منتسبو كبرى المستشفيات اليمنية ينتفضون ضد تعسف الانقلابيين

TT

منتسبو كبرى المستشفيات اليمنية ينتفضون ضد تعسف الانقلابيين

أفادت مصادر يمنية عاملة في القطاع الطبي بأن موجة التعسفات والانتهاكات التي يقودها مسؤولون في الميليشيات الحوثية عادت من جديد لتطال أطباء وكوادر وموظفي هيئة مستشفى الثورة العام في العاصمة صنعاء، وهو أكبر مستشفى حكومي في البلاد، من خلال الاعتداء عليهم واختطافهم وتعذيبهم وحرمانهم من مرتباتهم وأبسط حقوقهم.
ورداً على استمرار تلك الجرائم المرتكبة بحق العاملين بهذا القطاع، نفذ عشرات من الكادر الطبي والتمريضي في هيئة مستشفى الثورة العام في صنعاء خلال اليومين الماضيين مظاهرات احتجاجية لمطالبة الميليشيات بصرف مستحقاتهم، وللتنديد باستمرار مصادرة حقوقهم، بما فيها بدل علاج أسرهم.
وأفاد عدد من المشاركين بالمظاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، بأن تظاهرتهم الاحتجاجية تأتي عقب استمرار إيقاف الجماعة لمستحقاتهم منذ أزيد من 8 أشهر، بما فيها مستحقات العاملين بمركز العزل الخاص بجائحة «كوفيد - 19».
وشكا الموظفون من تعرضهم لانتهاكات يومية تمارسها الميليشيات بحقهم، إلى جانب تلقيهم تهديدات من مدير المستشفى، المدعو عبد اللطيف أبو طالب، المعين من قبل الجماعة. مطالبين بسرعة وقف عمليات الاستقطاعات المتكررة من مرتباتهم، وصرف مستحقاتهم المالية كاملة وغير منقوصة.
وفي السياق نفسه، قال متحدث باسم الكادر الطبي والممرضين في المستشفى لـ«الشرق الأوسط» في حين كنا ننتظر مكافأتنا على العمل في ظل هذه الظروف الصعبة والحرجة... نتفاجأ بمصادرة مستحقاتنا وحقوقنا القانونية.
وعلى الرغم من الإجراءات التي اتخذها مدير المستشفى بحق متظاهرين كالفصل والإنذار بالفصل وإحالة بعضهم إلى التحقيق، فإن محتجين أكدوا لـ«الشرق الأوسط» أن تظاهرتهم لا تزال في تصاعد مستمر حتى تحقيق مطالبهم التي وصفوها بـ«العادلة والمشروعة».
وكشف المحتجون عن تعرض العشرات من زملائهم أثناء المظاهرة لتهديد ووعيد من قبل القيادة الحوثية القائمة على إدارة المستشفى.
من جهته، ناشد مصدر مسؤول في نقابة موظفي هيئة مستشفى الثورة بصنعاء الأعضاء كافة من موظفي الهيئة ورؤساء النقابات وموظفي القطاع الصحي بالتكاتف والتضامن مع مطالبهم ومطالب الموظفين بصرف مرتباتهم المتوقفة منذ عدة أشهر.
وطالب المصدر النقابي، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، عبر «الشرق الأوسط»، منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني بإدانة الإجراءات الحوثية القمعية بحق موظفي الهيئة الذين أخرجهم الجوع والحرمان للمطالبة بمستحقاتهم القانونية.
وبخصوص ما تعرضت له النقابة نتيجة مطالباتها برفع الظلم عن منتسبيها، أكد المصدر تعرض أعضائها ومنتسبيها طيلة الفترة الماضية لجملة من التعسفات والانتهاكات التي رافقها اتهامات وتخوين وتجريم من قبل إدارة الهيئة الحوثية.
واعتبر أن هذه المظاهرة الاحتجاجية تعد الرابعة من نوعها خلال فترة قصيرة ينظمها الكادر الطبي والتمريضي بهيئة المستشفى للمطالبة بحقوقهم ومستحقاتهم.
ويعد مستشفى الثورة في صنعاء العاصمة من أكبر المستشفيات الحكومية في اليمن، وقد شهد خلال الفترة الماضية تراجعاً ملحوظاً في تقديم الخدمات الطبية بسبب رفع تكلفة الخدمات الطبية والتضييق على كوادره الطبية من قبل الميليشيات الحوثية.
وكان أطباء وعاملون في المستشفى أفادوا في وقت سابق بأن المدير العام السابق المعين من قبل الميليشيات فرض قبل أشهر أسعاراً جديدة لمعظم الخدمات التي يقدمها المشفى وأقسامه، من شأنها مضاعفة معاناة المرضى.
وأضافوا: «إن مدير الهيئة المدعو محمد المنصور، رفع حينها تسعيرات الخدمات نحو 3 أضعاف أسعارها السابقة بسبب التدهور الذي أصاب الهيئة جراء إضراب العاملين فيه بعد رفض الإدارة صرف مرتباتهم وحقوقهم المالية».
وأرجعت تقارير محلية في صنعاء أسباب رفع الإدارة الحوثية لأسعار خدمات المستشفى إلى ارتفاع حدة الإضرابات والاحتجاجات وتدني الدخل اليومي للمستشفى إلى أدنى مستوى.
وأكدت التقارير أن الإيراد اليومي في المستشفى بجميع أقسامه ومراكزه وصل بين 500 ألف إلى 800 ألف ريال، مسجلاً تراجعاً كبيراً، بعد أن كان دخله اليومي يصل إلى ما يقارب 8 أو 10 ملايين ريال (الدولار يساوي 600 ريال).
وبحسب مصادر عاملة في المستشفى، فإن إجراءات رفع أسعار الخدمات أعلى مما كان متعارفاً عليه سابقاً، جاء للبحث عن إيرادات تمكن الميليشيات من إعطاء الموظفين 35 في المائة من رواتبهم، بدلاً عن الراتب كاملاً. وأشارت إلى أن الرفع غير قانوني، إذ تنص قوانين الهيئة بعدم رفع أي رسوم مالية جديدة إلا بعد موافقة مجلس الإدارة.
وتحوّل هذه الصرح الطبي الكبير في صنعاء خلال الفترة التي أعقبت انقلاب الجماعة، بحصر خدماته على الجرحى والمرضى الحوثيين، أو لمن يدفع من المرضى اليمنيين مبالغ أكثر.
وكان العاملون بهيئة مستشفى الثورة، نفذوا في منتصف فبراير (شباط) 2017 وقفة احتجاجية مماثلة للمطالبة بصرف مرتباتهم التي احتجزتها الجماعة لعدة أشهر.
وقالت نقابة موظفي الهيئة، حينها في بيان صادر عنها، إن العشرات من المشاركين في الوقفة تعرضوا لاعتداءات واختطافات وعمليات تعذيب على يد مسلحين حوثيين استقدمتهم إدارة المستشفى.
وتطرق البيان إلى قيام الإدارة الحوثية بإحالة العشرات من الموظفين المطالبين بمرتباتهم بطرق نقابية سلمية ومشروعة إلى نيابة الأموال العامة بصورة تهدف إلى الإرهاب والقمع وتلفيق تهم كيدية ضد كل من يطالب بحقوقه.
وأشار البيان النقابي إلى استخدام المسلحين الحوثيين حينها لعدة وسائل قمعية وترهيبية، منها الصواعق الكهربائية والعصي وأعقاب البنادق والكلاب البوليسية التي باشرت من خلالها الاعتداء والتنكيل بجموع المعتصمين السلميين المطالبين بإطلاق مستحقاتهم.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.