رنا الليثي سفيرة جديدة لـ«الموضة المحافظة»

قالت لـ «الشرق الأوسط» إنه لا تعارض بين الحجاب والأناقة

مدونة الموضة البريطانية ذات الأصول المصرية رنا الليثي (الشرق الأوسط)
مدونة الموضة البريطانية ذات الأصول المصرية رنا الليثي (الشرق الأوسط)
TT

رنا الليثي سفيرة جديدة لـ«الموضة المحافظة»

مدونة الموضة البريطانية ذات الأصول المصرية رنا الليثي (الشرق الأوسط)
مدونة الموضة البريطانية ذات الأصول المصرية رنا الليثي (الشرق الأوسط)

أصبح جلياً أن خطوط الملابس المحافظة حجزت مقعداً في الصفوف الأولى لعالم الموضة، وكل يوم تؤكد أنها وجدت لتبقى وليست مجرد صرعة تزول بظهور أخرى، وذلك بفضل داعمي اتجاه الملابس المحافظة من المؤثرات اللاتي نجحن بجدارة في رسم ملامح جديدة للمرأة الشرقية العصرية. وأخيراً انضمت الشابة البريطانية صاحبة الأصول المصرية، رنا الليثي (21 عاماً)، إلى عالم تدوين الإطلالات المحافظة على «إنستغرام»، ونجحت خلال الأسابيع الأولى لانطلاق مدونتها أن تجذب أكثر من مائة ألف متابع، ليذيع صيتها كمؤثرة جديدة متوقع أن تضع لمستها على هذا السوق العملاق.
تقول رنا الليثي لـ«الشرق الأوسط»: «بعد تخرجي في جامعة SOAS البريطانية بدرجة بكالوريوس إدارة الأعمال، عملت في مجال الاستشارات الإدارية في بريطانيا، لكن هناك حلم آخر كان يراودني، وربما رسالة أحملها للعالم كوني فتاة شرقية محجبة نشأت في مجتمع غربي. فأنا عاشقة للموضة ولي أسلوبي الخاص الذي يجمع بين الأزياء السبور والأناقة، بما يتوافق مع معايير الموضة المحافظة التي أرى فيها فرصة للتعبير».
وتضيف: «بعد إطلاق المدوّنة بأسابيع تلقيت الكثير من الدعم والرسائل المشجعة من قبل المتابعين، حتى حصلت على جائزة أفضل مدونة لعام 2020 من قبل علامة (إيما)».
تجربة فتاة شرقية مسلمة نشأت وسط مجتمع غربي، بالطبع تجربة غنية لم تمر إلا بأسرة لديها الوعي الكافي للتعامل مع التناقضات. وتقول رنا عن تجربة نشأتها في لندن: «تلقّيت دعماً كاملاً من قبل أسرتي في جميع القرارات التي اتّخذتها في حياتي. حظيت بحرية ممارسة كل ما يمتعني، فإنا فتاة محظوظة بأسرة احترمت اهتماماتي». وتردف: «وبالتالي تعلّمت أهميّة احترام ذاتي واحترام الآخرين بمختلف معتقداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم، من ثم أحترم الأزياء التي تعبر عن كل شخص دون أحكام».
وفق كل تلك العوامل رسمت الليثي شخصية المدوّنة التي أطلقتها على «إنستغرام»، التي تقول عنها: «كان هدفي من التدوين هو التعبير عن الموضة (المحافظة) التي لا تعوق الحياة العصرية، من هنا أمزج في إطلالاتي بين معايير الأسلوب الشرقي وبين وظيفية الأسلوب الغربي».
لكن في الواقع فإن بعض المؤثرات المحجبات يتعرضن للانتقاد بدعوى أن «الحجاب يتناقض مع الأناقة»، وهو ما تختلف معه المدونة رنا الليثي بشدة، وتقول: «أندهش حقيقة عندما يقال إن الحجاب يلغي الأناقة والعكس، وأتذكر بأنه خلال دراستي الجامعية في بريطانيا كان العديد من صديقاتي يثنون على تناغم حجابي وألوانه مع الأزياء السبور التي أميل لها، حتى إن البعض كان يقول إن هذا الأسلوب يجعل الحجاب فكرة مقبولة بل ومحببة لديهم»، وتستكمل: «القبول الاجتماعي هو الأساس، أما تصنيف المحجبة بأنها ليست أنيقة فهذا غير مُنصف، فليس هناك أي تعارض بين الحجاب والأناقة».
وعلى غير المتوقع، يبدو أن نظرة رنا لوباء كورونا كانت إيجابية، حتى إنها استغلت توقف الحياة في بداية انتشار الوباء لتنطلق نحو عالم تدوين الموضة، وتوضح: «رهاب العزلة دفع الناس نحو مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت هي النافذة الوحيدة الآمنة، فخلال الجائحة تمكنت من تعزيز المحتوى الذي أقدمه، وزيادة أعداد المتابعين». وتشرح: «مجال الموضة كان من ضمن الأنشطة التي حازت قبول العديد من المتابعين، لا سيما أن أصحاب العلامات التجارية استغلوا فترات الحجر لتنشيط عمليات التسوق الإلكتروني». وبناءً على أن سوق الملابس المحافظة في تصاعد، مما يفسح المجال لعلامات ناشئة لها مذاق نابع من الأسلوب الشرقي، أفصحت المؤثرة رنا الليثي عن أنها لن تتوقف عند التدوين فحسب، وتقول: «خططي القريبة بعد تحقيق الانتشار على المستوى الإقليمي والعالمي، إطلاق علامة تجارية ذات هوية شرقية مميزة تستهدف امرأة شرقية، إيجابية، تسعى للكمال، مرحة». وتضيف: «معظم المتابعين لحسابي متعطشون لكل ما هو جديد في مجال الموضة، فقد سئموا من التصميمات المُكررة بل والمقلدة كذلك».
التأثير كما تراه رنا الليثي ينبع من المصداقية مع المتابعين، وتقول: «أشعر بالمسؤولية كمؤثرة في مجال الموضة، فعلي أن أقدم لهن الجديد، فالهدف الأساسي ليس الشهرة، لكنه تثقيف المرأة العربية والشرقية بأهمية أن تعبّر عن نفسها بطريقة مستقلة، لأن كل امرأة تستطيع التعبير عن جمالها الداخلي والخارجي بكل سهولة». وتضيف: «وكم أتمنى أن أرى المرأة العربية متمتعة بالاستقلالية والجرأة والثقة في نفسها من خلال ما ترتديه ويعبّر عنها وعن شخصيتها الفريدة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».