صفية العمري لـ«الشرق الأوسط»: ما زلت أعمل بروح الهواة

قالت إنها غير راضية عن مشاركتها في الجزء السادس من «ليالي الحلمية»

العمري في لقطة من مسلسل «ليالي الحلمية»
العمري في لقطة من مسلسل «ليالي الحلمية»
TT

صفية العمري لـ«الشرق الأوسط»: ما زلت أعمل بروح الهواة

العمري في لقطة من مسلسل «ليالي الحلمية»
العمري في لقطة من مسلسل «ليالي الحلمية»

قالت الفنانة المصرية صفية العمري، إن موهبة الفنان الحقيقي لا تنطفئ إلا بموته، وإن عطاءه يجب أن يستمر ولا يتوقف، وأكدت خلال حوارها مع «الشرق الأوسط» أنها لن تتنازل عن الظهور في أدوار تليق بها وبمشوارها الفني، ولن تضحي بما حققته. وكشفت أنها صورت أخيراً فيلماً روائياً قصيراً بعنوان «كان لك معايا» أمام الفنان محمود قابيل، وإخراج روجينا بسالي، وهو فيلم رومانسي. ولفتت إلى أنها حفرت اسمها في الفن بجهدها وإصرارها.
وبينما تغيب صفية العمري عن شاشتي السينما والتلفزيون منذ سنوات، فإن الأفلام والمسلسلات التي شاركت فيها خلال العقود الماضية لا تزال تعرض على الفضائيات المصرية والعربية حتى الآن، بعدما حققت من خلالها بصمة فنية جيدة، لملامحها المميزة.
وقدمت صفية مائة فيلم مع كبار المخرجين، أمثال يوسف شاهين وصلاح أبو سيف، من بينها «المصير»، و«المواطن مصري»، كما وقفت أمام كبار نجوم الفن، أمثال عمر الشريف وأحمد زكي ويحيى الفخراني، ونالت جوائز وشهادات تقدير عديدة، واختيرت سفيرة للنيات الحسنة بالأمم المتحدة.
لا تؤمن صفية العمري كثيراً بالحظ فيما حققته كممثلة، وإنما بالاجتهاد: «لا أقول عن نفسي إنني محظوظة؛ لأن ما حققته يرجع لاجتهادي، وما دمت أتعامل مع الأمور بجدية وأجتهد قدر استطاعتي فسوف أنجح. وقد حفرت اسمي بنفسي وتعبت لذلك، وجاء اختيار المخرجين الكبار لي نتيجة هذا الاجتهاد، وثقتهم في قدراتي كممثلة، فلم يساعدني أحد في اختياراتي، وكنت أعتمد على حاستي الفنية، فإذا قرأت عملاً واقتنعت به وأحسست بالشخصية كنت أوافق عليه. وعانيت طويلاً لإثبات نفسي وسط نجمات السينما المصريات، إذ كانت تسبقني نجلاء فتحي وميرفت أمين، بينما ظهرت أنا ويسرا في توقيت متقارب؛ بل إن فيلمها الأول (قصر في الهواء) عُرض عليَّ في البداية؛ لكنني كنت أرفض دخول مجال التمثيل في ذلك الوقت، ولم يكن التمثيل من بين طموحاتي. كنت أهوى الموسيقى والرسم، فتقدمت للعمل كمذيعة بالتلفزيون، واجتزت كل الاختبارات، ونشرت لي الصحف صورة وقتها، وفوجئت بالمنتج الكبير رمسيس نجيب يتصل بي، ويقول: (أنت تصلحين كممثلة سينمائية وليس كمذيعة تلفزيون)، وجاءتني أول فرصة تمثيل من خلاله».
وشهد فيلم «العذاب فوق شفاه تبتسم» عام 1974 المأخوذ عن رواية الأديب إحسان عبد القدوس، وإخراج حسن الإمام، أول ظهور للوجه الجديد صفية العمري؛ لكنها ترددت أمام الشخصية التي رُشحت لها، وكانت لزوجة خائنة. وكما تقول: «كنت أخشى أن يكرهني الجمهور؛ لكن رمسيس أقنعني بشكل عقلاني جداً. ورغم أنني لم أكن أملك أي خبرة في ذلك الوقت، فإن إحساسي قادني لأجد مبرراً منطقياً للعب الدور، فلا أحد يخون لمجرد الخيانة، فزوجها رجل كبير أهملها تماماً، وتركها لصديقتها وزوجها وكان ذئباً بشرياً، ولعب على مشاعرها فأحبته، وليس بشكل الخيانة الفج. وكانت كل ملابسي محتشمة، فلم تكن تخطط للخيانة؛ بل تعاني إهمالاً وفراغاً. ونجحت الشخصية بشكل كبير، ووضعتني على أول الطريق الطويل. وأذكر أن الفنانة الكبيرة نادية لطفي شاهدت الفيلم فرشحتني بعدها لفيلم (أبداً لن أعود)».
منذ بدايتها قررت العمري أن تختار أعمالها، ورفضت فكرة الانتشار التي يحتاجها أي فنان في بداية مشواره، وكما تقول: «أشعر بالرضا والحمد لله عما قدمته، وقررت من البداية عدم التنازل عن مستوى الأعمال التي أقدمها مهما كانت المبررات، فلم أقدم عملاً لست راضية عنه. لا أنكر أنني في بداياتي قدمت أفلاماً ذات إنتاج متوسط؛ لكنها ليست (أفلام مقاولات)، وأذكر أن المخرج حسن الصيفي (رحمه الله) قال لي: (أنت في بداياتك، ولا بد من أن تظهري في الأفلام بشكل مكثف حتى تحققي الانتشار المطلوب، وبعدها تصلين إلى مرحلة الاختيار)؛ لكنني لم أقتنع بذلك، وقلت: سأختار أعمالي بعيداً عن فكرة الانتشار. وحتى الآن لم أتأثر بإغراءات مادية في عملي، ورغم سنوات احترافي الطويلة فإنني ما زلت أعمل بروح الهاوية، وهي التي تحكم اختياراتي».
