«الحمار السعيد» يعالج الأطباء من إجهاد «كورونا» (صور)

مسؤول جمعية «إل بوريتو فيليس» لويس بيخارانو مع أحد الحمير (أ.ف.ب)
مسؤول جمعية «إل بوريتو فيليس» لويس بيخارانو مع أحد الحمير (أ.ف.ب)
TT

«الحمار السعيد» يعالج الأطباء من إجهاد «كورونا» (صور)

مسؤول جمعية «إل بوريتو فيليس» لويس بيخارانو مع أحد الحمير (أ.ف.ب)
مسؤول جمعية «إل بوريتو فيليس» لويس بيخارانو مع أحد الحمير (أ.ف.ب)

توفّر إحدى الجمعيات في إسبانيا جلسات استرخاء مجانية للعاملين في قطاع الرعاية الصحية، تشكّل علاجاً لهم من الإرهاق والإجهاد العصبي الناتجَين مِن مشاركتهم في مكافحة فيروس «كورونا» المستجد، والمميّز في هذا العلاج أنّه بواسطة الحمير، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وتصرخ الممرضة مونيكا موراليس فرحاً وهي تحمل بين ذراعيها جحشاً عمره عشرة أيام. ويشكّل حَملُ هذا الحمار الصغير طريقة ترتاح من خلالها، وهي فرصة وفرتها لها جمعية «إل بوريتو فيليس» أو «الحمار السعيد».
وتقول مونيكا التي عملت شهرين في أحد مستشفيات مدريد خلال الربيع، أي في ذروة أزمة «كورونا»: «ما عشناه خلال الموجة الأولى من الجائحة كان ظالماً، وها هو الأمر يتكرر اليوم».


وتضيف الممرضة التي أصبحت الآن تعمل في هويلفا (جنوب): «ثمة المزيد من المرضى والمزيد من التشنج، إنْ بين الزملاء، أو حتى في الشارع»، وتتابع وهي تشير إلى الحمير: «المكوث معها يساعدني كثيراً».
وقد أُطلق مشروع «الدكتور حمار» في نهاية يونيو (حزيران)، ويهدف إلى مساعدة العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين تأثروا نفسياً ومعنوياً بمشاركتهم في معركة مكافحة فيروس «كورونا». وأدت الجائحة في إسبانيا إلى إصابة نحو مليون شخص، توفي منهم أكثر من 33 ألفاً.
ويُستخدَم العلاج بواسطة الحيوانات لمواجهة الإجهاد العصبي والاكتئاب والقلق، لكنّ المألوف هو الاستعانة بالأحصنة، لا الحمير.


وتملك جمعية «إل بوريتو فيليس» في موقع ريفي قرب متنزه دوفيانا في منطقة الأندلس (جنوب) 23 حماراً سبق أن استُعين بها لمساعدة مرضى ألزهايمر أو أطفال يعانون اضطرابات.
ويقول مسؤول الجمعية لويس بيخارانو (57 عاماً): «إنها مسألة صحة نفسية، الإجهاد الكبير الذي تتسبب به مكافحة (كوفيد – 19) يومياً يستنزف العاملين في مجال الرعاية لكنهم ينهضون مجدداً هنا بفضل العلاج بالحمير وسط غابة رائعة الجمال».
ويلاحظ بيخارانو أن هؤلاء «يشحنون بطارياتهم هنا قبل أن يعودوا إلى المعركة» ضد الجائحة.
وقد خطرت فكرة هذا العلاج لمسؤول الجمعية عندما قرأ كتاباً عن «حمامات الغابة» التي تُستخدم في اليابان كعلاج من الإجهاد العصبي والاكتئاب.
وتشير طبيبة الأورام ماري باز لوبيز (31 عاماً) التي شاركت في المشروع إلى أن العاملين في مجال الرعاية الصحية يعانون «القلق والإجهاد» نظراً إلى أنهم معرّضون لخطر الإصابة بالعدوى أو لنقلها إلى زملائهم أو عائلاتهم أو إلى المرضى الذين لا يتمتعون بمناعة كافية.


