لوحات فنية مستلهمة من مرونة المرأة مع المتغيرات الحياتية

معرض «تحول» المصري يبرز قدرتها على المناورة

TT

لوحات فنية مستلهمة من مرونة المرأة مع المتغيرات الحياتية

لا يرصد معرض «تحول» الذي يحتضنه الآن غاليري «سفر خان» بالقاهرة، التحولات الطبيعية في الكون أو تغير حالة شيء إلى شيء مختلف تماماً في الحياة فقط، لكنه يعكس أيضاً تحول ثلاث مواهب شابة من مرحلة البدايات الفنية إلى تفتح زهور النضج في تطلعاتهن الإبداعية، وهن الفنانات الناشئات ياسمين رضا وكيندا عادلي ورشا أمين.
في أعمالها بالمعرض تجسد دكتورة ياسمين رضا أبو المجد مدرس مساعد بقسم الديكور بكلية الفنون الجميلة، جامعة حلوان تحولات أساسية في حياة المرأة، حيث تُعد المرأة هي الموضوع الأساسي في اللوحات، وتقول ياسمين لـ«الشرق الأوسط»: «لدى المرأة قدرة غير عادية على الفعل والإنجاز، ويصاحبها في الوقت نفسه مرونة عالية مع المتغيرات الحياتية الصعبة، ما يمكنها من التحول أو المناورة في سبيل تحقيق أحلامها المشروعة».
وبعذوبة شديدة، ترصد رضا كيف يحول الطموح والأحلام المرأة من إنسان عادي إلى طائر رقيق بأجنحة ترتفع بها إلى عنان السماء في رمز لقدرتها على تجاوز الحدود، والمسافات والأبعاد في لوحتها «معاً نستطيع»، إذ يلتقي المشاهد بالأنثى التي تجمع ما بين الجمال والمهارات الخاصة، في دعوة إلى اهتمام المرأة بمظهرها والثقة في قدرتها على النجاح في آنٍ واحد، بينما في لوحة «حرية» نتعرف على الحلم الأكبر الذي لا يبرح عقل ووجدان المرأة، إنها تتمنى أن ينبت لها جناحان، لتصنع عالمها الخاص، وتتخلص من أسر المجتمع وقيوده.
لكن لا تعبر الفنانة عن ثيمة المعرض من خلال تناولها لروح المرأة وأسرارها المكنونة فقط، إذ إن أعمالها التي تبلغ 13 لوحة تعكس أيضاً تحول الخامات التي استخدمتها بملامسها المختلفة وأسطحها اللامعة غير المعتادة، إذ تتغير طبيعتها حين تتجاور بجوار بعضها بعضاً، لتتحول إلى وحدة عضوية تصنع رنيناً عاطفياً داخل المتلقي، إذ نجحت الفنانة في توظيف الوسائط المتعددة التي يغلب عليها الأكريليك، وأحبار الطباعة، وأوراق التذهيب الملونة المعدنية في توصيل أفكارها، مستخدمة في ذلك تقنية مركبة تجمع ما بين الطباعة بالبصمات لأسطح متعددة الملامس مع الرسم المباشر باليد.
كما جاءت عناصر ومفردات العمل الفني في حالة تحول وتبدل مستمرين في تماهٍ مع خلفيات العمل الفني، فهي أحياناً تشكل جزءاً من الأرضية وأحياناً أخرى تأتي في مقدمتها.
ورغم مشاركاتها السابقة في معارض متفرقة داخل مصر وخارجها، فإن هذا المعرض له خصوصيته عند ياسمين التي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «كان تحدياً كبيراً بالنسبة لي في ظل تلك الأجواء التي يعيشها العالم الآن بسبب (كورونا) وانعكاساتها السلبية على همة الفنان، لكن سرعان ما تحولت المخاوف داخلي إلى إرادة قوية أنجزت بها أعمالي بالمعرض التي اعتبرها بمثابة إثبات وجود».
وترى ياسمين أنها أوجدت لنفسها في الآونة الأخيرة أسلوباً تشكيلياً خاصاً بها، تجمع فيه بين خبراتها الأكاديمية، وبين إحساسها العفوي. وهي في أسلوبها دائمة البحث عن علاقات تشكيلية جديدة، مدهشة وشرقية الطابع بشكل عام.
وفي لوحات الفنانة كيندا عادلي بالمعرض نجد تأثراً واضحاً بحداثة الفن الياباني المعاصر ومفهـومه النابض بالحيوية، كما أن عشقهـا للنسيج المركب في أعمالهـا واضح للعين الخبيرة، وهـو نتاج تمازج معقد بين تداخل التركيبات مع الأشكال، وتعكس عدلي في أعمالها تحولات العلاقات المتشابكة داخل حياة الحضر والمدن الكبرى، إضافة إلى تصورهـا للارتباط بين الأفكار والمشاعر الإنسانية وعناصر الطبيعة.
تستخدم الفنانة الشابة مجموعة متناسقة من الألوان الحية والقوية، التي تخلطهـا ببراعة مع رموز الفن الشبابي والكاريكاتيري في تكوينات تجريدية، تعتمد على تقنية الكولاج المدعومة بأنماط وخطوط هـندسية امتزجت مع أشكال بشرية، وهي بذلك تعكس بكل لوحة لوناً مِن ألوان الحركة والحياة. تقول كيندا: «تجذبني دوماً عناصر الطبيعة، لا سيما الأشجار والزهور إلى جانب الشخوص وأجزاء الجسم المتناثرة، والمتأمل للوحاتي سيعثر على رسائل محددة أدعوه إلى اكتشافها داخل مساحاتها المزدحمة».
فيما تستخدم الفنانة رشا أمين في أعمالها بالمعرض المستمر حتى 22 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أسلوباً يجمع بين الزخارف الأسطورية مع الخطوط والموتيفات العربية الممتزجة في اللوحات بجرأة فن البوب تبعث الحياة في حوريات البحر والثيران المجنحة والميدوزا، لتحكي لنا ما طرأ عليها من تحولات خلال هذه الحقب الزمنية الطويلة، فتأتي لوحاتها كما لو كانت سرداً بصرياً للثقافات القديمة في الشرق الأدنى والبحر الأبيض المتوسط إلى يومنا هذا، تقول: «أجد نفسي شغوفة للغاية بالأساطير والحضارات القديمة، تلهمني فأعبر عن جمالياتها وسحرها وغموضها على مسطح لوحاتي».



المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
TT

المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف تُحسّن السيطرة على السكري

الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)
الدعم المُرتكز على التعاطف مع المريض يعادل تناول الدواء (جامعة تكساس)

أظهرت دراسة أجراها باحثون من كلية «ديل ميد» في «جامعة تكساس» الأميركية، بالتعاون مع دائرة «لون ستار» المجتمعية للرعاية الصحّية في الولايات المتحدة، أنّ المكالمات الهاتفية المُرتكزة على التعاطف مع مرضى السكري من ذوي الدخل المنخفض، من أفراد مدرّبين على القيام بذلك، أدَّت إلى تحسينات كبيرة في قدرة هؤلاء الأشخاص على التحكُّم في نسبة السكر بالدم.

ويقول الباحثون إنّ لتقديم الدعم الحقيقي المُرتكز على التعاطف مع المريض تأثيراً في الصحة يعادل تناول الدواء، مفسّرين ذلك بأنّ المدخل العاطفي هو البوابة إلى تغييرات نمط الحياة التي تعمل على تحسين إدارة المرض؛ وهي المنطقة التي غالباً ما تفشل فيها الرعاية الصحّية التقليدية.

وتشير الدراسة التي نُشرت، الثلاثاء، في دورية «جاما نتورك أوبن»، إلى أنّ هذا النهج يمكن أن يوفّر نموذجاً بسيطاً وفعّالاً لجهة التكلفة لإدارة الحالات المزمنة، خصوصاً المرضى الذين لديهم وصول محدود إلى الخدمات الصحّية والعقلية والدعم التقليدية.

قال المؤلِّف الرئيس للدراسة، الأستاذ المُشارك في قسم صحّة السكان في «ديل ميد»، الدكتور مانيندر كاهلون: «يبدأ هذا النهج الاعتراف بالتحدّيات الحقيقية واليومية للعيش مع مرض السكري».

خلال التجربة السريرية التي استمرت 6 أشهر، قُسِّم 260 مريضاً مصاباً بالسكري بشكل عشوائي إلى مجموعتين: واحدة تتلقّى الرعاية القياسية فقط، والأخرى الرعاية القياسية والمكالمات المنتظمة التي تركز على الاستماع والتعاطف. أجرى أعضاء مدرَّبون هذه المكالمات لتقديم «الدعم الرحيم»؛ مما أتاح للمشاركين مشاركة تجاربهم وتحدّياتهم في العيش مع مرض السكري.

وأفادت النتائج بحدوث تحسُّن في السيطرة على نسبة السكر بالدم، إذ شهد المرضى الذين تلقّوا مكالمات قائمة على التعاطف انخفاضاً متوسّطاً في الهيموغلوبين السكري بنسبة 0.7 في المائة، مقارنةً بعدم حدوث تغيير كبير في المجموعة الضابطة.

كما أظهرت الدراسة حدوث تأثير أكبر للمرضى الذين يعانون أعراض اكتئاب خفيفة أو أكثر شدّة، مع تحسُّن في متوسّط ​​الهيموغلوبين السكري بنسبة 1.1 في المائة. وصنَّف جميع المشاركين تقريباً المكالمات على أنها مفيدة جداً.

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لدائرة «لوني ستار» للرعاية الصحّية، جون كالفن: «في وقت يشكّل فيه نقص القوى العاملة تحدّياً لتقديم الرعاية الصحّية، تؤكد هذه الدراسة التأثير السريري العميق الذي يمكن أن يُحدثه الموظفون غير السريريين».

وأوضح: «من خلال توظيف أفراد مجتمعيين عاديين ولكن مدرَّبين، نثبت أنّ التعاطف والاتصال والمشاركة المُتعمدة يمكن أن تؤدّي إلى تحسينات صحّية قابلة للقياس»، مشدّداً على أنه «في عالم الطبّ سريع الخطى بشكل متزايد، الذي يعتمد على التكنولوجيا بشكل أساسي، يُذكرنا هذا العمل بأنّ الاتصال البشري يظلّ في قلب الرعاية الفعالة. لا يعزّز التعاطف مشاركة المريض فحسب، وإنما يُمكّن الأفراد من اتخاذ خطوات ذات مغزى نحو نتائج صحّية أفضل».

بالنظر إلى المستقبل، يأمل باحثو الدراسة في استكشاف التأثيرات طويلة المدى للدعم القائم على التعاطف على كلٍّ من السيطرة على مرض السكري والصحّة العقلية على نطاق أوسع. كما يخطّطون لتوسيع نطاق هذا النموذج، بهدف جعل الدعم الشامل والمتعاطف متاحاً بشكل أوسع لمَن هم في حاجة إليه.