روسيا تعدّ تقارير «حظر الكيماوي» في سوريا «مسيّسة ومنحازة»

TT

روسيا تعدّ تقارير «حظر الكيماوي» في سوريا «مسيّسة ومنحازة»

وجّهت وزارة الخارجية الروسية انتقادات لاذعة لنشاط منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ورأت أن تقاريرها بشأن الهجمات الكيماوية على سوريا «بعيدة من الموضوعية والعمل المهني» واتهمت المنظمة بأنها «منحازة» وتسيطر «التوجهات السياسية على تقاريرها».
وتحول موضوع «الكيماوي السوري» إلى واحد من أبرز عناصر المواجهة بين موسكو والمنظمة الدولية، على الرغم من بروز توتر جديد في العلاقة بين الطرفين على خلفية مطالبة المنظمة أخيراً بتحقيق شفاف حول السلاح الكيماوي الروسي، وآليات تطوير مواد كيماوية سامة، على خلفية قضية تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني.
وفي حين أن موسكو تجاهلت الإشارات التي صدرت من المنظمة حول هذا الموضوع، فإنها شددت من انتقاداتها لعمل المنظمة الدولية في مسار «الكيماوي السوري». وشددت الخارجية الروسية في بيان على أن الأنشطة التي تمارسها بعثة تقصي الحقائق الخاصة بمزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا «لا ترقى إلى مستوى التحقيق الموضوعي ولا تلتزم الحياد والمهنية» وزادت أن البعثة التابعة لمنظمة حظر السلاح الكيماوي «تجاهلت في نشاطاتها ضرورة الالتزام الصارم بكل بنود معاهدة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية».
وأوضحت الوزارة أن البعثة «تُجري عادةً تحقيقاتها في سوريا عن بُعد دون زيارة أماكن الهجمات المزعومة»، مشيرةً إلى أن مصدر المعلومات الأساسي للبعثة هو «وسائل التواصل الاجتماعي ومنظمات غير حكومية مرتبطة بالجماعات الإرهابية».
وحمل بيان الخارجية الروسية انتقاداً حاداً بسبب «اعتياد الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية أن تُصدر تقارير البعثة بمناسبة جلسات تعقدها الهيئات الإدارية للمنظمة مع مجلس الأمن الدولي».
وعكس هذا الانتقاد استياء روسيا من طرح هذه التقارير وإثارة ملف الكيماوي السوري مجدداً، في أثناء الرئاسة الحالية لروسيا في مجلس الأمن.
وأشارت الخارجية الروسية بوجه خاص، إلى تقريري بعثة تقصي الحقائق بشأن الحادثين الكيماويين في حلب وسراقب، ورأت أن التقريرين «أكدا مجدداً التحيز السياسي للإدارة الحالية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في القضايا المتعلقة بسوريا».
ولفتت الوزارة إلى أن التقريرين «خلصا إلى عدم توفر المعطيات الكافية لتأكيد حالتي استخدام السلاح الكيماوي في حلب وسراقب»، علماً بأن الجيش السوري أعلن عن الهجوم في حلب في الحالة الأولى، بينما كشفت المعارضة ومنظمة «الخوذ البيضاء» عن الهجوم في الحالة الثانية.
ورجح البيان أن «أمانة المنظمة حاولت بذلك أن تُظهر للرأي العام الدولي ابتعادها سياسياً بمسافة متساوية عن الأطراف كافة»، لكنه رأى في الوقت ذاته، أن جوهر التقريرين «يُظهر أن الحديث لا يدور عن أي توازن».
وأوضحت الوزارة أن المنظمة في التقرير بشأن حلب تجاهلت «الأدلة القاطعة التي قدمها على وجه الخصوص العسكريون الروس»، وأشارت إلى أن «التقرير الثاني أكد فقط أن الهجوم المزعوم في سراقب لم يكن سوى استفزاز كيماوي جديد من المعارضة».
واللافت أن موسكو كانت قد عمدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية في كل مرة تنعقد فيها اجتماعات في مجلس الأمن أو اجتماعات للمنظمة الدولية لحظر الكيماوي إلى «التحذير من مخطط تعده المعارضة السورية بالتعاون مع الخوذ البيض لتنفيذ استفزاز كيماوي في إدلب». واستندت البيانات العسكرية الروسية في كل التحذيرات على «معلومات نقلها سكان محليون وشهود عيان» حول قيام «متطرفين بنقل عبوات وتحضير وسائل تصوير لتصوير الهجوم المزعوم». وفضلاً عن أنه لم يقع أي هجوم من تلك التي حذرت منها موسكو، فإن روسيا التي تنتقد آليات عمل البعثة الدولية لأنها تستند إلى مصادر المعارضة، لم توضح مصادرها حول «الاستفزازات» المزعومة في أي مرة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».