الحريري يؤكد عزمه تشكيل حكومة اختصاصيين والتزامه المبادرة الفرنسية

الكتل النيابية ستسمي وزراء غير سياسيين

الرئيس سعد الحريري خلال لقائه مع كتلة «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل أمس (الوطنية)
الرئيس سعد الحريري خلال لقائه مع كتلة «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل أمس (الوطنية)
TT

الحريري يؤكد عزمه تشكيل حكومة اختصاصيين والتزامه المبادرة الفرنسية

الرئيس سعد الحريري خلال لقائه مع كتلة «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل أمس (الوطنية)
الرئيس سعد الحريري خلال لقائه مع كتلة «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل أمس (الوطنية)

أكد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، أنه سيعمل على تشكيل حكومة اختصاصيين، داعياً الجميع إلى وضع الخلافات جانباً، وواعداً بتنفيذ الإصلاحات الواردة في ورقة المبادرة الفرنسية.
وقال الحريري في ختام استشارات التأليف مع الكتل النيابية، أمس: «سنشكّل حكومة اختصاصيين تقوم بالعمل حسب الورقة الإصلاحية الفرنسية التي تتضمن إصلاحات كان يجب أن نقوم بها منذ وقت طويل»، مشيراً إلى أن «هناك انهياراً في البلد وعلينا التعامل مع هذه الفرصة بوضع الاختلاف جانباً وأن نكون إيجابيين حتى نستعيد الثقة، إنْ كان بين المواطن والدولة أو بين الدولة والمجتمع الدولي».
وأكد: «الطريق الوحيد هو الإسراع في تشكيل حكومة تعمل على هذه الإصلاحات وعلى برنامج صندوق النقد، عندها نكون قد أوصلنا البلد إلى وقف الانهيار وإعادة إعمار بيروت». وشدد على أنه لن يحيد «عن أي إصلاح مذكور في الورقة الفرنسية، ويجب أن نحدد الأهداف ونعمل لتحقيقها».
ووصفت مصادر عدة لقاءاته مع الكتل بالإيجابية، وكان الأبرز اللقاء الذي جمع الحريري مع رئيس كتلة التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بعد مرحلة من الخصومة السياسية شهدت حملات واتهامات متبادلة بين الطرفين.
ولم تختلف المواقف السياسية للكتل عما أعلنته يوم تسمية الحريري، لا سيما لجهة المطالبة بالإسراع بتشكيل الحكومة التي سبق أن أكد الرئيس المكلف أنه سيعمل على تأليفها من اختصاصيين غير حزبيين. وقالت مصادر نيابية شاركت في اللقاء لـ«الشرق الأوسط» إنه بات من المسلّم به من كل الأفرقاء أن الحكومة ستكون من اختصاصيين تقوم الكتل النيابية التي لها الكلمة في منحها الثقة في البرلمان، بتسميتهم على ألا يكونوا من الحزبيين أو من الأسماء الاستفزازية، بعدما بات الجميع مقتنعاً بأن مجلس الوزراء الذي يفتقر للخلفية السياسية سيقع بالكثير من المطبات ويواجه العقبات.
وأكدت المصادر أن الحريري بدا متفائلاً بإمكانية نجاحه في تشكيل الحكومة في وقت سريع، وأكد أنه منفتح على النقاش والحواء مع الجميع، وسيعمل على تأليف حكومة ذات مهمات واضحة لإنقاذ لبنان انطلاقاً من المبادرة الفرنسية.
وكان الحريري قد بدأ يوم لقاءاته بالاجتماع مع رئيس البرلمان نبيه بري، ثم رئيسي الحكومة السابقين نجيب ميقاتي وتمام سلام، ونائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي، لتتوالى بعدها لقاءاته مع الكتل والنواب المستقلين.
وطالبت كتلة التنمية والتحرير (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري) التي تحدث باسمها النائب أنور الخليل، بتشكيل حكومة من الاختصاصيين، وقال بعد لقاء الرئيس المكلف: «ركّزنا على ضرورة تشكيل حكومة اختصاصيين والبدء بالإصلاحات»، مشدداً على ضرورة أن يحظى ملف الكهرباء بكثير من الاهتمام في الإصلاحات».
وفيما أكدت مصادر مطّلعة على أجواء اللقاء بين الحريري وباسيل أنه كان تأكيداً من الطرفين على الاستعداد للتعاون، وضع رئيس «الوطني الحر» لقاءه مع الرئيس المكلف في خانة الواجب الدستوري وطالب بحكومة تكنوسياسية. وقال: «كان حديثنا مسؤولاً وصريحاً ومنفتحاً، وهذا يؤكد أنْ لا مشكلة شخصية». وأكد: «نحن إيجابيون إلى أقصى الحدود، وهمّنا تشكيل حكومة تستطيع ‏تنفيذ البرنامج الإصلاحي في المبادرة الفرنسية». وأضاف: «لم نطرح أي طلب أو أي شرط سوى أن تكون هناك معايير موحدة لكل المكونات، أما اعتماد مكاييل ومعايير غير موحدة فهذا يؤدي إلى العرقلة». وطالب بـ«أن تكون الحكومة تكنوسياسية، بمعنى أن تكون ذات دعم سياسي، والأهم أن يكون الوزراء ذوي اختصاص وخبرة».
وطالبت كتلة «الحزب التقدمي الاشتراكي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط، بتشكيل الحكومة «في أسرع وقت وألا يعرقل البعض التشكيل وأن تكون حكومة اختصاصيين وفقاً للمبادرة الفرنسية».
ودعت «كتلة اللقاء التشاوري» (نواب سنة مقربون من «حزب الله») التي رفضت تسمية الحريري في الاستشارات، إلى تشكيل «حكومة قادرة على المواجهة وحاصلة على أكبر دعم سياسي وشعبي».
وكتلة «حزب القوات» التي لم تسمِّ الحريري موقفها لجهة ضرورة تشكيل حكومة من اختصاصيين غير سياسيين. وقال باسمها النائب جورج عدوان: «لا نريد شيئاً إطلاقاً ولا مطالب ولا شروط، وما ‏طلبناه من الحريري يتعلق بهموم اللبنانيين ومشكلات الناس والقضايا ‏التي يجب حلها».



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.