وثمة خطر فعليّ على العاملين في مجال الرعاية في إسبانيا، إذ إن 10% منهم أُصيبوا، وهي نسبة تبلغ ضعف نسبة الإصابات بين مجمل السكان، وتعد من الأعلى في العالم.
وترى ماري باز التي كانت تشعر بتحسّن بعدما تنزهت لمدة ساعة في الغابة مع حمار سُمي «ماغاليانس» (ماجلان) أن «الحيوانات تعطي الكثير من الحنان وتولّد شعوراً بالراحة لأنها ناعمة وهادئة، وهي تساعدنا كي ننسى».
وبعد أن يتعرف متخصصو الرعاية المشاركون في البرنامج إلى الحمار، يذهبون في نزهة على مسار محدد يرافقهم فيها مرشد، وعندما يشعرون بالثقة يستطيعون أن يعودوا إلى الغابة بمفردهم مع الحمار ويمكثوا فيها وقتاً أطول، إذا شاؤوا.
وتؤكد العالمة النفسية ماريا خيسوس أركي التي شاركت في وضع البرنامج، أن التواصل مع حيوان في الغابة يسمح للشخص بأن يتصرف بحريّة أمام من لن يصدر أحكاماً عليه.
وشرحت أن الدراسات أظهرت أن العلاج بواسطة الحيوانات يمكن أن ينشّط هرمون الأوكسيتوسين المرتبط بالمتعة، ويزيد مستوى الإندورفين ويقلل الكورتيزول، وهو هرمون التوتر.
ووثّقت الدكتورة نيفيس دومينغيز أغويرو (49 عاماً) زيارتها خلال الصيف إلى «الحمار السعيد» بلوحة جدارية في عيادتها تمثّل ممرضة أسندت رأسها على خطم حمار.
ولا تزال عينا هذه الطبيبة تدمعان عند الحديث عن الموجة الأولى من الوباء، إذ تستذكر المرضى المتروكين في الممرات بسبب قلّة عدد الأسرّة ما أدى إلى وفاة كثر منهم من دون أن يتمكنوا من رؤية أحبائهم.
وتقول ضاحكة إن تجربتها مع الحمير كانت «رائعة» و«لا تُصدّق»، مبديةً أسفها لكون المكان «بعيداً جداً» عن العاصمة.
وحتى اليوم، شارك 25 طبيباً وممرضة في المشروع الذي كان من المقرر أن يستمر إلى نوفمبر (تشرين الثاني) لكن لويس بيخارانو بات يفكّر في تمديده، لأن الجائحة قد تستمر «سنوات».


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
TT

العُلا... إلى تعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا

جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)
جانب من المشاركين في عرض «مسارات» في العلا (الشرق الأوسط)

وسط أجواء من العراقة التي تتمثّل بها جبال العلا ووديانها وصحرائها، شمال السعودية، احتفلت، الجمعة، «فيلا الحجر» و«أوبرا باريس الوطنية» باختتام أول برنامج ثقافي قبل الافتتاح في فيلا الحجر، بعرض قدّمته فرقة باليه الناشئين في أوبرا باريس الوطنية.

«فيلا الحجر» التي جاء إطلاقها خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، في 4 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تعدّ أول مؤسسة ثقافية سعودية - فرنسية تقام في السعودية، لتعزيز الدبلوماسية الثقافية على نطاق عالمي من خلال التعاون والإبداع المشترك، بما يسهم في تمكين المجتمعات ودعم الحوار الثقافي، وتعد أحدث مشروعات الشراكة الاستراتيجية بين «الهيئة الملكية لمحافظة العُلا»، و«الوكالة الفرنسية لتطوير العُلا».

وبمشاركة 9 راقصات و9 راقصين تراوح أعمارهم بين 17 و22 عاماً من خلفيات متنوعة، أدّى الراقصون الناشئون، تحت إشراف مصمم الرقصات الفرنسي نويه سولييه، عرضاً في الهواء الطلق، على الكثبان الرملية، ووفقاً للحضور، فقد نشأ حوار بين حركاتهم والطبيعة الفريدة للصخور والصحراء في العلا، لفت انتباه الجماهير.

