حفتر يرفض مقترح «سرت منزوعة السلاح» وسط تلويح بالحرب

بوادر تمرد في صفوف الميليشيات التابعة لـ«الوفاق»

قوات من {الجيش الوطني} في أحد معسكراته غرب مدينة سرت أمس (رويترز)
قوات من {الجيش الوطني} في أحد معسكراته غرب مدينة سرت أمس (رويترز)
TT

حفتر يرفض مقترح «سرت منزوعة السلاح» وسط تلويح بالحرب

قوات من {الجيش الوطني} في أحد معسكراته غرب مدينة سرت أمس (رويترز)
قوات من {الجيش الوطني} في أحد معسكراته غرب مدينة سرت أمس (رويترز)

أعلن «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، رسمياً، رفضه للمقترح الأميركي الذي تدعمه أطراف غربية والبعثة الأممية لدى ليبيا، بتحويل مدينة سرت الاستراتيجية إلى منطقة «منزوعة السلاح»، قائلاً إن قواته «لن تتراجع قيد أنملة عن سرت وما حولها، وستواصل استعداداتها ولن تسلمها لغزاة وأشباه غزاة».
وفى تلويح جديد ومتبادل بالحرب، أعلنت أمس غرفة «عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة» التابعة لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، عن زيارة لقادتها الميدانيين لمواقع قواتها على تخوم مدينة سرت، فيما وضع حفتر مشايخ وأعيان وحكماء مدينة الجفرة بمقره في الرجمة بشرق البلاد، في إطار «الدعم المتواصل الذي تقدمه القبائل الليبية لجيشها في حربه ضد الإرهاب والميليشيات والمستعمرين الأتراك».
وقالت غرفة تأمين سرت إن قائدها العميد إبراهيم بيت المال، والعقيد أحمد هاشم آمر عملياتها الميدانية، قاما بجولة في محاور غرب سرت للوقوف على تمركزات قواتها وخطوطها الأمامية، كما زارا المستشفى الميداني بالوشكة.
من جانبها، قالت ستيفاني ويليامز الرئيسة المؤقتة لبعثة الأمم المتحدة إنها ناقشت أمس في جنيف مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الأوضاع الراهنة والمسارات المنبثقة عن مؤتمر برلين، مشيرة في بيان مقتضب إلى أنه تم تسليط الضوء على المسار السياسي وسبل إعادة تفعيله في أسرع وقت ممكن، في سبيل وضع حد للتدهور المحتمل للوضع العسكري، بالإضافة إلى مسألة الفساد والآثار المدمرة المترتبة على استمراره.
في غضون ذلك، اتهمت ميليشيات مسلحة تابعة لقوت «الوفاق» وزير داخليتها فتحى باشاغا بإثارة الفتن في المنطقة الغربية، ودعت كتيبة «شهداء أبوصرة» و«لواء الزاوية» السراج للتدخل ووضع حد لباشاغا بعدما أعلنت مديرية أمن الزاوية تعليق العمل فيها احتجاجا على إيقافه لمديرها علي اللافي عن العمل.
من جانبه، قال اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم «الجيش الوطني» في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، إن «اقتراح ريتشارد نورلاند السفير الأميركي لدى ليبيا، وغيره من الأصوات التي تتحدث باسم الليبيين لدعم نوع من الحل منزوع السلاح حول سرت، لا ينطبق في سرت التي تعد من المدن الليبية الآمنة، بل تنطبق على ما يحدث في العاصمة طرابلس».
وبعدما تساءل عن الغاية وراء تحويل سرت إلى منطقة منزوعة السلاح؟ اعتبر أن الهدف «تسليم المدينة دون قتال للغزو التركي»، محذراً من «أن الأتراك لن يتوقفوا عند هذا الحد بل ستسقط الزويتينة والبريقة والحريقة بعد سرت إذا ما استجبنا لهذا المقترح». واعتبر أنه لا بد من إنشاء مناطق منزوعة السلاح بالمدن الخاضعة لسيطرة الميليشيات والتنظيمات المتطرفة والتي تشهد عمليات تهجير لأهالي تلك المدن، لافتاً إلى أن المناطق التي يجب أن تصبح منزوعة السلاح هي طرابلس وليست سرت والجفرة، بسبب سيطرة الميليشيات عليها.
وأكد المسماري «جاهزية الجيش، لأي معركة لإنقاذ ليبيا من الإرهاب والغزو التركي»، مشيراً إلى تحشيدات لقوات «الوفاق» في منطقتي بوقرين وزمزم. وبعدما أعلن توافر كل الأسلحة بشكل جيد للجيش، والغطاء الجوي الراداري على كامل التراب الليبي، قال المسماري إن قوات الجيش «جاهزة للمعركة وللمواجهة مع أي كان، ولن ترهبها قواتهم ولا من يقف خلفهم بالوكالة»، متهماً تركيا بـ«السيطرة على موانئ طرابلس والخمس ومصراتة، والدفع بالمرتزقة والمعدات العسكرية، كما اتهم قطر بتقديم الدعم للقوات التركية في ليبيا».
وأوضح أن المشير حفتر «لم يأمر بفتح النفط بل أمر بتفريغ الخزانات النفطية فقط»، مؤكداً أن الفهم الحقيقي لهذه الخطوة ليس المقصود منه إعادة فتح الحقول والتصدير، «فهذا الأمر مختلف تماما، ولا يتعدى فتح الحقول النفطية».
بدوره، دافع مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط في طرابلس، لدى اجتماعه مع جستن بريدي رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لدى ليبيا والتابع للأمم المتحدة، عن دورها رغم قلة وشح الموارد المالية بالدولة الليبية، نتيجة الإغلاق القسري وغير القانوني لمنابع النفط، لافتا إلى ارتباط المؤسسة بعلاقات ودّية وطيدة وقوية جداً مع المجتمعات المحلية في المناطق المجاورة للحقول والموانئ بمختلف أنحاء البلاد. وتعهد صنع الله في بيان مساء أول من أمس، بمواصلة المؤسسة اتباع مبدأ الشفافية من خلال نشر كل البيانات والإحصاءات المتعلقة بالإنتاج والإيرادات المحققة من مبيعات وتصدير النفط.
وفي اتهام ضمني لحكومة «الوفاق» التي يترأسها فائز السراج، بمحاباة بعض المدن في عدم قطع التيار الكهربائي عنها، نقلت «قوة حماية طرابلس» الموالية للحكومة عن مسؤولي ومهندسي شركة الكهرباء، عقب اجتماع عقد مساء أول من أمس، وضم كل قيادات الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، أن بعض المدن لا تريد ولم تُشارك في طرح الأحمال، من بينها مصراتة والخمس والزاوية، مشيرة إلى أنهم قالوا أيضاً بأنه لو التزمت هذه المدن بطرح الأحمال لكانت أوقات الطرح لا تتجاوز 3 ساعات فقط بالتساوي بين المدن.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».