«الصحة العالمية» تحذّر من انتشار علاجات لـ«كوفيد ـ 19» غير مؤكدة علمياً

طالبت بعدم تسييس محاولات احتواء الوباء

أحد المختبرات في ولاية ميريلاند الأميركية التي تعمل على تطوير اللقاح (أ.ف.ب)
أحد المختبرات في ولاية ميريلاند الأميركية التي تعمل على تطوير اللقاح (أ.ف.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من انتشار علاجات لـ«كوفيد ـ 19» غير مؤكدة علمياً

أحد المختبرات في ولاية ميريلاند الأميركية التي تعمل على تطوير اللقاح (أ.ف.ب)
أحد المختبرات في ولاية ميريلاند الأميركية التي تعمل على تطوير اللقاح (أ.ف.ب)

مع اتساع رقعة انتشار الوباء على امتداد العالم وتفاقم تداعياته الاقتصادية والاجتماعية في غياب علاج ناجع ولقاح فعّال لوقف تفشّيه والحد من أضراره الجسيمة، تكاثر اللجوء إلى العلاجات العجائبية والحلول السحريّة أو الأدوية المشكوك في فاعليتها والتي لم يتردّد بعض القادة في الترويج لها؛ سعيا لتحقيق مكاسب سياسية.
ولم تنفع الدعوات المتكررة التي وجهتها منظمة الصحة العالمية لعدم تسييس مكافحة (كوفيد - 19) التي أصبحت سمة بارزة في الصراع الجيوسياسي الدائر حول الحرب الباردة الجديدة، وفشلت جهودها في إقناع معظم الحكومات بعدم إخضاع خطط احتواء الوباء وتدابير الوقاية منه للحسابات السياسية، وحصرها في دائرة المشورة العلمية والمعايير الصحية المؤكدة والمجرّبة.
ومن المناطق التي ارتفعت فيها أسهم هذه الحلول والعلاجات بشكل مقلق في الفترة الأخيرة كانت أميركا اللاتينية التي، برغم تدابير العزل والوقاية التي اتخذتها الحكومات، لم تتمكّن معظم بلدانها من احتواء الوباء الذي ما زال يتفشّى فيها بسرعة وكثافة. ويشهد العديد من بلدان هذه المنطقة مؤخرا حملات ترويجية لحلول لم تخضع للاختبارات العلمية، أو تأكدت الأضرار التي تحدثها، يقوم بها انتهازيون أو زعماء سياسيون يسوّقون لوهم الأمل في مشهد يخيّم عليه القلق والخوف من الوباء.
ومن بين هذه العلاجات السحرية يبرز العقاران المعروفان «كلوروكين» و«هايدروكسيكلوروكين» اللذان يستخدمان منذ عقود لعلاج التهاب المفاصل والملاريا، واللذان كانت منظمة الصحة العالمية قد نصحت بعدم استخدامهما لمكافحة «كورونا»، لكنهما وجدا من يروّج لهما بين زعماء تتضارب مشاربهم السياسية مثل الرئيسين الأميركي والبرازيلي من جهة والرئيس الفنزويلي من جهة أخرى. وقد وصل الحماس في أوساط المدافعين عن هذه العلاجات في البرازيل إلى وصف الذين ينتقدونها بالشيوعيين أو المخرّبين. وفي حالات أخرى، كما في بوليفيا والإكوادور، دفع اليأس بالمواطنين إلى تجربة علاجات لتقوية جهاز المناعة بالأعشاب أو المستحضرات المركّبة التي حذّرت منها الهيئات الطبية والجهات العلمية.
المدافع الأكبر عن عقار «هايدروكسيكلوروكين» هو الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو رغم تحذيرات منظمة الصحة ونقابة الأطباء البرازيلية. وكان قد نشر على وسائل التواصل الاجتماعي شريطا يصوّره وهو يتناول العقار عندما أصيب بالفيروس خلال شهر يوليو (تموز) الفائت. وبعد أن استقال الطبيبان إنريكي مانديتا ونلسون تايك من منصب وزير الصحة في أقل من شهر واحد بسبب اعتراضهما على إصرار بولسونارو لترويج هذا العلاج، أصدر مرسوما يقضي باستخدامه في المستشفيات الحكومية، حتى على الحوامل والأطفال، رغم التحذيرات الطبية بأن أضراره تفوق بكثير المنافع التي يمكن أن تنشأ عنه. ويقضي المرسوم بأن قرار استخدام هذا العقار يعود للطبيب، على أن يوقّع المريض وثيقة تفيد بمعرفته بالمخاطر التي يمكن أن تنجم عن استخدامه.
على الجبهة السياسية المقابلة يقف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي يندر في بلاده حتى الماء الذي لا بد منه للحفاظ على النظافة الضرورية للوقاية من الفيروس، ويندفع الناس إلى تجربة علاجات بأعشاب متنوعة ومعقّمات خطرة مثل ثاني أكسيد الكلور، غالبا ما يروّج لها المسؤولون عبر برامج تلفزيونية وإذاعية. وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الصحية الفنزويلية تستخدم بلازما المتعافين لعلاج الإصابات قبل أشهر من قرار وكالة الأدوية الأميركية باستخدامه رغم تحفظات المعاهد الصحية الوطنية بسبب من عدم كفاية الأدلّة على فاعليته.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذّرت السلطات الفنزويلية مؤخرا من عواقب استخدام عقار «إينفرمكتين» المضاد للطفيليات لخطورة الآثار الجانبية التي يمكن أن تنجم عنه، والذي يصل سعر الجرعة الواحدة منه على وسائل التواصل الاجتماعي إلى 300 دولار، أي 300 ضعف الحد الأدنى للأجور في فنزويلا. وفيما توجّه أوساط طبية عدة انتقادات إلى الحكومة لترويج هذه العلاجات، أعلن مادورو أن بلاده ستقدّم 500 متطوّع لتجربة اللقاح الروسي الذي تبدأ المرحلة الثالثة من الاختبارات عليه هذا الشهر.
في بوليفيا تدور معركة سياسية حامية بين الحكومة الانتقالية برئاسة جانين آنييز والبرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة الاشتراكية الموالية للرئيس السابق إيفو موراليس التي تضغط من أجل إصدار قانون يجيز استخدام مادة ثاني أكسيد الكلور للوقاية من (كوفيد - 19) وعلاج المصابين به. وفي حال صدور هذا القانون، المتوقع في الأيام المقبلة، تكون بوليفيا الدولة الأولى في العالم التي تسمح باستخدام هذه المادة في علاج (كوفيد - 19)، والتي كانت منظمة الصحة العالمية قد أوصت بعدم اللجوء إليها لعلاج المصابين بالفيروس، حيث إنها تستخدم أساسا للتبييض وتطهير المنشآت الصناعية.
وكانت وزارة الصحة البوليفية قد هددت المروّجين لاستخدام هذه المادة في علاج (كوفيد - 19) بالملاحقة القانونية، علما بأن ما لا يقلّ عن 450 طبيبا شكّلوا لجنة تدعو إلى استخدامها، فيما قرّرت بعض السلطات الإقليمية المعارضة إنتاجها وتوزيعها مجانا على المواطنين. وتجدر الإشارة إلى أن المنظومة الصحية في بوليفيا لم تعد قادرة على استيعاب المزيد من الإصابات، في الوقت الذي تندر أدوية أساسية كثيرة وتواجه البلاد واحدة من أخطر أزماتها السياسية.
وفي الإكوادور لجأ المواطنون منذ بداية الجائحة إلى العلاجات المنزلية والمستحضرات التقليدية، فيما كانت المستشفيات تعالج الحالات الخطرة بعقار «هايدروكسيكلوروكين» وترسل الحالات الأخرى إلى المنازل، بينما لا يزال الأطباء إلى اليوم يصفون المضادات الحيوية والأسبيرين وجرعات كبيرة من الفيتامين C، والحقن بمادة «إينفرمكتين» التي تستخدم للعلاجات البيطرية.
وكان اليأس قد دفع بسكان الإكوادور إلى استخدام مستحضرات مركّبة من الكينا والثوم، الذي نفذ من المتاجر طوال أسابيع، والحقن بماء البحر وثاني أكسيد الكلور الذي طلب أساقفة الكنيسة الكاثوليكية من رئيس الجمهورية السماح باستخدامه كعلاج بديل ضد الوباء.


