نتائج خجولة للوساطة الألمانية في شرق المتوسط

أنجيلا ميركل (إ.ب.أ)
أنجيلا ميركل (إ.ب.أ)
TT

نتائج خجولة للوساطة الألمانية في شرق المتوسط

أنجيلا ميركل (إ.ب.أ)
أنجيلا ميركل (إ.ب.أ)

بدأت نتائج الوساطة الألمانية بين تركيا واليونان، في أزمة شرق المتوسط، بالظهور، وإن كانت نتائجها حتى الآن ما زالت خجولة.
فالرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي تحدث مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عبر الفيديو كونفرنس أمس (الثلاثاء)، كرر اتهاماته للاتحاد الأوروبي بالخضوع لليونان وقبرص في موقفه من التوتر حول التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، بينما رحب بمبادرة حلف شمال الأطلسي (ناتو) للحد من الحوادث في المنطقة. وفي الوقت ذاته رحبت اليونان والاتحاد الأوروبي، بالمقاربة التركية لتخفيف حدة التوتر عبر سحب سفن التنقيب من المنطقة.
وقال بيان لمكتب الاتصال بالرئاسة التركية إن إردوغان أبلغ ميركل بأن «القرارات التي اتخذتها قمة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي لا تكفي للتغلب على المشاكل في العلاقات بين أنقرة والاتحاد والتكتل، وأن الاتحاد خضع لضغوط وابتزازات اليونان وقبرص رغم حسن النية الذي أظهرته تركيا»، مشددًا على ضرورة عدم تضحية أوروبا بمصالح كبيرة من أجل مصالح صغيرة لبعض الأعضاء. وقال إردوغان إن تركيا تواجه بمفردها، تقريبا، أزمة اللاجئين باسم أمن واستقرار أوروبا والمنطقة برمتها، وكما ترعى حقوقها ومصالحها تراعي حقوق ومصالح حلفائها، وتنتظر من بقية أعضاء الحلفاء إبداء الحساسية ذاتها.
وفي سياق الأزمة، يجري أمين عام حلف شمالي الأطلسي يانش ستولتنبرغ، محادثات ماراثونية بين أنقرة وأثينا منذ يومين، في محاولة لإزالة العقبات بين الدولتين لإعادة استئناف المحادثات العسكرية لتخفيض التصعيد في شرق المتوسط والذي تتسبب به عمليات التنقيب عن الغاز غير الشرعية التي تجريها تركيا. وتأتي زيارة ستولتنبرغ بعد أن نجحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بإقناع الاتحاد الأوروبي نهاية الأسبوع الماضي بتأجيل فرض عقوبات على تركيا، ومنح الدبلوماسية فرصة جديدة.
ويسعى الاتحاد الأوروبي لكسب أنقرة من خلال توسيع اتفاقية الوحدة الجمركية وتسهيل التبادل التجاري وتقديم المليارات كمساعدات لاستضافتها اللاجئين السوريين ومنعهم من السفر باتجاه أوروبا. وبحسب مقررات القمة، فإن كل هذه التقديمات مرتبطة مباشرة بوقف أنقرة لنشاطاتها غير القانونية في مياه شرق المتوسط. وبعد يومين على القمة تلك، بدأت أولى الإشارات الإيجابية بالظهور عندما سحبت أنقرة سفينة تنقيب هي الثانية، من موقعها قبالة السواحل القبرصية، لتعود إلى المرافئ التركية.
ولكن رغم ذلك، فإن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لا يبدو راضيا كثيرا عن وساطة ألمانيا.
من جانبه أكد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس أن بلاده مستعدة للحوار دائما، وترحب بالخطوة الأولى لتركيا حيال إزالة التوتر، المتمثلة في سحب سفن التنقيب من شرق البحر المتوسط معربا في الوقت نفسه عن أمله في ألا تكون هذه الخطوة مناورة من جانب تركيا. وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي مشترك مع ستولتنبرغ عقب مباحثاتهما أمس، إن منطقة شرق المتوسط تهم جميع أعضاء الناتو، متهما تركيا بممارسة «الاستفزاز» في المنطقة. وأضاف أن اليونان ترغب في حل الخلافات عبر الطرق السلمية، قائلا: «نحن دائما مستعدون للحوار، وفي هذا الإطار نرحب بخطوة تركية حيال إزالة التوتر وننتظر جدولا زمنيا من أجل استئناف المحادثات الاستكشافية مع تركيا». وأوضح أن مسألة تحديد مناطق الصلاحية البحرية في بحري إيجة والمتوسط، هي فقط في أجندتهم.
من جانبه، قال ستولتنبرغ إن الاجتماعات الفنية المتعلقة بأساليب فض النزاع برعاية الناتو بين تركيا واليونان في بروكسل كانت «مثمرة»، مؤكدًا أن آلية «الخط الساخن» لضمان التواصل الدائم بين الجانبين سيسهم في خفض التوتر.
وأعرب ستولتنبرغ عن شكره للحليفتين تركيا واليونان إزاء جهودهما، قائلًا: «يمكن لهذه الآلية أن تفتح مساحة للجهود الدبلوماسية». ولفت إلى أنه تناول مع رئيس الوزراء اليوناني خلال اللقاء نشاط روسيا في شرق المتوسط، وأن ذلك الموضوع يعني أمن الحلفاء من كثب.
في السياق ذاته، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي قد يفرض عقوبات على أنقرة إذا تواصلت «الاستفزازات والضغوط» التركية شرق البحر المتوسط.
وأضافت، في مؤتمر صحافي أمس: «نريد علاقة إيجابية وبناءة مع تركيا وهذا سيكون أيضا في مصلحة أنقرة كثيرا... لكن هذه العلاقة لن تنجح إلا إذا توقفت الاستفزازات والضغوط. لذلك نتوقع أن تمتنع تركيا من الآن فصاعدا عن الإجراءات أحادية الجانب. وفي حال تكرار مثل هذه الأفعال من قبل أنقرة فسوف يستخدم الاتحاد الأوروبي كل الوسائل والخيارات المتاحة له».
ويدور خلاف بين تركيا من جهة واليونان وقبرص من جهة ثانية، حول أحقية استغلال موارد النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، ما يثير مخاوف من اندلاع نزاع أكثر حدة.
وستبحث القمة الأوروبية في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل على الأرجح مدى تعاون تركيا مع دعوات الاتحاد الأوروبي للتهدئة، وبحسب التطورات حتى ذلك الحين سيتم الاتفاق على خطة إلى الأمام.
وتدفع برلين كذلك باتجاه استئناف المحادثات السياسية بين أنقرة وأثينا من دون شروط مسبقة، وهي تعتبر أن المحادثات العسكرية التقنية التي يرعاها الناتو قد تكون مقدمة إيجابية لهذه المحادثات. وتعول برلين على زيارة ستولتنبرغ لكل من أنقرة وأثينا في اليومين الماضيين لإعادة استئناف المحادثات العسكرية التي انعقدت 6 جولات منها حتى الآن في خلال شهر. وتم تأجيل الجولة السابعة لأسباب تقنية بموافقة الطرفين التركي واليوناني.


