وفود من شرق ليبيا وغربها تبحث في مصر كسر «الجمود السياسي»

تأجيل استئناف الحوار الليبي في بوزنيقة المغربية إلى الخميس

TT

وفود من شرق ليبيا وغربها تبحث في مصر كسر «الجمود السياسي»

تسارعت أمس وتيرة الاجتماعات التي انخرط فيها ممثلون عن الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، برعاية بعثة الأمم المتحدة ومصر، وذلك لمحاولة «كسر الجمود» الذي يعتري العملية السياسية في البلاد.
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، عبر بيان رسمي، عن اجتماع تم أمس بمدينة الغردقة المصرية، بين وفود أمنية وعسكرية من شرق ليبيا وغربها، في إطار محادثات أمنية وعسكرية بتيسير من البعثة.
وقالت إنها «تتطلع لأن تؤدي هذه اللقاءات المباشرة إلى نتائج إيجابية، على أن تعرض هذه النتائج على اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) المقررة لاحقاً في مدينة جنيف السويسرية».
وبعدما أعربت عن امتنانها الصادق للحكومة المصرية على جهودها في تسهيل انعقاد هذه المحادثات المهمة، وعلى استضافتها السخية للوفود، شكرت البعثة الأممية الوفدين اللذين أظهرا ما وصفته بـ«موقف إيجابي وتفاعل» مع الدعوة إلى تهدئة الأوضاع في وسط ليبيا.
ووفق مصادر شاركت في اجتماع الغردقة، فإنه تمت مناقشة «تثبيت وقف إطلاق النار بين الطرفين، وتجديد التزامهما بوقف العمليات العسكرية العدائية المتبادلة، وفكرة تحويل مدينة سرت الاستراتيجية إلى منطقة منزوعة السلاح، لكن لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق يمكن التعويل عليه بشأنها».
وفي حين يتمسك «الجيش الوطني» ببقاء قواته في محيط المدينة، طالبت قوات «الوفاق» بتراجع قوات الجيش إلى ما بعد المدينة، وإخلاء مواقعها، مع تعهدها بتنفيذ تراجع مماثل لعناصرها بالقرب من محاور القتال المحيطة بالمدينة.
وبحسب المصادر ذاتها، فقد استعرض الطرفان عبر خرائط طبوغرافية خطوط التماس بين القوات، موضحة أن «هناك اتفاقاً مبدئياً على ضرورة تخفيض كل أنواع مظاهر التوتر العسكري بينهما، تمهيداً لإعلان هدنة دائمة في منطقتي سرت والجفرة».
وفي سياق ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن استئناف الجولة الثانية من الحوار الليبي بين ممثلين عن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ومجلس النواب (برلمان طبرق)، بمنتجع بوزنيقة المغربية (جنوب الرباط)، تأجل إلى يوم الخميس المقبل، بعدما كان منتظراً أن ينطلق اليوم (الثلاثاء). وعزت مصادر مطلعة ذلك إلى ضرورات لوجيستية، وأخرى تتعلق بتضارب في أجندة طرفي الأزمة الليبية، في حين توقعت مصادر أخرى أن يقوم ناصر بوريطة، وزير خارجية المغرب، اليوم، بمهمة دبلوماسية إلى مالي.
