جاء الهدف الأخير لغاريث بيل -ونتمنى ألا يصبح الأخير بالفعل- لصالح توتنهام هوتسبير في الدقيقة الأخيرة من المباراة الأخيرة في الموسم. كان ذلك في 19 مايو (أيار) 2013، في مواجهة سندرلاند على أرض استاد وايت هارت لين. التقط بيل الكرة على الجانب الأيمن، وانطلق إلى داخل نصف ملعب الفريق المنافس على نحو يشبه آريين روبن، وصوب الكرة باتجاه أعلى الزاوية اليسرى من على بعد 25 ياردة، لتتجاوز في طريقها سيمون مينيوليه. وبدا أن بيل سجل ذلك الهدف مائة مرة ذلك الموسم.
وبمجرد أن ارتطمت الكرة بالشباك، جرى إيمانويل أديبايور لسؤال الجماهير عما إذا كان كافياً للوصول بتوتنهام هوتسبير إلى بطولة دوري الأبطال. إلا أنه لم يكن كافياً، فقد وجد توتنهام هوتسبير نفسه في المركز الخامس، نتيجة فوز آرسنال على أرض نيوكاسل. ومن جانبه، أصر المدرب أندريه فيلاش بواش على أنه سيبقي بيل داخل النادي، لكنه لم يستطع إنجاز ذلك.
في اليوم التالي، وعلى بعد 800 ميل في مدريد، رحل جوزيه مورينيو عن ريال مدريد، بعد موسم ساءت العلاقة خلاله مع سيرغيو راموس وإيكر كاسياس وكريستيانو رونالدو. ووصف مورينيو ذلك الموسم بأنه «الأسوأ في مسيرته». اليوم، أصبح لديه كثير من المواسم السيئة الأخرى التي يمكنه الاختيار منها. كثير من الأمور تتبدل في سبع سنوات. اليوم، يعمل فيلاش بواش في مارسيليا، ومينيوليه في فريق بروج البلجيكي، وسندرلاند في دوري الدرجة الثانية، ولم يعد لاستاد وايت هارت لين وجود، بينما يعد الحارس هوغو لوريس الوحيد من التشكيل الأساسي في هذه المباراة الذي ما يزال في صفوف النادي.
في ذلك الوقت، كان هاري كين يرتدي القميص رقم (37)، وقضى معظم الموسم في إعارة إلى ليستر سيتي ونوريتش سيتي. وقد شارك بالفعل في أرض الملعب مع بيل، بداية من الدقيقة 86 في المباراة الافتتاحية للموسم (استمرت 90 دقيقة و3 دقائق إضافية) التي خاضها توتنهام هوتسبير على ملعب نيوكاسل سانت جيمس بارك، وانتهت بهزيمة توتنهام. علاوة على ذلك، شارك اللاعبان معاً بين الدقيقتين 63 و72 من مباراة في إطار بطولة الدوري الأوروبي، هزم خلالها توتنهام هوتسبير أمام باوك اليوناني في العام الذي سبقه. وبذلك، يكون اللاعبان قد شاركا معاً لمدة نحو ربع ساعة، فهل يكفي ذلك لبناء تفاهم بينهما داخل الملعب؟
من ناحية أخرى، كثير من الأمور تغيرت في غاريث بيل خلال سبع سنوات. في الحقيقة، يبدو اللاعب وكأن حجم جسده تضاعف؛ يبدو أشبه بمراهق دخل السجن وقضى كامل وقته في التدريبات الرياضية. اليوم، لم يعد بيل يبدو في صورة الغزال الرقيق جميل الوجه الذي انطلق أكثر شبهاً من اللاعب البرازيلي مايكون عندما كان يلعب في إنتر ميلان. اليوم، تبرز عضلات ساقه مثل ألماس خام، بينما يبدو شعره في جزء شبيه بشعر المصارع الأميركي شون مايكلز، وفي جزء آخر شبيه بشعر رابونزيل؛ الأميرة الأسطورية ذات الشعر الطويل. وقد تميز بيل بقصة الشعر اللافتة هذه منذ انضمامه إلى ريال مدريد.
وينقلنا هذا الأمر بدوره إلى مشاعر الإثارة الكبيرة المحيطة بنبأ عودة بيل؛ الجماهير تتابع رحلة الطائرة الخاصة التي استقلها عبر تطبيقات متابعة الرحلات الجوية، في الوقت الذي تسابقت فيه حسابات عبر «تويتر» إلى تأكيد قدومه قبل صدور تأكيد رسمي بذلك. وتظهر صور لجماهير تحمل قميصه، في الوقت الذي انتشرت فيه صور توقيعه عقد الانضمام للنادي، وأنباء التفاصيل المحيطة بالعقد، والمناقشات التي قادها دانييل ليفي من أجل تحقيق «إنجاز عظيم على صعيد العلاقات العامة».