- «نازك السلحدار»
وتبقى «نازك السلحدار» من أهم الشخصيات التي قدمتها صفية العمري من خلال مسلسل «ليالي الحلمية» للمؤلف أسامة أنور عكاشة، وإخراج إسماعيل عبد الحافظ، والذي جمع نخبة كبيرة من نجوم الفن، وكان ولا يزال من أنجح الأعمال الدرامية المصرية. وخطفت صفية الأنظار بأدائها لشخصية البطلة بكل تقلباتها في مراحلها العمرية المختلفة.
وعن أسباب نجاح هذا العمل تقول: «حالة الحب والتناغم التي كان يتميز بها فريق عمل المسلسل كانت من أهم الأسباب. فمن كان ينفر كان يعتذر ويخرج. وعن نفسي فقد تعايشت مع الشخصية واهتممت بكل تفاصيلها وملامحها وملابسها حتى يصدقها الجمهور، فالفن الصادق لا يموت».
لا تحب صفية الحديث كثيراً عن الجزء السادس من «ليالي الحلمية» الذي خرج بتوقيع مؤلف ومخرج آخرين بعد وفاة صاحبيه، وشعرت بالندم لمشاركتها فيه، وتقول بإصرار: «لا أريد الحديث عنه، فقد تعرضت لضغوط شديدة لقبوله؛ حيث قالوا إنه لا يصح أن تظهر (ليالي الحلمية) من دون (نازك السلحدار). وأثناء التصوير تعرضت لحالة نفسية سيئة فقدت صوتي على أثرها، وكنت أمثله وأنا غير راضية عنه. كان عملاً مختلفاً ولم أحبه، ولم يكن يشبه الأجزاء السابقة إلا في عنوانه، لذا أقول دائماً إن الأعمال الفنية تنجح بأصحابها. ولا أرحب بفكرة إعادة الأعمال الناجحة كتحويل فيلم إلى مسلسل، فنحن أحببنا العمل بأصحابه، وبقي راسخاً في وجدان الجمهور، والمقارنة تكون في غير صالح العمل الجديد مهما بلغ مستواه».
- اللعب مع الكبار
عملت صفية العمري مع أغلب المخرجين الكبار، أمثال: يوسف شاهين، وصلاح أبو سيف، وحسن الإمام، وبركات، وغيرهم. كما وقفت أمام كبار نجوم السينما، وتتطرق للحديث عن بعضهم قائلة: «شاركت عمر الشريف فيلم (المواطن مصري)، وكنا نصور في استوديو (نحاس)، وقد اعتدت طوال حياتي أن أذهب قبل موعد الكاميرا بساعتين. ومنذ أول يوم تصوير فوجئت بأن عمر الشريف وصل قبلي، ورأيته أثناء دخولي الاستوديو وهو يجلس في الشرفة الملحقة بغرفته مرتدياً الجلباب ويراجع دوره. واكتشفت أنه يحفظ حوار كل الشخصيات وليس دوره فقط، حتى يكون على علم بردود أفعال كل شخصية. ووقفت أمام نور الشريف في فيلمي: (ليل وخونة)، و(المصير)، وكان مدرسة مستقلة في التمثيل. أما يحيى الفخراني فهو شخصية رائعة وممثل كبير، وعِشرة عمري، بينما يظل أحمد زكي أستاذ الأساتذة ونجماً لا يتكرر، فحالة الاندماج التي يكون عليها لا توصف، وفيلم (البيه البواب) خير دليل. فهم أجيال لهم بصمة مميزة في عالم الفن، وحتى النجمات كان لكل منهن ملامح مميزة تؤهلها لأدوار مختلفة، بعكس التشابه بين الممثلات الحاليات رغم تفوق جمالهن».
واختيرت صفية العمري سفيرة للنيات الحسنة بالأمم المتحدة على مدى سنوات عدة، وكانت فترة مليئة بالنشاط الإنساني داخل مصر وخارجها، فسافرت إلى محافظات مصر النائية، وإلى كثير من الدول، وأخذها العمل الإنساني حتى من عملها كممثلة.
وعن العروض الفنية التي تتلقاها العمري حالياً، تؤكد: «تُعرض عليَّ أعمال عديدة؛ لكنها لا تناسبني، فأنا لا أعمل سعياً وراء الوجود أو المادة. لا بد من أن يكون للشخصية حضورها وتأثيرها. والحقيقة أنه لا يوجد من يكتب للفنانين؛ بل يتم وضعهم في أدوار هامشية بلا تأثير، وهو ما لا أقبله على نفسي أبداً. وهناك بعض الفنانين تنازلوا ولم يرحمهم الجمهور. لقد وصلت للنضج وأرى أن الفنان يجب أن يستمر في عطائه ولا يتوقف لأنه في قمة ألقه بخبرات تراكمت على مدى السنوات، كما أن موهبة الفنان لا تنطفئ إلا بنهاية حياته».


مقالات ذات صلة

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

يوميات الشرق الفنان السعودي عبد المحسن النمر (البحر الأحمر السينمائي)

عبد المحسن النمر: «خريف القلب» يتضمن قصصاً تهم الأسر العربية

قال الفنان السعودي عبد المحسن النمر، إن السبب الرئيسي وراء نجاح مسلسله الجديد «خريف القلب» يعود إلى مناقشته قضايا إنسانية تهم الأسر العربية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.