بساطة تناسب متطلبات «كورونا»

أسبوع باريس لربيع وصيف 2021... المحاولات كبيرة والتوقعات صغيرة

وقار الديكور أضفى على عرض «ديور» هدوءاً يحث على الروحانيات
وقار الديكور أضفى على عرض «ديور» هدوءاً يحث على الروحانيات
TT

بساطة تناسب متطلبات «كورونا»

وقار الديكور أضفى على عرض «ديور» هدوءاً يحث على الروحانيات
وقار الديكور أضفى على عرض «ديور» هدوءاً يحث على الروحانيات

افتتح أسبوع باريس لربيع وصيف 2021 وسط أجواء قاتمة ومخاوف من إغلاق تام لباريس بعد تزايد عدد المصابين بفيروس كورونا. ورغم أن هذه المخاوف لم تمنع عددا من بيوت الأزياء أن تعرض تشكيلاتها أمام باقة من المدعوين عوض الاعتماد كليا على المواقع الإلكترونية، فإن التوقعات كانت صغيرة. فقد غابت العديد من وسائل الإعلام المهمة مثل «فوغ» و«هاربرز بازار»، كما غاب خبراء أقسام الشراء من محلات كبيرة على رأسها «سيلفريجز» و«هارودز» فضلا عن غياب زبونات من الولايات المتحدة وآسيا والشرق الأوسط.
سمعة باريس كعاصمة الحب والحياة اللذيذة والسريعة لم تكن ملموسة في أسبوعها لربيع وصيف 2021. على غير العادة كان التحرك في شوارع باريس سهلا وسلسا على غير العادة، كما كان سائقو التاكسيات و«أوبر» أكثر أدبا ولباقة، وهو ما لم يكن «باريسيا» بالمفهوم الذي تعود عليه زوارها في مثل هذا الوقت. من البديهي أنه مع غياب الزحمة غاب الحماس وانخفضت نسبة الأندروفين في الجسم بشكل كبير.
ربما كان عرض «ديور» تلخيصا لهذه الحالة، بغض النظر عن الأزياء التي اقترحتها مصممتها ماريا غراتزيا، وتميزت بالانطلاق ورغبة في التحرر من بعض قيود الماضي مثل الخصر المشدود. الديكور الذي اختارته وجاء على شكل كاتدرائية عكس في المقابل حالة من الكآبة، تدعو إلى الجلوس مع الذات والتفكير في الروحانيات عوض الماديات. حتى إيطاليا التي كانت أكثر الدول الأوروبية تضررا من فيروس كورونا في بداية العام، تميز أسبوعها الأخير بروح أكثر قوة وتفاؤلا بالمقارنة، بدءا من عروضها الحية ولو بحضور معدود إلى ألوان الأزياء واحتضانها لقضايا إنسانية تؤكد أنها استفادت من الدرس وتريد أن تأخذ ما تعلمته في الفترة الماضية إلى المستقبل. فمنذ شهر مارس (آذار) الماضي والتركيز منصب على حماية البيئة والتفكير في وسائل مستدامة لإنقاذ الموضة من خلال شد انتباه مستهلك شاب وإرضائه. باريس في المقابل، تريد أن تؤكد للعالم أنها لا تزال عاصمة الأناقة العالمية، وتتوق إلى تسجيل قوتها في هذا المجال بكل الأدوات المتاحة لها، في تحد لكورونا وما ترتب عنها من تبعات سلبية. وفيما اقتصرت مشاركات كثيرة على أفلام قصيرة تم بثها على مواقع إلكترونية مختلفة، فضل البعض الآخر إقامة عروض حية، مثل ماركة «كوبيرني»، التي افتتحت الأسبوع.