مقالات ذات صلة

أمير القصيم: السعودية حاضنة للعلم والمعرفة

صحتك الأمير فيصل بن مشعل في صورة تذكارية مع المشاركين من أنحاء العالم (إمارة القصيم)

أمير القصيم: السعودية حاضنة للعلم والمعرفة

قال الأمير الدكتور فيصل بن مشعل أمير منطقة القصيم، إن «السعودية، بفضل رؤيتها الطموح، أصبحت حاضنة للعلم والمعرفة».

«الشرق الأوسط» (بريدة)
آسيا طفل يضع كمامة وينتظر دوره مع أسرته داخل مستشفى في شرق الصين (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: فيروس «إتش إم بي في» في الصين شائع ولا يشكل تهديداً

قدمت منظمة الصحة العالمية، اليوم، تطمينات بشأن فيروس «إتش إم بي في»، وهو عدوى تنفسية تنتشر في الصين، مؤكدةً أن الفيروس ليس جديداً أو خطيراً بشكل خاص.

«الشرق الأوسط» (جنيف - بكين)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة ملتقطة بالمجهر الإلكتروني قدمتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تُظهر مجموعة من فيروسات «نوروفيروس» (أ.ب)

وسط انتشاره بأميركا... ماذا نعرف عن «نوروفيروس»؟ وكيف نحمي أنفسنا؟

تشهد أميركا تزايداً في حالات الإصابة بفيروس «نوروفيروس»، المعروف أيضاً باسم إنفلونزا المعدة أو جرثومة المعدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.


باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس (السبت)، من أنه «إذا تعرضت مصالحنا للضرر فسوف نرد»، في وقت ينذر فيه وصول دونالد ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة بعلاقات تجارية ودبلوماسية عاصفة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال بارو في مقابلة مع صحيفة «ويست فرنس»: «من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأميركيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فكثير من المصالح والشركات الأميركية موجود في أوروبا».

وأضاف: «إذا رفعنا رسومنا الجمركية، فستكون المصالح الأميركية في أوروبا الخاسر الأكبر. والأمر نفسه ينطبق على الطبقات الوسطى الأميركية التي ستشهد تراجع قدرتها الشرائية».

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد حذر بارو قائلاً: «إذا تأثرت مصالحنا، فسوف نرد بإرادة من حديد».

وتابع: «يجب أن يدرك الجميع جيداً أن أوروبا قررت ضمان احترام العدالة في التبادلات التجارية. وإذا وجدنا ممارسات تعسفية أو غير عادلة، فسنرد عليها».

وقد هدد ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، الاثنين، الأوروبيين بفرض رسوم جمركية شديدة جداً. وهو يتوقع خصوصاً أن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيداً من النفط والغاز الأميركي ويقلل من فائضه التجاري مع الولايات المتحدة.