جرعة فيروس «كورونا» التي يتلقاها الشخص تحدد شدّة مرضه

الأقنعة الواقية تعرّض جهاز المناعة لكميات أقل من الوباء

سيدة ترتدي قناعا واقيا في اسكوتلندا (د.ب.أ)
سيدة ترتدي قناعا واقيا في اسكوتلندا (د.ب.أ)
TT

جرعة فيروس «كورونا» التي يتلقاها الشخص تحدد شدّة مرضه

سيدة ترتدي قناعا واقيا في اسكوتلندا (د.ب.أ)
سيدة ترتدي قناعا واقيا في اسكوتلندا (د.ب.أ)

ذكر عالم في الأحياء أن جرعة فيروس كورونا التي يتلقاها الشخص تحدث فرقاً بين ظهور الأعراض أو الإصابة بمرض خفيف أو الإصابة بالمرض بشكل خطير، الأمر الذي يعد مفيداً في كيفية الحماية من «كوفيد - 19» بالتزامن مع بدء فصل الشتاء وارتفاع عدد الحالات في عدد من دول العالم.
وأوضح إيرين بروماغ، أستاذ علم الأحياء في جامعة ماساتشوستس الأميركية، أن التعرض لجرعة معينة من الفيروس يحد من شدة المرض، كما الحال بالنسبة لكثير من الفيروسات، مثل فيروس الإنفلونزا وفيروسات الجدري وغيرها.
وتابع بروماغ: «إذا أصيب حيوان بجرعة منخفضة بما يكفي من الفيروس، فسيكون قادراً على صد ذلك دون الإصابة بأي مرض على الإطلاق. وإذا حصل على عدد ضخم من جرعة معدية، فسوف تتشكل العدوى وسيستسلم هذا الحيوان بعد ذلك للمرض من هذا العامل الممرض (الفيروس). ولكن إذا أصبتهم بأكثر من الجرعة المعدية، في معظم الحالات، تؤدي جرعة عالية من مسببات الأمراض - مثل جرعة عالية من الفيروس على سبيل المثال - إلى نتائج أكثر خطورة. لذا، فإن الجرعة تصبح مهمة حقاً»، واصفاً العلاقة بين الجرعة وتطور المرض بأنها «تعتمد على الجرعة».
وأردف: «الأمر ليس لأنك بحاجة إلى عدد معين من جزيئات الفيروس لإصابة خلية - إنه فقط يزيد من احتمالات دخول أحد تلك الجسيمات الفيروسية إلى الخلية وإصابتها بالعدوى، ما يؤدي إلى بدء رد الفعل المتسلسل من قبل الجسم».
وأضاف، وفقاً لما نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية: «هناط طريقة أخرى للتفكير في الأمر هي مثل الحمل: لسنا بحاجة إلى ملايين الحيوانات المنوية لتخصيب البويضة، فالأمر يحتاج واحداً فقط، لكن الرجال ينتجون ملايين الحيوانات المنوية لتحسين فرص وصول الحيوان المنوي إلى البويضة والتغلب على دفاعاتها، ومن ثم تلقيحها».

* جرعة مكثفة أم على فترات؟
وذكرت الشبكة الأميركية في تقريرها أن هناك بُعداً آخر للجرعة الفيروسية يتعلق بالوقت. ليست جرعة الفيروس التي تحصل عليها في وقت ما هي المهم؛ لكن قد يكون أيضاً مجموع الجرعات الفيروسية التي تحصل عليها خلال فترة زمنية معينة.
ويفسر بروماغ: «يتكهن بعض الناس بهذا الأمر: هل هذا هو السبب في أن سائقي الحافلات أو الأشخاص الذين يعملون في غرف الطوارئ بالمستشفيات، على سبيل المثال، من المرجح أن يكون لديهم مزيد من النتائج السلبية تجاه (كوفيد - 19)، بمعنى هل لأنهم يتعرضون لجرعات أعلى، أم لأنهم في بيئة يتعرضون فيها على مدى فترة طويلة لجرعات مختلفة؟».
وفي هذا الشأن، غيرت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) تعريفها لـ«الاتصال الوثيق» ليشمل التعرضات المتعددة والمختصرة التي تضيف ما يصل إلى 15 دقيقة أو أكثر مع شخص مصاب. وفي السابق، حدد مركز السيطرة على الأمراض (سي دي سي) الاتصال الوثيق بأنه 15 دقيقة من التعرض المستمر للفرد المصاب.