وكانت مصادر مطلعة قد أبلغت «الشرق الأوسط» أن الجولة الثانية من حوار بوزنيقة سيستأنف اليوم.
إلى ذلك، أكد صلاح النمروش، وزير الدفاع بحكومة الوفاق «عزمه على الاستمرار في تطوير وتعزيز التعاون مع الجانب التركي، في المجالات ذات الاهتمام المشترك كافة». وأثنى خلال اجتماعه مع سيرحات اكسين، السفير التركي لدى ليبيا، على ما وصفه بـ«دور تركيا ووقوفها مع الشعب الليبي في أصعب أوقاته»، على حد تعبيره.
وناقش النمروش مع سفير باكستان لدى ليبيا، ساجد إقبال، خلال اجتماعهما أمس بطرابلس، علاقات التعاون بين البلدين في مجال الدفاع، وتعزيز التعاون المشترك، وتطويره في مجالات التدريب والتأهيل لمنتسبي المؤسسة العسكرية الليبية.
وكان الفريق محمد الحداد، رئيس الأركان العامة لقوات حكومة الوفاق، قد ناقش في اجتماع بمقر الكلية العسكرية بالعاصمة طرابلس، مع رؤساء الأركان المختلفة ومديري الهيئات والإدارات النوعية، ما وصفه بـ«الصعوبات والمشكلات والعراقيل التي تواجه الجيش الليبي».
في سياق غير متصل، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، في بيان لها، أن آمر «كتشيبة الضمان» قام بتسليم نفسه لإدارة إنفاذ القانون - فرع طرابلس، بالإدارة العامة للعمليات الأمنية، وذلك حقناً للدماء ووقفاً للاقتتال، مشيرة إلى أنها «اتخذت الإجراءات القانونية حياله، وأحالته لجهات الاختصاص». كما لفتت الوزارة، في البيان، إلى ما وصفته بـ«الأحداث الأخيرة التي وقعت بمنطقة تاجوراء»، وما نتج عنها من اقتتال.
وتجاهل البيان مطالبة وزارة الدفاع بحكومة «الوفاق» بإحالة قائد هذه الكتيبة، وغريمه قائد «كتيبة أسود تاجوراء» إلى محكمة عسكرية، بعد المواجهات العنيفة التي اندلعت بينهما في ضاحية تاجوراء الجمعة الماضية، والتي أسفرت عن سقوط عدد غير معلوم من القتلى والجرحى.
ومن جهة ثانية، قال جهاز حرس المنشآت النفطية، التابع لحكومة الوفاق، إن رئيسه العميد علي الديب استعرض عمل الجهاز، ودوره في تأمين وحماية المنشآت النفطية، بالإضافة إلى المشكلات التي تواجه عمل الجهاز، مشيراً إلى أن النمروش أكد «أهمية دور الجهاز، وضرورة دعمه لأداء المهام المكلف بها في حماية المنشآت النفطية في كل ربوع ليبيا».
إلى ذلك، أظهرت لقطات مصورة تدفق العشرات من الآليات العسكرية والسيارات المحملة بالمدافع من زوارة إلى معبر رأس جدير الحدودي مع تونس، وذلك على خلفية خلافات مع مجموعات مسلحة تحتشد في العجيلات للسيطرة على المعبر، بعد مشكلة وقعت أول من أمس بين مدير شرطة المعبر وضباط من زوارة.
وقالت مصادر محلية إن «حالة من التوتر والترقب تسود المعبر، خشية تجدد القتال بين الميليشيات المسلحة، الموالية لحكومة الوفاق، المتنازعة على السيطرة على المعبر البري للحدود الليبية التونسية».



الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
TT

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)

يواجه آلاف المرضى بالسرطان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) خطر الموت نتيجة غياب الرعاية الصحية والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وغياب الدعم، في ظل اتهامات لقادة الجماعة الحوثية بالمتاجرة بالأدوية وتعطيل مراكز علاج ودعم الحالات المصابة بالمرض.

وأرجعت مصادر طبية في المحافظة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والتي كانت تقدم مجاناً من منظمات دولية وجهات خيرية، إلى مساعي الجماعة الحوثية للاستفادة من التمويل الموجه للمرضى، والحصول على إيرادات مالية من الأدوية والتدخل الدائم في العمل الإغاثي الطبي، وفرض قرارتها على الجهات الممولة، وإدارة شؤون المستشفيات والمراكز الصحية.

ووجّه فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب نداء استغاثة جديداً، هو الثالث خلال الأشهر القليلة الماضية، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع لها، ومدّه بالأدوية والمستلزمات التي يحتاجون إليها لعلاج المرضى.

أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

وأعلن فرع مؤسسة مكافحة السرطان، في بيان له، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في إب خلال العام الحالي، موضحاً أن معظم المرضى الذين يتوافدون حالياً على مركز الأمل لعلاج الأورام، وهم من الأسر الفقيرة والأشد فقراً، لا يتحصلون على الرعاية الطبية؛ بسبب شح الإمكانات.

زيادة في المصابين

واشتكى فرع المؤسسة في بيانه من أن التزايد المستمر في أعداد المصابين بالمرض يُحمّل المؤسسة ومركز الأورام تبعات كثيرة في الوقت الذي يعانيان قلة الإيرادات والافتقار للدعم الثابت؛ ما يجعلهما غير قادرين على توفير، ولو الحد الأدنى من الخدمات التشخيصية والصحية للمرضى.

وناشد البيان الجهات ذات العلاقة والمنظمات ورجال الأعمال، بإسنادهم بالدعم من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية للمرضى.

مبنى فرع مؤسسة مكافحة السرطان في إب (فيسبوك)

وذكرت مصادر طبية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، شهدت مئات الإصابات الجديدة بالمرض، بالتزامن مع معاناة كبيرة لأكثر من 6 آلاف مصاب من مختلف الأعمار.

موارد محدودة

اشتكى عدد من المرضى من انعدام العلاج وانقطاع الخدمات الطبية، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر الموت جراء فشل الجماعة الحوثية في إدارة المرافق الصحية وعبث قادة الجماعة بالموارد والمساعدات والإتجار بها في السوق السوداء.

وبيَّنوا لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يزالون يعانون مضاعفات كبيرة وظروفاً حرجة في ظل سياسات حوثية خاطئة تستهدف جميع مؤسسات ومراكز مكافحة السرطان في المحافظة وأثرت سلباً على تلقيهم الرعاية الطبية.

يقول عبد الله، وهو شاب من مدينة العدين غرب المحافظة، وقدِم إلى فرع مؤسسة مكافحة السرطان لعلاج والدته التي تعاني سرطاناً في الحلق، إنه تردد على فرع المؤسسة لأكثر من 3 أيام؛ أملاً في الحصول على الرعاية الطبية لوالدته، لكن دون جدوى.

قادة حوثيون يفرضون وجودهم في افتتاح مركز لمعالجة الأورام في إب اليمنية بتمويل من فاعلي خير (إعلام حوثي)

ويعبّر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالحزن والأسى وهو يرى والدته تصارع المرض، بينما يعجز حتى اللحظة عن تأمين جرعة العلاج الكيماوي لها وبعض الأدوية الأخرى؛ بسبب انعدامها في فرع المؤسسة، وارتفاع تكلفتها في العيادات الخارجية والصيدليات التي تتبع أغلبها قيادات حوثية.

ويشير عاملون في فرع المؤسسة المعنية بمكافحة السرطان في إب خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مركز الأمل لعلاج الأورام التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، لا يزال يُقدم كل ما يمكن من خدمات مجانية للمرضى، رغم تكرار الاستهداف الحوثي له ومنتسبيه، معتمداً على القليل جداً من التبرعات المقدمة من بعض الجهات وفاعلي الخير.

وطالب العاملون المنظمات الدولية والمعنيين بسرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت ويتجمعون يومياً بالعشرات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في المحافظة، أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

القطاع الصحي في اليمن يعيش وضعاً متردياً تحت سيطرة الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وأقرَّت الجماعة الحوثية سابقاً بارتفاع عدد مرضى السرطان بعموم مناطق سيطرتها إلى نحو 80 ألف مريض.

وأطلق فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، نداء استغاثة، بعد بلوغ أعداد المرضى المسجلين لدى فرع المؤسسة بالمحافظة وقتها 6060 حالة.

وقبل ذلك بأشهر أطلق الفرع نداء استغاثة مماثلاً، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع له، والذي يواجه الإغلاق الوشيك نتيجة نقص الدعم وغياب التمويل.