بغداد تعرب لواشنطن عن قلقها من تداعيات غلق سفارتها في العراق

حسين أكد لبومبيو اتخاذ الحكومة إجراءات لحماية المنطقة الخضراء والمطار

TT

بغداد تعرب لواشنطن عن قلقها من تداعيات غلق سفارتها في العراق

يواصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ممارسة الضغوط على المسؤولين العراقيين بشأن قرار بلاده غلق سفارتها في بغداد بسبب تكرار استهدافها بصواريخ الكاتيوشا. بومبيو وفي ثالث مكالمة له مع مسؤول عراقي كبير في غضون أسبوع، بعد مكالمتين سابقتين لكن بصورة غير معلنة مع الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أجرى أمس اتصالاً مع وزير الخارجية فؤاد حسين، الذي عبر عن «قلق» بلاده إزاء نية الولايات المتحدة إغلاق سفارتها في بغداد.
وحسب بيان لوزارة الخارجية العراقية فإن الجانبين «ركزا خلال الاتصال على العلاقات والروابط الثنائيّة بين البلدين، وعلى القرار المبدئي للإدارة الأميركية بإغلاق السفارة من بغداد». الوزير العراقي أعرب عن «قلق بلاده تجاه القرار رغم كونه قراراً سيادياً يخص الجانب الأميركي»، مشيراً إلى أنه «قد يؤدي إلى نتائج لا تصب في مصلحة الشعب العراقي». وأضاف أن «الحكومة العراقيّة اتخذت عدداً من الإجراءات الأمنيّة، والتنظيميّة، والسياسيّة، والدبلوماسيّة لوقف الهجمات على المنطقة الخضراء والمطار، وسوف تكون هناك نتائج إيجابيّة ملموسة في القريب العاجل».
في المقابل، نقل البيان عن بومبيو قوله إن «العلاقات الأميركية - العراقية مهمة للجانبين». وبينما ناقش الطرفان «مختلف الاحتمالات المستقبلية بالنسبة لوضع البعثات الدبلوماسية في بغداد» فإن بومبيو وعد «بأخذ ما طرح في النقاش خلال المكالمة بنظر الاعتبار مع أهمية التأكيد على الاستمرار في تبادل وجهات النظر والتواصل من أجل إيجاد حلول لهذه الأزمة».
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية العراقية أمس إن العراق لم يتلق طلبات لنقل أي سفارة خارج العاصمة بغداد. وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف، في تصريح إن «العراق لم يتلق أي شيء رسمي بشأن إغلاق السفارات والبعثات الدبلوماسية، أو نقلها خارج بغداد». وأضاف، أن «الخارجية تلقت قرار واشنطن المبدئي بنقل السفارة إلى أربيل، مما دعا الحكومة العراقية ووزير الخارجية فؤاد حسين إلى التحرك للحوار مع واشنطن ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بشأن القرار المبدئي». وتابع الصحاف، أن «العراق التمس أن هناك تفهماً واضحاً من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، للتحديات التي تواجه الحكومة الحالية».
وبشأن نتائج التحقيق حول استهداف السفارات قال الصحاف، إنه «حتى هذه الساعة لم تعلن اللجنة التحقيقية عن النتائج الكاملة، بخصوص استهداف السفارات والبعثات، لكن الجهد الأمني والاستخباري، والتنسيق الحكومي بإشراف الكاظمي ووزير الخارجية مستمر».
في سياق ذلك، جدد العراق تأكيده أنه اتخذ إجراءات صارمة لحماية وتأمين البعثات الدبلوماسيّة. وقال وزير الخارجية فؤاد حسين خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب إن «الحكومة العراقيّة اتخذت إجراءات صارمة لحماية وتأمين البعثات الدبلوماسيّة العاملة في العراق، كما استعرض نتائج الزيارة الأخيرة التي أجراها إلى طهران». ووفقاً لبيان عن وزارة الخارجية «أعرب فيليب عن دعمه للعراق حكومة وشعباً في مواجهة مختلف التحديات»، مؤكداً أن «بلاده وقفت إلى جانب العراقيين في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، وتقف معهم في تثبيت الاستقرار، وبناء الاقتصاد، وحفظ السيادة».
وبشأن التداعيات المحتملة لقرار واشنطن نقل سفارتها من بغداد، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين الدكتور ياسين البكري لـ«الشرق الأوسط» إن «واشنطن تمارس أقصى الضغوط على جانبين الأول على الحكومة العراقية لغرض حثها على اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية البعثات الدبلوماسية وتحجيم الجماعات المسلحة»، مشيراً إلى أن الضغط الثاني هو «على الجماعات المسلحة نفسها مع أن غلق السفارة قد يسجل انتصاراً باسمها، رغم أن الغلق يعني أن هناك ضربات وعقوبات ستطال هذه المجموعات». وأكد البكري أن «الأهم في تبعات الغلق أن العقوبات قد تطال الدولة أيضاً، ومنها عقوبات اقتصادية، وتلك رسالة لطهران التي جعلت من العراق رئة لإنعاش اقتصادها المنهك بالعقوبات الأميركية». وأوضح البكري أن «الولايات المتحدة الأميركية جادة بذلك، وربما تبغي الوصول لحافة الهاوية لاستخدام القوة لأهداف انتخابية بحتة»، موضحاً أن «مكالمة بومبيو مع وزير الخارجية العراقي تشي بأن القرار الأميركي على أبواب التنفيذ».
من جهته، عد فرهاد علاء الدين رئيس المجلس الاستشاري العراقي أن «قيام الولايات المتحدة الأميركية بإغلاق سفارتها في بغداد إنما هو مقدمة لانهيار عراقي وشيك». وقال علاء الدين لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «بوادر ومقدمات لهذا القرار، حيث إن الإدارة الأميركية أعطت سلسلة من التحذيرات والإشارات قبل اتخاذ قرار نهائي حول وجودها في العراق»، مبيناً أن «الجانب العراقي لم يهتم لتلك التحذيرات ومن بينها اتخاذها العديد من التدابير في وقت سابق مثل غلق قنصليتها في البصرة عام 2018 وتلاه قرار تقليص أعداد الموظفين العاملين في العراق عام 2019 وكذلك الانسحاب من القواعد المتقدمة تدريجياً خلال عامي 2019 و2020 كان آخرها إخلاء قاعدة التاجي». وأوضح علاء الدين إن «الأميركان مارسوا الضغط على الحكومة العراقية لاتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من التهديدات لكن الحكومة العراقية لم تتمكن لحد هذه اللحظة من إيقافها وإنما حصل العكس، حيث تصاعدت أعداد وحدة الهجمات في الآونة الأخيرة مع حصول الأميركيين على معلومات استخبارية تفيد بأن هجوماً وشيكاً ستتعرض له السفارة الأميركية خلال الأسابيع المقبلة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.