جماليات منطقة «وسط البلد» في معرض فوتوغرافي بالقاهرة

مصور مصري يسلط الضوء على أقدم مبانيها وحكايات سكانها

ميكانيكي بشارع محمد محمود  (احمد حامد)
ميكانيكي بشارع محمد محمود (احمد حامد)
TT

جماليات منطقة «وسط البلد» في معرض فوتوغرافي بالقاهرة

ميكانيكي بشارع محمد محمود  (احمد حامد)
ميكانيكي بشارع محمد محمود (احمد حامد)

تعكس منطقة «وسط البلد»، بالقاهرة، صفحات مهمة من التاريخ المصري، منذ أن تحولت من مجموعة من التلال والبرك إلى «قطعة من أوروبا» في عهد الخديوي إسماعيل حين قرر بناءها لتكون واجهة مشرفة لمصر، فتم تخطيطها وتصميمها على أحدث الطرز الأوروبية المعمارية، وبمرور السنوات جسدت بمعالمها وبناياتها ومتاجرها وحكاياتها ملامح الحياة المعيشية للمصريين، وكانت شاهدة على أحداث ومعالم ازدهرت وأخرى اندثرت. وكانت وما تزال مصدراً لا ينضب لإلهام الفنانين والمبدعين المصريين والأجانب.
ومن أحدث الأعمال الفنية التي تسلط الضوء على عراقة «قلب القاهرة النابض» ودورها على مر العقود هي مجموعة الصور الفوتوغرافية التي يضمها معرض المصور الصحافي أحمد حامد بمركز «فلك الثقافي» في جاردن سيتي، والذي يستوقفك عنوانه «وسط مش ناو» في رفض لتريند «وسط ناو» الذي انتشر بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي العام الماضي، ونشر حالة من السخرية من منطقة وسط البلد والممارسات الخاصة بالأشخاص المعتادين الجلوس فيها من حيث الجدية وعمق الرؤى الثقافية، ويقول حامد لـ«الشرق الأوسط»: «أردت بداية من عنوان المعرض أن أعلن عن تقديري البالغ لهذه المنطقة، وأنها أكبر من أي ترند عابر، وأنها ستبقى قيمة كبيرة في ذاكرة المصريين».
ومن اللافت في فوتوغرافيا المعرض المستمر حتى نهاية الشهر الجاري أن «المنطقة تمثل الحنين للماضي وفي الوقت نفسه التطلع إلى المستقبل طارحا ًمجموعة من التساؤلات عن مصير «وسط البلد» ومدى قدرتها على الصمود أمام متغيرات الزمن. وكأن الفنان كان على موعد مع القدر حيث أنه في اليوم التالي لافتتاح المعرض تهدمت عمارة في شارع «وسط النيل» أحد أشهر شوارع «المنطقة»، يقول حامد: «كان حدثاً مؤلماً للغاية، هز كيان كل محب للمنطقة، وجدد المخاوف على مستقبلها».
عبرت فوتوغرافيا أحمد حامد عن ذلك من خلال إثارتها الشجن والأمل في آن واحد، بجانب تنوعها الواسع ما بين القصور والبنايات السكنية والمباني ذات الطرز المعمارية الفريدة، إضافة إلى تجسيدها لمتاجرها القديمة وأشهر معالمها كدور السينما والمكتبات.
وأبرزت أعمال المعرض الفوتوغرافي الفنادق والعمارات السكنية من الداخل والخارج لتتدفق ذكريات المصريين بشأن حكايات المشاهير ممن اتخذوها مسكناً لهم من الوزراء والأعيان والفنانين ومنهم أنور وجدي وليلى مراد ومحمد فوزي ومديحة يسري، وماجدة الصباحي وعمر خيرت وغيرهم. ويقف الزائر طويلاً أمام صور دور السينما وأشهرها «مترو» و«راديو» وفيها كولاج من نوع آخر جمع فيه بين الصور وتذاكر السينما القديمة التي يضمها مشروعه التوثيقي الافتراضي «متحف الشارع» والذي كان الفنان قد أطلقه العام الماضي.
ولأن وسط البلد منذ البدايات لم تكن منطقة سكنية فحسب، بل احتضنت مجموعة من المتاجر الفخمة والضخمة بالنسبة لعصرها برؤوس أموال أجنبية مثل «شملا، وشكوريل، وصيدناوي» إلى جانب متاجر صغيرة متنوعة المجالات، فإن المعرض يسلط الضوء على الجانب التجاري للمنطقة، ومن أبرزها صورة لآخر متجر يوناني لبيع الصحف والكتب، وبالرغم من أنه أغلق أبوابه منذ نحو 20 عاماً، فإنه ما زال موجوداً، وتعلوه لافتته الشهيرة باللغة اليونانية «توكيل جرائد أثينا»، ومن هذه المتاجر ذات التاريخ الأصيل والتصاميم المتميزة إلى مجموعة مشاهد حديثة داخل ورش منها ورش السيارات لتعود تساؤلات الفنان ومخاوفه حول مستقبل وسط البلد، ومصيرها لتطرح نفسها بقوة من جديد، يقول حامد لـ«الشرق الأوسط»: «في وسط البلد إما أن نشاهد معالم أو مباني أو أركانا قديمة أصيلة نتأملها فنتساءل ترى إلى أين ستصل وكيف سيكون مصيرها؟! وإما أن تتألم أمام ذكرى مكان اندثر أو خسر هويته للأبد متسائلاً كيف سمحنا بحدوث ذلك». لكن لا تستمد وسط البلد خصوصيتها من مبانيها وطرزها المعمارية فقط إنما أيضاً من زخمها الإنساني، يقول حامد: «احتفيت في معرضي بالناس والمقاهي، إن تصوير الشارع في الأساس فن إنساني جميل، والاهتمام فيه بالبشر إنما هو توثيق مواز للأحداث وكتابة غير رسمية للتاريخ ربما تكون أكثر حيادية وصدقاً من التأريخ الرسمي».
وفي السياق ذاته نتوقف أمام صورة بائع في لحظة عزلة مع النفس وهي حالة نادرة غير معتادة في وسط البلد المعروفة بضجيجها وازدحامها، يشير حامد إلى أنه: «التقطتها للبائع في ساعة العصاري أثناء وقت راحة المحل، وهي رمزية تجسد لحظة التقاط الأنفاس من عناء الحياة».
وبعد أن «نلتقط الأنفاس» نعود إلى متاعب الحياة أثناء السعي وراء الرزق عبر صورة بائع الأنابيب على دراجته في يوم ممطر، والقهوجي وهو يحمل «كوب شاي على ميه بيضا» أي شاي محمل بطبقة سكر سميكة، وتتوالى الصور التي تعكس نبض شوارع وسط البلد، وقد تأثر بها الفنان للغاية بعد أن قضى معظم حياته المهنية فيها.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.