماعة غير الشرعية عبر البرلمان السابق.
وفي الوقت الذي نجح أغلب النواب اليمنيين في الإفلات من صنعاء والالتحاق بركب الشرعية المعترف بها دوليا تمكنوا في أبريل (نيسان) 2019 من عقد أولى جلساتهم واختاروا هيئة جديدة للبرلمان يرأسها النائب سلطان البركاني. ولايزال نحو 70 نائبا أغلبهم من المنتمين إلى كتلة حزب «المؤتمر الشعبي» يخضعون للجماعة الحوثية حيث حرصت على إبقائهم بالترغيب والترهيب تحت إمرتها في سياق سعيها لشرعنة سلوكها الانقلابي وانتهاكاتها بحق اليمنيين.
وفي حين أكدت مصادر نيابية أن نحو 30 نائبا يحاولون الالتحاق بصفوف الشرعية، أشارت إلى قيام الميليشيات الحوثية بفرض رقابة مشددة عليهم تشمل رصد تحركاتهم وتنقلاتهم.
وخلال الأشهر الماضية سجلت أكثر من حادثة قام خلالها المسلحون الحوثيون بمنع النواب من التنقل بين المحافظات أو الوصول إلى دوائرهم الانتخابية، خشية أن تكون هذه التحركات بهدف مغادرة صنعاء والإفلات من قبضتها.
وكانت الجماعة أصدرت أحكاما بإعدام 35 نائبا من الموالين للشرعية ومصادرة أموالهم ومنازلهم، في الوقت الذي تستعد فيه إلى إصدار أحكام بحق 12 نائبا آخرين بحسب ما أعلنته أخيرا في وسائل إعلامها. كما أقدمت الجماعة في أبريل (نيسان) 2019 على تنظيم انتخابات صورية لملء مقاعد النواب المتوفين في مناطق سيطرتها، حيث اختارت خلالها نحو 24 شخصا من الموالين لها أعضاء مزعومين في البرلمان.
وفي أغسطس (آب) الماضي تداول ناشطون يمنيون توجيهات حوثية تطلب من أمن الجماعة وعناصرها تشديد مراقبة النواب وأعضاء مجلس الشورى الخاضعين لها في صنعاء، خشية إفلاتهم إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وحينها نددت الحكومة الشرعية بالأساليب القمعية للميليشيات الحوثية ضد النواب الخاضعين للجماعة في صنعاء والشخصيات السياسية والاجتماعية، ووضعهم تحت الإقامة الإجبارية، واصفة ما تقوم به الميليشيات بـ«الأساليب القذرة».
وقال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال معمر الإرياني، عقب تسرب الوثيقة إن الميليشيات تستخدم هذه «الأساليب لتقييد حركة ما تبقى من أعضاء مجلس النواب والشخصيات السياسية والاجتماعية الموجودين ضمن مناطق سيطرتها».
وأشار الإرياني إلى أن المذكرة الموجهة من أحد قيادات ميليشيا الحوثي في العاصمة المختطفة ‎صنعاء تكشف الوضع الذي يعيشه ما تبقى من أعضاء مجلسي النواب والشورى وغيرهم من العاملين ضمن سلطة الانقلاب القاطنين في مناطق سيطرة الجماعة، إذ إنهم محتجزون بقوة السلاح ولا يسمح لهم بالخروج من العاصمة.
وأكد الوزير اليمني أن ‏المذكرة تعكس حالة النفور العام من ميليشيا الحوثي وانعدام الثقة بين مكونات الانقلاب وحجم المخاوف التي تسيطر على قيادات الميليشيا من التحاق باقي النواب بغالبية أعضاء البرلمان الذين انحازوا للشرعية وانتقلوا للمناطق المحررة، ومخاوفها من ترك المغرر بهم في جبهات القتال للسلاح وعودتهم لمنازلهم.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.