اختار مؤسساها الثنائي أرنو فايون وسيباستيان ماير عرض تشكيلتهما في منطقة مونبارناس في برج مكون من تسعة وخمسين طابقا يعود تشييده إلى عام 1973. ورغم ما أثاره هذا البرج من جدل آنذاك بسبب تناقض معماره مع محيطه، إلا أن طابقه الأعلى والذي يطل على مجموع باريس كان مسرحا رائعا لتشكيلة أرادها كل من أرنو وسيباستيان أن تنقل الحضور الحي إلى عالم بعيد عن الواقع ولو لدقائق معدودات. فبعد أشهر من الحجر الصحي والخوف من الاقتراب من الآخر، كانت فكرة كسر هذا الحجر ومعاينة الأزياء عن قرب مرحبا بها. بعد انتهاء عرضهما ووراء الكواليس، كان تبريرهما، أن التفكير في عرض افتراضي عبر وسائل إلكترونية لم يكن مطروحا هذا الموسم. «لقد أصبنا بالتخمة من هذه الوسائل الافتراضية». وتابعا: «عندما اجتاح فيروس كوفيد 19 العالم، قال لنا أصدقاؤنا إن هذه فرصتنا الذهبية وإن هذا وقتنا. فنحن متمرسان في مجال الديجيتال، لكننا رفضنا الاستكانة لهذه الفكرة تماما. فليس هناك ما هو أجمل أو أقوى تأثيرا من لحظة إنسانية مشتركة». مثل غيرهما من المصممين هذا الأسبوع كان الاحتياط ضروريا من خلال توفير كل وسائل الوقاية من معقمات وكمامات وغيرها، بل يمكن القول إن تأثير كورونا كان واضحا أيضا في الكثير من التصاميم والاقتراحات. أول إطلالة افتتح بها المصممان عرضهما مثلا كانت عبارة عن بدلة بتقنية غير قابلة للتجعد ومضادة للباكتيريا اجتهدا في تطويرها وتوفيرها للمستشفيات منذ اجتياح أزمة كورونا العالم. بعد انتهاء عرضهما، كانت النقلة من منطقة مونبارناس إلى حديقة التويلريز بمثابة نقلة إلى عالم آخر. فقد نصبت دار «ديور» خيمة لا يستهان بحجمها من الخارج، ومن الداخل أخذت شكل كاتدرائية بنوافذ عالية وكأنها من الزجاج المعشق طبعتها رسمات للفنانين جيوتو وماني تم دمجها مع قصاصات من مجلات وعناوين صحف في تناقض مثير بين الماضي والحاضر.
كان واضحا أن الدار الفرنسية خفضت عدد الحضور مقارنة بالأعوام الماضية، حيث لم يتعد عددهم الـ350 عوض 1750، إلا أنها لم تخفض من تكاليف الديكور ولا فخامته. كان ديكورا لا يترك أدنى شك بأنها تستهدف منه فرد عضلاتها وتذكيرنا بأنها واحدة من أهم بيوت الأزياء العالمية التي لن تؤثر عليها لا أزمة اقتصادية ولا فيروس قاتل. بالإضافة إلى صمودها وحرصها على الحفاظ على صورتها، كانت من بين بيوت الأزياء القليلة التي احتضنت عالم الديجيتال ودخلت التسوق الإلكتروني بكل قوتها لتستقطب الشباب. بهذا تفوقت على بيوت أخرى لا تزال رافضة لهذا المبدأ على أساس أنه يرخص مكانتها ويقلل من شأنها. هذا الموسم ذهبت «ديور» إلى أكثر من هذا، ببث عرضها على «التيك توك» في بادرة غير مسبوقة. أما من ناحية الأزياء، فإن المصممة ماريا غراتزيا تشيوري أبدعت ما لا يقل عن 86 إطلالة. لم تركز فيها على التصاميم الهندسية والمحددة على الجسم مثل «جاكيت البار» بقدر ما ركزت على الانسيابية والتصاميم المنطلقة مثل الكيمونو والفساتين التي تفتح الخيار لشدها بحزام. لسان حالها كان يقول بأن الحياة تغيرت وفرضت علينا قضاء معظم الوقت في البيوت وبالتالي نحتاج إلى الراحة قبل كل شيء. حتى الـ«تي - شيرتات» التي كانت تتميز برسائل قوية، والتي ستصبح جزءا من تاريخ الدار الفرنسية في عهد ماريا غراتزيا غابت من هذه التشكيلة. فليس هناك من سيهتم بهذه الرسائل النسوية المتمردة في وقت أصبح الهاجس الأهم هو البقاء.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.