تعزيز التبادل الثقافي بين الرياض وباريس

وأكد وجدان رضا وأرنو موراند، وهما القائمان على برنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح الموسم 2023 - 2024 لـ«الشرق الأوسط» أنه «سعياً إلى تحقيق الأهداف الأساسية لبرنامج ما قبل الافتتاح لـ(فيلا الحجر)؛ جاء (مسارات) أول عرض إبداعي للرقص المعاصر تقترحه الفيلا». وحول إسهامات هذا العرض، اعتبرا أنه «سيسهم في تحديد ما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم العلاقة بأرض العلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية».

من جهتها، شدّدت فريال فوديل الرئيسة التنفيذية لـ«فيلا الحجر»، لـ«الشرق الأوسط» على التزامهم «بتقديم عروض لفنون الأداء وتسليط الضوء على الطاقة الإبداعية للمواهب السعودية والفرنسية والدولية» مشيرةً إلى أن شراكة الفيلا مع أوبرا باريس الوطنية، من شأنها أن «تعزِّز وتشجّع التعاون والحوار الثقافي بين السعودية وفرنسا، وعلى نطاق أوسع بين العالم العربي وأوروبا، إلى جانب تشكيل فرصة فريدة لصنع إنجازات ثقافية تتميز بالخبرة في بيئة فريدة ولجمهور من كل الفئات».

«مسارات»

وبينما أعرب حضور للفعالية من الجانبين السعودي والفرنسي، عن إعجاب رافق العرض، واتّسم باستثنائية تتلاءم مع المكان بعمقه التاريخي وتشكيلاته الجيولوجية، أكّد مسؤولون في «فيلا الحجر» أن عرض «مسارات» جاء تحقيقاً للأهداف الأساسية لبرنامج «فيلا الحجر» لما قبل الافتتاح، حيث يعدّ أول عرض إبداعي للرقص المعاصر على الإطلاق تقترحه المؤسسة المستقبلية، وتوقّعوا أن يُسهم العرض في تحديد ما يمكن أن تسهم به هذه المؤسسة الثقافية لتعزيز التبادل الثقافي بين السعودية وفرنسا، من خلال فهم علاقتها بأرض العُلا التاريخية، وبجعلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأجواء الطبيعية للمنطقة وبالبيئة الحضرية.

وانتبه الحضور، إلى أنه احتراماً للمكان الغني بالتنوع البيولوجي وبتاريخه الممتد إلى آلاف السنين (العلا)، جاء العرض متحفّظاً وغير تدخلي، فلم تُستخدم فيه معدات موسيقية ولا أضواء، بل كان مجرد عرض مكتف بجوهره، في حين عدّ القائمون على العرض لـ«الشرق الأوسط» أنه حوارٌ مع البيئة الشاسعة التي تحتضنه وليس منافساً لها.

15 لوحاً زجاجياً يشكّلون عملاً فنياً معاصراً في العلا (الشرق الأوسط)

«النفس – لحظات طواها النسيان»

والخميس، انطلق مشروع «النفس – لحظات طواها النسيان» بعرض حي، ودُعي إليه المشاركون المحليون للتفاعل مع المنشأة من خلال التنفس والصوت؛ مما أدى إلى إنتاج نغمات رنانة ترددت في أرجاء الطبيعة المحيطة، ووفقاً للقائمين على المشروع، فإن ذلك يمزج العمل بين التراث، والروحانية، والتعبير الفني المعاصر، مستكشفاً مواضيع خاصة بمنطقة العلا، مثل العلاقة بين الجسد والطبيعة.

وكُشف النقاب عن موقع خاص بالمنشأة والأداء في العلا، حيث يُعدّ المشروع وفقاً لعدد من الحاضرين، عملاً فنياً معاصراً من إنتاج الفنانة السعودية الأميركية سارة إبراهيم والفنان الفرنسي أوغو شيافي.

يُعرض العمل في موقعين مميزين بالعلا، حيث تتكون المنشأة في وادي النعام من 15 لوحاً زجاجياً مذهلاً يخترق رمال الصحراء، بينما تعكس المنحوتات الزجاجية المصنوعة يدوياً جيولوجيا المنطقة في موقع «دار الطنطورة».