* المضيف يحدد الحالة
ولا يتعلق الأمر بالفيروس فقط، بل يتعلق أيضاً بالمضيف، إذ إن الفيروس نفسه ليس الكائن الحي الوحيد الذي يلعب دوراً - بل له أيضاً علاقة بالفرد. وفي هذا الصدد يقول بروماغ: «كل شخص لديه قدرة مختلفة على مقاومة الفيروس. شخص ما يعاني من نقص المناعة، على سبيل المثال، قد يحتاج إلى قدر قليل من (الفيروس) تعرضه للإصابة بشكل أقل من القدر الذي يحتاجه شخص بحالة جيدة للإصابة بـ(كوفيد - 19)».
ويردف: «ضع كل ذلك معاً، وستعتمد فرصة الإصابة بالعدوى على فسيولوجيا المضيف المحتمل، فضلاً عن سلوكياتهم الشخصية وعاداتهم الصحية مثل التدخين والنظام الغذائي والنشاط البدني والنوم. من الواضح أن المضيف المسن أو غير الصحي في مواجهة التعرض الكبير والمتكرر هو أسوأ سيناريو. لكن الشخص الضعيف طبياً يمكن أن يمرض حتى بجرعة منخفضة من الفيروس؛ على عكس الشخص السليم».
وأحد الأمثلة المأساوية هو وفاة الطبيب الشاب لي وينليانغ الذي كان بصحة جيدة، في ووهان بالصين في 30 ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وهو الذي دق ناقوس الخطر بشكل خاص بعد رؤية سبع حالات من مرض شبيه بالسارس بين المرضى في مستشفاه؛ وبعد أربعة أيام اتهمته الشرطة بـ«الإخلال الشديد بالنظام الاجتماعي» و«نشر الشائعات على الإنترنت». وبعد قليل من قضاء الوقت في رعاية هؤلاء المرضى في حالة حرجة، ظهرت على لي أعراض «كوفيد - 19»، ومات بعد أقل من شهر. كان عمره 34 عاماً فقط.

ويقول بروماغ: «ما زلنا نتحدث فقط عن الاحتمالات، من الصعب تحديد السيناريو الدقيق الذي يؤدي إلى الإصابة».
وقالت الدكتورة مونيكا غاندي، طبيبة الأمراض المعدية وأستاذة الطب بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو: «لا يمكننا ببساطة دراسة الجرعة الفيروسية الدقيقة التي قد تجعل شخصاً مريضاً لأنها غير أخلاقية تماماً... هذا لأنه سيعني تعريض الناس لجرعات أعلى تدريجياً من الفيروس لتحديد وقت حدوث العدوى». وأردفت: «لا أعتقد أننا سنصل فعلياً إلى هذه القيمة. يمكننا دراسة في الحيوانات - فهناك نموذج تمت دراسته على حيوان النمس وكان هناك نموذج للهامستر (الأقداد)، هما نموذجان حيوانيان، حيث كلما أعطيتهما جرعات أكثر زاد مرض هؤلاء، وهذا مفيد لدراسته، وقد يمنحنا إحساساً. لكننا لن نعرف مع البشر، للأسف، كم يتطلب الأمر».

* الجرعة الفيروسية والحمل الفيروسي
وتابعت غاندي أن الإصابة بالمرض، أو حدته، تتعلق بكل من الجرعة الفيروسية (كمية الفيروس الداخلة إلى الجسم) والحمل الفيروسي (هو كمية الفيروس التي يحملها الشخص المصاب في جسمه بعد الإصابة)، وأظهر بعض الدراسات أنه كلما كان المريض مصاباً بفيروس «كوفيد - 19»، زاد الحمل الفيروسي.
وتفسر غاندي: «إذا حصلت على جرعة فيروسية أقل، فيمكنك التعايش معها بهدوء، وربما يكون لديك هذه العدوى من دون أعراض، وربما تكون أقل عرضة لإنتاج حمولة فيروسية عالية، وكذلك إنتاج حمولة فيروسية أقل مرتبطة بمرض أقل حدة».

* الأقنعة الواقية «لقاح طبيعي»
وهناك طريقة أخرى مهمة للتفكير في جرعات الفيروس. إذا كانت جرعة الفيروس صغيرة بما يكفي، فقد لا تسبب المرض، ولكن يمكن أن تولد استجابة مناعية مماثلة لما ينتجه اللقاح. الأمر الذي اعتبرته غاندي «مفهوماً رائعاً وحاسم الأهمية».
وكتبت غاندي وشريكها في الدراسة، الدكتور جورج راذرفورد من قسم علم الأوبئة والإحصاء الحيوي في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، مقالة في مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين» في سبتمبر (أيلول)، حيث طرحت حجة أنه من خلال ارتداء قناع واقٍ (كمامة)، فإن الشخص سيحصل على جرعة أقل من الفيروس مما كان سيحصل عليه دون ارتداء قناع، وتلك الكمية القليلة تحفز جهاز المناعة في الجسم.

وفي مقالتها، قامت هي وراذرفورد بإجراء المقارنة مع «التجدير»، وهو ما يُطلق عليه عملية مماثلة عندما تعرض الأشخاص عمداً لقليل من الجدري من شخص مريض من أجل تكوين مناعة. كان هذا قبل ظهور لقاح الجدري.
وتابعت غاندي: «سنمنحهم القليل من الفيروس وسيصابون بمرض (صغير) ثم يطورون استجابة مناعية - وقد نجح الأمر تماماً». وأردفت: «يمكن أن يساعد هذا أيضاً في تفسير سبب عدم ظهور أعراض (كوفيد - 19) على بعض الأشخاص، ولكن لا يزال لديهم أجسام مضادة للفيروس. ولكن سيتعين إجراء مزيد من الأبحاث لتأكيد ذلك».
ونظراً لأن الناس لا يستطيعون التحكم في الجرعة الفيروسية التي يحصلون عليها، ولا في مقدارها، فقد كررت غاندي ما قاله معظم خبراء الصحة العامة ما يجب علينا فعله للبقاء بأمان قدر الإمكان: الحفاظ على تباعد اجتماعي من أولئك الذين ليسوا في منزلنا، اختر المساحات الخارجية بدلاً من الداخل، ونظافة اليدين الجيدة وارتداء الأقنعة الواقية.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

العثور على أشرطة كاسيت تتضمن أغنيات غير معروفة لمايكل جاكسون

المغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون خلال حفل في سنغافورة في 1 سبتمبر 1993 (أ.ف.ب)
المغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون خلال حفل في سنغافورة في 1 سبتمبر 1993 (أ.ف.ب)
TT

العثور على أشرطة كاسيت تتضمن أغنيات غير معروفة لمايكل جاكسون

المغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون خلال حفل في سنغافورة في 1 سبتمبر 1993 (أ.ف.ب)
المغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون خلال حفل في سنغافورة في 1 سبتمبر 1993 (أ.ف.ب)

عُثِر في وحدة تخزين مهجورة في شمال لوس أنجليس على أشرطة كاسيت تحتوي على نحو 15 أغنية غير معروفة للمغني الأميركي الراحل مايكل جاكسون، وفق ما أفادت مجلة «هوليوود ريبورتر»، لكنّ هذه الأغنيات قد لا تصدر أبداً.

وأوضحت المجلة المتخصصة أن الشرطي السابق غريغ موسغروف عثر على هذه التسجيلات، ومن بينها أغنية ثنائية مع مغني الراب إل إل كول جاي، في وحدة تخزين يملكها المنتج الموسيقي براين لورين الذي تعاون مع النجم الراحل ولا يُعرف مكان وجوده راهناً.

وتعود التسجيلات وفقَ الشروح المدوّنة على أشرطة الكاسيت إلى مرحلة 1989 - 1991، قبل إطلاق ألبوم «دينجيروس» Dangerous الذي تضمّن أغنية «بلاك أور وايت» عام 1991.

وقال موسغروف لـ«هوليوود ريبورتر» عن الأشرطة المكتشفة «كنت أستمع إلى تلك التسجيلات وشعرت بالقشعريرة لأن أحداً لم يسبق أن سمعها. كان رائعاً حقاً سماع مايكل جاكسون وهو يتحدث ويمزح».

أشرطة تم العثور عليها في وحدة تخزين لورين («هوليوود ريبورتر»)

لكنّ المجلة أشارت إلى أن محبّي مايكل جاكسون لن يتمكنوا على ما يبدو من الاستماع لهذه الأغنيات إذ لن يتسنى إصدارها، نظراً إلى أن مؤسسة «جاكسون إستايت» التي تتولى إدارة ميراث النجم الراحل رأت أن امتلاك أشرطة الكاسيت لا يعني امتلاك حقوقها.

وأوضح ناطق رسمي باسم «جاكسون إستايت» لـ«هوليوود ريبورتر» أن هذه المقاطع الصوتية ليست «جديدة» وأن «في خزائن التركة» تسجيلات أصلية لها.

أما غريغ موسغروف فأمل في أن يكسب أكثر من مليون دولار من الأشرطة المكتشفة التي سيعرضها على دور مزادات، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبيعت نحو 350 مليون نسخة من أسطوانات مايكل جاكسون ومن بينها «ثريلر» Thriller الذي يُعد الألبوم الذي حقق أكبر مبيعات على الإطلاق. وفاز جاكسون بـ13 جائزة غرامي، وتوفي عن 50 عاماً في 25 يونيو (حزيران) 2009 في منطقة لوس أنجليس.