«المسار العسكري» لإنهاء أزمة ليبيا يصطدم بمناكفات السياسيين

TT

«المسار العسكري» لإنهاء أزمة ليبيا يصطدم بمناكفات السياسيين

أصبحت المؤسسة العسكرية بشقيها في شرق وغرب ليبيا تخطو خطوات متسارعة باتجاه تفعيل اتفاق «وقف دائم» لإطلاق النار، والانتقال إلى مرحلة الاستقرار. لكن رغم ذلك، ما يزال طريق المسار السياسي محاطا بالعثرات بسبب تجاذبات الساسة، ومناكفات خصوم الداخل.
ومن المفترض أن تحتضن العاصمة التونسية منتدى الحوار السياسي الليبي الاثنين المقبل، برعاية أممية، في ظل ما يعتريه من شكاوى «الإقصاء» لأطياف شبابية وسياسية، و«المحاباة» لتيار الإسلام السياسي. لكن البعثة الأممية ترى في المقابل أنه فرصة «لوضع خارطة طريق تهدف إلى تحديد موعد لإجراء الانتخابات العامة».
وقبل أربعة أيام على التئام المنتدى، المقرر في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، لا تزال اعتراضات السياسيين، وخصوصاً بشرق البلاد، تتواصل حول طريقة اختيار المشاركين به، حيث إن هناك من يرى أن قائمة المشاركين تضم شخصيات معروفة بانتمائها لتنظم «الإخوان»، أو أنه كان يجب دعوة شخصيات تُوازن من تم توجيه الدعوة إليهم. كما دخل اتحاد القبائل الليبية على خط الأزمة، بتوجيه خطاب إلى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اعتبر فيه أن المسار الذي تقوده البعثة الأممية لدى ليبيا «منحرف»، وعزا ذلك إلى أنها «امتنعت عن وضع الأسس الصحيحة لحل الأزمة الليبية».
وقال «اتحاد القبائل الليبية» في رسالته، مساء أول من أمس، إن البعثة «تجاهلت بشكل متعمد المكون الأساسي للشعب الليبي، المتمثل في القبائل والعشائر الليبية، وهذا لن يفضي إلى حل الأزمة، بل سيطيل من عمرها، ويعيق برنامج المصالحة الوطنية الذي تتبناه القبائل الليبية، كما أنها تجاهلت أيضاً أنصار النظام الجماهيري». في إشارة إلى مؤيدي الرئيس الراحل معمر القذافي. كما أشار «الاتحاد» إلى إقصاء جميع الفئات الشعبية المعارضة لتيار «17 فبراير»، وأن الحوار سينحصر بين طرفين ينتميان إلى تيار واحد هو (فبراير) الذي لا يتجاوز 20 في المائة، حسبه.
وصعد «اتحاد القبائل الليبية» باتجاه رئيسة البعثة الأممية ستيفاني ويلیامز، وزعم في خطابه أنها «وقعت في شرك تنظيم (الإخوان) المسيطر على غرب البلاد»، وأنها «اختارت أكثر من 50 في المائة من المدعوين لحوار تونس من «الإخوان»، وأغلب البقية يدورون في فلكهم، بمن فيهم المحسوبون زورا على أنصار القذافي».
ورأى اتحاد القبائل أن «الإخوان يسعون للاستيلاء على كل ليبيا وتحويلها إلى دولة خلافة تابعة لتركيا، يحكمها هذا التنظيم، الأمر الذي ينذر بتصدير الخطر إلى دول الجوار»، وتابع موجها حديثه إلى غوتيريش: «وددنا أن نطلعكم عن خطورة ما يحاك لبلادنا من مؤامرات تستهدف تسليمها للإخوان وتركيا وقطر، ونأمل منكم الوقوف إلى جانب الرغبة الحقيقية للشعب الليبي في تقرير مصيره، ورسم سياسته وتحقيق سيادته».
وانتهى «اتحاد القبائل» مطالباً غوتيريش بموقف وصفه بـ«التاريخي» يصحح فيه أخطاء سبقته تسببت في انهيار «دولة رائدة»، ودمرت شعبا له «تاريخ مشرف» في الجهاد والنضال.
بدوره، اعتبر «التكتل المدني الديمقراطي»، الذي يتخذ من بنغازي مقراً له، أن قائمة المشاركين في هذا الحوار «افتقدت قيمة التوازن بين طرفي الحوار، لأنها ضمت أسماء شخصيات ساهمت في رعاية العنف، والانقلاب على المسار الديمقراطي»، مستغربا «حالة الغموض التي تحيط بالمسار السياسي، وهو ما نعتبره محاولة لفرض مباغتات تتعارض ومصالح الوطن العليا، وتسهم في إقصاء القوى السياسية الحقيقية الممثلة للشعب وتحظى بثقته».
وبموازاة هذه الشكايات ومناكفات الخصوم السياسيين، قطعت لجنة «العشرة» العسكرية المشتركة من «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات «الوفاق» برئاسة فائز السراج، خطوات لاقت استحسان طرفي الصراع، باتجاه «وقف دائم» لإطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا، بالإضافة إلى التوافق على جملة من التوصيات، التي وصفت بـ«المهمة» فيما يخص الترتيبات المقبلة.
واعتبر الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي السابق لدى ليبيا، المقررات الصادرة عن لقاء اللجنة الليبية العسكرية المشتركة في غدامس، أنها «تنم عن روح وطنية مستعادة». وقال إن هذه المقررات «تذهب في الاتجاه الصحيح نحو تثبيت وقف النار، وتطبيع الحالة الأمنية، وتنفيذ اتفاق جنيف، والقرار 2510»، قبل أن ينهي تغريدته مهنئاً الليبيين على هذا «التقدم الجديد».
ومن بين المقررات الصادرة عن لجنة «العشرة» تشكيل لجنة عسكرية فرعية للإشراف على عودة القوات إلى مقراتها، وسحب القوات الأجنبية من خطوط التماس، وتعقد هذه اللجنة أول اجتماع لها في سرت بحضور لجنة «العشرة» في القريب العاجل مع وجود البعثة، بالإضافة إلى تحديد عمل اللجنة الأمنية المشتركة في وضع الترتيبات الأمنية في المنطقة المحددة.
وطبقا لتوصيات لجنة «العشرة» سيُعقد أول اجتماع لتوحيد حرس المنشآت النفطية في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) بمدينة البريقة، مع حضور آمري حرس المنشآت النفطية ومدير المؤسسة الوطنية للنفط والبعثة الأممية، وترفع أعمالها إلى لجنة «العشرة»، الأمر الذي استقبله الليبيون بالترحاب وعدوه دليلاً عن «إنجاز المسار العسكري في مواجهة خطوات السياسيين المتعثرة».



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.