البنك الدولي يقترح إنشاء سوق رقمية شرق أوسطية مشتركة لتخطي الجائحة

عمّق توقعات الانكماش في 2020... وترقّب انتعاشاً جزئياً العام المقبل

مقر البنك الدولي» في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
مقر البنك الدولي» في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
TT

البنك الدولي يقترح إنشاء سوق رقمية شرق أوسطية مشتركة لتخطي الجائحة

مقر البنك الدولي» في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
مقر البنك الدولي» في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

خفّض البنك الدولي، اليوم (الاثنين)، توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى انكماش بواقع 5.2 في المائة عام 2020. مقترحاً إنشاء سوق رقمية مشتركة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحيث تحسن بلدان المنطقة كلاً من التجارة والربط الرقمي مع أسواق أوسع في أفريقيا وبلدان البحر المتوسط، لافتاً إلى أن هذا من شأنه أن يساعد على زيادة الإنتاجية، وتشجيع فرص العمل الشاملة المرنة والمستدامة في المنطقة.
وأوضح البنك في تقرير أحدث المستجدات الاقتصادية، الصادر بعنوان «تعزيز التعاون التجاري، إحياء التكامل الإقليمي لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا في عصر ما بعد جائحة كورونا»، الصادر مساء اليوم الإثنين، أن هذه التوقعات تأتي بانخفاض 4.1 في المائة عن التوقعات في أبريل (نيسان) 2020 وبواقع 7.8 في المائة عن توقعات أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وأضاف البنك، في تقريره، أنه من المتوقع أن يتعافى اقتصاد المنطقة جزئياً عام 2021؛ حيث تعكس البيانات توقعات متشائمة بشكل متزايد لاقتصاد المنطقة، مشيراً إلى تدهور التوقعات لحسابات المعاملات الجارية وأرصدة المالية العامة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدهوراً حاداً؛ ومتوقعاً أن تسجل أرصدة المعاملات الجارية والموازنة بالمنطقة عام 2020 «- 5» في المائة و«- 10.2» في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي، وهما نسبتان أسوأ كثيراً من التوقعات في أكتوبر 2019.
وتوقع التقرير أن يصعد الدين العام في المنطقة في السنوات القليلة المقبلة، من نحو 45 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2019 إلى 58 في المائة عام 2022. وقال الخبير الاقتصادي بالبنك، ها نغوين: «تستمر الجائحة في إلحاق خسائر اقتصادية، ويتأثر الفقراء والمحرومون بشكل غير متناسب، وتشير توقعات النمو لعام 2021 إلى أن الانتعاش السريع على شكل حرف V غير محتمل، على الرغم من أن التوقعات دائمة التغير، وتخضع لحالة شديدة من عدم اليقين».
وذكر البنك أن التجارة والتكامل داخل المنطقة، ومع بقية بلدان العالم، سيشكلان عاملاً حيوياً في خفض معدلات الفقر وإحياء النمو الاقتصادي في مرحلة ما بعد «كورونا»، مقترحاً إطاراً جديداً للتكامل التجاري يتجاوز خفض الرسوم الجمركية؛ حيث يكون هناك تحسين لبيئة أنشطة الأعمال عموماً، وتشجيع دور القطاع الخاص.
وأشار البنك، في تقريره، بوجود إطار منسق للتكامل التجاري يعمل على تيسير سلاسل القيمة الإقليمية، ويمهد الطريق للاندماج بشكل أفضل في سلاسل القيمة العالمية.
ويوصي التقرير بالتركيز على التجارة إقليمياً في قطاعات مثل الأمن الغذائي، والنظم الصحية، والطاقة المتجددة، واقتصاد المعرفة، ويقترح إنشاء سوق رقمية مشتركة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحيث تحسن بلدان المنطقة كلاً من التجارة والربط الرقمي مع أسواق أوسع في أفريقيا وبلدان البحر المتوسط، لافتاً إلى أن هذا من شأنه أن يساعد على زيادة الإنتاجية، وتشجيع فرص العمل الشاملة المرنة والمستدامة في المنطقة.
وقال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج: «كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتعرض لمشكلات اقتصادية قبل جائحة كورونا، وبعد مرور 6 أشهر على التفشي، يمكننا أن نرى بوضوح صارخ شدة الدمار الذي لحق بالأرواح وسبل العيش والرخاء على مستوى المنطقة».
وأكد بلحاج استمرار البنك الدولي في مساعدة بلدان المنطقة على وقف انتشار المرض وحماية ورعاية شعوبها، مشدداً على أهمية أن تولي بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأولوية القصوى للشفافية والحوكمة وسيادة القانون والقدرة على المنافسة في السوق، وغرس الثقة، وتعزيز القطاع الخاص، وبناء إطار جديد للتكامل الاقتصادي الإقليمي المستدام، وهو الأمر الذي سيجعل التجارة أداة قوية لتخفيف حدة الفقر وزيادة إمكانية الجميع في الوصول للفرص.
وفقاً للتقرير، كان أداء التكامل داخل المنطقة ومع بقية أنحاء العالم ضعيفاً قبل تفشي الجائحة، بسبب ضعف الأداء اللوجستي، وعدم كفاءة الجمارك، وارتفاع تكلفة البنى التحتية، وعدم كفاية الأطر القانونية للاستثمارات، وتضارب الأنظمة التي تزيد من التكلفة المرتفعة للتجارة وأصبحت تمثل حواجز غير جمركية أمام التجارة، كما أن عقبات الاقتصاد السياسي حالت دون التعاون.
ولفت التقرير إلى صعوبة الحصول على الائتمان في المنطقة، وهو يقل عن أي منطقة أخرى من مناطق العالم، وتكلف التجارة عبر الحدود في المتوسط 442 دولاراً وتستغرق 53 ساعة للامتثال للمتطلبات الحدودية للتصدير، فالتكلفة أعلى 3 مرات، والمدة تزيد 4 مرات عن المتوسط في البلدان المرتفعة الدخل بمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
وقالت بلانكا مورينو دودسون، مديرة مركز التكامل المتوسطي ورئيسة فريق إعداد التقرير: «التحدي المتمثل في التغلب على العقبات السياسية والاقتصادية التي تعترض اندماج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صعب في الأوقات العادية، وتفرض الجائحة صعوبة إضافية، وتمثل الأزمة الصحية والاقتصادية فرصة سانحة لبلدان المنطقة كي تعيد التفكير في سياساتها المالية وتعزيز التكامل التجاري، وخفض الاعتماد على النفط».


مقالات ذات صلة

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.