تنبؤات الخبراء بتسبب «كورونا» في زيادة الانتحار والعنف المنزلي تتحول إلى حقيقة

«كورونا» تسبب في ارتفاع نسبة المصابين بالاكتئاب (رويترز)
«كورونا» تسبب في ارتفاع نسبة المصابين بالاكتئاب (رويترز)
TT

تنبؤات الخبراء بتسبب «كورونا» في زيادة الانتحار والعنف المنزلي تتحول إلى حقيقة

«كورونا» تسبب في ارتفاع نسبة المصابين بالاكتئاب (رويترز)
«كورونا» تسبب في ارتفاع نسبة المصابين بالاكتئاب (رويترز)

في وقت مبكر من ظهور جائحة كورونا، أدت إجراءات الإغلاق والعزل المنزلي، التي استهدفت إبطاء تفشي الفيروس وإنقاذ الأرواح، إلى قلق الكثير من المتخصصين في الصحة العامة من أن الأمة قد تشهد أيضاً ارتفاعاً في حالات الانتحار، وتعاطي المخدرات والعنف المنزلي.
وبحسب شبكة «إيه بي سي نيوز» الأميركية، فقد أكد الخبراء أن هذه التنبؤات القاتمة تحققت بشكل كبير، بعد تسعة أشهر من إطلاقها. فقد أدت أوامر البقاء في المنزل وإغلاق المدارس إلى العزلة الاجتماعية والضغوط المالية الإضافية؛ الأمر الذي تسبب في ارتفاع نسبة المصابين بالاكتئاب، وبالتالي زاد من معدلات العنف والجريمة، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وقال الدكتور كين داكويرث، كبير المسؤولين الطبيين في التحالف الوطني للأمراض العقلية «فيروس كورونا تسبب في حالة من عدم اليقين لدى معظم البشر، وأثر على صحتهم العقلية بشكل كبير»، محذراً من تفشي «جائحة صحة عقلية» في وقت قريب.
ومن جهتهم، أكد الطبيبان النفسيان توماس هولمز وريتشارد راهي، أن وباء كورونا أدى إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب بالفعل بين الأميركيين، نتيجة تسببه في خسارة الوظائف وفقدان الأحبة.
ويحذر المختصون من أن «جائحة الصحة العقلية» ستؤثر خصوصاً على السود، وذوي الأصول الإسبانية، وكبار السن، والأشخاص ذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدني، والعاملين في مجال الرعاية الصحية.
ووجد مسح أجرته مراكز السيطرة على الأمراض الشهر الماضي على 5470 بالغاً أميركياً أن ثلثهم أبلغوا عن أعراض القلق أو الاكتئاب، وقال نحو 10 في المائة منهم إنهم فكروا في الانتحار.
وكان معدل الأفكار الانتحارية أعلى بين مقدمي الرعاية الذين لم يحصلوا على أجر، وذوي الأصول الإسبانية والسود.
بالإضافة إلى ذلك، فاقم وباء كورونا من أزمة تعاطي المخدرات، التي كانت تعتبر سابقاً أكبر تهديد للصحة العامة في الولايات المتحدة.
فبعد انخفاض نسب الوفيات بسبب الجرعات الزائدة من المخدرات بشكل كبير منذ عام 2017، بدأت الوفيات في الارتفاع مرة أخرى خلال الأشهر الماضية.
وقال الدكتور هارشال كيران، مدير مركز «ويلبريدج» الطبي لعلاج الإدمان «كنا نحقق نجاحاً كبيراً في مجال علاج الإدمان وتعاطي المواد الأفيونية، قبل الوباء، أما الآن فقد ساءت الأمور بشكل ملحوظ».
وأشار كيران إلى أن ذلك يرجع إلى العزلة والضغط الاقتصادي والصراع الأسري أثناء البقاء في المنزل.
وأبلغت أكثر من 40 ولاية أميركية عن زيادات في الوفيات المرتبطة بتعاطي المخدرات منذ تفشي الوباء، وفقاً للجمعية الطبية الأميركية، التي أكدت أن تعاطي الجرعات الزائدة ارتفع بنسبة 20 في المائة هذا العام بالعام الماضي.
أما فيما يخص العنف المنزلي، فقد أشارت بعض التقارير إلى أن الحوادث المبلغ عنها المرتبطة بهذه الأزمة آخذة في الارتفاع، مع قلق الكثير من الخبراء من أن الحالات المُبلّغ عنها ليست سوى جزء صغير من تلك التي تحدث في الواقع.
وقالت كيلي أوين، المسؤولة عن الخط الساخن الوطني للعنف المنزلي في مدينة نيويورك «المكالمات إلى الخط الساخن انخفضت في الأسابيع القليلة الأولى لظهور الوباء، وزادت بنسبة 30 في المائة في أبريل (نيسان) حتى وصلت إلى 76 في المائة بحلول أغسطس (آب)، وظلت مرتفعة حتى سبتمبر (أيلول)».
وتحذر الأمم المتحدة من أن الوباء من المرجح أن يقوض الجهود المبذولة لإنهاء العنف المنزلي على مستوى العالم، مشيرة إلى أن البقاء في المنزل قد يزيد من فرص بقاء المعتدين مع المعتدى عليهم لفترات أطول.
ونصح الخبراء المواطنين الذين يعانون من أي مشكلات نفسية أو يتعرضون لأي شكل من أشكال العنف بطلب المساعدة والرعاية الصحية اللازمة منعا لتفاقم الأزمة التي قد تودي بحياتهم.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.