في الواقع، نحن لا نعرف أي نمط من اللاعبين أصبح بيل الآن لأنه لم يلعب بالقدر الكافي خلال العامين الماضيين. ومع هذا، فإن جماهير توتنهام هوتسبير ليست بحاجة للتفكير في حقيقة أنها تضم إلى صفوف فريقها لاعباً يبلغ من العمر 31 عاماً، جرى إبقاؤه متجمداً على مقعد البدلاء طوال موسمين في ريال مدريد، وإنما تحتاج هذه الجماهير إلى شعور الحنين لشخص تابعوا رحلة تحوله من مراهق إلى نجم كرة قدم.
وتابعت الجماهير خلال مسيرة بيل معها لحظات لا تنسى: الكرة التي جاءت على نحو يشبه الكرة الطائرة على أرض ستوك سيتي، والهدف الذي سجله في اللحظة الأخيرة في ملعب وستهام القديم أبتون بارك، والأهداف التي أحرزها في مرمى آرسنال، والركلات الحرة والتصويبات القوية المنخفضة في زاوية المرمى الضيقة. وبعد الألم الذي تعرض له الفريق على يد إيفرتون في افتتاح الدوري الإنجليزي، قبل الفوز بخماسية على ساوثهامبتون، تبدو الجماهير اليوم على استعداد للتشبث بأي بارقة أمل.
وهنا تحديداً تكمن المشكلة: هل انضمام بيل يميل الموازين من جديد باتجاه إيجابي، في وقت يدفعها المدرب بكل هذه القوة نحو الاتجاه السلبي؟ جدير بالذكر أنه عندما طرد توتنهام هوتسبير ماوريسيو بوكيتينو، واستعان بمورينيو بديلاً له، في اليوم التالي كتبت في هذه المساحة ذاتها مقالاً من 800 كلمة عن الأمر. وقد تواترت الأحداث على نحو سريع للغاية. وسخرت من جانبي من نمط اللعب الذي أدخله مورينيو إلى مانشستر يونايتد، وتوقعت أن ينتهي الأمر بكارثة.
بعد 3 مباريات، تحرك الجزء المتقلب المنافق الذي يشكل 90 في المائة من عقلي، ومن عقل كل مشجع لكرة القدم. فاز الفريق في ثلاثة مباريات على التوالي، ما دفعني للاعتقاد بأنني ربما كنت مخطئاً. وبعد ذلك، توالت الإصابات.
ربما كنت مخطئاً. عندما جلست أتابع المباراة الافتتاحية لتوتنهام أمام إيفرتون، والأخير يتفوق على الفريق اللندني في جميع جوانب الملعب، قلت لنفسي: لقد تغير الكثير خلال 7 سنوات، لكن يبدو أن مورينيو لم يتغير. وربما كنت أنا مخطئاً. أما كون المرء مشجعاً لنادٍ ما، فإن هذا يعني الشعور بالأمل. لذلك، أتوق لرؤية بيل يرتدي قميص توتنهام هوتسبير من جديد.
ومثلما أشار سيد لوي، فقد طرحت صحيفة «إيه إس» الإسبانية تقييماً مؤلماً كوميدياً للإسهام الذي قدمه اللاعب الويلزي في ريال مدريد على النحو التالي: «مجموعة قليلة من الأهداف المحورية»، حسبما ذكرت الصحيفة، دون أن توضح ما مدى محورية تلك الأهداف التي أحرزها بيل مع النادي الإسباني: أهداف في مباريات نهائية ببطولات محلية، وببطولة الكأس الأوروبي، وتسديدات لا حصر لها في الدوري الإسباني الممتاز.
كنت في كييف عندما سجل هدفه المميز بكرة مرت فوق رؤوس المنافسين. وبمجرد أن سكنت الكرة المرمى، ساد صمت لافت أرجاء الاستاد، قبل أن تشتعل أصوات الابتهاج في مدرجات الجماهير الإسبانية؛ كان مشهداً استثنائياً.
والمؤكد أن بيل ليس بحاجة إلى مجموعة من الأهداف المحورية لجعله أسطورة أكبر مما هو عليه بالفعل في شمال لندن. وإذا نجح في المعاونة في حصول توتنهام هوتسبير على بطولة واحدة، فإن هذا سيكون كافياً. وآمل من ناحيتي أن يحدث ذلك.
بعد عامين على مقاعد البدلاء في ريال مدريد... ماذا يستطيع بيل أن يقدم لتوتنهام؟
اللاعب الويلزي ترك النادي اللندني قبل 7 سنوات نجماً ساطعاً وعاد إليه من إسبانيا «متجمداً»
بعد عامين على مقاعد البدلاء في ريال مدريد... ماذا يستطيع بيل أن يقدم لتوتنهام؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة