رحيل جاك ميرفي... لص جوهرة «نجمة الهند»

ميرفي في كريستال ريفر بفلوريدا عام 2019
ميرفي في كريستال ريفر بفلوريدا عام 2019
TT

رحيل جاك ميرفي... لص جوهرة «نجمة الهند»

ميرفي في كريستال ريفر بفلوريدا عام 2019
ميرفي في كريستال ريفر بفلوريدا عام 2019

أطلق الفتى عاشق الحفلات والشواطئ الذي كان يعيش في ميامي على نفسه اسم «ميرف ذا سيرف»، أو ميرف راكب الأمواج، قبل أن يجعل الجميع يضرب كفا بكف عندما نفذ أكبر سرقة لجوهرة في مدينة نيويورك عام 1964. كانت الجوهرة «نجمة الهند» من الياقوت وحجمها أكبر قليلاً من كرة الغولف، بالإضافة إلى مجموعة من الأحجار الكريمة الأخرى سرقها من «المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي».
لم يكن جاك رولاند ميرفي البالغ من العمر آنذاك 27 عاماً، وشريكاه آلان كون وروجر كلارك، لصوصاً خارقين للعادة مثل ماكسيميليان شيل، وميلينا ميركوري اللذين شاهدناهما في الفيلم الذي قام ببطولته جول داسين والذي حمل عنوان «توبكابي» وتناول مؤامرة سرقة خنجر مرصّع بالزمرد من قصر «توبكابي» في إسطنبول، وهو الفيلم الذي كان اللصوص قد شاهدوه للتوّ.
في حديث لصحيفة «نيويورك تايمز» عام 2019، بعد 55 عاماً من الحادثة سيئة السمعة، قال ميرفي إنّ «ألان قال إنه كان يسمع المجوهرات تناديه: خذنا إلى ميامي»، وهو ما دعاه لاصطحابها إلى ميامي.
توفي ميرفي، السبت الماضي، في منزله في كريستال ريفر بفلوريدا عن عمر ناهز 83 سنة. وقالت زوجته كيتن إن سبب الوفاة فشل في وظائف القلب والأعضاء. نشر ميرفي مذكرات قصيرة تحت عنوان «جواهر الرحلة» (1989) التي لم يشر فيها إلى إدانته بجريمة قتل. وقد وردت سيرته في عدد من الأفلام منها «ميرف ذا سيرف» للمخرج مارفن تشومسكي (1975) التي كانت سرداً مبهراً لسارق المتحف، ولعب دون ستراود دور البطولة فيه. قضى ميرفي ما يقرب من عقدين في السجن عقاباً على سرقة المتحف وجريمة القتل الوحشية التي ارتكبها في ميامي.
وُلد جاك رونالد ميرفي في لوس أنجليس في 26 مايو (أيار) 1937، وكان طفلاً وحيداً لوالديه. أمضى بعض سنوات تكوينه في بيت صارم في «كارلسباد» بولاية كاليفورنيا المطلة على المحيط بالقرب من سان دييغو. وصرح جون بنرود، صديق الطفولة، لموقع «سبورتس أيلوستريتيد» عام 2020 بأنّه رأى أباه ذات مرة يصفعه لتباطئه في غسل الأطباق. في عام 1957، تزوج ميرفي من غلوريا سوستوك وأنجبا ولدين هما شون ومايكل، قبل أن ينفصلا عام 1962. وفي عام 1963 تزوج من ليندا ليتش من ثمّ طلقها.
في «كوكوا بيتش» بولاية فلوريدا، افتتح ميرفي متجراً لألواح التزلج على الماء وبدأ ركوب الأمواج والمشاركة بالمنافسات. وفي ميامي بيتش، التقى ميرفي صديقاً يدعى كون، وهو غواص يعمل على زورق سريع، وكان سبباً لمعرفته بعالم الجريمة. وبعد سرقة العديد من الأعمال الفنية من المنازل المطلة على البحر، تواصلا مع شركات التأمين على الأعمال الفنية واستبدلا بالغنائم النقود، من دون ترك أي مجال لتلك الشركات لطرح أي أسئلة.
في خريف عام 1964، توجه كل من ميرفي وكون وكلارك إلى مانهاتن على أمل تحقيق المزيد من المكاسب. وعند استئجار شقة فوق سطح «فندق كامبريدح هاوس» بشارع «ويست 86»، أقاموا حفلات لتعاطي المخدرات طوال الليل. ولم يتوانوا عن سرقة رواد الحانات وغرف الفنادق في وسط المدينة.
في قاعة «جيه بي مورغان» للأحجار الكريمة والمعادن في «المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي» بمنطقة «سنترال بارك ويست»، لاحظ ثلاثتهم تراخي الأمن ولفتت أنظارهم جوهرة «نجمة الهند»، الياقوتة بيضاوية الشكل الزرقاء التي تزن 563 قيراطاً. كانت أكبر قليلاً من كرة الغولف، كان حجمها بوصتين ونصف بوصة (كرة الجولف قطرها 1.68 بوصة) وتزن 100.32 قيراط، فيما يبلغ وزن جوهرة «ميدنايت ستار» الأكبر بين أحجار الياقوت الأسود في العالم 116 قيراطاً.
وفي ليلة الخميس الموافق 29 أكتوبر (تشرين الأول)، تسلّل ميرفي وكون وهما يحملان لفافة من الحبال، فيما كان كلارك يراقب الشارع، وتسلقا سياجاً حديدياً طويلاً خلف المتحف وصعدا إلى الطابق الخامس ببطء. ربطا الحبل بعمود فوق نافذة مفتوحة في الطابق الرابع وتأرجح ميرفي لأسفل واستخدم قدمه لتحريك الحبل.
كان الزجاج الذي يحمي الأحجار الكريمة بسمك ثلث بوصة، وكان قوياً جداً بحيث لا يمكن كسره بمطرقة مطاطية. وبدلاً من المخاطرة بإحداث ضجيج جراء الضربات القوية، استخدما قواطع لقص الزجاج بشكل دائري وشريطاً لاصقاً لتغطية الدوائر لمنع التحطيم وكتم الصوت، وكوباً مطاطياً لسحب القطع للخارج.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».