اتهم عشرات الناشطين الإيرانيين في مجال حقوق الإنسان، السلطات الإيرانية بممارسة «الترهيب» ضد المواطنين الإيرانيين بواسطة الإعدام «المتسرع» لبطل المصارعة نويد أفكاري.
وقال 150 ناشطا إيرانيا، في بيان أمس بأن عمليات الإعدام استهدفت «ترهيب» الإيرانيين على طريقة «قمع المحتجين» في احتجاجات شهدتها إيران في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد قرار مفاجئ للحكومة برفع أسعار البنزين إلى 300 في المائة.
وأعدمت طهران نويد أفكاري (27 عاما)، المصارع الذي حاز على بطولات وطنية، السبت في سجن عادل آباد بمدينة شيراز في جنوب البلاد بعد إدانته بقتل عنصر أمني خلال احتجاجات شهدتها مدينة شيراز قبل عامين، بعدما أطلق بازار طهران شرارة احتجاجات عامة ضد تدهور أسعار العملة.
وانتقد الناشطون «إصدار أوامر متسرعة» بتنفيذ الإعدام معتبرين أنها «صدرت من نفس المركز الذي أمر بقتل المئات من المتظاهرين في نوفمبر الماضي». وسلط البيان الضوء على «تناقضات» ملف أفكاري والاتهامات التي صدر بموجبها حكمان بالإعدام ضده، مؤكدين أن السلطات «سعت إلى تنفيذ حكم الإعدام بأي طريقة ممكنة».
وذكرت «إذاعة فردا» الأميركية أن الناشطين حملوا «المرشد»، ورئيس الجهاز القضائي مسؤولية إصدار حكم الإعدام، قائلين إن «الإسراع في الجريمة يعود إلى عمق الرعب لدى المسؤولين الإيرانيين من احتجاج المحرومين والبؤساء»، محذرين من أن «كراهية الناس للحكام ستؤدي إلى نزولهم ثانية إلى الشارع» على غرار احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) 2017 ونوفمبر2019.
وحكم على أفكاري بالإعدام في أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وأيدت محكمة الاستئناف الحكم في أبريل (نيسان).
وكانت وكالة «رويترز» قد نقلت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن ثلاثة مسؤولين بوزارة الداخلية الإيرانية أن «المرشد» علي خامنئي أصدر أمرا خلال اجتماع لكبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين، حضره الرئيس الإيراني حسن روحاني بإخماد احتجاجات نوفمبر على وجه السرعة، ما أدى إلى سقوط أكثر من 1500 قتيل خلال 72 ساعة بحسب المسؤولين الثلاثة.
وقبل أيام كشفت منظمة العفو الدولية قائمة من أساليب التعذيب التي استخدمتها السلطات الإيرانية ضد المعتقلين في الاحتجاجات بناء على شهادات أدلى بها معتقلون.
وبعد الاحتجاجات، أفادت منظمة العفو الدولية أنها وثقت بالأسماء مقتل 304 أشخاص في الاحتجاجات الإيرانية.
ولم تقدم إيران إحصائية رسمية عن قتلى الاحتجاجات منذ ذلك الحين، لكن وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي قال في مايو (أيار) الماضي خلال مقابلة تلفزيونية إن عدد القتلى يتراوح بين 200 إلى 225 شخصا، موضحا أن 80 في المائة سقطوا بنيران قوات الأمن و20 في المائة قتلوا بسلاح غير مرخص.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب حض إيران على إنقاذ حياة أفكاري بينما أصرت منظمات حقوقية دولية على ضرورة التحقيق في التقارير التي أشارت إلى أنه تم تعذيبه لإجباره على الاعتراف وأنه لا يوجد دليل قاطع على إدانته.
وقال خمسة خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة في بيان الاثنين إنه «أمر مزعج للغاية أن السلطات استخدمت عقوبة الإعدام على الأرجح ضد رياضي كتحذير لسكانها في مناخ من الاضطرابات الاجتماعية المتزايدة».
وعلق القضاء في يوليو (تموز) إعدام ثلاثة شبان شاركوا في احتجاجات مناهضة للحكومة في نوفمبر 2019. في مواجهة حملة غاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن إيران مضت في أغسطس (آب) في إعدام مصطفى صالحي، المدان بقتل أحد أفراد قوات الأمن بالرصاص خلال احتجاجات 2017 - 2018 في منطقة أصفهان (وسط).
وقالت منصورة ميلز، الباحثة في شؤون إيران في منظمة العفو الدولية، إن «المزاج العام بين الإيرانيين يتحول بعيدا عن عقوبة الإعدام» فيما «ينظر العالم برعب» لاستخدام إيران المتزايد لعقوبة الإعدام ضد معارضي النظام.
وتابعت أن «السلطات الإيرانية تستخدم عمليات الإعدام مثل تلك التي نفذتها بحق نويد أفكاري كأداة للسيطرة السياسية والقمع لبث الرعب بين العامة».
وقال نشطاء إن إيران لم تتجاهل شكوى التعذيب فحسب، بل سارعت أيضا إلى تنفيذ الإعدام دون ترك فرصة للمصالحة مع عائلة الضحية.
وقال محمود أميري - مقدم، مؤسس منظمة حقوق إنسان إيران غير الحكومية ومقرها أوسلو، «كانت السلطات تخشى أن يؤدي الانتظار لمدة أسبوع إضافي إلى جعل التكاليف السياسية لإعدامه باهظة الثمن»، واصفاً الإعدام بأنه «متسرع». وأوضح أن «التفسير المحتمل» هو أن أفكاري كان في حالة سيئة بسبب التعذيب لدرجة أنه تقرر شنقه لتجنب المزيد من الإحراج، مشيرا إلى أنه تم دفن الرياضي الشاب على عجل في الليل.
ووصفت تارا سبهري فر البار منظمة هيومن رايتس ووتش، السرعة التي تم بها تنفيذ حكم الإعدام بحق أفكاري بأنها «غير عادية». وقالت «جزء على الأقل من النظام... يشعر أن الاستجابة للتنديدات الدولية يعد تراجعا وقد يجعلهم أكثر عرضة للخطر». وتابعت أن «هناك أيضا حركة متنامية مناهضة لعقوبة الإعدام داخل البلاد ضد الأحكام الصادرة على صلة بالاحتجاجات». وأضافت «أعتقد أنهم قد يخشون من مسألة أنهم إذا لم يظهروا القوة فإنهم سيبدون ضعفاء».
وبحسب وثيقة نشرتها وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان، تقدم أفكاري بشكوى إلى القضاء في 13 سبتمبر (أيلول) 2019 قال فيها إنه أُجبر على الإدلاء باعترافات كاذبة تحت التعذيب.
وقال تسجيل صوتي نسبه مؤيدون لأفكاري انتشر على نطاق واسع بعد إعدامه «لدي كل أنواع الوثائق التي تثبت براءتي».
وتابع «إذا تم إعدامي، يجب أن يعرف الناس أنه في القرن الحادي والعشرين، لا تزال إيران تعدم الأبرياء».
150 ناشطاً يتهمون إيران بإعدام «متسرع» لـ«ترهيب» مواطنيها
150 ناشطاً يتهمون إيران بإعدام «متسرع» لـ«ترهيب» مواطنيها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة