«إغلاق كورونا» يزيد من معاناة سكان غزة وينذر بكارثة

طفلة ترتدي قناع وجه في غزة (أ.ب)
طفلة ترتدي قناع وجه في غزة (أ.ب)
TT

«إغلاق كورونا» يزيد من معاناة سكان غزة وينذر بكارثة

طفلة ترتدي قناع وجه في غزة (أ.ب)
طفلة ترتدي قناع وجه في غزة (أ.ب)

فرضت السلطات في قطاع غزة إجراءات عزل عام يوم الثلاثاء الماضي بعد التأكد من ظهور أولى حالات الإصابة بفيروس «كورونا المستجد» بين عموم سكان القطاع الساحلي، بعد أشهر كانت العدوى محصورة في منشآت الحجر الصحي، حيث أُجبر جميع المسافرين العائدين على العزل لمدة ثلاثة أسابيع.
ولم تحدد السلطات بعد كيف شق الفيروس طريقه إلى عامة السكان.
وحسب وكالة أنباء «أسوشييتد برس»، فقد زاد الإغلاق من معاناة سكان غزة، الذين يقدر عددهم بمليوني نسمة، حيث إنهم يشعرون الآن بالقلق من حدوث كارثة كبيرة في القطاع الذي دمرت الحرب والعزلة نظام الرعاية الصحية فيه بشكل كبير.
ويعيش العديد من سكان غزة يوماً بعد يوم على أجور زهيدة يحصلون عليها في الأسواق والمتاجر والمطاعم والمقاهي، وكلها مغلقة.
وتفرض كل من مصر وإسرائيل منذ سنوات قيوداً مشددة على حدود القطاع، الذي تديره «حماس»، تذرعاً بأسباب أمنية، أهمها منع المسلحين من الاستيراد وتصنيع أسلحة، الأمر الذي يجعل دخول القطاع والخروج منه صعباً، كما أن المستشفيات عادةً ما تشكو من نقص الإمدادات الطبية.
بالإضافة إلى ذلك، أدى الحصار والقتال الدوري والخلاف طويل الأمد بين «حماس» والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة إلى تدمير الاقتصاد المحلي، حيث يبلغ معدل البطالة في غزة نحو 50%.
وفي الأسابيع الأخيرة، أرسلت «حماس» بالونات حارقة وصواريخ إلى إسرائيل في حملة تهدف إلى الضغط عليها لتخفيف القيود والسماح بمشاريع تنموية واسعة النطاق.
ورداً على ذلك، شنت إسرائيل غارات جوية استهدفت البنية التحتية العسكرية لـ«حماس»، وأغلقت منطقة الصيد في غزة ومعبرها التجاري الوحيد.
وأجبر ذلك محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة على الإغلاق بسبب نقص الوقود.
ويحصل معظم سكان غزة الآن على الكهرباء لمدة أربع ساعات فقط يومياً، مما يتركهم من دون تبريد أو تكييف أو مراوح كهربائية لساعات متتالية حيث تصل درجات الحرارة إلى نحو 32 درجة مئوية (نحو 90 درجة فهرنهايت).
ويقول أحمد عيسى، وهو أب لطفلين يعيش في قطاع غزة، إنه لا يعرف كيف سيُطعم عائلته بعد فرض السلطات إجراءات العزل العام بسبب «كورونا».
واعتاد عيسى على شراء الأسماك من الصيادين ثم إعادة بيعها في الأسواق المحلية، وهو عمل يقول إنه كان يجلب له نحو 7 دولارات في اليوم.
وقال عيسى: «كنت أكافح بالفعل منذ سنوات لتغطية نفقات منزلي، ليأتي فيروس (كورونا) في طريقي ويفاقم من أزمتي».
وأضاف: «ليس لديّ مدخرات وليس لديّ وظيفة، وليس هناك من يقرضني المال. ولا أستطيع حتى أن أبحث عن عمل آخر وسط إغلاق (كورونا)».
وتابع عيسى: «لا أعرف ماذا أو كيف سنأكل غداً»، شاكياً من أنه لم يطّلع على خطة حكومية جادة بشأن كيفية التعامل مع الأزمة.
من جهتها، قالت ماجدة، زوجة عيسى: «الوضع حالياً لا يطاق، خصوصاً مع الانقطاع الكهربائي. نحن نكافح من أجل النوم ليلاً بسبب الحرارة والرطوبة. ينام أطفالنا على أرضية البلاط لأنها أكثر برودة. هذا بالإضافة إلى انقطاع المياه تزامناً مع انقطاع الكهرباء. لا يمكنني تحمل البقاء في المنزل بعد الآن».
وفي الأيام الأخيرة، اكتشفت السلطات 80 حالة انتقال محلي لـ«كورونا» توفي شخصان من بينها.
وذكر مسؤولو الصحة في غزة، أول من أمس (الأربعاء)، أن القطاع الساحلي سيظل قيد العزل العام حتى الأحد المقبل على أقل تقدير.
وقال توفيق أبو نعيم رئيس قوى الأمن الداخلي التابعة لحركة «حماس»، للصحافيين: «قد نضطر إلى إغلاق أحياء بأكملها وحبس السكان في منازلهم مع توفير ما يحتاجون إليه».
وقال إغناسيو كاساريس غارسيا، مدير مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، إن المستشفيات والمراكز الصحية في القطاع لا تملك المعدات الطبية والأدوية الكافية لعلاج مرضى «كوفيد – 19». وأضاف في بيان: «نظام الرعاية الصحية في غزة لن يكون قادراً على التعامل مع أكثر من بضع عشرات من مرضى فيروس كورونا»، داعياً إلى مزيد من المساعدة الدولية.


