«الصحة العالمية» تحذّر من «الخطر الوبائي» في أوروبا وأميركا

ميركل تتوقع 4 أشهر صعبة... وروسيا ذاهبة إلى تطعيم جماعي

المستشارة الألمانية ميركل (أ.ب)
المستشارة الألمانية ميركل (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «الخطر الوبائي» في أوروبا وأميركا

المستشارة الألمانية ميركل (أ.ب)
المستشارة الألمانية ميركل (أ.ب)

عادت منظمة الصحة العالمية لتنبّه، أمس (الثلاثاء)، إلى خطورة الوضع الوبائي في أوروبا وأميركا الشمالية، وتدعو الحكومات للتركيز على التدابير الأساسية للوقاية، واحتواء الوباء لوقف سريانه، بما يتيح لها أن ترفعها لاحقاً بأمان، من غير أن تضطر إلى العودة إلى فرضها مجدداً.
وجاء هذا التنبيه على لسان المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الذي أعلن أنه بدأ فترة حجر صحي ذاتي في منزله، عملاً بإجراءات بروتوكول منظمة الصحة، بعد أن تبيّن أنه خالط أحد المصابين بـ«كوفيد-19». وقال تيدروس إن الارتفاع السريع الحاد لعدد الإصابات الجديدة في أوروبا بات يشكّل خطراً داهماً على مستشفيات كثيرة، ويضع أفراد الطواقم الطبية مجدداً أمام خيارات صعبة عند تحديد الأولويات العلاجية للمرضى، داعياً إلى الاقتداء بتجارب البلدان التي نجحت في وضع الوباء تحت السيطرة، مثل نيوزيلندا ورواندا وتايلاند وكوريا الجنوبية، وإلى استخلاص العِبر من التجربتين الإيطالية والإسبانية اللتين تعرّضتا لموجة وبائية قاسية في المرحلة الأولى، ثم تمكّنتا من السيطرة عليها بنجاح، لتعودا مجدداً وتشهدا موجة وبائية ثانية كثيفة واسعة الانتشار.
وفي حين كانت تتوالى المظاهرات الاحتجاجية العنيفة ضد تدابير الإقفال ووقف الأنشطة الاقتصادية في كثير من العواصم والمدن الأوروبية، فاجأ مدير قسم الطوارئ في منظمة الصحة، مايك رايان، الجميع بتصريحات قال فيها إنه يتفهّم دوافع هذه الاحتجاجات والظروف الصعبة التي أدت إليها، وإنه لا يسعه سوى تأييد حق المتظاهرين في التعبير عن رأيهم.
وكان رايان قد أعلن منذ أيام أن المنظمة الدولية لا تنصح الدول باعتماد الإقفال التام استراتيجية أساسية أو سلاحاً أخيراً لاحتواء الوباء بسبب تبعاته الصحية والنفسية والاجتماعية على الضعفاء والفقراء، وشدّد على أهمية التدابير الوقائية الصارمة، وضرورة إنفاذها لتحاشي اللجوء إلى الإقفال الشامل.
وكانت المنظمة العالمية قد حذّرت، أمس (الثلاثاء)، في توصياتها الدورية إلى الدول الأعضاء من 5 أخطاء يؤدي الوقوع فيها إلى عدم اتخاذ التدابير المناسبة للوقاية من الوباء ومنع سريانه، وهي:
أولاً، قراءة المؤشر التكاثري للفيروس (Rt) الذي تعتمد عليه السلطات عادة لاتخاذ تدابير الإقفال. ويفيد هذه المؤشر عن متوسط عدد الأشخاص الذين ينقل المصاب إليهم فيروس كورونا، ويستند احتسابه إلى عدد كبير من الفرضيّات غير الدقيقة. وتدعو منظمة الصحة إلى تحديد مستوى خطورة الوضع الوبائي في منطقة معيّنة، للاستناد إلى نسبة المصابين من عدد السكان من خلال فحوصات عشوائية دورية. ويقول الخبراء إن هذه الفحوصات هي التي تعطي صورة دقيقة عن المشهد الوبائي، ومدى خطورته، وقد باتت اليوم في متناول جميع الدول بفضل الأنماط السريعة منها.
ثانياً، مراقبة المصابين الذين لا تظهر عليهم عوارض المرض، والذين -بعكس الاعتقاد الشائع- هم أشد خطورة من الذين يحملون العوارض، ويشكّلون الناقل الرئيسي للوباء في معظم الحالات. وتدعو المنظمة إلى التعريف على أوسع نطاق بين المواطنين بخطورة الإصابات التي لا تحمل عوارض مرضية، والتي تبيّن أن لها دوراً أساسياً في سريان الفيروس، خاصة بين التجمعات العائلية.
ثالثاً، ضرورة نشر المعلومات الكثيرة التي تتيح تكوين فكرة واضحة عن خطورة سريان الفيروس في أماكن كثيرة، مثل النوادي الرياضية والمقاهي والمطاعم ودور السينما والمسارح والمدارس، والتي تردد أوساط كثيرة أن خطورتها محدودة جداً على سريان الوباء. وتذكّر المنظمة بأن دراسات كثيرة أجريت في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة أظهرت عكس ذلك، ومن الضروري أن يكون المواطنون وأصحاب هذه المنشآت أو الذي يتولّون إدارتها على بيّنة منها.
رابعاً، تحذّر منظمة الصحة العالمية من المعلومات أو التقديرات والتوقعات التي تحملها تصريحات المسؤولين السياسيين، المركزيين والإقليميين، والتي غالباً ما لا تستند إلى القرائن والبيانات العلمية الدقيقة، وتتضارب مع المعلومات الموثّقة لدى المصادر المختصة. وتدعو المنظمة السلطات المعنية إلى حصر التصريحات التي تتناول إدارة الأزمة، وتوجيه التوصيات إلى المواطنين، بعدد محدد من المسؤولين، والتعريف بهم بوضوح بصفتهم مصادر رسميّة مخوّلة.
وخامساً، تفنيد المعلومات التي تروّجها مجموعات «المنكرين» الذين يقولون إن السواد الأعظم من ضحايا «كوفيد-19» هم من المسنّين الذين كانوا مصابين بأمراض مزمنة وخطرة، من خلال التذكير بأن أمراضهم ما كانت لتؤدي إلى الوفاة لولا إصابتهم بالفيروس، وأنهم في كل الأحوال ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية.
- الإقفال الأوروبي
وفي حين تتواصل تدابير الإقفال التام والجزئي في مختلف البلدان الأوروبية، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس: «أمامنا 4 أشهر طويلة صعبة، وما زالت نهاية النفق بعيدة». وكانت ميركل قد دعت مواطنيها إلى بذل جهود وطنية إضافية، قائلة: «إذا احتكمنا إلى المنطق، وتصرفنا بمسؤولية، سنتمكّن من الاحتفال بأعياد الميلاد مع أفراد الأسرة، وليس بصورة منفردة».
وكانت سويسرا قد بدأت، منتصف ليل الاثنين، فترة إقفال تام ثانية تمتد حتى نهاية الشهر الحالي، وقررت إقفال المقاهي والمطاعم والمتاجر، باستثناء الصيدليات ومخازن المواد الغذائية، فيما تحدثت مصادر طبية عن صعوبات بدأت تواجهها وحدات العناية الفائقة في بعض المستشفيات التي كانت تستقبل المصابين من بلدان أوروبية أخرى خلال الموجة الأولى.
وفي النمسا، دخلت قيود إغلاق جديدة حيز التنفيذ أمس، من المقرر أن تستمر حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). وقال رئيس بلدية فيينا، مايكل لودفيغ، إن المدارس ودور الحضانة ستبقى مفتوحة، لكن في العاصمة، بسبب الهجوم، سيتمكن أولياء الأمور من إبقاء أولادهم في المنزل، وعدم إرسالهم إلى المدارس. وفي اليونان، حيث فرض حظر تجول بين منتصف الليل والخامسة صباحاً منذ 22 أكتوبر (تشرين الأول)، دخل إغلاق جزئي لمدة شهر حيز التنفيذ الثلاثاء في أنحاء البلاد، في محاولة للحد من ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس.
وفي إيطاليا، من المقرر الإعلان عن تفاصيل حظر التجول الليلي على مستوى البلاد الثلاثاء، إلى جانب قيود السفر إلى المناطق التي تصنف موبوءة. وفي فرنسا، تجاوز عدد الوفيات المرتبطة بـ«كوفيد-19» خلال 24 ساعة عتبة 400 وفاة للمرة الأولى يوم الاثنين، مع تسجيلها 418، ليرتفع بذلك العدد الإجمالي للوفيات في فرنسا إلى أكثر من 37435 منذ بداية الوباء.
وتخضع البلاد لتدابير إغلاق منذ الجمعة، وهي أقل صرامة من تلك التي فرضت في الربيع، فيما عاد 12 مليون تلميذ إلى المدرسة الاثنين، بعد عطلة جميع القديسين.
- أوكرانيا
وفي أوكرانيا، قال وزير الصحة إن البلاد على أبواب كارثة إذا استمرّ المواطنون في تجاهل تدابير الوقاية والاحتواء، وذلك بعد تحطيم رقم الإصابات اليومية لليوم الرابع على التوالي. كما أعلنت المجر وبلغاريا أيضاً عن أرقام قياسية جديدة في الإصابات اليومية، فيما وجّهت الحكومة التشيكية طلباً، أمس (الثلاثاء)، إلى المفوضية الأوروبية لمساعدتها في إحالة بعض الإصابات الخطرة للعلاج في بلدان الجوار الأوروبي، بعد أن بلغت معظم مستشفياتها أقصى قدراتها الاستيعابية.
وفي حين تجاوز عدد الإصابات الإجمالية في بولندا 400 ألف، قال الناطق بلسان الحكومة الفرنسية إن السلطات تدرس العودة إلى فرض تدابير حظر التجوّل الليلي أمام تزايد حالات التمرّد، وعدم التقيّد بتدابير الإقفال العام الذي أعلنته مؤخراً. وتعاني فرنسا أيضاً من اكتظاظ في أقسام العناية الفائقة بعد التزايد الكبير في عدد الإصابات الجديدة، وارتفاع نسبة الحالات الخطرة.
- روسيا
وقال مركز «فيكتور» العلمي الحكومي الروسي لأبحاث الفيروسات والبيوتكنولوجيا إنه من المتوقع أن تبدأ عملية التطعيم الجماعي لسكان روسيا بلقاح «إيبيفاك كورونا» الذي يطوره المركز المضاد لفيروس «كورونا» عام 2021. وقال المدير العام للمركز، رينات ماكسيوتوف، في حديث لموقع إلكتروني متخصص لمتابعة شؤون الجائحة في روسيا، اليوم (الاثنين): «من المخطط له إطلاق حملة التلقيح الجماعي في عام 2021»، بحسب قناة «روسيا اليوم».
ودعت الهيئة العالمية للأطباء الحكومات إلى إعلان الطب «مهنة مخاطر»، وإعطائها الأولوية في تدابير الحماية والوقاية والتعويضات العامة، وذلك تجاوباً مع طلب تقدمت به نقابتا الأطباء الإيطالية والإسبانية اللتين تعرّض أعضاؤها لخسائر بشرية فادحة خلال المرحلة الأولى من الوباء.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.