مدارس سوريا تستقبل طلابها وسط إجراءات «استثنائية» لمواجهة الفيروس

أعلى معدل للإصابات اليومية بمناطق الإدارة الذاتية والمعارضة

صف في إحدى مدارس القامشلي شرق الفرات (الشرق الأوسط)
صف في إحدى مدارس القامشلي شرق الفرات (الشرق الأوسط)
TT

مدارس سوريا تستقبل طلابها وسط إجراءات «استثنائية» لمواجهة الفيروس

صف في إحدى مدارس القامشلي شرق الفرات (الشرق الأوسط)
صف في إحدى مدارس القامشلي شرق الفرات (الشرق الأوسط)

يعود الموسم التعليمي في مناطق النفوذ الثلاث بسوريا هذا العام، في ظل انتشار جائحة «كوفيد - 19»، وما تفرضه من إجراءات استثنائية وصعوبات تواجه القائمين على العملية التربوية في بلد مزقته نيران الحروب الدائرة منذ 9 سنوات ونيف. وقررت السلطات التربوية التابعة للحكومة السورية بدء العام الدراسي بشكله الاعتيادي، مع وضع بروتوكول صحي ووقائي ينص على تطبيق 23 إجراء قبل جلوس التلاميذ على مقاعدهم الدراسية.
فيما اتخذت «مديرية التربية والتعليم» في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، إجراءات عدة، من بينها تقسيم الطلاب إلى فوجين؛ أحدهما صباحي والثاني مسائي، وتغيير الخطة كل ثلاثة أيام، وسيجلس كل طالب في مقعد بمفرده مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي بالاجتماع الصباحي وفترة الاستراحة والأنشطة الرياضة والدروس الترفيهية المشتركة. في وقت أصدرت «الإدارة الذاتية» تعميماً للمجمعات التربوية والمدارس الخاضعة لنفوذها بشمال وشرقي البلاد قرارات استثنائية هذا العام، تتضمن تخصيص كادر طبي في كل مدرسة مهمتها التواصل مباشرة مع هيئة التربية وطواقم الصحة، في حال ملاحظة أعراض إصابة أو اشتباه بين الأطفال بالمدرسة أثناء الدوام، لتجنب انتقال فيروس «كورونا» بين التلاميذ، وسط مخاوف أهلية وتحذيرات صحية.
- أرقام مقلقة
ارتفعت عدد الإصابات المسجلة بـ«كوفيد - 19» في أرجاء سوريا إلى 6942 حالة، منها 274 وفاة، حيث سجلت وزارة الصحة السورية 52 إصابة جديدة و3 وفيات أمس، لتصل الحصيلة إلى 4200 حالة مؤكدة و200 حالة وفاة، فيما سجلت هيئة الصحة في مناطق «الإدارة الذاتية» شرق سوريا 121 إصابة يوم الأربعاء، وهي أعلى حصيلة يومية منذ بداية انتشار فيروس «كورونا» بشهر مارس (آذار) الماضي، لترتفع الحصيلة لديها إلى 1670 إلى جانب وفاة 67 شخصاً، كما ارتفعت حصيلة الإصابة اليومية ضمن مناطق المعارضة شمال غرب، وسجلت 93 حالة أول من أمس لترتفع الحصيلة إلى 1072 حالة و7 حالات وفاة، إحداها لطفل وواحدة بمخيمات النازحين.
وقالت وزارة التربية الحكومية في بيان رسمي نشر على حسابها الرسمي بداية العام الدراسي مطلع الشهر الماضي، إن 3 ملايين و735 ألف طالب، وتلميذ عادوا إلى مقاعد الدراسة للموسم الجديد، وأكّدت اتّخاذها جميع التدابير اللازمة لتأمين عودة آمنة وصحية للطلاب والهيئات التدريسية التعليمية في ظل الإجراءات الاحترازية. وأعلنت الوزارة أن عدد الإصابات المؤكدة بفيروس «كورونا» التي سُجّلت بين التلاميذ والمدرسين منذ بداية الدوام، منتصف الشهر الماضي، بلغ 41 حالة. وقالت الدكتورة هتون الطواشي، مديرة الصحة المدرسية بالوزارة، في تصريحات صحافية نشرتها مواقع حكومية إن «الوضع الصحي للطلاب والمعلمين المصابين جيد، ومعظمهم ذوو أعراض خفيفة جداً لا تتطلب دخول مشفى، وهم بالحجر المنزلي حالياً».
