للمحرومين من الإنترنت في زمن الإغلاق... دول تحْيي التعليم التلفزيوني

تستفيد البرامج من ممثلين ومقدمي أخبار ومعلمين لجذب انتباه الطّلاب

 مع بدء انتشار الوباء استخدمت بيرو برامج تعليمية من المكسيك والأرجنتين
مع بدء انتشار الوباء استخدمت بيرو برامج تعليمية من المكسيك والأرجنتين
TT

للمحرومين من الإنترنت في زمن الإغلاق... دول تحْيي التعليم التلفزيوني

 مع بدء انتشار الوباء استخدمت بيرو برامج تعليمية من المكسيك والأرجنتين
مع بدء انتشار الوباء استخدمت بيرو برامج تعليمية من المكسيك والأرجنتين

تلجأ المناطق الفقيرة في جميع أنحاء العالم حيث يندر الوصول إلى الإنترنت إلى التلفزيون للوصول إلى الطّلاب، وهي استراتيجية يمكن أيضاً للدول الغنية الاستفادة منها رغم تركيزها على الدروس عبر الإنترنت.
في إحدى مدن الصفيح الواقعة على منحدر تل في ليما عاصمة بيرو، لا يبدأ اليوم المدرسي للتلميذة الصغيرة ديليا هواماني وسط صخب الزملاء، بل مع وميض التلفزيون. ومع إغلاق المدارس الفعلي إلى أجل غير مسمى، تتلقى ديليا دروسها في المنزل من خلال مكتبة الدولة الجديدة للبث التعليمي والمصممة بمهارة.
- برامج التعليم التلفزيوني
كبديل، يعدّ هذا الحل بعيداً كل البعد عن الكمال، إذ تقول ديليا البالغة من العمر 10 أعوام إنّ والديها لا يستطيعان شراء الكتب، ولذلك فهي تفتقد القراءة عن الحيوانات في مكتبة المدرسة وليس لديها من يراجع معها دروسها. لكنّها تعتمد على صديقتها كاتي باوتيستا (12 سنة) التي تتمنّى لو أنّ مذيعي التلفزيون أبطأوا من وتيرة شرح الدروس الصعبة.
وعن كاتي، قالت ديليا: «عندما نذهب لجلب الطعام من مطبخ الحساء، نتحدث ونشرح الأشياء بعضنا لبعض. أحياناً تشرح لي الأشياء على الرّغم من أنّه ليس لديّ ما أشرحه لها، ولذلك فهي صديقة رائعة».
مع ذلك، وعلى الرغم من القيود، تقدم الدراسة المتلفزة ميزة هائلة لديليا وكاتي ولنحو مليار طفل حول العالم أُغلقت مدارسهم بسبب جائحة فيروس «كورونا». ففي البلدان الغنية، ركزت المناقشات على كيفية جعل التعليم عبر الإنترنت جذاباً وتفاعلياً. ولكن مثل هذا الكلام محض خيال للعديد من طلاب العالم، بما في ذلك الملايين في الدول الغنية الذين ليست لديهم اتصالات واسعة النطاق أو أجهزة كومبيوتر.
فبعد عقود من تراجع أهميتها في مواجهة الاستثمار الضخم في التعلم عبر الإنترنت، عاد للتلفزيون التعليمي بريقه مرة أخرى. فالمعلمون والحكومات المنتشرون في جميع أنحاء العالم اتجهوا إلى التكنولوجيا القديمة مرة أخرى في محاولة يائسة لتجنب انتكاسة طويلة الأجل لجيل كامل من الأطفال.
ويسعى القائمون على تقديم تلك البرامج التلفزيونية إلى الاستفادة من جاذبية الممثلين المعروفين محلياً ومقدمي الأخبار والمعلمين، في محاولة لجذب انتباه الطّلاب من مرحلة ما قبل الثانوية. وفي سبيل ذلك، حسب معدّي البرامج، فإنّهم استفادوا من الدرس الأكبر من عصر «يوتيوب»، وهو أنّه كلّما كان الدّرس أقصر كانت الاستفادة أكبر.
ووفقاً لرايسا فابريغاس، أستاذة الاقتصاد والشؤون العامة في جامعة تكساس بولاية «أوستن» التي درست التلفزيون التعليمي في المكسيك، «من الناحية المثالية، يمكن للمرء أن يمتلك أجهزة كومبيوتر محمولة وكل هذه الأشياء الرائعة في المنزل. لكن إذا لم تتح لك تلك الأدوات، فالتلفزيون أفضل من لا شيء».
- استخدام أدوات احترافية
ورغم أنّ الدروس التلفزيونية ليست بذات القيمة التي تتمتع بها التفاعلات عبر الإنترنت مع المعلمين والطّلاب الآخرين، حسب الخبراء، فإنّ البث التعليمي يؤتي ثماره الأكاديمية للأطفال ولنجاحهم في سوق العمل وحتى تنميتهم الاجتماعية.
ولجعل الدروس أقل سلبية وأكثر فاعلية، تستخدم العديد من الدروس التي يجري بثها الآن جميع أدوات الاستوديوهات الاحترافية مثل التأثيرات المرئية وكُتاب النصوص، والرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد، وكاميرات متعددة، ورسومات، وحتى تطبيقات الهواتف الذكية ذات الصلة بالعملية التعليمية.
- الولايات المتحدة
