مشاورات القاهرة وواشنطن تتواصل بحثاً عن «تهدئة حقيقية» في ليبيا

«الأعلى للقضاء» يرفض تفاهمات مجلسي «النواب» و«الدولة» في المغرب

رئيس المخابرات المصرية يتوسط سفيري أميركا في ليبيا والقاهرة خلال اجتماعهم بمصر (السفارة الأميركية لدى ليبيا)
رئيس المخابرات المصرية يتوسط سفيري أميركا في ليبيا والقاهرة خلال اجتماعهم بمصر (السفارة الأميركية لدى ليبيا)
TT

مشاورات القاهرة وواشنطن تتواصل بحثاً عن «تهدئة حقيقية» في ليبيا

رئيس المخابرات المصرية يتوسط سفيري أميركا في ليبيا والقاهرة خلال اجتماعهم بمصر (السفارة الأميركية لدى ليبيا)
رئيس المخابرات المصرية يتوسط سفيري أميركا في ليبيا والقاهرة خلال اجتماعهم بمصر (السفارة الأميركية لدى ليبيا)

تواصلت الاجتماعات المصرية - الأميركية الرامية إلى بلورة اتفاق سياسي عسكري في ليبيا، حيث تعهدت وزارة الخارجية الأميركية بمواصلة مساعيها لمفاوضات شاملة، بينما أعلن مجلس القضاء الأعلى في العاصمة طرابلس رفضه لمخرجات حوار وفدي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في المغرب، أول من أمس.
وأعلن ريتشارد نورلاند، السفير الأميركي لدى ليبيا، أمس، أنه أجرى خلال اجتماعه في القاهرة، برفقة السفير الأميركي لدى مصر جوناثان كوهين، مع عباس كامل مدير جهاز الاستخبارات العامة المصرية، ما وصفه بـ«مشاورات مثمرة حول كيفية دعم منتدى الحوار السياسي الليبي، وتهدئة حقيقية في ليبيا».
وكان نورلاند قد استغل اجتماعه، مساء أول من أمس، مع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في القاهرة أيضاً، للإشادة «بجميع الشخصيات الليبية الراغبة في دعم الحوار السياسي الليبي الذي تيسره الأمم المتحدة».
وطبقاً لبيان أصدرته الخارجية الأميركية مساء أول من أمس، فقد شدد وكيلها للشؤون السياسية ديفيد هيل، في اجتماع برلين الوزاري بشأن ليبيا، على دعم الولايات المتحدة للعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة، ودعا جميع المشاركين في ملتقى برلين إلى الوفاء بالتزاماتهم، من خلال احترام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، ودعم وقف إطلاق النار الذي تقوده ليبيا، والاتفاق السياسي، واتخاذ كل التدابير اللازمة لتحقيق ذلك.
وفي غضون ذلك، دخل المجلس الأعلى للقضاء في العاصمة طرابلس على خط المفاوضات التي جرت بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في المغرب، بإعلان رفضه «منطق المحاصصة الذي بنيت عليه تلك الحوارات ومخرجاتها فيما يتعلق بالسلطة القضائية»، وعدها «تدخلاً ومساساً بسيادتها واستقلالها».
وأكد المجلس رفضه المطلق لتلك النتائج، مبرزاً أن اختيار منصب رئيس المحكمة العليا «لا يكون إلا من خلال التشاور مع هذه المحكمة، متمثلة في رئيسها وجمعيتها العمومية. كما أن اختيار منصب النائب العام لا يكون إلا بعد التشاور مع المجلس الأعلى للقضاء، باعتبار أن المناصب القضائية تخضع لمعايير تقتضيها طبيعة العمل القضائي، وتنظمها القوانين الخاصة، ثم يتولى البرلمان المنتخب سلطة تعيين تلك المناصب، بعد اكتمال التشاور بشأنها مع المحكمة العليا والمجلس الأعلى للقضاء».
وفي المقابل، رحب أحمد معيتيق، نائب السراج، في بيان أصدره أمس، بما وصفه بـ«الجهود المبذولة، والدور الفعال للمجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة في قيادة وتسهيل الحوار المفتوح لبناء الاستقرار والأمن والوحدة الوطنية بين الأطراف الليبية»، وثمن «المساعي الحميدة التي تبذلها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لإيجاد جسور الثقة بين الأطراف الليبية»، معتبراً أن التوصيات التي توصل إليها الوفدان العسكري والأمني في مدينة الغردقة بمصر «جيدة»، ولفت إلى ما وصفه بـ«اتفاقه الناجح» مع الجيش الوطني لرفع الحصار عن المنشآت والمرافق النفطية، ليرتفع إنتاج النفط إلى 290 ألف برميل يومياً.
وأوضح معيتيق كذلك أن اللجنة الفنية المشتركة المنصوص عليها في الاتفاق «ستعمل على خلق البينة الأمنية المواتية لدعم وتوحيد المؤسسات الاقتصادية والمالية لكي توفر الخدمات الأساسية للمواطنين، وإبعاد هذه المؤسسات عن التجاذبات والمزايدات السياسية العقيمة».
ومن جهة ثانية، بدا أمس أن هناك اتجاهاً لاستئناف الطيران المتوقف بين المناطق التي تسيطر عليها حكومة «الوفاق» والمنطقة الشرقية، حيث أفاد بيان لحكومة السراج أن الاجتماع الذي عقده نائبه معيتيق مع رئيس مصلحة المطارات محمد بيت المال تركز حول آليات التنسيق لاستئناف خطوط الطيران بين المنطقتين الشرقية والغربية، بهدف تسهيل تنقل المواطنين، وتأكيد أهمية إنشاء محطة ركاب مطار مصراتة، والمشاريع المكملة لها.
وتزامن ذلك مع إعلان مصلحة الطيران المدني في شرق البلاد فتح الأجواء أمام الرحلات الدولية، بينما بحث عبد الله الثني، رئيس الحكومة المؤقتة في شرق البلاد، استئناف حركة الملاحة الجوية، بعد التوقف لأشهر بسبب جائحة «كورونا»، خلال اجتماع عقده في مدينة بنغازي مع رئيس الهيئة العامة للمواصلات والنقل الذي نقل عنه جاهزية الهيئة لإعادة تسيير الرحلات الداخلية والدولية، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية كافة اللازمة لمنع انتشار فيروس «كورونا».
وبدوره، ناقش فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، إعادة هيكلة الوزارة، وتطوير وتدريب عناصرها، مع مندوبين من شركة بريطانية للاستشارات الأمنية والفنية، وذلك بعد ساعات من إبرامه اتفاقاً مع شركة أميركية في مجال «النزاهة المالية ومكافحة تمويل الإرهاب».
وقال باشاغا إن أولويات التعاون مع الشركة ستكون في «رسم استراتيجية وطنية لمكافحة تمويل الإرهاب، وغسل الأموال، وتعقب شبكاته»، موضحاً أن الشركة «ستساعد في تعقب الجرائم المالية وشبكاتها، داخل وخارج ‎ليبيا، وستضمن تأسيس أنظمة مؤمنة موثوقة لتبادل المعلومات».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.