مقالات ذات صلة

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
TT

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)
اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وسط رفض حكومة مقديشو.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف باستقلال الإقليم، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية بشدة.

وعلى هامش اجتماعات قمة رؤساء دول شرق أفريقيا بتنزانيا، أعلن الرئيس الكيني ويليام روتو، السبت، «اعتزامه التوسط بمشاركة نظيره الأوغندي يوري موسيفيني، لحل الخلافات بين الصومال وإثيوبيا». وقال في مؤتمر صحافي، إنه «سيبحث عقد قمة إقليمية تضم زعماء الدول الأربعة (كينيا وأوغندا والصومال وإثيوبيا)، لمعالجة التوترات في منطقة القرن الأفريقي».

وأشار روتو إلى أن «أمن الصومال يُسهم بشكل كبير في استقرار المنطقة». لكن خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن «التدخل الكيني الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً، في ظل عدم استجابة أطراف الخلاف لهذا المسار حتى الآن، بالإضافة إلى عدم وجود دعم إقليمي ودولي».

ومنذ توقيع مذكرة التفاهم، حشد الصومال دعماً دولياً لموقفه ضد إثيوبيا؛ حيث وقّع في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي مع تركيا، ووقّع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة مساعدات عسكرية إلى مقديشو. كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل بوصفه جزءاً من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، وهو ما أثار غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة استقرار الإقليم».

والتقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، مع نظيريه الكيني والأوغندي، على هامش اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث عن وساطة محتملة، نقلت «رويترز» عن وزير الخارجية الصومالي أحمد معلم فقي، أن «القرارات السابقة التي اتخذها زعماء إقليميون لم تلق آذاناً مصغية في أديس أبابا»، مشيراً إلى أنه «يثق بأن جهود الوساطة الجارية من جانب تركيا ستكون مثمرة».

وكانت العاصمة التركية أنقرة قد استضافت جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات دون التوصل لاتفاق.

وبينما تنظر مديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أماني الطويل، إلى التدخل الكيني - الأوغندي بـ«إيجابية»، ترى أن «نجاح تلك الوساطة مرهون بأبعاد أخرى تتعلّق بأجندة تحرك الوسطاء ومواقفهم تجاه الخلاف القائم بين مقديشو وأديس أبابا».

وقالت إن «القضية مرتبطة بموقفَي كينيا وأوغندا من السلوك الإثيوبي تجاه الصومال، ومن وحدة الأراضي الصومالية، وإلى أي مدى تؤيّد أو تعارض الاعتراف الإثيوبي بإقليم (أرض الصومال)».

وتعتقد أماني الطويل أن «التحرك الكيني - الأوغندي لا يمكن التعويل عليه كثيراً في حلحلة الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، لأن الخلاف بين الطرفين معقد»، مشيرة إلى أن «الإشكالية في نهج الدبلوماسية الإثيوبية التي تركز على أهدافها دون الوضع في الاعتبار الأمن والتعاون الإقليميين».

ورفض الصومال مشاركة إثيوبيا في البعثة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام، وأمهل أديس أبابا حتى نهاية العام الحالي، لانسحاب قواتها من البعثة الحالية التي ستنتهي مهامها بنهاية العام الحالي، وقال وزير الخارجية الصومالي، إن «بلاده ستعد وجود قوات إثيوبيا بعد نهاية العام، احتلالاً لأراضيها».

وترى أماني الطويل أن «الوساطة التركية قد تكون أكثر تأثيراً في النزاع بين الصومال وإثيوبيا». وقالت إن «أنقرة لديها تفهم أكثر للخلاف. كما أنها ليست دولة جوار مباشر للطرفين، وبالتالي ليست لديها إشكاليات سابقة مع أي طرف».

وباعتقاد الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن التدخل الكيني - الأوغندي «لن يحقّق نتائج إيجابية في الخلاف الصومالي - الإثيوبي»، وقال إن «مبادرة الوساطة يمكن أن تقلّل من حدة الصراع القائم، لكن لن تصل إلى اتفاق بين الطرفين».

وأوضح حسن أن «أديس أبابا لديها إصرار على الوصول إلى ساحل البحر الأحمر، عبر الصومال، وهذا ما تعارضه مقديشو بشدة»، مشيراً إلى أن «العلاقات الكينية - الصومالية ليست في أفضل حالاتها حالياً، على عكس علاقاتها مع إثيوبيا»، ولافتاً إلى أن ذلك «سيؤثر في مسار التفاوض». واختتم قائلاً: إن «نيروبي تستهدف أن يكون لها دور إقليمي على حساب الدور الإثيوبي بمنطقة القرن الأفريقي».