مثل الجنود الذين يلتفون حول شخصية مهمة لمنع الأذى عنها، حدّد باحثون أميركيون الجندي المسؤول عن حماية البروتين الرئيسي لفيروس «كورونا المستجد» من الاستهداف بواسطة «سهام» جهاز المناعة.
ولا يستطيع الفيروس اقتحام الخلايا البشرية دون بروتين الأشواك أو ما يطلق عليه «سبايك»، والذي يمنحه الشكل التاجي المميز، حيث يرتبط هذا البروتين بالإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (ACE2) الموجود بالخلايا البشرية للسماح بدخول الفيروس. وكشف فريق بحثي أميركي - آيرلندي، في دراسة نشرت أول من أمس بدورية (سنترال ساينس)، عن دور نشط لـ«الغليكان»، وهي جزيئات السكر التي يمكن أن تزين البروتينات في هذه العملية.
وقبل أن يتفاعل بروتين الفيروس مع الإنزيم المحول للأنجيوتنسين في الخلية بشرية، فإنه يغير شكله لإتاحة المجال لارتباط مستقبلاته (RBD)، مع الإنزيم. ومثل العديد من البروتينات الفيروسية، يحتوي بروتين «سبايك» على طبقة سميكة من (الغليكانات) توجد بسطحه. ووجد الفريق البحثي من جامعتي كاليفورنيا وتكساس بأميركا، وجامعة ماينوث بآيرلندا، أن هذه الغليكانات الملتصقة في مواقع محددة تقوم بدور مهم لحماية البروتينات الفيروسية من جهاز المناعة البشري.
ولمعرفة ذلك، قام الباحثون بعمل محاكاة ديناميكية جزيئية لبروتين الفيروس المتضمن في الغشاء الفيروسي، وقدمت نماذج الكومبيوتر لقطة تفصيلية لكل ذرة في البروتين السكري المرتفع (الغليكانات). ووجد الباحثون أن (الغليكانات) المرتبطة ببروتين (سبايك) في مواقع معينة هي (N165) و(N234) ساعدت في استقرار تغيير الشكل وهي الآلية التي يستخدمها بروتين الفيروس، ما قد يساعد في تعزيز العدوى. وحدّدت عمليات المحاكاة أيضاً مناطق من بروتين (سبايك) لم تكن مغطاة بالغليكان، وبالتالي يمكن أن تكون عرضة للأجسام المضادة المناعية، خاصة بعد تغيير الشكل.
وفي التجارب المعملية باستخدام «قياس التداخل للطبقة الحيوية»، وهي تقنية تقيس التفاعلات الجزيئية الحيوية، أظهر الفريق البحثي أن تحور بروتين (سبايك) بحيث لم يعد يحتوي على الغليكانات في مواقع (N165 وN234)، يقلل من الارتباط بالإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2.
ويقول الباحثون في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجمعية الكيميائية الأميركية بالتزامن مع نشر الدراسة، إن هذه النتائج ترسي الأساس لاستراتيجيات جديدة لمكافحة التهديد الوبائي عبر منع «الغليكان» من تقديم الحماية لبروتين «سبايك» الخاص بالفيروس. وهذه ليست الدراسة الأولى التي تستهدف محاربة الفيروس عبر التركيز على بروتين «سبايك»، فأغلب اللقاحات والأدوية التي يتم تطويرها، تركز على هذا البروتين، لأن من دونه يفقد الفيروس القدرة على اقتحام الخلايا البشرية، كما يؤكد أحمد سالمان، عضو فريق جامعة أكسفورد لإنتاج لقاح كورونا.
يقول سالمان لـ«الشرق الأوسط» إن «العمل على هذا البروتين هو الضمان لعدم ضياع أي جهد بحثي بسبب حدوث تحورات مستقبلية للفيروس، لأنه إذا حدثت أي تحورات في هذا البروتين يكون الفيروس أراح واستراح، لأنه سيفقد حينها القدرة على إحداث العدوى في البشر».
اكتشاف «الجندي» المسؤول عن حماية «بروتين كورونا» من جهاز المناعة
اكتشاف «الجندي» المسؤول عن حماية «بروتين كورونا» من جهاز المناعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة