مصممو الأزياء في لبنان يعودون من تحت الأنقاض

داني أطرش غنّى لفيروز وزهير مراد تألق وعبد محفوظ رفع علم لبنان

إيلي صعب يستكشف الدمار الذي خلّفه الانفجار في منزله
إيلي صعب يستكشف الدمار الذي خلّفه الانفجار في منزله
TT

مصممو الأزياء في لبنان يعودون من تحت الأنقاض

إيلي صعب يستكشف الدمار الذي خلّفه الانفجار في منزله
إيلي صعب يستكشف الدمار الذي خلّفه الانفجار في منزله

مرّ حتى اليوم نحو ثلاثة أسابيع على انفجار بيروت، ولا يزال أهلها يلملمون أغراض بيوتهم المدمرة ويحاولون ترميم ما تضرر. الانفجار أتى على قطاعات مختلفة في لبنان. وكما تضرر سكان المدينة والعمارات والمطاعم والمقاهي والمتاحف والمعارض، كذلك تأذت بشكل كبير دور أزياء أهم المصممين في لبنان.
الضربة كانت موجعة وهائلة حتى إن بعض هؤلاء المصممين كزهير مراد لم يستطع كبح دموعه وتأثره لما تعرض له. كما سجّلت إصابة دار أزياء ربيع كيروز، وقزي، وأسطا وداني الأطرش، وطوني ورد، وعبد محفوظ، وإيلي صعب، وغيرهم.
مذهولاً وقف المصمم زهير مراد أمام مبنى مشغله المؤلف من 11 طابقاً. فهو لم يعرف ماذا يلملم من بين الدمار من أوراق وتصاميم وأقمشة، كانت تؤلف حياته ونبض موهبته العالمية. وأول تعليق له على الحادثة كتبه في تغريدة قال فيها: «يا إلهي لا أستطيع أن أصدق ماذا حدث لمكتبي وبيروت ولبنان». وأوضح أنّه في يوم الانفجار وعلى غير عادته، غادر والعاملون لديه الدار قبل الساعة السادسة مساءً، وبعد 10 دقائق تقريباً وقع الانفجار. لم يُصب وفريق عمله بأي أذى، وهو ما يعزّيه. وأعرب المصمم اللبناني عن صدمته وكيف قضى انفجار بيروت الرهيب على أحلامه وإنجازاته وتعب 20 عاماً من مشواره المهني. وقال: «جهد 20 عاماً اختفى في ثوانٍ قليلة... إحساسي لا يوصف. جفّت دموعي من كثرة البكاء. لقد خسرت ذكرياتي وأرشيفي، فأنا أقيم هنا منذ عشر سنوات وفقدتها كلها بلحظة. لقد حطموا لي أحلامي ومشاريعي المستقبلية». هذا ما قاله زهير مراد إثر صدمة الانفجار، حتى إنّه لوّح بالهجرة من لبنان، هرباً من حكام فاسدين يسرقون الأحلام.
اليوم وبعدما استوعب مراد تداعيات الضربة التي ألمّت به، قرّر أن يشد أحزمته ليعود وينطلق من جديد. «تغيرت اليوم اتجاهات وأفكار زهير مراد المحبطة وها هو ينطلق من جديد في مشواره المهني، بعد أن رمى كل ما حصل له وراءه». تقول مساعدته أندريه زوفيغيان في حديث لـ«الشرق الأوسط».
وتتابع: «لقد استعاد صلابته وقوته وعاد يزوّدنا بطاقته الإيجابية، بعد أن قرر السير قدماً بإعادة ترميم وبناء مشغله. فبرأيه الانخراط في العمل هو السلاح الوحيد في ظروف مماثلة، وعلينا التمسك به كي نصمد». وتختم: «بالفعل عاد زهير مراد من جديد المصمم القوي الذي نتمثل بصلابته وبتمسكه بالأمل». وكان مراد قد تلقى مؤخراً كتاب «أسولين» لأهم التصاميم العالمية، فشكّل له بارقة أمل بعد أن خصصه بنسخة كاملة تحكي عن إنجازاته وتألقه في عالم الأزياء.
المصمم داني أطرش من ناحيته أصابه انفجار بيروت في منزله التراثي الواقع قرب مستشفى «مار جاورجيوس» في الأشرفية وفي مشغله وسط بيروت. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم يبقَ في منزلي ما يذكِّرني بما كان عليه. فلا جدران ولا أبواب ولا نوافذ استطاعت أن تصمد أمام هذا الانفجار. وما يعزيني هو أنّ أولادي لم يصابوا بأي أذى».
داني كان في منزله مع أولاده لحظة الانفجار، ويروي متذكراً: «لم أستوعب ما حصل للوهلة الأولى، إذ خُيِّل لي أن هناك قصفاً يطالنا. وأول ما قمت به هو رفع أولادي من تحت الركام. وعندما اطمأننت أنهم بخير خرجت معهم إلى الهواء الطلق لأكتشف هول الكارثة التي تعرض لها الحي الذي أسكنه». ويتابع في سياق حديثه: «لم أكن أرغب في بث الرعب في نفوسهم فرحت أداعبهم وأمازحهم رغم إصابتي في قدمي، كي لا يتأثروا بما جرى. وفي اليوم الثاني رحت أغني لفيروز، وأنا أحضّر فنجان القهوة لأرتشفه. لاشعورياً رحت أدندن كلمات أغنيتها (رجعي يا بيروت) كأن فيروز شاطئ الأمان الوحيد المتبقي لنا».
منزل داني أطرش تراثي بُني منذ نحو 200 عام. أمّا مشغله في وسط بيروت ذو الهندسة الحديثة فقد تحطم بشكل جزئي. «تدمر جزء كبير من مشغلي وأتى الانفجار على تصاميمي وماكينات الخياطة وعلى زجاج الواجهات والنوافذ والأبواب. الخسارة الكبرى التي منيت بها كما أعتقد هو تفكيري بإرسال أولادي خارج لبنان. فأنا من الأشخاص الذين لم يفكروا يوماً بالهجرة. صحيح أني لن أغادر لبنان ولكنّي أفكر جدياً بإخراج أولادي من هذا الأتون».
في عام 2000 ترك داني أطرش باريس وجاء يستقر في لبنان آملاً أن يسهم في بناء وطن الأرز وتلميع صورته العالمية. هو لم يفقد الأمل تماماً بعد، وحالياً ينغمس في العمل وبتلبية طلبات الزبائن. «لن أيأس وسأثابر على ممارسة عملي. صحيح أنني اليوم أعيد للمرة الثانية تصاميم فساتين مطلوبة مني بعد أن مزّقها الانفجار، والكلفة عليّ ستكون مضاعَفة، ولكني لن أحبَط وسأكمل مشواري. فالأهم أن أولادي سلموا والخسائر الباقية يمكن تعويضها».
المصمم العالمي ربيع كيروز من ناحيته خسارته أيضاً كبيرة. فمشغله الواقع في مبنى تراثي قديم أعاد تجديده، دشّنه منذ سنوات قليلة في منطقة الجميزة دمّره الانفجار كلياً. وعلى عكس كثيرين من زملائه لم يسلم شخصياً من الحادثة. وأُصيب في رأسه، مما اضطره للانتقال إلى المستشفى وتقطيب جروحه والبقاء في منزله طلباً للراحة.
«الانفجار كان مدمراً وطال دار ربيع كيروز بكامله». تقول كريستين، مساعدة كيروز والمشرفة على الدار. وتتابع في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لحظة الانفجار كان ربيع في المشغل مع ثلاثة موظفين. الجميع سلم تماماً ما عداه، فقد أُصيب برأسه وجرى إسعافه. حالياً بدأنا بتصليح المبنى وترميمه، ونأمل أن نستعيد إيقاع العمل قريباً». وعن طبيعة الخسارات التي طالت الدار تقول كريستين: «جميعها أضرار مادية والحمد الله، فساتين وتصاميم وحجارة وحطام زجاج وما إلى هناك من رموز لبنانية، تؤلف دار ربيع كيروز التراثية. أمّا الأرشيف وكل ما يشكل بدايات كيروز فهي محفوظة في مكان آخر». ونشر كيروز صورة له تُظهر إصابته عبر حسابه على «إنستغرام» وأرفقها بتعليق: «لن ننسى. سنحاكم. سنبني من جديد ونرقص».
المصمم إيلي صعب الذي دمّر الانفجار منزله في الجميزة وأصاب مشغله وسط بيروت بأضرار كبيرة وصف ما حصل معه بأنه «منام بشع». وعلق: «أنا صورة لكثير من الشباب اللبناني، لا أريد المكابرة أو التعالي على اللكمة التي أكلناها. يجب أن أكون مثل بيروت كل مرة تنفض نفسها وتطلع من تحت الدمار، وترجع أحلى مما كانت».
عبد محفوظ كغيره من المصممين اللبنانيين بدأ يعود إلى الحياة تدريجياً رافعاً علم لبنان وسط مشغله. ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «خساراتي في المشغل مادية يمكن تعويضها، فصحيح أن الانفجار أتى على قسم كبير من المشغل ولكني لن أيأس وسأكمل المشوار». ويتابع: «فساتين وتصاميم وطلبيات الزبائن تمزق قسم كبير منها بفعل الانفجار، ولكني باقٍ في لبنان وسأستمر في العمل. وأطلب من جميع اللبنانيين في لبنان والعالم الاغترابي أن يرفعوا العلم اللبناني على شرفات منازلهم تأكيداً على تمسكنا بلبنان وطناً لنا وبأننا سنبقى صامدين». وبدا محفوظ منشغلاً بإعادة الحياة إلى مشغله يرفع الحطام منه ويكنس الزجاج المحطم، وفي الوقت نفسه يشرف على تصميم جديد ينوي تسليمه قريباً لإحدى زبائنه.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.