مقالات ذات صلة

تركيا تندد باتفاق دفاعي بين واشنطن ونيقوسيا يتجاهل القبارصة الأتراك

شؤون إقليمية قبرص كشفت في يوليو الماضي عن إنشاء قاعدة جوية أميركية قرب لارنكا (وسائل إعلام تركية)

تركيا تندد باتفاق دفاعي بين واشنطن ونيقوسيا يتجاهل القبارصة الأتراك

نددت تركيا بتوقيع الولايات المتحدة اتفاقية خريطة طريق لتعزيز التعاون الدفاعي مع جمهورية قبرص، ورأت أنه يُخلّ بالاستقرار الإقليمي ويُصعِّب حل القضية القبرصية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان استقبل السيسي بحفاوة خلال زيارته أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)

أصداء واسعة لزيارة السيسي الأولى لتركيا

تتواصل أصداء الزيارة الأولى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لأنقرة، في وسائل الإعلام وعبر منصات التواصل الاجتماعي في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد حقل «أفروديت» البحري للغاز (أ.ف.ب)

خطة لتطوير حقل الغاز القبرصي «أفروديت» بـ4 مليارات دولار

قالت شركة «نيوميد إنرجي» الإسرائيلية، إن الشركاء بحقل «أفروديت» البحري للغاز الطبيعي، قدموا خطة للحكومة القبرصية لتطوير المشروع بتكلفة تبلغ 4 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية ترقب واسع في تركيا لزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)

لماذا استبقت «الإخوان» زيارة السيسي لتركيا بمبادرة جديدة لطلب العفو؟

استبقت جماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة، زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المرتقبة لتركيا بمبادرة جديدة للتصالح وطلب العفو من الدولة المصرية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي مسؤولون لبنانيون على متن منصة الحفر «ترانس أوشن بارنتس» خلال عملها في البلوك رقم 9... أغسطس 2023 (رويترز)

حرب الجنوب تُعلّق النشاط الاستكشافي للنفط بمياه لبنان الاقتصادية

تضافر عاملان أسهما في تعليق نشاط التنقيب عن النفط والغاز في لبنان؛ تَمثّل الأول في حرب غزة وتداعياتها على جبهة الجنوب، والآخر بنتائج الحفر في «بلوك 9».

نذير رضا (بيروت)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».