يتنوع التعليم بدرجة كبيرة في الولايات المتحدة، بفضل اتساع نطاقه على المستوى المحلي، هناك بعض المناطق التي لم تولِ اهتماماً لتطوير التعليم عن بُعد، وركزت بدلاً من ذلك على جهود غير مثمرة لإعادة فتح المدارس. وعمل آخرون بجد لتطوير برامج قوية عبر الإنترنت، لكنّ ذلك لم يجدِ نفعاً مع أربعة ملايين تلميذ لا يتمتعون بميزة الاتصال بالإنترنت في المنزل، والوضع الصعب المنتشر بشكل خاص بين الطّلاب السود واللاتينيين والسكان الأصليين.
يعدّ التلفزيون مكملاً منخفض التكلفة للتّعليم عبر الإنترنت وشريان حياة للطّلاب إلى جانب القليل من الموارد الأخرى، وهناك كتالوغ ضخم من البرامج التعليمية، لكنّ المحللين يقولون إن صانعي السياسة قد فوّتوا فرصة الاستفادة منها.
«كم عدد الآباء الذين يحتارون في قضاء يومهم بينما يشاهد أطفالهم التلفزيون أو يجلسون على الكومبيوتر اللوحي (آيباد)؟» قالت ميليسا إس كيرني، أستاذة الاقتصاد في جامعة ماريلاند، التي نشرت بحثاً عن برنامج عالم سمسم: «يمكننا تحقيق الكثير من الاستفادة إذا تمكّن الأشخاص الموثوقون توجيه الأطفال إلى بعض من هذا المحتوى الإيجابي».
منذ شهر مارس (آذار)، لجأت مناطق كثيرة من العالم إلى التعليم المتلفز بالاستعانة بمجموعة من الاستراتيجيات. وتتراوح البرامج ما بين تسجيلات دروس الفصل إلى الرسوم الكارتونية التعليمية، ومن الجهود المحلية إلى الجهود الوطنية الأوسع. ويركز البعض على فئة عمرية واحدة، فيما قدّم آخرون، مثل بيرو، المناهج الوطنية لجميع الصفوف.
- التعليم في الصين
وفي الصين، قدمت مناطق كثيرة مزيجاً من الفصول الدراسية عبر الإنترنت والتلفزيون، لكن مقاطعة «سيتشوان» اختارت بثّ جميع دروسها على التلفزيون لأنّ الحكومة أفادت بأنّها قلقة من أن يقضي الطّلاب وقتاً طويلاً على أجهزة الكومبيوتر الخاصة بهم.
- وفي تنزانيا، قرّرت منظمة «أبونغو» التي تصنع رسوماً كاريكاتورية تعليمية شهيرة تستهدف الأطفال الصغار وكذلك الآباء، تقديم برامجها مجاناً لمحطات التلفزيون في جميع أنحاء أفريقيا.
وفي هذا الإطار، قالت كليودنا رايان، رئيسة قسم التعليم في المنظمة: «خارج أفريقيا، كان هناك دفع تجاه التعلم المعتمد على الإنترنت». لكن في معظم البلدان الأفريقية، لا يتمتع غالبية الأطفال بتلك الميزة. وفي نهاية اليوم فإنّ أفضل أداة تعليمية يمتلكها شخصٌ ما هي تلك التي يمتلكها بحوزته بالفعل».
وفي سياق متصل، قال جون سيرفيديو، المدير العام للمحطة، إنّ محطة التلفزيون العامة في نيوجيرسي، بدأت العمل مع نقابة المعلمين في الولاية لإنتاج برامج مدرسية بعد أن علمت أنّ 300 ألف من أطفال الولاية ليس لديهم اتصال بالإنترنت.
في النهاية، سجل أكثر من 200 معلم دروساً من منازلهم. كان البعض لا يمتلك أدنى المقومات لدرجة أنّ أحد المعلمين استخدم بطانية قطته لبناء استوديو بشاشة خضراء. من أبريل (نيسان) حتى نهاية العام الدراسي، كان للصفوف من الثالث إلى السادس ساعة دراسية من تلك البرامج على المحطة كل صباح. غير أن سرفيديو قال إن «المحطة التجارية لن تكون قادرة على دعم هذا».
- في إندونيسيا
ساعد الوباء على إحياء شبكة تلفزيونية مملوكة للدولة كانت تخسر المشاهدين لصالح محطات خاصة منها «نتفليكس». ففي بلد حيث ثلث الناس لا يصل إليهم الإنترنت، بدأت شبكة «ت في آر آي» المملوكة للدولة ببثّ برامج «بيلاغار داري روماه»، وتعني الدراسة من المنزل، في أبريل للأطفال من جميع الأعمار. ولم يكن الآباء متقبلين تماماً للفكرة. يقول العديد من الإندونيسيين، على سبيل المثال، إنّهم ليس لديهم ما يكفي من التعليم أو الوقت الكافي لتحمل مسؤوليات التدريس في المنزل. ويطالب كثيرون بإعادة فتح المزيد من المدارس، على الرغم من أن مناطق محدودة من البلاد هي التي يمكن اعتبارها آمنة وبائياً.
- في البرازيل
استفاد المسؤولون من عمل مركز «أمازوناس» الإعلامي الذي تأسس عام 2007 في تقديم دروس متلفزة لـ300 ألف طالب في المناطق النائية. ومنذ انتشار «كورونا»، توسّعت البرامج لتشمل العديد من الولايات البرازيلية، حيث كيّفها المعلمون مع الثقافات وأساليب التدريس المختلفة، وهو ما استفاد منه أكثر من 4.5 مليون طفل، حسب المركز.
- خدمة: «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.