وأشارت الطواشي إلى أن أي طالب أو معلم تظهر عليه أعراض تنفسية أو ارتفاع في درجة الحرارة «يجب أن يتغيب عن المدرسة حتى تزول الأعراض، وندعو جميع الكوادر التدريسية والإدارية إلى تحمل المسؤولية في ظل هذا الوضع». وأخبرت في إفادتها بأنه تم إغلاق صف دراسي بإحدى مدارس دمشق لمدة خمسة أيام: «بعد اكتشاف إصابة بفيروس (كورونا) لطالبة ضمنه بناء على البروتوكول الصحي المعتمد، واتخذت جميع الإجراءات اللازمة لفحص الطالبات والمعلمات في المدرسة».
- «نصف مليون متغيّب»
في ظل ارتفاع إصابات كورونا بشكل لافت في مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، قررت «مديرة التربية والتعليم» في محافظة إدلب بدء العام الدراسي الجديد، وافتتحت المدارس أبوابها في 26 الشهر الماضي، وحملت المسؤولية للقائمين على العملية التربوية والأهالي وتطبيق الإجراءات الخاصة بفيروس «كورونا».
ويقول مسؤول تربوي محلي، عبد الله العبسي، في حديث صحافي، إن مديرية التعليم بإدلب اتخذت الإجراءات اللازمة لمنع انتشار الجائحة بين الطلاب، من بينها العزل وجلوس طالب واحد في المقعد تبعده مسافة مترين عن الطالب الآخر، وتقسيم الدوام الدراسي إلى نظام الأفواج الصباحية والمسائية من أجل توفير العزل اللازم، وأوضح أن العمل على التعقيم مستمر بشكل يومي داخل المدارس: «كما نقوم بتوفير الكمامات ومستلزمات التنظيف في المدارس، وعلى رأسها المياه النظيفة، وسط إلزام الطلاب بارتداء الكمامات خلال الفصل».
ويعيش نحو 4 ملايين نسمة في تلك المناطق. وتقول السلطات المحلية ومنظمات مدنية إن العملية التربوية تغيب عن عشرات المخيمات، لا سيما بريف إدلب ومدن شمال غربي حلب. وتشير الأرقام الصادرة عن دراسة أجرتها «وحدة تنسيق الدعم» التابعة للائتلاف السوري المعارض، إلى وجود أكثر من مليون و720 طفلاً في عمر الدراسة في مناطق المعارضة، منهم ما يقارب نصف مليون تلميذ وطالب خارج الصفوف المدرسية، وأكدت الدراسة أن أعلى نسبة من التسرب ضمن مخيمات النازحين.
أما في مناطق «الإدارة الذاتية» شرق الفرات، سجل اليوم الأول للدوام الدراسي حضور 822 ألف تلميذ وطالب ارتادوا 4092 مدرسة موزعة على 7 مدن وبلدات رئيسية تقع شمال شرق، وسط إجراءات وتدابير وقائية اتخذتها هيئة التربية والتعليم بالتنسيق مع الطواقم الطبية.
وبعد مرور ثلاثة أعوام من تحرير ريف دير الزور الشرقي من ظلام «داعش»، افتتحت المدارس أبوابها هذا العام. وذكر كمال الموسى رئيس «لجنة التربية والتعليم» بـ«المجلس المدني لدير الزور»، الأخيرة سلطة محلية مدعومة من واشنطن، «طلبنا من ذوي الطلاب توعيتهم في المنازل وتحديد أماكن لعبهم تفادياً لخطر انتشار (كورونا)، وطرق الوقاية منه وحثهم للحفاظ على النظافة الشخصية». وأوضح المسؤول التربوي أن عناصر «داعش» دمروا 94 مدرسة، إلى جانب تعرض 493 مدرسة إلى دمار جزئي. واختتم حديثه ليقول: «لم تكن صالحة لاستقبال الطلاب، وبعمل دؤوب تمكنت اللجنة حتى اللحظة من إعادة تأهيل وتفعيل 595 مدرسة موزعة بين الريفين الغربي والشرقي لمواكبة العملية التعليمية».


مقالات ذات صلة

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.